ولكن أمراض هذا الجيل لا تشفى بالوعظ
سعاده
لست أدري إذا كانت قيادات الحزب والسوريون القوميون الاجتماعي قرأت هذه الجملة الواردة في الأعمال الكاملة الجزءالعاشر صفحة 417 ، وإذا كانوا اضطلعوا عليها ماذا فعلوا لمعالجة أمراض هذا الجيل بغير الوعظ .
كانت الموعظة خطابا يلقيه أحد الفقهاء أو رجال الدين يحتوي عادة على ما جاء بهذا الدين من إرشادات أو قوانين .
الموعظة في المسيحية هي عظة الجبل التي تعرف بشريعة العهد الجديد
وتكاثرت المواقف والأراء بموضوع الموعظة حتى نشأ ما يسمى أدب الموعظة .
كانت تصح الموعظة عندما كانت تحتل الكلمة المركز الأول عند الانسان وتماشيا مع في البدء كان الكلمة .
كانت تصح الموعظة عندما كانت الكلمة تحتل المرتبة الأولى في نسج العلاقات بين البشر .
ولأن الكلمة كانت المفتاح والموعظة كانت البوابة لم نشاهد أوعية تنظيمية تحمل المواعظ لتبثها ، بل شاهدنا مواعظ تجتذب جماهير بكلمات تدغدغ الناس فيكون للموعِظ ما يريد وما يشاء ،.
عظمة سعاده التي لا تفوقها عظمة في الموعظة التي دعت الى إنشاء الاناء الذي يحملها ، فهو رأى وقرأ مئات المواعظ وعرف لماذا بقيت هذه المواعظ في الكتب ولم تخرج بسيف حاملة معانيها لتحدث تغييرا في البلاد.
لذلك قال سعاده :
أن انشاء المؤسسات ووضع التشريع هو أعظم أعمالي بعد تأسيس القضية القومية ، لأن المؤسسات هي التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل ، وهي الضامن الوحيد لأستمرار السياسة والاستفادة من الاختبارات .بواسطة مؤسساتنا الحزبية المنظمة تمكنا من القضاء على الفوضى وترقية خططنا وأساليبنا .ولولا مؤسساتنا القوية ونظامها المتين لكانت العوامل الشخصية الأنانية التي برزت في بعض الظروف تمكنت من تسخير حهاد ألوف السوريين والسوريات لمطامعها ..ج3ص194
وهكذا يكون سعاده جمع بين الوعظ والمؤسسات الحاضنة للوعظة والموعظة لذلك اعتبر أن انشاء المؤسسات ووضع التشريع هو أعظم أعماله بعد تأسيس القضية القومية ، لأن المؤسسات هي التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل
وهذا يدفعنا الى الاستنتاج أن الانحراف في التعديلات الدستورية يساوي الانحراف في العقيدة السورية القومية الاجتماعية .
وأخطر ما مر به الحزب السوري القومي الاجتماعي وما زال يمر به أن قيادته استهترت بالمؤسسات وانتهجت نهج الوعظ الذي لا يكفي .
فلم تستطع التعاطي مع المؤسسة على انها الوعاء الحامل للموعظة وعلى عاتقها تقوم مسؤولية معالجة أمراض الجيل الجديد .
نحن في زمن اشتداد الأزمات ، وفي زمن تراكم الصعاب ، وفي زمن فقدان السيادة القومية ،مما مهد الطريق لسلب إرادتنا وانكشاف ضعفنا .
في هذا الزمن نحتاج الى تحويل الوعظ الى فكرة عملية ،في المؤسسات الحزبية وفي المؤسسات العاملة على تحقيق مصالح الناس .
لم يعد الخطاب الفكري اليتيم وسيلة وحيدة لإنقاذ الأمة ، ولم يعد الموقف السياسي كافيا لإنقاذ الأمة .
تحتاج الأمة الى المؤسسات التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل .
وفي غياب هذه المؤسسات لا يمكن للأمة أن تنهض من كبوتها .
نحتاج الى إجابة واضحة على كلام الزعيم : أمراض هذا الجيل لا تشفى بالوعظ،
نجد الجواب في المؤسسات التي أنشأها سعاده، هذه المؤسسات التي يجب أن تكون المعّبر الحقيقي عن مصالح الشباب والمُلبي الحقيقي لطموحات الشباب ، والراعي الأول لمواهبهم ، والمنبر الناشر لما يجول في أفكارهم .
تقع على المؤسسات التي أنشأها سعاده مسؤوزلية إنشاء المؤسسات الإقتصادية التي تُعطي الأمان للشباب ، والمؤسسات الثقافية على أنواعها التي تثقل المواهب ، والمؤسسات الفنية التي تطلق المواهب .
أعادوا الحزب الى نظام وأفكار جمعيات ما قبل سعاده ، ونحن نريده حزب سعاده وما بعده على أُسس القواعد والمبادىء التي أطلقها .
لا يجوز لحزب الطلبة والشباب أن لا يكون فيه طلبة وشباب ، ولا يجوز لحزب الأشبال أن لا يكون فيه أشبال ، ولا يجوز للحزب الذي هو فكرة وحركة أن لا يعج بالمثقفين والشعراء والأدباء والفنانين .
لا يجوز لحزب سعاده أن لايُشفي هذا الجيل من أمراضه بغير الوعظ .
سامي سماحة
نسخ الرابط :