تأزّم الوضع سياسياً بنحو مفاجئ من باب مشروع قانون الموازنة والتعيينات الأمنية وعقد مؤتمر لـ «جمعية الوفاق» البحرينية المعارضة في بيروت والتوتُّر بين أركان الحكم والسلطة، وذلك في موازاة تأكيدات انّ الانتخابات ستُجرى في موعدها المحدّد في ظلّ المخاوف من التمديد لمجلس النواب والتشديد الدولي على موعد الانتخابات، ومع ارتفاع السخط الشعبي من الموازنة والغلاء المرتقب على وقع أزمة مالية مفتوحة. وعلمت «الجمهورية»، انّ الاتصالات التي جرت بين المراجع المعنية و»الثنائي الشيعي» على إثر جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، أنهت الإشكالات التي حصلت بعد الجلسة على خلفية الموازنة وبعض التعيينات. وقالت مصادر معنية لـ»الجمهورية»، انّه «لم يعد هناك أي مشكلة في أي مكان، فكل الامور تمّ توضيحها وكل ما أُثير كان بمثابة زوبعة في فنجان، وانّ المواقف توضّحت وسيحال مشروع قانون الموازنة الى المجلس النيابي، فيما الحكومة ستواصل مهمّاتها بلا أي عوائق». وعلى أساس ذلك ستنعقد جلسة مجلس الوزراء غداً.
تتجِّه الأنظار اليوم إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت والتجمعات الشعبية العفوية أمام الضريح ومشاركة الرئيس سعد الحريري، الذي عاد أمس إلى لبنان للمشاركة خصيصاً في هذه الذكرى الـ17 لاستشهاده التي استقطبت وتستقطب معظم المواقف السياسية والتركيز الإعلامي، فيما من غير المعلوم بعد ما إذا كانت هناك من كلمة للحريري أمام الضريح او في «بيت الوسط»، وهو أول موقف او إطلالة تكون له بعد إعلانه تعليق مشاركته ومشاركة تيار «المستقبل» في الانتخابات النيابية.
وتوقعّت اوساط متابعة ان يكون الحشد كبيراً أمام الضريح، في تعبير عن تعاطف شعبي مع رئيس «المستقبل»، وتأييداً لسياساته في عرض قوة بعد إعلانه الأخير وقبل الانتخابات النيابية. وفي الوقت الذي لم يُحسم بعد ما إذا كان الحريري سيُطلق مواقف سياسية أم يكتفي بإطلالة صامتة، رجّحت الأوساط أحد الاحتمالين:
ـ الاحتمال الأول، ان يكتفي بالمشهدية الشعبية، في رسالة إلى الداخل والخارج مفادها انّ تيار «المستقبل» هو الأقوى شعبياً والأقدر على التعبئة والحشد، وانّه بتعليق مشاركته أو عدمها يبقى الأقوى من دون منازع، وبالتالي يريد ان يتقصّد عدم الكلام في رسالة صامتة ومعبّرة.
ـ الاحتمال الثاني، ان يلقي كلمة مقتضبة وجدانية برسائل سياسية فحواها انّ تعليق المشاركة في الانتخابات النيابية لا يعني إطلاقاً تعليق المشاركة في الحياة الوطنية والسياسية.
وقالت الأوساط لـ«الجمهورية»، انّ هذه الذكرى ستؤشر الى طريقة مقاربة الحريري للمرحلة المقبلة، وما إذا كان سيكتفي بالمواقف الوطنية في هذه المرحلة، ولو مقتضبة ومعبّرة وتقتصر على المحطات والأحداث الكبرى، أم انّه يفضِّل عدم تطرّقه الى الوضع السياسي تعبيراً عن اعتراضه على ما آلت إليه الأمور على أكثر من مستوى. ولكن الثابت حتى اللحظة انّ تيار «المستقبل» لن يشارك في الانتخابات النيابية ولا عودة عن هذا القرار.
برنامج الذكرى
وفي برنامج إحياء الذكرى، سيقرأ الحريري الفاتحة في توقيت الجريمة عند الواحدة وخمس دقائق امام الضريح في وسط بيروت، يحوطه أركان تيار «المستقبل» وفي حضور حشد من المحازبين من مختلف المناطق اللبنانية الذين سيقصدون الساحة امام الضريح، ويصافح اهالي الشهداء ويتحدث اليهم في غياب اي كلمة معدّة سلفاً.
وإلى هذه المناسبة، من المتوقع ان يلتقي الحريري رؤساء الحكومات السابقين، ثم يعقد بعض اللقاءات الخاصة بعيداً من الاعلام.
وكان الحريري عاد الى بيروت أمس لإحياء الذكرى السابعة عشرة لاغتيال والده التي ستقام في الاولى وخمس دقائق بعد ظهر اليوم أمام ضريحه في وسط بيروت في ظل تدابير أمنية مشدّدة بوشر بها منذ مساء امس، وتسهر على تنفيذها وحدات من قوى الأمن الداخلي والجيش.
لقاء.. بطلب من الكتلة
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الحريري يحافظ على الثوابت التي دفعته الى موقفه السابق بالعزوف عن العمل السياسي وعن الترشح في الانتخابات النيابية المقبلة.
وأثناء ترؤسه اجتماع كتلة نواب «المستقبل» الذي عُقد بناءً على طلبهم لمعرفة التوجّهات إزاء المرحلة المقبلة، وخصوصاً التحضيرات الجارية للانتخابات النيابية في 15 ايار المقبل، كرّر الحريري موقفه السابق بتعابير مختلفة أدّت الوظيفة عينها.
ونُقل عنه قوله للنواب خلال الاجتماع، انّه سيتحدث اليهم بصفته «أخاً» لهم متخلّياً عن موقعه كـ «رئيس» للتيار الازرق، ونصحهم بعدم خوض غمار الانتخابات النيابية بالنظر الى معلومات باتت في موقع الإقتناع بأنّ التطورات في البلاد تتجّه نحو الأسوأ، وانّ الوضع الى مزيد من التدهور، ولا حل في الأفق على أي مستوى اقليمي او داخلي ولا دولي، وخصوصاً إن بقي الجميع على مواقفهم. ولذلك قال لهم: «من الأفضل أن لا تكونوا مضطرين في موقع تتعرّضون فيه للشتائم والمسبات». وأضاف الحريري: «لست في موقع أن أمنع أو أسمح لأي كان بالترشح». وقال انّه يترك لكل منهم اتخاذ الموقف الذي يراه، وأنّ له «شرطاً واحداً بألّا يكون اي قرار تحت مظلة تيار «المستقبل» او بإسم سعد الحريري».
وعن الإستراتيجية المعتمدة للمرحلة الفاصلة وحتى نهاية الولاية الحالية للمجلس النيابي قال الحريري، انّ من الواجب «ان يقوم الجميع بدوره كاملاً، والمشاركة الفعلية في الجلسات التشريعية للمجلس النيابي، وخصوصاً تلك المخصّصة لمناقشة الموازنة العامة».
ورداً على سؤال آخر يتناول احتمال ان تصل الامور الى فكرة التمديد لمجلس النواب في حال تعطيل إجراء الانتخابات النيابية، نُقل عن الحريري قوله «انّ أفضل القرارات في هذه الحال سيكون الاستقالة الفورية من المجلس».
مفتي الجمهورية
وكان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان زار ضريح الحريري في وسط بيروت، على رأس وفد كبير من علماء الدين، حيث بعد قراءة الفاتحة قال مفتي الجمهورية: «في الظروف البالغة الصعوبة التي نعيشها اليوم، نستذكر الشهيد الرئيس رفيق الحريري، رجل الدولة صاحب الاهتمام الكبير بالإنسان والإعمار والبنيان. نستذكر وفاءه للمبادئ الوطنية، ونستذكر صدقه في الحوارات السياسية في وقت أصبح الكذب على الناس ليس مجرد رذيلة اجتماعية وأخلاقية فقط ، بل ركناً من أركان سياسة دولة، تقف اليوم على حافة الانهيار، إن لم تكن قد انهارت فعلاً». واضاف: «اليوم يدخل لبنان الوطن مرة جديدة في التلاشي، وكأنّ القيّمين على شؤونه لم يتعلّموا من التجارب السابقة التي دفع اللبنانيون ثمنها غالياً جداً من أرواحهم وممتلكاتهم». ورأى «إنّ حياة بلا معنى وهدف هي موت مبكر. ومعنى حياتنا أن نكون في وطن ينفع الناس ويجمعهم، ويصون كراماتهم ويحفظ حقوقهم، ورسالة حياتنا أن نبلغ ثقافة العيش الوطني الواحد واحترام كرامة الإنسان وحقوق المواطنة».
جلسة للانتخابات والكهرباء غداً
من جهة ثانية، وفي ظل هذه الأجواء، تتجّه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء المقّررة عند الثالثة بعد ظهر غد في القصر الجمهوري، للبحث في مجموعة من الملفات، ولا سيما منها طلب وزير الطاقة السلفة المالية الخاصة بقطاع الكهرباء، بعد ان تعهّدت الحكومة بالبحث فيها بعد البتّ بالموازنة العامة للعام 2022.
وإلى هذه القضايا المعلن عنها، فإنّ المجلس سينظر في مجموعة من البنود الادارية، وخصوصاً تلك المتعلقة بطلبات وزارة الداخلية للسلفات المالية الخاصة بالانتخابات النيابية المقبلة، وفق تقديرات أعدّتها الوزارة بعد احتساب الأموال التي تلقّتها كتبرعات من هيئات أوروبية وأممية لتسهيل الإجراءات الإدارية والمالية واللوجستية الخاصة بهذه الانتخابات.
ومن المتوقع ان يبتّ مجلس الوزراء غداً بتعيين نائب المدير العام لأمن الدولة، في حال سلّم الثنائي الشيعي في اللقاءات المرتقبة في الساعات المقبلة رئيس الحكومة الإسم المقترح للموقع. ولم تحسم المراجع الوزارية الرواية التي تقول انّ المجلس سيبتّ باستقالة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ليُعاد تعيينه بصفة مدنية في موقعه.
عودة ميقاتي
وقبيل انعقاد الجلسة، يعود رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الساعات المقبلة من العاصمة الاردنية عمان بعد زيارته لابنته التي تقطن هناك.
وفي إشارة الى نجاح الاتصالات في إنهاء الأزمة التي برزت إثر جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، أكّد أمس عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق خلال لقاء سياسي للحزب في بلدة الشهابية الجنوبية، أنّ «حزب الله حريص على فعالية واستمرارية جلسات الحكومة، ولذلك إعترض على طريقة إقرار مشروع الموازنة لأنّها غير مقبولة لا بالشكل ولا بالمضمون، ولدينا ملاحظات وتعديلات هامة على بنودها، وسنعمل على إقرارها عند مناقشتها في مجلس النواب». واضاف: «أمام الضائقة المعيشية التي يعاني منها المواطنون، ليس مقبولاً أن تتضمن الموازنة أي بنود تمسّ جيوب المواطنين وتزيد من فقرهم».
الراعي
وفي جديد المواقف من التطورات الجارية، شدّد البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد في بكركي، على أنّ «الانتخابات ممرّ حتميّ لاستعادة مكانة لبنان واحترامه بين الدول، ومن غير المسموح تأجيلها». وقال: «لا ننفكّ نطالب بإجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها الدستوريّ المحدّد في الخامس عشر من أيّار المقبل. وندعو الناخبين اللبنانيّين في لبنان وبلدان الإنتشار إلى المشاركة فيها بكثافة. والهدف خلق واقع جديدٍ في البلاد يُحدِثُ تغييرًا في الاتّجاه الصحيح البنّاء والوطنيِّ الحضاريّ. نقول هذا في وقتٍ تَكثرُ فيه فذلكاتٌ تُمهِّدُ لإرجاءِ الانتخاباتِ عوضَ أن تَتكثَّفَ التحضيراتُ لحصولِـها. ولقد أثارَ ذلك أصدقاءَ لبنان، فسَارعوا إلى إصدارِ بياناتٍ صارمةٍ تُحذِّرُ المسؤولين اللبنانيّين وغيرَهم من التلاعبِ بمواعيدِ الانتخابات: من إعلانِ جَدّة والمبادرةِ الكويتيّة ومؤتمرِ وزراءِ الخارجيّةِ العرب، مرورًا بالأممِ المتّحدةِ ومجلسِ الأمنِ الدُوليّ والفاتيكان، وصولًا إلى الاتّحادِ الأوروبيِّ والمجموعةِ الدُوليّةِ لدعمِ لبنان. وهولاء كلهم نادوا بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، جميعُ هذه الدول والمرجعيات تَعرِفُ أنَّ الانتخابات، أكانت نيابيّةً أو رئاسيّة، هي ممرٌّ حتميٌّ لعودةِ لبنان دولةً محترَمةً».
