تنتقل المعركة من ساحة الى ساحة و احياناً تعّم ساحات و تزداد حدّة . ترائى للاعداء حجم الخطر الذي يهدد كيانهم . منذ تحرير لبنان عام 2000 و اعتبار ذلك بداية لانتصاراتنا ، بدأ العدو يدرس الرد و طريقة عودة الهزيمة و الاحباط لشعبنا . اعد المخططات التي تكسّرت واحدة تلو الاخرى ينجح في بعضها نسبياً و لا يصل نتيجة مبينة .
بالنسبة الى لبنان، نجح العدو باغتيال الحريري و استثمار الجريمة دون الوصول الى نتيجة ضرب المقاومة فأعلن الحرب في تموز 2006 و خاب . العدو الصهيونية العالمية و الولايات المتحدة الاميركية و توابعها من الحلف الاطلسي و ادنابها من بعض الدول العربية و الاسلامية.
كلهم اجتمعوا في حرب تموز بطريقة او باخرى و حصدوا الفشل .
عادوا "بالربيع" العربي و الثورات الملوّنة تحت شعارات الديموقراطية و الحريّة و المساواة و حقوق الانسان عموماً و المرأة خصوصاً و نشروا الفوضى و الخراب و دمرّوا الانسان و طوعوا الحريّات لكنهم سقطوا عند اسوار دمشق، و لم يستطيعوا التغيير الّا في من كان بالاصل محسوباً عليهم .
بالنسبة الى الشام : هجموا عليها بسلاحهم و اموالهم و اعلامهم و أئمّة المساجد (الخاضعين لهم) و تحت راية الاسلام و اليسار الجديد و الحريّات و بقيّة المعزوفة . عاثوا فيها تدميراً و تخريباً و بثّوا كل احقادهم و سمومهم و لم يتركوا دنائة الّا و استعملوها و ما زالوا . كانوا وحوشاً اين منهم هولاكو و تيمولنك ،لكن العلم السوري ما زال يرفرف على قلعة حلب و سور دمشق رغم الالم و الحزن .
حاولوا القضاء على المقاومة في غزة لكن اسوارا من الدماء و البطولة ردّتهم و ارتّد عليهم صوت الجهاد من داخل فلسطين فارتعبوا و زادوا غضباً هستيرياً .
في العراق، واجهة الحضارة في زمن التوحّش ايقونة التاريخ، حاولوا جعلها صحراء و حطاماً و ما زالوا .
المعركة اليوم على كل الساحات و بوسائل عدّة . معركة في فلسطين لتهجير شعبنا المتبقّي و كسر ارادة المقاومة و عنفوان الاسرى . معركة في العراق لمن تكون الادارة . ممنوع عليه التقرّب من الشام و لا من ايران . المعركة في الشام حصار و غارات و سرقة نفط و .. و دعم ما تبقّى من ارهاب و نباح تركي و عويل كردي و ...
لبنان بيت القصيد .
تخوض الولايات المتحدة في لبنان معارك قديمة جديدة واحدة في القضاء على غرار 2005 و الثانية عبر ميليشيات تابعة د نسخة عن 1975 و ما كانت تستطيع ذلك لو ان الشعب في لبنان غير منقسم و مجزا على طوائف و خيارات اقل ما يقال ان بعضها لا يراعي مصلحة الوطن و الدولة .
يحوي لبنان فئات (احزاب طائفية) تقبل الاستسلام "لاسرائيل" و ليس التطبيع معها فقط و تتنازل عن الكثير من الحقوق و المصالح لصالح العدو و ترفض اي عمل يجابه
" اسرائيل" خصوصاً العمل العسكري . في السبعينات كان المطلوب القضاء على المقاومة الفلسطينية في لبنان و قد نفذت الاحزاب الانعزالية الطلب الاسرائيلي ( رغم الاخطاء الكثيرة للمقاومة الفلسطينية) تمهيداً لاجتياح لبنان و اقتلاع المقاومة الفلسطينية . اليوم تحاول هذه الفئات لعب الدور نفسه بجرّ المقاومة في لبنان الى اتون الحرب الداخلية على امل ان تتمكن "اسرائيل" و خلفها الولايات المتحدة الاميركية بالقضاء عليها مستقبلاً .
على المقلب الآخر خاض فريق 14 اذار معركة المحكمة الدولية بحجّة عدم الثقة بالقضاء المحلّي و فاز بذلك و قامت المحكمة الدولية بالدور المطلوب منها اذ ابعدت اي فرضية باتهام العدو او اي من ادواته و اقرّت ان سوريا هي الفاعلة. سبق ذلك قرار لمجلس الامن ادّى الى انسحاب الجيش السوري من لبنان ثم عادت المحكمة لتلصق التهمة بحزب الله . تخاض المعركة اليوم بالقضاء المحلّي للوصول الى نفس الغاية عبر التحقيق بانفجار المرفأ، الذي يترافق مع انهيار كبير للاقتصاد اللبناني و لمؤسسات الدولة و مع الاقتراب من العتمة الشاملة و اختفاء المحروقات اي وضع صعب جداً على اي مواطن في ظل تطبيل اعلامي ضخم يحمّل مسؤولية التدهور لحزب الله و سلاحه .
بناء على كل ما تقدّم لا بد من ايضاح النقاط التالية :
- لا يوجد في العالم لا سابقاً و لا حالياً قضاء دولي . و ان اي قضاء يحمل هذه الصفة ليس الا محاكمة المهزوم من قبل المنتصر كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية او بعد ازمة يوغوسلافيا. وتفكيكها هو ايضا محاكمة الضعيف او المستضعف من قبل القوي ليس الّا .
- ان اي قضاء في اي دولة حتى لو كان نزيهاً تجاه الافراد فليس بالضرورة ان يكون نزيهاً تجاه السياسيين لانه بهذه الحالة ايضاً يحاكم الضعفاء او المهزومين ممثلّاً ارادة النافذين .
تمسك فريق 8 اذار بالسابق بالقضاء المحلّي عام 2005 خشية من التداعيات الكبيرة و كان ظنه في محلّه بينما فريق 14 اذار رفض القضاء المحلّي الذي يقبل به حالياً لغايات سياسية .
- ان المعركة بالقضاء او بالسلطة داخل لبنان لن تؤدي الّا لتفكك الدولة القائمة على التوافق و المشاركة و كما ذكرت عدة مرّات ان اي فريق كبير قادر على تعطيل الدولة حين تنتهي رغبة النوافق و الشراكة .
- ان الحرب الاهليّة لن تتكرر و لبنان اختلف كثيراً عن عشيّة نيسان 1975 . القوات اللبنانية قد تكون جاهزة لتنفيذ رغبات مموليها و مالها السياسي قد يكون اهم من لبنان يضاف انها تفضل التقسيم او الفدرالية بديلا للبنان الحالي.، لكنها لا ترى انقلاب الموازين ( كل الموازين) عكس صالحها . اما مشغلّيها فلا يهمهم القدرات و لا مصير القوّات و لا مصير المسيحيين فهم بالنظر الى استهدافهم لا بأس من وقوع مئات الاف الضحايا كما لا يهمهم لو تهجّر كل مسيحيي لبنان او الشرق، بل هم يبتغون ذلك .
- لم يكن المقصود تحديدا فتنة شيعية مسيحية انما بالأحرى سعت واشنطن لفتنة شيعية سنية بعظ مقتل الحريري و الحرب السورية و الوضع العراقي. لكنها اذا لم تتم على هذا الشكل فلتكن على اي شكل . كانت القوات اللبنانية اكثر المتجاوبين للفتنة و رأس الحربة بالمشروع و هي تخاطر بالبلد عموماً و المسيحيين خصوصاً. المفترض ان يتعلّم الانسان من التجربة . ان من انقذ لبنان و الصيغة اللبنانية و الامتيازات المسيحية في لبنان عام 1976 هو الجمهورية العربية السورية و الرئيس حافظ الاسد الذي وعى المؤامرة المحاكة ضدهم و بعد ان تخلّت اميركا عنهم و ابلغت رئيس الجمهورية سليمان فرنجية استعدادها لنقلهم . و كان رد القوّات من خلال بشيرهم الحرب على سورية . على المسيحيين ان يدركوا ان التهجير طالهم بالعراق و بالشام و ان من يدافع عنهم و من يحاول حماية وجودهم هم الذين يعتبرون اعداء من قبلهم .
- ان جيش العدو أمّن للقوات التواجد في الجبل لكن تركهم لمصيرهم ببحمدون و دير القمر ثم شرق صيدا، و كان نصيب المسيحيين من اهل الجبل التهجير .
- ان أميركا لن تربح لا المعركة عبر القضاء و لا عبر الفتنة و ان مسيرة التقدم نحو نهاية دولة العدو مستمرّة. قلتكن الحكمة هي الاساس في اختيار الدورعند كل الفرقاء و كفى لبنان نزفاً .
عميد الاذاعة
الامين مأمون ملاعب
نسخ الرابط :