التأسيس… بين نزعة الفرد ومنصة الانتخابات

التأسيس… بين نزعة الفرد ومنصة الانتخابات

 

Telegram

 

لم يمرّ عيد التأسيس في الكورة كما اعتادته الكورة الخضراء، تلك الواحة المثقفة المتمسّكة بقضيتها القومية. تبدّل المشهد، وانزلقت المناسبة من مقامها القومي الرفيع إلى منصّة انتخابية باهتة، ففقد العيد شيئًا من قدسيّته، وبهت رونقه الذي كان يليق بتكريم الأسير المحرّر والمناضل جورج عبدالله.

 

إدارة الروشة، التي عُرفت يومًا بإتقانها فنّ الاحتفالات، لم تُصب هذه المرة. بدت كأنها أسرتها «لوثة الانتخابات» التي حذّر منها سعاده، فهدرَت بريق الجهد القومي في حضرة احتفال كان يفترض أن يكون أسمى من كل حسابٍ آنيّ.

 

أما كلمة المرشّح الحزبي الأمين حسان صقر، فلم تُفتتح بتحيا سورية كما يليق بيوم التأسيس. واستغرقت في أسلوب المفاضلة والممازحة وتعداد إمكانات الماكينة الانتخابية، فبدت الكلمات كأنها تنشد جمهور صندوق الاقتراع لا جمهور العقيدة، رغم تجاوب بعض الحاضرين معها بدافع اللحظة.

 

عيد التأسيس ليس منبرًا للذات الفردية، بل هو لحظة صفاءٍ تُشحَذ فيها إرادة القوميين، وتُستعاد فيها حرارة العقيدة، ويُقرأ من خلالها طريق الوصول إلى غاية الحزب ودوره التغييري في المجتمع. هو محطة مراجعة، لا منصة تجيير، ومناسبة تُعلى فيها الراية فوق كل مقعدٍ نيابي ورغبةٍ شخصية.

 

لم تكن الإطلالة الانتخابية موفّقة أبدًا في حضرة هذا اليوم العظيم، يوم التأسيس، فيما الأمة ترزح تحت الاحتلال والدماء، والمقاومة تواجه أشرس الاعتداءات، والكيان الحزبي يعاني من الانشقاق والتشرذم. كذلك لم تحمل الكلمة المركزية روح النهضة، بل بدت متكلّفة، خالية من أي طرح وحدوي أو قراءة واقعية لدور الحزب في ساحته القومية.

 

وحده المناضل جورج عبدالله أعاد للعيد بوصلته. بكلمته الارتجالية الواثقة، المغموسة بصدق الانتماء ووضوح الرؤية، أعاد للمناسبة معناها القومي. تحدّث بجرأة المقاوم، وبواقعية الملتزم، وبصوتٍ صادق دعا إلى وحدة القوميين واستعادة دورهم الريادي في مقاومة الرجعية والفساد والعمالة. كان حضوره هو الشعلة التي أنارت الاحتفال، وهو المعيار الذي كشف كل ما عداه.

 

لعلّ هذا الإخفاق يكون عبرة تُعيد البوصلة إلى المسار الصحيح. فالتأسيس أكبر من المقاعد النيابية ومن طلابها، وأسمى من الحسابات الفردية. إنه لحظة ترفع القومي فوق ذاته، لا لحظة يرفع ذاته فوق القضية. هو محطة نهضوية تُصوَّب فيها المسيرة نحو الغاية، لا مناسبة تُختزل في طموح آنيّ عابر.

 

تحية للمناضل جورج عبدالله… لكلمته التي أنصفت عيد التأسيس، ولندائه الذي أعاد الاعتبار للوحدة، ولصلابته التي تبقى درسًا في الالتزام القومي والنضالي.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram