كما يحجب غبار المعارك حقيقة الوجوه في الميدان، يحجب صخب الوعود الانتخابية في لبنان، بوقعه على النفوس الضعيفة، حقيقة المرشّحين، المدججين بكاذب الوعود.
لخمس وسبعين سنة خلت، وفي مثل موسم هذا العام من مواسمنا الانتخابية المتكررة ماحلة، توجّه المنقذ من الضلال، أنطون سعاده، الى الشعب في لبنان بالاتي: «لا يخدعنّك الضجيج... هو ستار من الدخان يحجب الحقيقة عنك . والحقيقة هي فساد الادارة، هي الغش والبرطيل. هي التكالب على الحكم، هي البطالة وما تجرّ من خمول وفساد أخلاق. هي المهاجرة التي تبتلع الكثير من خيرة شبابك. هي الارض بور والفوضى تدور. هي العامل يرزح والفلاح يجوع. هي الطائفية بلاء الامة وعلّة الانحطاط. هي الاقطاعية الملتفة على جسم الامة كالافعى. هي هضم الحقوف وأكل أموال الفقراء. هي هبوط المناقب وصعود المثالب» .
بعد ثلاثة ارباع القرن، لا يزال الضجيج عينه يتكرر. والحقيقة هي هي. منذ ثلاثة ارباع القرن وأكثر، الناس عندنا ينخدعون بوهم أنهم ينتخبون على قواعد ديموقراطية. ثلاثة ارباع القرن انقضت وكأنا ما أخذنا علما بانقضائها . وعي مفقود، غائب ومستمر، برُهاب الطائفية في الغياب. ديموقراطيتنا شوهاء ولا تنتج الا مجالس شوهاء، لا تتقن الا النفاق وعرقلة الراغبين في العبور الى دولة العدالة، الى دولة القانون.
نسخ الرابط :