سعد الحريري.. ما له وما عليه

سعد الحريري.. ما له وما عليه

 

Telegram

 

لم يسلم الرئيس سعد الحريري في غيابه عن لبنان كما في حضوره، فالمسألة بالنسبة إلى خصومه، هي استهدافه الشخصّي سواء كان في موقع المسؤولية الرسميّة أو خارجها، وكأنّ المطلوب تصفيته جسديّاً حتّى يهنأ هؤلاء من "كابوس" ظنّوا أنهم تخلّصوا منه مع اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري.

تبنّى الرئيس الحريري خيار العزوف عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المُقبلة، تاركاً وراءه خيارين لا ثالث لهما وذلك لمن يُريد أن ينتهج الدرب الذي قرّر سلوكه في المرحلة الراهنة: فإمّا الإقتناع بالمراقبة عن بعد خلال الفترة المُقبلة مع إعادة بلورة المفاهيم السياسيّة في العقل قبل المُمارسة، وإمّا خوض غمار السياسة من أبوابها االمتعدّدة من دون أن يفرض على أصحاب الخيار الثاني، الإلتزام بما ألزم به نفسه.

 

في ما له، لم يكن الحريري مثالاً يُحتذى به في العمل السياسي، في بلد يتشعّب فيه هذا العمل لما يتطلب من "مهارات" افتقدها الرجل خلال عمله السياسي خصوصاً بما يتعلّق بتبديل "لعبة" المواقف واستغلال الظروف، وهو الذي أصرّ على حكم لبنان بالمناصفة بين شقّيه الموالي والمُعارض يوم فتحت له صناديق الإنتخابات النيابيّة في العام 2009 أكثر من ثُلثي أصوات الشعب اللبناني ويوم أعلنت كُلّ الدول وقوفها إلى جانبه، فكان قراره يومها بأن وحدة لبنان واللبنانيين فوق كُل اعتبار وأن الحُكم يكون بالوعي والمنطق لا بالتشفّي والكيديّة.

أكثر من مرّة وقف الحريري أمام نفسه وأمام جمهوره والسواد الأعظم من الشعب اللبناني، ليُعلن عن أخطاءٍ ارتكبها خلال مُمارسته العمل السياسي، وأكثر من ذلك فقد أخذ بصدره قرارات أفقدته في بعض المحطّات بعض التأييد داخل بيئته الحاضنة من بيروت إلى الشمال فالبقاع، لاقتناعه بأن البلاد بحاجة إلى تنازلات حتّى ولو كانت على حساب القناعة الشخصيّة التي هي نفسها أوصلته لاحقاً إلى الإستقالة من رئاسة الحكومة" بعدما قال: "وصلت الى طريق مسدود"، وكان القرار يومها "أنا طالع على قصر بعبدا لتقديم استقالتي".

أمّا ما هو على الحريري، فيؤخذ عليه عدم الركون إلى الآية الكريمة "وأمرهم شورى بينهم"، إذ أن القرارات الكبيرة والمصيرية كانت تُتخذ بشكل أحادي بالإضافة إلى عدم خلقه منظومة سياسية تواكب عمله ودائماً من مُنطلق "أنا عم شوف غير ما أنتو عم تشوفو". ومن باب الإنصاف قد يكون الحريري مُحقّاً في خياراته وقراراته، لكن ليس في بلدٍ يقوم على حكم القويّ لا النقيّ وعلى الصفقات والتسويات، لا لمن يأتي من خلفيّة ذهنيّة تُريد بناء المؤسسات واستعادة أمجادها السياحية والإقتصادية. نعم هو الخطأ الأكبر للحريري بعدم بناء مؤسّسات رديفة تواكب تطلعاته ونظرته للمستقبل، فقرر أن يختزل كُل هذا بشخصه.

أمّا ما هو مطلوب من الحريري اليوم، فإن الإبتعاد عن المشهد العام من دون التفاعل مع الناس والقاعدة الجماهيرية والحزبيّة، يُعتبر خطوة في المجهول لكي لا نقول إلى عالم النسيان. المراقبة عن بعد لا بُدّ منها لإصلاح ما أفسدته اضطراريّات اللعبة السياسيّة والتنظيمية الحزبيّة، لكن حذار من غُربةٍ غير فاعلة لأنها خطوة في عالم النسيان خصوصاً في ظلّ الهجمة "السُنيّة" الحاصلة لتعويض الغياب أو الفراغ الذي سيخلّفه الحريري خلفه.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram