الإنتخابات "طايرة"... سيناريو "حتمي وخطير"

الإنتخابات

 

Telegram

 

تتعدَّد "السيناريوهات" للمُستقبل الذي يَنتظر الواقع السياسي في البلد مع إحتدام المعركة على "تخوم" الإنتخابات النيابيّة بين ساعٍ لتطييرها وبين "جامح" بإتجّاه إنجازها، على وَقع طعن يُحمّل المجلس الدستوري مسؤولية وطنيّة كبيرة في "إستنباط" الأحكام الدستوريّة وفق قوانين مُحدّدة قَد تَحمُل إجتهادات لا تتوافق بين "نيّة الطاعن" و"نيّة الرافض" للطعن، وبالتالي فإنّ الوصول إلى تطيير الإنتخابات أصبح وارداً بِنسبة كبيرة.

وإنعقد المجلس الدستوري لدرس الطعن المُقدّم من تكتل "لبنان القوي" في قانون التعديلات التي أقرَّها المجلس النيابي على القانون الإنتخابي 2018، على وقع سِجالات سياسيّة بين المؤيدين للتعديلات والرافضين لها، وعلى نيّة التكتل المُبيَّتة، وفق مُعارضيه من خلال الطعن إلى ترحيل الإنتخابات ودخول لبنان في فراغ من شأنه السماح لرئيس الجمهورية من الإستمرار بالقبض على الرئاسة الأولى.

ويَستند "التكتل" في طَعنه المُقدَّم إلى ثغرات أبرزها:

-تقصير المِهل: أنّ القانون المطعون فيه من شأن تنفيذه لجهة تقصير المهل على أنواعها في القانون الراهن لإنتخاب أعضاء مجلس النواب أن يُحمل الإدارات المختصة على الإحجام عن تصحيح القيود الشخصية والقوائم الإنتخابيّة في حال إندرجت طلبات التصحيح في الفترة المُحدَّدة بين تاريخ تجميد القوائم المسبق وتاريخ 31 آذار 2022، كما إحجامها عن وضع التدابير التطبيقية لإقتراع المواطنين غير المُقيمين لمُرشحي الإغتراب، ما يحول دون مُمارسة حَقَّي الإقتراع والترشح معًا في دائرة الإغتراب.

- مُخالفة المادة 57 من الدستور: بما أنّه يتبيّن من محضر جلسة مجلس النواب (محضر الجلسة الثالثة المنعقدة يوم الخميس الواقع فيه 28 تشرين الأول 2021 الصفحة 20)، أن 77 نائبًا قد صوَّت برد طلب إعادة النظر الرئاسية لجهة المُهل، و 61 منهم لجهة 6 نواب الإغتراب، وأن رئيس المجلس نبيه بري إعتبر أنّ الأكثرية المُطلقة تأخذ بعين الإعتبار عدد الأحياء من النواب فقط، أيّ أنّه يتمّ حسم النواب المُستقيلين والمتوفين من العدد الإجمالي (128 نائبا)، فيكون بذلك النصاب 59 نائبًا.

- في الآلية المعتمدة لتفسير الدستور: يحقُّ لمجلس النوّاب أنْ يُفسر الدستور بقانون دستوري، سيّما بعد أن حُذفت من المادة 19 من الدستور صلاحيّة تفسير الدستور المُناطة بالمجلس الدستوري عَملًا بوثيقة الوفاق الوطني، على أنْ يبقى للمجلس الدستوري صلاحية تفسيره بمعرض إعمال رقابته على دستورية القوانين.

- في حقّ المنتشرين في التمثيل النيابي الخاص: أنّ تعديل قانون الإنتخاب المَطعون فيه ألغى بالتعليق حق فئة المُنتشرين في التمثيل نوابهم الستة في الدائرة المُخصصة لهم في الإستحقاق الإنتخابي القادم، من دون أن يكون لهذا الإلغاء أيّ مُبرَّر، بل على العكس فإنّه يؤدّي إلى إنتزاع حقّ سياسي ديمقراطي أساسي حفظه القانون للمغتربين.

- في مُخالفة التعديلات المُرتبطة بالمِهل مبدأ فصل السلطات: إنّ هذا النوع من المُمارسات يكرّس تعدّ من السلطة التشريعية على الصلاحيات الدستورية للسلطة التنفيذية.

- في مدى تأثير التعديلات الجديدة على قانون الإنتخابات على صدقية العملية الانتخابية:

من شأن إفساح المجال من قبل المشترع لتقريب موعد الإنتخابات النيابية على إثر التعديلات التي لَحقت بالمهل وفقًا لما سبق بيانه، يُعرض العملية الإنتخابية بمُجملها لمخاطر العرقلة ذلك أنّ نسبة الإحجام عن مشاركة الناخبين في الإقتراع العام سوف تكون عالية بسبب العوامل الطبيعية والمناخية المثبتة علميا والتي غالبا ما تسود في آذار (أمطار وعواصف رعدية وثلوج وطرقات مقطوعة)، سيما في المناطق الجبلية والجردية، فيتعذر انتقال الناخبين إلى أقلام اقتراعهم في تلك المناطق.

- في مخالفة المادتين 64 و66 من الدستور: ان التعديل الذي يلتف على المرسوم العادي يجبه صراحة المادتي 64 و66 من الدستور، ويختزل تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير العدل، في حين أن رئيس الحكومة يشرف على هيئة التفتيش المركزي، ووزير العدل هو من يتولى الأمور العائدة إلى إدارته وبما خص به لجهة تطبيق الأنظمة والقوانين.

- في الكوتا النسائية: أنّ عدم إعطاء المرأة اللبنانية الحوافز اللازمة للمشاركة في صناعة القرار الوطني من شأنه أن يَحرم هذه الفئة من المُجتمع واقعيًا من حقوقها السياسية الأمر الذي كان يُوجب على المجلس النيابي مُناقشة الإقتراحات المُقدمة بهذا الشأن عملًا بالمبادئ الدستورية السابق بيانها.

هي ثماني نِقاط إنطلق منها "التكتل" للطعن في التعديلات قد تُقنع المجلس الدستوري وقد لا تقنعه فيرد الطعن، لكنّ المجلس الذي بدأ جلساته أمس قد يفرملها مع ضغوط على أعضائه لا سيّما على من "يَمون" عليهم رئيس مجلس النواب ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ليَفقد هذه الجلسات النصاب القانوني.

وفي السيناريو الأوّل، إذا أقرّ المجلس الطعن فإنّ ذلك سيؤدي حتماً إلى إهدار المِهل القانونية لا سيّما أنّ إضافة دائرة إنتخابية للمغتربين يُحتم تأجيلاً تقنياً لهذه الإنتخابات لوضع الشروط للترشح وتوزيع النفوس في هذه الدائرة وغيرها من الأمور اللوجستية التي قد تحتاج إلى سنة وأكثر لإنجازها ممَّا يعني تطييراً للإنتخابات في مواعيدها إنْ في آذار أو آيار.

أمَّا في حال لم يَقبل المجلس الدستوري بالطعن ووفق ما جرى تسريبه في هذا الإطار فإنّ "سيف" رئيس الجمهورية جاهز ليقطع به سُبل الوصول إلى الإستحقاق برفضه توقيع دعوة الهيئات الناخبة (هذا الحقّ الذي يمنحه إياه الدستور) ممَّا يعني أيضاً ترحيلاً للإنتخابات.

وبين السيناريو الأوّل والثاني فإنّ الوصول إلى السيناريو "الحتمي" هو التمديد لمجلس النواب، وهنا يَبرز الخطر "المحدق" حيث أعلنت أكثر من كتلة نيابيّة نيّتها الإستقالة من المجلس في حال وصلنا إلى هذا المشهد "الحتمي" ومنها كتلة "الجمهورية القوية" لحزب القوات اللبنانية و كتلة "تيار المستقبل" وأيضًا كتلة "اللقاء الديمقراطي" للحزب التقدمي الإشتراكي، مما يعني حتميّة الفراغ الدستوري.

ومع الفراغ الدستوري هذا فإنّ إستحقاق الإنتخابات الرئاسية سيُصبح أيضاً في صيغة المستحيل، فَمن سيقوم بإنتخاب الرئيس المُقبل للجمهورية؟ وهَل سيبقى العماد ميشال عون مُمسكاً بقصر بعبدا، ومَا هي المواد الدستورية التي تسمح له بالتمديد لنفسه؟ وهل ستكون قراراته قانونيّة ودستورية؟ والأهمّ هل سيّقبل المجتمع الدولي بالمشهد اللبناني السوداوي هذا؟ وفي حال قرَّر التدخل فكيف سيقوم بذلك هل تحت الفصل السابع؟ أسئلة كثيرة يَطرحها الواقع المأزوم عن المستقبل المجهول كليّاً.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram