الإطلالة التلفزيونية للرئيس سعد الحريري كانت بعد غياب، وقد حرص على الودّ مع الجميع رغم أنه قارب بعض الخلافات مع أخصامه وحلفائه، لكنه كان واضحاً في إسقاط اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة تكنوسياسية من عشرين وزيراً، واعترف انّ رؤساء الوزراء السابقين شكلوا حكومة من أخصائيين لكن الأحزاب هي التي اختارت الوزراء، وبرغم قوله إنّ في البلد مشروعين… الأول يحمله حزب الله وحركة أمل وهو مشروع مرتبط بالخارج، ومشروع يريد أن يخرج البلد من الأزمة، وشدّد على أنّ الثنائي الشيعي هو الذي عطل المبادرة الفرنسية.
وقال الحريري انّ أيّ حكومة يدعمها حزب الله ومن لون واحد فلا أحد سيعطينا فرنكاً، وأيّد مطالبة البطريرك الماروني بالحياد، لكن ذلك يحتاج الى موافقة جميع الأطراف وهل هذا ممكن. وختم انه سيجري الاتصالات اللازمة مع المعنيين، وأنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة من دون جميلة أحد.
ما يمكن استخلاصه من كلام الشيخ سعد أنه حاضر لتشكيل الحكومة برغم الاتهامات التي وجّهها الى الآخرين، وهذا يمكن تجاوزه بالسياسة وهو ما يُرجح حصوله.
وأياً كانت هذه التفاصيل، فالحركة بركة، لأنّ الواجب الوطني يفرض استنهاضاً وطنياً لتدارك المخاطر الناتجة عن الفراغ الحكومي، واستدراك ما يمكن استدراكه على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي والنقدي والدستوري! ولا يُعقل ان تستمرّ اللامبالاة والاستخفاف بإدارة شؤون البلاد والعباد، وما الأحداث التي شهدتها بعلبك إلا نتيجة لغياب الدولة وتقصيرها في الأمن والإنماء، ولا يجوز بالتالي أن يصبح أمن الناس في قبضة السلاح المتفلت ليسرح ويمرح يروّع الآمنين في غفلة عن الدولة!
فيما تتضح التسريبات التي تحدثت عن دعوة رئيس الجمهورية الى اجتماع يعقده مع الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، ونتمنّى أن يحصل ذلك، لا بل هو ضروري لاستمزاج الآراء ومدى جدّيتها لاختيار رئيس الحكومة المرشح والتفاهم بالحدّ الأدنى على ما تبقى من المبادرة الفرنسية التي تبقى المفتاح السري المؤدي الى استدرار المساعدات المالية من «سيدر» أو غيره بشرط القيام بالإصلاحات الضرورية المطلوبة والتي من شأنها تأجيل الانهيار الحالي بالحدّ الأدنى ووقف إجراءات رفع الدعم عن السلع الغذائية والدواء والمشتقات النفطية لأنّ معالجة مثل هذه الأخطار الداهمة، توفر على اللبنانيين الخيارات المرة والمحظور قبل فوات الأوان.
ومما لا شك فيه، انّ تحرك سعد الحريري لم يأت من فراغ، وربما نجحت الوساطة الفرنسية مع السعودية لرفع الحظر الحريري وربما أيضاً عن الحظر الأميركي. ما يهمّنا ان تلحظ الحكومة الجديدة المرتقبة التي ستولد بعد مشاورات مع كافة الأفرقاء ان تنجح في لجم الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي، وتُوفَّق الى الحلول التي ترفع عن كاهل المواطن بعض متاعبه وخاصة في موجبات الغذاء والدواء والاستشفاء والتعليم… وهي استحقاقات تتقدّم على كافة التعقيدات السياسية.
كذلك… لا أحد يدري إذا كانت العودة الحريرية بعد طول انكفاء لها علاقة بالتحضيرات لجولة المفاوضات لترسيم الحدود بين لبنان ودولة الاحتلال برعاية الأمم المتحدة.
البناء
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :