هل تواطأ وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والتفتيش المركزي ومجلس شورى الدولة لتفخيخ الإجراءات التحضيرية والجوهرية للانتخابات النيابية؟
بتزامن لافت، صار قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب المعدّل نافذاً حكماً في 8 تشرين الثاني الماضي، بعد تعديل المادة 40 التي نصت على تعديل ولاية لجان القيد، على أن «يرفع مجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس شورى الدولة لائحة اسمية بالقضاة لتعيينهم رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية. ثم ترفع هيئة التفتيش المركزي لائحة اسمية بالمفتشين لتعيينهم. ثم يعيّن رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية وأعضاؤها ومقرّروها لهذه الدورة الانتخابية قبل كانون الأول من العام 2021، وذلك بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات».
القرار صدر بالفعل في 30 تشرين الثاني 2021، ونشر في الجريدة الرسمية في 9 كانون الأول 2021. في حين جاءت كتب كل من مجلس القضاء الأعلى والتفتيش المركزي ومجلس شورى الدولة التي استند إليها قرار مولوي في وقت متزامن ما يطرح تساؤلات. فقد ورد كتابا مجلس القضاء الأعلى ومجلس شورى الدولة الى «الداخلية» بتاريخ ٢٥ تشرين الثاني 2021. فيما ورد كتاب التفتيش المركزي في التاريخ نفسه لصدور قرار مولوي. وهنا تسجل جهات معنية بالانتخابات تحفّظها عن المهل، وتعتبر بأن العملية برمّتها كان يجب أن تتم قبل الأول من كانون الأول 2021، بدءاً من القرارات إلى نشرها في الجريدة الرسمية. فيما يبدو ما حصل وكأنه «تواطؤ بين المعنيين لتركيب تواريخ تلائم ما نصت عليه المادة 40 بعد تعديلها».
وفيما نصّت المادة 40 (بعد التعديل) على أنه «يُعيّن رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية وأعضاؤها ومقرّروها بقرار يصدر عن وزير الداخلية، على أن يرفع مجلس القضاء الأعلى أسماء القضاة لتعيينهم»، عمدَ رئيس مجلس القضاء إلى إرسال كتاب بأسماء القضاة إلى وزير الداخلية، من دون المرور بالمجلس أو الدعوة إلى اجتماع يناقش الأمر. فقرر أن يتولّى المسؤولية وحده من دون الرجوع إلى الأعضاء. فضلاً عن أن عبّود تجاوز أصول التخاطب مع وزارة أخرى، فراسل مباشرة وزارة الداخلية من دون المرور بوزارة العدل التي لم تطّلع على المراسلات بينه وبين «الداخلية»، علماً بأنه بموجب قانون الانتخابات للعام ٢٠١٧، تشكل لجان القيد من قضاة ورؤساء غرف تمييز واستئناف، وهو ما يستوجب توقيع وزير العدل على المرسوم. وبناءً على كتاب عبود، أصدرت وزارة الداخلية القرار 1339 بتعيين «لجان القيد العليا والابتدائية الأساسية والإضافية في الدوائر الانتخابية». وهذا ما يجعل القرار 1339 عرضة للإبطال بسبب ما تؤكد مصادر مطّلعة أنه «مخالفة قانونية ارتكبها رئيس مجلس القضاء الأعلى بعدم التنسيق مع أعضاء المجلس قبل رفع أسماء القضاة وتجاوزه وزارة العدل»، علماً بأن خطوة من هذا النوع يمكن أن تؤدي إلى إرجاء الانتخابات من ستة أشهر الى سنة، في حال «تجرّؤ» أي طرف سياسي على تقديم الطعن وسط ضغط دولي لإجراء الانتخابات في موعدها في أيار المقبل.
الثغرة الجوهرية الثانية، التي قد تفتح باباً آخر للطعن، تكمن في فتح باب الترشيح قبل تعيين هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات أو تمديد عمل الهيئة الحالية بقرار واضح صادر عن وزير الداخلية. فقد فتح مولوي باب الترشّح من 10 كانون الثاني الجاري حتى منتصف ليل 15 آذار المقبل. وهذه سابقة لجهة فتح باب الترشيحات من دون تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات التي يفترض أن تباشر مهامها من تاريخ فتح باب الترشيح. فيما لم يصدر، في المقابل، أي مرسوم بتكليف هيئة الإشراف الحالية متابعة مهامها. وبالتالي، هناك علامات استفهام حول صلاحية الهيئة الحالية، في الوقت الضائع، بمراقبة الترشيحات والإنفاق الانتخابي والحملات الانتخابية.
وعلى صعيد متصل، تؤكّد مصادر «الأخبار» أن مديرية الشؤون السياسية في وزارة الداخلية غير جاهزة في الأساس لإجراء الانتخابات، لعدم توافر التحضيرات اللوجستية، إضافة الى الخلل في عمل دوائر النفوس التي تفتقر الى كثير من اللوازم لمتابعة عملها، وامتناع موظفي الدوائر الرسمية عن الحضور إلى أماكن عملهم، فضلاً عن عدم وضوح مدى قدرة رؤساء أقلام الاقتراع على الالتزام بالحضور إلى الأقلام التي يُكلّفون بها في ضوء كلفة الانتقال العالية بين المناطق.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :