تتحرّك العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" عند فالقٍ زلزالي، لكن وعلى دقّته، لن يؤدي ذلك إلى تحرّيك الطبقات الأرضية بين الفريقين أو إحداث شرخٍ بينهما، تبعاً لظروفهما وحساسية العلاقة التي تجمعهما.
أحياناً، تكون من موجبات مرحلة اقتراب الإنتخابات النيابية، إستخدام "عدّة شغل" تكون ذات قدرة على استنهاض القواعد الشعبية أو إجراء محاكاةٍ لأطرافها، على نيّة اختبار "عودها" أو لشدّه. قد ينسحب ذلك على الحزب والتيار وطبيعة علاقتهما، سيّما الحديث منها، في ظلّ تعاظم خطاب التمايز الذي يتخذه التيّار بالنسبة إلى العلاقة مع الحزب.
قبل أيام، تسلّل هذا الخطاب إلى قصر بعبدا، التي كانت حريصة دوماً على إبعاد المناكفات عن علاقتها بالحزب. وتردد في هذا الإطار أن رئاسة الجمهورية تماهت إلى حدٍ ما ، مع خطاب "التيار الوطني"، تجاه الإعتراض على دور الحزب في مؤازرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والسماح له في التمادي بعرقلة اجتماعات مجلس الوزراء.
لكن ما حصل وعلى بلاغته، ولو أنه قد تسبّب بموجة انزعاجٍ عارمة، قادها نشطاء الحزب عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لكن القضية بقيت محلّ تفهم من جانب قيادة الحزب، التي لم تخرج أو تحيد عن مصطلح "بمون الجنرال" قيد أنملة. وبدا للوهلة الأولى أن "حزب الله"، آثر امتصاص الإعتراض الذي تقدّم به عون أمام وفد نقابة المحررين، حين توجّه إلى الحزب بـ"لطشة" حول دوره في عرقلة اجتماع مجلس الوزراء، على قاعدة "امتصاص النقمة العونية وتحويلها إلى طاقة دفع إيجابية، تعيد استنهاض العلاقة وتفتح أفقاً في الحديث، ولو أن العلاقة لم يدخل عليها طارئ وإنما بقيت نشطة تحت قيادة مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، وتحت إشراف مباشر من الأمين العام السيد حسن نصرالله، عبر معاونه السياسي الحاج حسين الخليل.
لكن ما تقدّم، لا يؤدي إلى خلق أجواء مشحونة بين الطرفين، ولو أنه يُعدّ علامةً صحية للعلاقة، التي يجب أن تكون أو تسود بين الجانبين بخاصة بالنسبة إلى "التيار الوطني الحر". والحزب في النتيجة، يأخذ التساؤلات العونية على محملٍ حسن، وكنوعٍ من أنواع العتب بين الحلفاء الذي يبقى في الآخر تحت سقف ضرورات استتباب أمر العلاقة بينهما.
وعلى الرغم من أن المآخذ كثيرة حول أداء "التيار الوطني"الحالي، واستنهاضه الدائم لمشروع التعديلات على ورقة التفاهم في مناسبة أو من دون مناسبة، علماً أن لا شيء يحصل تحت هذا العنوان، لكن يبقى أن الورقة أسمى من ان تطالها "تراطيش الكلام" من هذا النائب او ذاك، طالما أن مصيرها يرتبط بقرار من جانب القيادتين. وإلى حدّ الآن، وعلى الرغم من كل "القيل والقال" ، يبقى أن موقف القيادات هي في تلازم المواقف بين الجانبين، وخطة العمل الإنتخابية المعقودة والتي يتمّ التشاور حولها بين الفريقين، عبر لجانٍ متعددة الوظائف، تمهيداً للإعلان عنها في وقتٍ قريب، تظهر مدى المرونة في التعاطي السياسي والمصلحة المشتركة بين الحزب والتيار، وتكاد تكفي للقول بأن بعض التمايز لا يثفسد في الودّ قضية، وإنما يدور تحت رحاب المصلحة المشتركة بين حليفين.
هذه القضية، لا بدّ أن يعيها الناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي، الذين وفي أحيانٍ كثيرة، يكونون عرضةً لتقلبات سياسية مناخية\مزاجية أو لتأثيرات مصدرها موتورون أو حسابات، تكيد لورقة التفاهم ولأصل العلاقة بين التيار والحزب، ويخضعون في الغالب لتأثيرات هؤلاء سواء عن نية أو سوء نية. لكن سرعان ما تتمّ إعادة تصويب المواقف من خلال رفد المسؤولين المباشرين بتوجيهاتٍ تُظهر حفاوة العلاقة، مع الأخذ في الإعتبار ضرورات التمايز في عددٍ من القضايا كما يحصل الآن، وفي النتيجة سواء الحزب أو التيار، هما فصيلان مختلفان وليسا تحت قيادة واحدة، ولهما الحقّ في التمايز سواء السياسي أو الإنتخابي أو غير ذلك، طالما ان القضايا الإستراتيجية العميقة متفقٌّ عليها، وضرورات التحالف لا تعفيهما من التمايز. لكن ما يجدر لفت النظر إليه، هو "الذمّ" الذي يخرج في أحيانٍ كثيرة عن بعض المسؤولين، والذي يؤثّر في العلاقة بمعناها الشعبي الضيّق وتنسحب على مواقف القواعد الشعبية المتداخلة في العديد من المناطق، وهذا إنما يجدر الإلتفات إليه ومعالجته، مخافة تسلّل العسس السياسي إلى القواعد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :