لطالما تناقلت وسائل الإعلام أخباراً عن التواصل بين سياسيين لبنانيين وشخصيات غير لبنانية. وقد كشفت وثائق «ويكيليكس» الكثير مما يندرج في باب الفضائح، لكنها لم تؤدّ يوماً الى محاسبة على غرار ما يجري في بلدان العالم. غير أن وثائق «السعودية ــــ ليكس» بزّت كل ما سبق من محاضر اجتماعات في مقرات وزارية أو دبلوماسية، بعدما أظهرت سياسيين ودبلوماسيين يعملون مخبرين وكتبة تقارير لدى ضباط أمن سعوديين، كما هي حال النائب وائل أبو فاعور في تواصله مع رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان، وكشفه له مضمون محادثات مع رئيسَي الحكومة السابقين تمام سلام وسعد الحريري، وما يدور في جلسات مجلس الوزراء. واللافت أكثر أن أبو فاعور في خدمة تواصله مع السعوديين، استخدم سفيراً لبنانياً في دولة عربية للتجسس عليها لمصلحة دولة عربية أخرى. هكذا كان سفير لبنان في اليمن هادي جابر (محسوب على النائب السابق وليد جنبلاط) الذي ترك صنعاء ويعمل من بيروت، يكتب تقارير عن أوضاع اليمن في ظل العدوان السعودي – الأميركي على هذا البلد، ويرفعها الى «الرفيق» أبو فاعور الذي كان، بدوره، يرفعها إلى الحميدان مذيّلة بـ«تحيات وليد بيك»، وفق ما تظهره الوثائق التالية الخاصة بالمخابرات السعودية.
تقرير سفير جنبلاط!
من: وائل فاعور 15/02/2017
الى: خالد الحميدان
موضوع: حل سياسي يتهاوى وتصعيد عسكري جديد
تقرير من السفير اللبناني في اليمن هادي جابر
مساء الخير الرفيق وائل،
تجدون أدناه تقريراً حول آخر المستجدات على الساحة اليمنية.
تراجعت بشكل ملحوظ إمكانية إيجاد مخرج سلمي للأزمة اليمنية، في ظل التطورات الميدانية التي حدثت مؤخراً وجعلت سيناريو الحسم العسكري أقرب للتحقّق من أي وقت مضى، مع التقدّم الكبير المسجّل من قبل القوات الموالية للشرعية والمدعومة من التحالف العربي باتجاه انتزاع الشريط الساحلي الغربي (الممتد من باب المندب بمحافظة تعز بجنوب غرب اليمن إلى ميدي بالشمال الغربي قرب الحدود مع السعودية) ذي الأهمية الاستراتيجية القصوى من أيدي فريق الحوثي – صالح.
فقد سيطرت قوات الشرعية المدعومة من قوات التحالف العربي على مدينة ومرفأ المخا الاستراتيجيين، وهي تتقدم شمالاً باتجاه منطقة الخوخة ومنها الى الحديدة التي ستؤدي السيطرة عليها الى حرمان فريق الحوثي – صالح من إيرادات الميناء، وربما تعجّل في الوصول الى حل سياسي للأزمة المشتعلة منذ حوالي السنتين، في حال اقتنع هذا الفريق بعدم جدوى الاستمرار في الحرب ومحاولة تحقيق مكسب سياسي عبر الحوار. وفي تطور لافت، تم استهداف فرقاطة سعودية مقابل ميناء الحديدة حيث أصيبت إصابة مباشرة لم تمنعها من العودة الى بلادها خلال أسبوع. وقد قال الناطق باسم قوات التحالف العربي اللواء أحمد عسيري «ان ميناء الحديدة يشكل في الوقت الراهن تهديداً حقيقياً للملاحة البحرية، وأصبح منطلقاً للعمليات الإرهابية»، مضيفاً ان «الارهاب لم يعد حكراً على تنظيم القاعدة، بل إن الحوثيين أيضاً يمارسون العمليات الارهابية في مناطق سيطرتهم باليمن».
ثمة توقع بأن يؤدي ذلك الى تحويل السفن في آخر المطاف الى ميناء عدن، اذ تحدثت تقارير صحفية ان احدى الشركات الدولية العاملة بالنقل الدولي حوّلت خطوطها من ميناء الحديدة الى ميناء عدن.
بموازاة الانتصارات التي تحققها القوات الحكومية، دعا زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي انصاره لـ«التعبئة العامة وعدم التخاذل والوهن»، حيث كرر مصطلحات «الجهاد» وان ما يقومون به هو تلبية لـ«توجيهات إلهية».
وفي مؤشر إضافي على انسداد افق الحل السياسي، ظهر الفتور على تحركات المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد حيث تراجع حراكه الدبلوماسي في البحث عن حل سياسي شامل يضمن مخرجاً سلمياً للازمة الى مجرد البحث عن هدنة جديدة لا يتوقع في حال التوصل الى اقرارها – وهو أمر مستبعد – ان تكون أقدر على الصمود من سبع «هدنات» سابقة. اذ ان ولد الشيخ يعمل على عقد ورشة عمل لتثبيت الهدنة ستعقد في عمان لمدة 5 ايام، مشيراً الى موافقة الحكومة اليمنية على إرسال ممثليها للمشاركة في هذه الدورة ورفض فريق الحوثي – صالح حضور ممثليهم.
ويبدو ولد الشيخ كمن يودع المشهد اليمني بشيء كبير من خيبة الأمل بعد عامين من المحاولات غير الموفقة لايجاد انفراجة ولو جزئية في الازمة اليمنية. فهو كان يعوّل على الضغوط الأمريكية المستمرة (بهدف منع خسارة كبيرة للحوثيين تحت ذريعة ضرورة حمايتهم كأقلية)، التي تلاشت بمغادرة وزير الخارجية الاميركي جون كيري منصبه، وانشغال بقية الاطراف الدولية بالترتيب لما بعد وصول ترامب للبيت الأبيض.
وأثار المبعوث الأممي غضب الحكومة الشرعية حين التقى في صنعاء هشام شرف وزير الخارجية في الحكومة غير المعترف بها أممياً ودولياً، رغم تأكيد ولد الشيخ انه التقى شرف بوصفه أحد قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام.
ومن جهة فريق الحوثي – صالح، أرسل صالح الصماد رئيس «المجلس السياسي الاعلى» كتاباً الى الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، دعاه فيه الى انهاء مهمة ولد الشيخ معتبراً ان ادارته للمفاوضات اتسمت «بميله وتعاطفه مع قوى العدوان»، و«الرضوخ المستمر للضغوط السعودية، ما أخلّ بمهمته وطبيعتها». وأضاف «أن قدرات ولد الشيخ الذاتية وكفاءته المهنية ضعيفة»، واتهمه بـ«الفشل في ادارة النقاشات والمفاوضات، وعدم الاستفادة من الفرص وإرباك العملية التفاوضية على مدار عامين». واعتبر أن ولد الشيخ «لم يعمل بمسؤولية على فتح مطار صنعاء امام المرضى والجرحى ومن يتطلب علاجهم خارج اليمن».
بالاضافة الى الوضع السياسي والعسكري، يشكل الجانب الاقتصادي عامل ضغط كبيراً على فريق الحوثي – صالح إثر نقل البنك المركزي الى عدن ونفاد احتياطات هذا البنك خلال سيطرتهم على ادارته. فموظفو الدولة المدنيون والعسكريون القاطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة هذا الفريق لم يستلموا رواتبهم منذ حوالي الخمسة أشهر. كما انخفض سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الاميركي بنسبة 60% منذ بداية الحرب، الامر الذي ادى الى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في بلد اصبح سواده الاعظم تحت خط الفقر. وفي خطوة تضيّق الخناق عليهم، أصدر رئيس الجمهورية بتاريخ 28 من الشهر الفائت قراراً قضى بنقل مقر اجتماعات مجلس النواب اليمني الى العاصمة المؤقتة عدن.
لا شك ان مستقبل التسوية السياسية في اليمن غير واضح الملامح، وما زالت مختلف الاطراف متمسكة بمواقفها السابقة، ولم تنجح الجهود الدولية والاقليمية في حلحلة مواقف الأطراف أو حتى العمل على تقارب وجهات نظرها.
إلا ان رحيل باراك أوباما عن البيت الأبيض ووصول دونالد ترامب غيّر قواعد اللعبة السياسية في مناطق كثيرة من العالم، بما في ذلك اليمن، اذ لم يكن أوباما، الذي وضع نصب عينيه حماية الاتفاق في شأن الملف النووي الايراني، في وارد الاقدام على اي خطوة يمكن ان تزعج ايران. كان الملف النووي يختصر بالنسبة اليه كل مشاكل الشرق الاوسط وأزماته.
فقد ظهرت اشارات عدة توحي بان إدارة ترامب تدرك ما هو على المحك في اليمن ومعنى الانتشار الايراني في ذلك البلد، المهمّ استراتيجياً، وصولاً الى محاولة السيطرة على باب المندب. وهو ممرّ مائي دولي يؤدي الى قناة السويس. ولن يكون همها الوحيد محاربة تنظيم القاعدة الذي تعرض احد مواقعه الاسبوع الماضي في محافظة البيضاء وسط اليمن لعملية كوماندوس أمريكية.
ومؤخراً، حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايكل فلين (قبل استقالته على خلفية اتصالاته بمسؤولين روس) إيران رسمياً بسبب عدد من الأحداث التي وقعت مؤخراً، من بينها هجوم الحوثيين على الفرقاطة السعودية. وأشار الى «ان احدث انتهاكات ايران للقوانين الدولية هو تدريب عناصر حوثية وتسليحها لضرب سفن إماراتية وسعودية، وتهديد الولايات المتحدة والسفن الحليفة التي تمر عبر البحر الأحمر»، لافتاً الى ان ادارة أوباما فشلت في التعامل مع تلك التهديدات الإيرانية.
في سياق الجو الجديد الإيجابي بين الرياض وواشنطن، أكد اللواء أحمد عسيري «أن جميع الخيارات مفتوحة في التعامل مع التجاوزات الإيرانية»، مشدداً على «أن إيران يجب عليها ان تلزم حدودها وتكفّ عن التدخل في الدول العربية»، مضيفاً ان «المجتمع الدولي يحتاج في الوقت الحالي إلى إقرار استراتيجيات جديدة ومختلفة للتعامل مع سلوكيات إيران في المنطقة». وأشار الى «أن السعودية مستعدة لمناقشة أي خطوات من شأنها إعادة إيران إلى حدودها»، مشيراً إلى انه يأمل ان «تتخذ الدول الاخرى الموقف نفسه تجاه الانتهاكات الإيرانية الخطيرة».
■ ■ ■
السنيورة للحريري: لا تمشِ بعون!
من: وائل فاعور
إلى : خالد الحميدان رئيس الإستخبارات السعودية
27/09/2016
معالي الأخ
عقد بالأمس لقاء سعد مع فرنجية وكان اللقاء ودياً ويمكن إختصاره على الشكل التالي:
- لم يبلغ سعد فرنجية سحب مبادرته، لكنه أوضح ان مبادرة ترشيحه للرئاسة وصلت الى حائط مسدود وبات الجميع يحمّله أي سعد مسؤولية استمرار الشغور، وبالتالي هو يريد فتح ثغرة.
- أبلغ سعد فرنجية ان هناك نقاش حول تبني ترشيح عون والأمر مطروح على الطاولة، لكن لا قرار نهائي بذلك بل هو ينتظر المشاورات التي يجريها مع الجميع.
- شرح سعد بشكل مسهب عن ضائقته المادية وظروفه الصعبة.
- أكد سعد على استمرار العلاقة الطيبة مع فرنجية أياً كانت نتائج استحقاق الرئاسة.
من جهة اخرى عقد لقاء بين سعد والسنيورة حاول فيه الأخير نصح سعد بعدم إرتكاب خطأ السير بعون لما له من مخاطر عليه وعلى البلد، وسعى إلى طمأنته انه غير راغب برئاسة الحكومة وحتى مستعد للتخلي عن اي منصب آخر، وانه سيبقى على وفائه لرفيق الحريري وله، وجلّ ما يقوم به هو محاولة حمايته من أي قرار خاطئ. وانتهت الجلسة على تباين في الرأي وسيعقد اليوم اجتماع لكتلة المستقبل حيث سيحاول سعد تأنيب النواب على تصريحاتهم التي لا تتماشى مع سياسته.
التقيت السنيورة وسلام صباح اليوم واتفقنا على ردع سعد حماية له واحتضانه، وهذا ما يراه وليد بيك وسنلتقي سعد مساءً.
مع تحياتي
■ ■ ■
نصيحة لسلام
بعدم الاستقالة
من: وائل فاعور
إلى: خالد الحميدان
26/07/2015
مساء الخير أخي الكريم، أمل ان تكونوا بخير وصحة جيدة
لدينا الثلاثاء اي بعد يومين جلسة لمجلس الوزراء للبت في آلية العمل الحكومي في ظل التعطيل الممنهج لعمل مجلس الوزراء من قبل عون وحلفائه والذي تمادى الى درجة منع البت بأي بند او موضوع قبل تعيين شامل روكز قائداً جديداً للجيش.
طبعاً الأمر مسيء جداً وفيه طعن بالآليات الدستورية وبإتفاق الطائف وبصلاحيات رئيس الحكومة، والرئيس سلام يتجه للاستقالة نهار الثلاثاء. وهذا أمر رغم مبرراته النظرية خطير جداً لأن الاستقالة اذا ما حصلت ستكون تعميقاً للازمة الدستورية وخطوة إضافية في مسار تدمير المؤسسات وبالتالي دخولاً من الباب العريض في نقاش النظام السياسي وضرورة تعديله، وستفرض فكرة المجلس التأسيسي التي يعمل لها حزب الله نفسها بقوة، وهذا مسار لا يمكن التكهن بمآلاته ومخاطره. وانا قد أنهيت للتو جلسة طويلة مع الرئيس سلام ناصحاً بعدم الاستقالة بل باحتمال الأزمة السياسية والتعامل معها بصبر بدل تحويلها الى أزمة دستورية، والرجل تفهّم الموقف واقتنع بالرأي لكنه محرج ولا يقبل هذا المنطق الاستبدادي، ووعد بإعادة النظر بتوجهه.
وضعت أخينا أبا فيصل (السفير) بالأجواء وهو يبذل جهوداً مشكورة، لكن وليد بيك يأمل أيضاً ان يكون هناك تدخل أو توجيه للمعنيين بضرورة التروي وتدارك الأمور وعدم استسهال الخيارات الجذرية اذا كُنتُم ترون ذلك مناسباً.
مع محبتي وتقديري وتحيات وليد بيك.
نسخ الرابط :