غياب جعجع عن استقبال البابا: بروتوكول… أم نتيجة تاريخ طويل من الغدر السياسي؟

غياب جعجع عن استقبال البابا: بروتوكول… أم نتيجة تاريخ طويل من الغدر السياسي؟

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم 

لم يمرّ غياب سمير جعجع عن مراسم استقبال البابا في بعبدا مرور الكرام. فالمسألة، مهما غُلّفت بحجج “البروتوكول”، تبقى محمولة على سياق سياسي طويل، تتكرّر فيه ملامح السلوك نفسه: إقصاءٌ هنا، طعنٌ هناك، ونسجُ خصومات لا تهدأ. لذلك، بالنسبة لكثير من المتابعين، لم يكن الاستبعاد مستغرباً — بل كان انعكاساً لتاريخ حافل بالانقلابات داخل البيت المسيحي نفسه.

 

من إلياس حبيقة… حيث بدأت أولى الطعنات

 

في منتصف الثمانينيات، كان المشهد داخل “القوات اللبنانية” يغلي بالتصفيات الداخلية.

إلياس حبيقة، الذي حمل مشروع “الاتفاق الثلاثي”، وجد نفسه مطعوناً من أقرب الضباط إليه، وفي مقدّمهم سمير جعجع الذي قاد انقلاباً داخل القوات أطاح حبيقة وأخرج جناحه من المعادلة.

كان ذلك أوّل ظهور سياسي واضح لـ”نهج جعجع”:

إطاحة الحلفاء حين تقتضي المصلحة، ولو على حساب وحدة الصف المسيحي.

 

1989: الطعنة الثانية… في ظهر ميشال عون

 

ومع وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الحكومة العسكرية، كان يفترض أن تتقاطع مصالحه مع “القوات” في مواجهة الاحتلال السوري.

لكن ما حصل كان العكس تماماً:

جعجع انقلب على عون في لحظة مفصلية من “حرب التحرير”، وخاض ضده “حرب الإلغاء”، التي يعتبرها كثيرون أخطر معركة داخلية خاضها المسيحيون ضد بعضهم، لأنها ساوت بين العدو والخصم، وأضعفت الجبهة المسيحية إلى درجة الانهيار.

 

التفاهم مع دمشق… في ذروة صراعها مع عون

 

بعد الطعن والانقلاب، جاء العقد الأخير من الحرب ليشهد الفصول الأوضح:

انفتاح جعجع على دمشق، وتقاطعه معها لإسقاط عون نهائياً من المعادلة.

ومع بدء الاجتياح السوري لقصر بعبدا في 13 تشرين 1990، قيل الكثير عن الدور الذي لعبه هذا التقاطع في إنهاء وجود عون العسكري والسياسي.

هكذا رُسمت خطوط علاقة جعجع بالسلطة السورية يومها:

لا مانع من التحالف مع الخصم الأكبر إذا كان الهدف إقصاء منافس مسيحي.

 

سجلّ طويل يفسّر استبعاده اليوم

 

مَن ينظر إلى غياب جعجع عن استقبال البابا يقرأه في ضوء هذا التاريخ:

 

زعيم لم يتردّد في إقصاء حلفائه داخل القوات نفسها.

 

قائد قاتل رئيس حكومة مسيحيّة في “حرب الإلغاء”.

 

طرف تقاطع مع السوريين لإسقاط عون.

 

سياسي انقلب على الحريري حين احتاجه الأخير.

 

وصولاً إلى لحظته الراهنة: علاقة فاترة مع الرئيس جوزاف عون، ترافقت — بحسب مصادر أميركية ولبنانية — مع تحريض هادئ في واشنطن لمنع صعود الرجل، عبر ما تصفه المصادر بـ“شياطين المستشارين” الذين يجيدون بثّ السمّ خلف الكواليس.

 

ومع هذا السجلّ، يصبح سقوط اسم جعجع من لائحة المدعوين حدثاً “منطقياً” في عقل الدولة:

كيف تُمنح الرمزية لمن بنى مسيرته على كسر توازنات المسيحيين لا على جمعهم؟

 الرسالة أبعد من بروتوكول

 

إذا كان القصر قد برّر الأمر بـ“الدعوة محصورة بالنواب والوزراء”، فإن الشارع السياسي قرأ ما هو أبعد:

 

إعادة رسم المشهد المسيحي من دون جعجع.

 

نزع الهالة التي كان يتعامل بها مع المناسبات ذات الطابع الديني – الدولي.

 

تذكيره بأن نفوذه ليس قدراً، بل مجرد موقع يمكن تجاوزه بسهولة.

 غياب كشف المسكوت عنه

 

غياب جعجع عن استقبال البابا لم يكن حادثاً بروتوكولياً.

كان لحظة كشفٍ لتراكمات ثلاثين عاماً من الطعنات والتحالفات المتقلّبة، من حبيقة إلى عون إلى الحريري، وصولاً إلى واشنطن.

وإذا كانت الرئاسة قد وجّهت رسالة، فهي واضحة:

زمن منح الرمزية لمن اعتاد إسقاط الآخرين قد انتهى.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram