أرسى الزعيم الخالد في مسيرته الحياتية، جملة قواعد و فضائل مناقبية وقيما روحية و إجتماعية جديدة، و مثلا عليا ترفع النفوس عن الدنايا و الإقبال على كل ما هو حق و حقيقة، و فضيلة حب الوطن و التضحية في سبيله. و كل ما يفيد النجاح القومي و الخير العام..
فقبيل تأسيسه الحزب عام 1932، كان قد أنشأ احزابا في المغترب، تصرف بعض أعضائها تصرفا مشينا ولا أخلاقيا. فما كان منه إلا أن انصرف عنها. وشبيه ما وقع معه في محاولته الأولى لتأسيس حزب في الوطن عام 1932، ما كان قد حدث معه في المغترب. فعالج الأمر بحل الحزب رافضا أية تسوية مع الفاسدين. وأعاد التأسيس مع أشخاص يملكون حسا قوميا ويتمتعون بالسيرة الجيدة والأخلاق الحميدة.
وبعد خروجه من السجن عام 1936، أسرع لإقصاء كل المتسلقين إلى المسؤولية المركزية دون هوادة وكرر عمله هذا بعد سجنه الثاني والثالث أيضا، رافضا أن يساوم أو يهادن، عاملا لتطهير الحزب وتنقية صفوفه منهم، عاملاً بقاعدة النوعية لا العدد.
وعبر الزعيم في خطابه في 2 آذار 1947 بعيد عودته من مغتربه القسري عن رفضه عقد تسوية والقبول بما كان قد طرحه عليه نعمة تابت وأسد الأشقر في القاهرة في شباط بالمستحدثات الغريبة عن الحزب نتيجة الاستقلالات الوهميه لبعض الكيانات السورية.
كان يمكن للزعيم وقتذاك، عقد تسوية مع الإدارة المنحرفة لئلا يحدث مشاكل داخل الحزب إفساحا في المجال له:
1_ التفرغ للإنتخابات النياببة في لبنان .
2_ الإنصراف لإعادة بناء الحزب.
3_ مواجهة المخططات اليهودية والأوروبية التي تتعرض لها سورية.
وفضل الزعيم فتح معركة داخلية وطرد الفاسدين. ورغم تقاطع هذه المعركة مع إصدار الحكومة اللبنانية مذكرة توقيف بحقه فإنه استطاع ان يكسب المعركتين سويا.
بعد إقصاء الإدارة المنحرفة، باشر عمله لأعادة وحدة الحزب وبنائه البناء المتين، متطلعا إلى تحضيره للمواجهة المصيرية ضد التغلغل اليهودي في فلسطين.
أوردنا هذه المحطات من تاريخ الحزب لنؤكد على حقيقة أن الحزب القومي هو حزب"القضية السورية المقدسة"-هذه العبارة التي يكررها سعاده في عدة مقالات له- تعطي فكرة واضحة أن سعاده لم يكن يساوم أو يهادن على القضية السورية. فالتسوية تجر إلى تسوية أخرى وهكذا دواليك لتسقط القضية في حبائل الفساد والفاسدين.
التسوية هزيمة للنفس البشرية، وركون إلى عدم المحاربة محاربة شريفة في سبيل القضية التي نؤمن ان فيها كل الخير لمجتمعنا. ويمكن بالتسوية تحقيق بعض المصالح للحصول على منصب أو "كرسي" تؤمن للفرد مكانة ودور سواء في حزب أو إدارة حكومية أو ما شابه.
هذه الدروس العملية لزعيم النهضة، هي خير شاهد للأوفياء والمؤمنين به وبعقيدته ونظامه الجديد.
فكما لا يجوز لأي سوري كائنا من يكون "أن يتصرف بشبر من أرضه تصرفا يلغي أو يمكن أن يلغي فكرة الوطن الواحد... لسلامة وحدة الأمة السورية" (المبدأ الأساسي الأول). كذلك الأمر تماما لا يسمح لأي عضو أن يتصرف تصرفا فرديا انانيا بالحزب بجعله مطية لمصلحته الفردية.
فسعاده أسس الحزب لحماية النهضة كما يقول في رسالته لحميد فرنجية عام 1935، وأن النهضة لا تقوم بغير النظام الجديد (غاية الحزب). وأنه من الصعوبة بمكان أن يتسلل أحد الفاسدين في حال تطبيق هذا النظام الفريد من نوعه، تيقنا من سعاده إن وضع اليد من فاسد على الحزب يعني القضاء على الوسيلة الوحيدة لتحرير سورية.
وكما دعا سعاده لصيانة الأرض السورية، كذلك دعا الأعضاء لصيانة الحزب من المارقين والمتسلقين والفاسدين والخونة. فكما "الوطن ملك عام" وبأن الذين لا يقولون بأن سورية للسوريين هم مجرمون، كذلك الحزب القومي "ملك عام" للسوريين. لذلك كان التعاقد مع الزعامة القومية الذي يلزم الأعضاء بأن يخطوا تماما خطوات سعاده لصيانة الحزب الذي هو السبيل الوحيد لنهضة سورية.
فالحزب هو الضمانة الوحيدة لسورية لذلك دستر الزعيم الأخلاق والقيم والرجولة والبطولة والمعارف التي يجب أن يتمتع بها المسؤول في الحزب.
إن تحقيق المبادئ الأساسية هو مسؤولية الحزب القومي: بعقيدته ونظامه. ولا يمكن إحداث النهضة إلا بواسطة الحزب القومي.
فصيانة الحزب... تعني صيانة الوطن السوري...
"إن مهمة صون نهضتنا القومية الإجتماعية هي من أهم واجبات الحزب السوري القومي الإجتماعي ، ولن نعجز عن القيام بها على أفضل وجه ممكن، فيمكن الدعاوات الأجنبية أن تتفشى في فوضى الأحزاب ولكنها متى بلغت إلى السوريين القوميين الإجتماعيين وجدت سدا منيعا لا تنفذ فيه، لأن السوريين القوميين الإجتماعيين حزب غير فوضوي، و لأنهم لا يتمشون إلا على السياسة التي يقرها حزبهم. ليسوا هم جماعة مبعثرة بل قوة نظامية."
(الخطاب المنهاجي)
ففي صيانة الحزب من المفاسد.. صيانة للوطن من الاعداء..
هامش..........
في ظرفنا الحزبي الراهن صرحت الإدارة الحزبية الجديدة المستنسخة عن سابقتها والتي أحرزت فوزا في انتخابات قيل عنها الكثير: بضرورة العمل للإصلاح ولم الشمل، وهي مؤلفة من أمناء، و الأمناء هم من كانوا أوفياء لما خطه الزعيم وتركه من أعمال قدوة ومثال والنموذج الأوفى لإدارة شؤون والحزب والدولة. لتعمد هذه الإدارة، في حال كانت صادقة، بالعمل لحل عام لمسألة الحزب: عبر إعلان حالة الطوارئ وينضم إليها رؤوساء الحزب السابقون من الأحزاب القومية (جماعة عبد المسيح والأمانة العامة أيضا)، ويصار لعقد مؤتمر نوعي في أيار 2021 وتطبيق كل مقرراته. ليصار بعدها لانتخاب إدارة واحدة للحزب القومي.
طه غدار
نسخ الرابط :