محمد عفيف… الاعلامي الذي قاد المقاومة!
مَن عرف محمد عفيف، يعرف أنه لم يكن شخصاً عادياً.
كَمَنَتْ استثنائيته في أربعة: التواصل المحبّب الذي لا ينقطع، والشجاعة التي تخوض غمار الصعوبات بحضور لافت، والدمج بين السياسة والاعلام في ذكاء فاقع، والتصاقه بالسيد حسن نصرالله وكبار القادة المقاومين لفترة طويلة.
كان تواصلنا الشخصي معه قبل أيام فقط من استشهاده، واتصالنا الأخير عبر الهاتف قبل يومين من أحد التفجير.
كان عارفاً أنه مستهدف منذ مؤتمره الصحافي الشهير، ومع ذلك رفض أن يأخذ احتياطات تسهم في شيء من حماية.
كما اليوم الأول كان في يومه الاخير، بلا مواكبة أو إجراءات أو إيحاءات بأنه خائف أو بأنه هدف.
مارس نشاطه حتى “اللحظة الصفر”، لا بل زاد من نشاطه منذ اغتيال قادة “الرضوان” وسماحة السيدين: مؤتمرات صحافية، نشاطات لإعلاء الصوت، لقاءات مع الدائرة الضيقة من الاعلاميين الذين يثق بهم، تزويد بالمعلومات، وعدم انقطاع عن الهاتف لمن يريد كلمة أو جملة ليبني عليها، حتى أمكننا القول إنه قاد المقاومة في أكثر الفترات صعوبة وخطورة، لئلا يترك شعبها في حيرة أو وحدة.
تحوّل محمد عفيف من قائد إعلامي إلى قائد مكتمل المواصفات لحوالى ثلث الشعب اللبناني، حتى صار الهدف الأول للعدو الاسرائيلي، واستشهد وهو يعقد اجتماعاً لمكتبه الذي عرفنا كل فرد فيه وصرنا أصدقاء، ووحدها رنا الساحلي كانت ناجية، بقدرة إلهية.
وبعد عام، نفتقد لشخصية محمد عفيف المقدامة بهدوء، والمتحدثة بارتفاع وتوازن، والمنفتحة باعتدال، والديمقراطية التي تحترم خصوصية كل إعلامي، والمثقفة التي تعرف كيف وأين تتصرف بهذه الثقافة بلا تعالي.
أعطى الحاج محمد فرصاً لجميع من وثق بصدقهم وقدراتهم، مسلمين ومسيحيين، ومدّ خيوطاً مع كل من كان مستعداً ان يمدّ ولو نصف يد.
كان الحاج شيئاً من ذواتنا على تنوعها، وكان كوب الشاي معه مُحَلّياً بسكّر خفّة حضوره، والفطور بسيطاً لبنانياً كما هو، والغداء بلا كلفة، والأحاديث غنية.
كان يستمع جيداً، ويقف بجانب من يحتاج أن يضع بجعبته همّاً، لدرجة أنه كان أول من يعرف بعض قصصنا، ويتصرف.
نطلب فيلبّي. نسأل فيجيب.
وضعتُ بين يديه مرة ملفاً فتابعه حتى خواتيمه ووصلني مع المعنيين وزوّدني بكل المعطيات والحاجة رنا شاهدة. فيما تأخر آخرون حتى عن الموعد والاستماع.
كانت أبواب الحاج محمد مفتوحة دائماً كما قلبه الذي فجّره الحقد والخوف الاسرائيلي مِن كل مَن يقول كلمة حق.
والحق يقال أننا لم نُشفَ بعد من هذا الموت ومن هذا الفقدان.
نحن في سيرته في كل جلسة وكل اجتماع وفي كل وحدة.
لقب الشهيد كان أرفع الألقاب التي نالها، والتحق بمسيرة شهداء كتبوا ويكتبون كل يوم تجذراً وعنفواناً ووطنية وكرامة وجرأة وإباء.
فإلى روحه القدسية وإلى أرواح أحبائه الصبر على وجعهم.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي