منذ أشهر طويلة، يركز حزب "القوات اللبنانية" على كيفية الفوز بالانتخابات النيابية ضمن خطّين متوازنين: الأول هو الحصول على أكبر عدد من المقاعد المسيحيّة، الأمر الذي يكرسه الرقم واحد على هذه الساحة، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات على مستوى الانتخابات الرئاسية المقبلة، أما الثاني فهو الفوز بالأكثرية النّيابية مع حلفائه، نظراً إلى أنه يعتبر أن هذا الأمر من الممكن أن يسهل له قلب المعادلات في الداخل.
إنطلاقاً من ذلك، كان الحزب يعمد إلى رفع سقف خطابه السياسي، في الفترة الماضية، لا سيما بوجه "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، لكن بعد قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، العزوف عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وجد حزب "القوات" نفسه أمام مواجهة مع جمهور "المستقبل" في الشارع السني، بالرغم من سعيه إلى تحميل قوى الثامن من آذار المسؤولية عنها.
في هذا السياق، يبدو، بحسب المعطيات الراهنة، أن معركة الحزب ستكون على أساس الحفاظ على الوضع الراهن، فيما يتعلق بعدد أعضاء الكتلة النّيابية، بحيث يعوض خسارة مقعد نيابي في دائرة معيّنة بدائرة أخرى، إلا إذا حصل إنقلاب على مستوى الجوّ السني العام، بشكل يسمح له بالدخول في لوائح قويّة في بعض الدوائر.
بعبدا
يركز "القوات"، في هذه الدائرة، على الفوز بمقعد ماروني إضافي من مقاعده الثلاث، حيث أن "التيار الوطني الحر" يضمن الفوز بمقعد واحد منها، بينما الحزب يضمن الفوز بالمقعد الثاني، ليكون المقعد الثالث موضع منافسة على قاعدة الكسر الأكبر بين اللوائح، وهو ما سمح للائحة، التي تضم تحالف التيار والثنائي الشيعي، الفوز به في الدورة الماضية.
في هذا الاطار، نجح "القوات" في تشكيل لائحة قويّة، في الدورة الحاليّة، تضم إلى جانبه "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"حزب الوطنيين الأحرار" بشخص رئيس الحزب كميل دوري شمعون، من دون تجاهل إمكانية فشل هذا المخطّط بسبب نجاح لائحة ثالثة، من المرجح أن تكون من قوى المجتمع المدني، في تأمين حاصل انتخابي.
بيروت الأولى وكسروان-جبيل
في بيروت الأولى، يستطيع "القوات"، بالتحالف مع المرشح عن المقعد الماروني نديم الجميل، أن يضمن الفوز بالمقعد الأرثوذكسي، الذي رشح عنه الوزير السابق غسان حاصباني، نظراً إلى أنّ اللائحة مفترض أن تنجح بتأمين حاصلين إنتخابيين.
أما على مستوى كسروان جبيل، فإنّ الحزب أيضاً يستطيع الحفاظ على الوضع الحالي، نظراً إلى أنّه يضمن الفوز بحاصلين إنتخابيّين، يؤمّنان له الفوز بمقعد ماروني في جبيل وآخر في كسروان، بغضّ النظر عن التحالفات التي من الممكن أن يبرمها في هذه المناطق.
المتن
في هذه الدائرة، تضمن لائحة حزب "القوات" الفوز بمقعد نيابي، نظراً إلى أنها تستطيع تأمين حاصل انتخابي واحد، لكن شكل المعركة في المتن يتوقف على القرار الذي يتخذه "التيار الوطني الحر"، بالنسبة إلى المقاعد التي يريد التركيز عليها، بالإضافة إلى التحالفات التي من الممكن أن تبرمها اللوائح.
بالنسبة إلى "القوات"، التركيز يجب أن ينصبّ، على مستوى الأصوات التفضيليّة، على المرشّح عن المقعد الكاثوليكي الوزير السابق ملحم الرياشي بشكل يضمن فوزه في هذا المقعد، لكن في حال قرر "التيار الوطني الحر" أن يركّز على الفوز في هذا المقعد، فإن نجاح الحزب من الممكن أن يكون في مقعد آخر.
عكار وطرابلس والمنية والضنية وجزين
تعتبر هذه الدوائر الثلاث من الأبرز التي تتأثر بالصوت السنّي، لا سيما بعد قرار "المستقبل"، الأمر الذي قد يقود إلى خسارة "القوّات" المقعد الوحيد لها الذي يشغله النائب عن عكار وهبي قاطيشه.
بالنسبة إلى المنطقة المذكورة بالتحديد، لن يكون من السهل، بالنسبة إلى الحزب، أن يعود للفوز بالمقعد الماروني، من دون تأمين حليف سنّي قوي (من المرجّح أن يكون النائب السابق خالد الضاهر)، خصوصاً في ظلّ التوتر القائم على مستوى العلاقة مع "المستقبل".
أما في طرابلس-المنية-الضنية، من الصعب أن تضمن اللائحة، التي من الممكن أن تجمع "القوات" مع الوزير السابق أشرف ريفي، تأمين أيّ حاصل انتخابي، إلا بحال تبدّل المزاج السني العام منها.
فيما يتعلق بجزين، نجاح "القوات" بالفوز بمقعد نيابي في هذه الدائرة يتطلب التحالف مع شخصيّة سنية قويّة في مدينة صيدا، الأمر الذي لا يزال يصطدم بالعديد من العراقيل، حتى ولو ذهبت إلى التحالف مع "الجماعة الإسلامية"، لأنّ مثل هذا التحالف، في ظلّ عزوف "المستقبل"، من الممكن أن يقود إلى فوز اللائحة بالمقعد السني الثاني في صيدا.
بعلبك الهرمل وزحلة
في بعلبك الهرمل، تضمن لائحة "القوات" الفوز بمقعد نيابي في هذه الدائرة، هو المقعد الماروني الذي فاز فيه في الدورة الماضية النائب أنطوان حبشي، إلا إذا قرّر "حزب الله" أن يخوض معركة هذا المقعد، عبر التركيز على دعم المرشح عنه في لائحته بعدد كبير من الأصوات التفضيليّة، الأمر الذي يؤثّر على أحد المقاعد التي تفوز فيها اللائحة.
بالنسبة إلى زحلة، يستطيع الحزب، من خلال تحالف بسيط، أن يضمن الفوز بأحد المقاعد النيابية، نظراً إلى أنه يقترب وحيداً من الحاصل، لكن من المستبعد أن ينجح في تحقيق الهدف الذي يعمل عليه، أي تأمين الفوز بحاصلين إنتخابيين.
الشوف عاليه والبقاع الغربي
في الدائرتين يتحالف "القوات" مع "الاشتراكي"، لكن الفارق بينهما هو أنه في الشوف-عاليه مرتاح، لناحية قدرته على تأمين الفوز بمقعدين: الأول في عاليه والثاني في الشوف، لا سيما إذا ما نجح "الاشتراكي" في معالجة مسألة الصوت السنّي في إقليم الخروب، الذي من المتوقع أن يحصل بسبب علاقته الجيدة مع "المستقبل".
في البقاع الغربي، نجاح اللائحة في تأمين حاصلين إنتخابيين يتطلب التحالف مع شخصية سنية قوية، لكن هذ الأمر قد يكون على حساب مرشح "القوات"، نظراً إلى أن "الإشتراكي" يضمن فوز مرشحه النائب وائل أبو فاعور، بينما أي شخصية سنية تضمن الفوز بالمقعد السني الثاني، حيث أنّ الأول يذهب إلى اللائحة التي تضم حزب "الاتحاد". وبالتالي هكذا تحالف يجب أن ينجح في تأمين 3 حواصل، كي تنجح "القوات" في الفوز بمقعد مسيحي في هذه الدائرة.
الكورة-البترون-زغرتا- بشري
في هذه الدائرة، يستطيع "القوات" أن يضمن الفوز بثلاث حواصل إنتخابية من حيث المبدأ، لكن موقعها قد يتبدّل على ضوء التحالفات وإدارة المعركة. فهو، في الدورة الماضية، نجح بالفوز في مقعد في البترون ومقعدين في بشري، بالرغم من أن مرشحه في دائرة الكورة حصل على عدد كبير من الأصوات التفضيليّة.
في الدورة الحاليّة، من الممكن أن ينجح الحزب، بصعوبة، بالفوز بمقعد نيابي إضافي، أي ينجح على ضوء التحالفات في تأمين 4 حواصل انتخابية، وبالتالي يضمن الفوز بأحد المقاعد النّيابية في الكورة، خصوصاً إذا ما تراجع الحاصل الانتخابي أو شهدت اللوائح الأخرى أزمات (القومي بالنسبة إلى لائحة المردة، حيث من الممكن أن تقود أزمة الحزب إلى إنقسام أصواته بين لائحة المردة ولائحة التيار الوطني الحر).
في المجمل، التوقعات تصب في خانة أن ينجح "القوات" في الفوز بثلاثة مقاعد نيابية، أما موقعها فقد يتبدل، لناحية أن الفوز في الكورة يعني الخسارة في البترون أو العكس.
نسخ الرابط :