وأشار الراعي إلى أنّ «التحدّيات الراهنة تفرض علينا الالتفاف حول مؤسّسات الدولة وفي طليعتها الجيش، لا سيّما في المرحلة المقبلة التي تستدعي الضبط الأمنيّ»، آملاً أن «يدور محور المشاريع الانتخابية حول المطالبة بالحياد وبمؤتمر دولي، لأنّ الوضع الخطير يفرض اتخاذ مواقف جريئة ومتقدّمة».
عوده
بدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، استغرب في قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت، أمس «إثقال كاهل المواطن بالضرائب والمدفوعات، وآخرها حديث عن رفع سعر الكهرباء الغائبة عن البيوت والشوارع». وقال: «من الطبيعي أن تطالب الدولة بحقوقها، إنما بعد أن تعطي المواطن حقوقه، وبعد أن تقوم بكامل واجباتها. من أين سيدفع المواطن الزيادات المرتقبة وهو غير قادر على إطعام أولاده؟ هل المواطن مسؤول عن انهيار الدولة وإفلاسها، وعن تدهور سعر الليرة، وعن ضياع أمواله؟ أليس واجباً على الدولة أن تضع حداً للفساد في إداراتها، وأن تضبط حدودها وتوقف الهدر والتهريب، والتهرّب الضريبي والجمركي، وأن تغلق الصناديق غير النافعة، والمجالس غير المنتجة، وتجبي مستحقاتها، من ضمن خطة إصلاحية واضحة، ورؤية اقتصادية مدروسة، وتخطيط ضروري لإنقاذ البلد؟ أليس على الدولة أن تؤمّن لمواطنيها أبسط مقومات الحياة قبل أن تزيد الضرائب؟ على الدولة أن تكون الأم والملجأ لا الجلاد».
«الحزب الاشتراكي»
وقال نائب «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور خلال لقاء في راشيا، إنّ «العهد ومن يلوذ به ومن يدعمه، لن يتورعوا عن إلغاء الانتخابات النيابية أو تأجيلها وارتكاب هذه الفعلة الشنيعة اذا ما استطاعوا لذلك سبيلاً»، وأضاف انّ «الاستحقاق المقبل مصيري على مستوى التوازن السياسي للبلد، وبخاصة بعد القرار الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري بالاعتكاف أو عدم مشاركته بالانتخابات هذه الفترة او تعليق نشاط تيار «المستقبل» السياسي، مما يعنيه هذا الأمر من اختلال في التوازن السياسي، ويعطي هذه المعركة أبعاداً أكثر عمقاً في مستقبل هذا البلد والعلاقات السياسية فيه». وقال: «نحن اليوم شئنا أم أبينا واقعون تقريباً في الفلك الإيراني حتى وصلنا الى مكان استعدينا فيه كل الدول العربية وخاصمناها، والى علاقات شبه مقطوعة معها، في وقت أحوج من نكون فيه لأن تأتي يد الإنقاذ العربية الينا في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وليس هناك اليوم من الدول العربية من هو مستعد لمدّ يديه وإنقاذ بلد يعدّ خاضعاً للفلك الايراني».
اللبنانيون في اوكرانيا
من جهة ثانية، وإزاء تصاعد التوتر على الحدود الروسية- الاوكرانية واحتمال حصول اجتياح روسي، نصحت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، «الرعايا اللبنانيين الموجودين في أوكرانيا بالمغادرة الطوعية السريعة لحين زوال التوتر وعودة الامور الى طبيعتها». كذلك نصحت «الطلاب اللبنانيين المسجّلين في الجامعات الاوكرانية، بأن يقوموا بالتواصل والتنسيق مسبقاً مع إدارة جامعاتهم، للحفاظ على حقوقهم وضمان واجباتهم الاكاديمية، وستقوم السفارة اللبنانية في كييف أيضاً بالتواصل مع الجامعات لتقديم التسهيلات الممكنة».
ودعت وزارة الخارجية والمغتربين «اللبنانيين الذين ينوون السفر الى أوكرانيا الى تأجيل سفرهم في هذا الوقت لحين إستتباب الاوضاع».
كورونا
على الصعيد الصحي، سجّلت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا، انخفاضاً في عدد الاصابات، حيث بلغت 4443 إصابة (4285 محلية و158 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 1016487. كذلك سجّلت 16 حالة وفاة جديدة ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 9840 حالة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :