مشهد درزي على مفترق التحوّلات: عاليه - الشوف بين إرث الزعامات وصعود الوجوه الجديدة

 مشهد درزي على مفترق التحوّلات: عاليه - الشوف بين إرث الزعامات وصعود الوجوه الجديدة

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم

تمرّ معظم القوى السياسية في جبل لبنان الجنوبي بمرحلة ضبابية غير مسبوقة، حيث تتكاثر الأحاديث عن تبدّلات كبرى في خارطة التحالفات الانتخابية المقبلة، سواء على الصعيد المسيحي أو الدرزي أو حتى السني. فالمشهد في الشوف وعاليه وكسروان وزحلة يبدو وكأنه على أبواب إعادة رسم كاملة للتوازنات التي حكمت اللعبة منذ عقود.
وسنعرض في مقال مستقل لاحقًا تفاصيل هذه التحالفات المتشابكة وتعقيداتها الدقيقة، أما في هذا التقرير فنسلط الضوء على أحد أبرز مفاصلها الساخنة: الانتخابات في دائرة عاليه – الشوف وما تحمله من إشارات وتحولات في داخل البيت الدرزي تحديدًا.

تمرّ الساحة الدرزية في دائرة عاليه - الشوف بمرحلة انتقالية غير مسبوقة، تُعيد رسم خريطة التحالفات التي ظلت راسخة لعقود. فتحت سطح الهدوء الظاهري، تشهد الدائرة تحركات متسارعة تعكس صراعًا خفيًا بين إرث العائلات التقليدية وطموحات جيل جديد يبحث عن مكانه تحت سقف الطائفة.

التجديد في الحزب التقدمي: رحيل وجوه وبروز أخرى


في قلب هذه التحوّلات، يبرز الحزب التقدمي الاشتراكي كمسرح لأهم التبدلات. فبعد إزاحة النائب مروان حمادة، تتجه الأنظار نحو اسم المستشار حسام حرب، مستشار تيمور جنبلاط، كمرشح محتمل خلفاً لحمادة. فيما تتركز المعركة الداخلية في دائرة عاليه، حيث يدفع تيمور جنبلاط بترشيح يوسف دعيبس، وكيل داخلية الحزب، لخلافة النائب أكرم شهيب.

هذه التحركات تُقرأ - بحسب مصادر مطلعة - كمؤشر على رغبة تيمور جنبلاط في إعادة هيكلة القيادات الميدانية وتطعيمها بدماء جديدة. يلاقي خيار جنبلاط، بروز مطالبة القاعدة الحزبية بقوة لترشيح دعيبس، الذي يحظى بشبكة علاقات واسعة ترجمت بنجاحه في ادارة ملف البلديات وتقدمه على خيار شهيب في تسمية مرشحيها ولا سيما تثبيت خيار ترشيح رئيس بلدية عاليه وجدي مراد لولاية جديدة رغم تسمية شهيب لمرشح اخر مقرب منه اكثر من مراد.

البيت الأرسلاني: من وحدة الموقف إلى انفراط التحالف


على الضفة الأخرى، تشكلت معادلة جديدة بعد أحداث السويداء، حيث شكل موقف الأمير طلال أرسلان الوطني خطوة لافتة في توحيد الصف الداخلي والتنسيق مع وليد جنبلاط لدرء مخاطر الفتنة. وقد كلّف الوزير السابق صالح الغريب بمهمة ربط التواصل مع النائب شهيب بغية حلحلة أي إشكالات عالقة والقيام بجولات على مشايخ الطائفة، لتعزيز روح التعاضد والتكافل في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة.

واللافت في المشهد الأرسلاني بروز طموح الوزير السابق صالح الغريب، الذي بات يطرح اسمه بجدية كمرشح محتمل عن مقعد بيروت الدرزي، بديلاً عن النائب فيصل الصايغ. وتكشف مصادر مقرّبة أن الغريب يُوحي في مجالسه الخاصة بأنه سيحظى بدعم تفضيلي من حزب الله إن ترشح، مقدماً نفسه كالخيار الأمثل بين كل المرشحين، حتى من داخل حزبه، بفضل التصاقه العضوي بحزب الله وعلاقته الوثيقة بمحور المقاومة.

إلا أن رياحاً عاتية تعصف باتجاه سفينة هذا الثنائي، حيث يواجهان اعتراضات واسعة من داخل قواعدهما. ففي المعسكر الأرسلاني، ترى القاعدة أن المرشح الطبيعي لمقعد بيروت يجب أن يكون نائب رئيس الحزب نسيب الجوري، مستنكرين أن يُترك المقعد للجوهري عندما يكون غير مضمون، ثم يُسلَب منه عندما يصبح مضموناً لصالح الغريب. أما على ضفة شهيب، فإن لسان حال قاعدة الحزب الاشتراكي يعلن: "كفى مولاةً عليه"، مطالبين بإبعاده من المشهد لإفساح المجال لوجوه شابة، مع تأكيدهم على رفضهم المطلق استبداله بابنه.

 

وفي تطور يعكس تغيرًا في تحالفات الدائرة، تؤكد مصادر متابعة أن التحالف بين الأمير أرسلان والوزير السابق وئام وهاب قد انفرط، وأن كلًا منهما يعمل على تشكيل لائحة منفصلة، في خطوة تعكس رغبة كل زعيم في تعزيز حضوره المستقل.

خلاصة الاستحقاق: الدائرة مرآة المستقبل الدرزي


تبدو دائرة عاليه - الشوف كمرآة تعكس التحولات العميقة في المشهد الدرزي بلبنان. فبين رحيل وجوه تقليدية وبروز أخرى، وبين تحالفات تتهاوى وأخرى تتشكل، تُختزل إشكالية التمثيل الدرزي بين تيار التجديد والإصرار على الحفاظ على الإرث.

ما بين الشوف حيث يتهيأ حسام حرب لخلافة مروان حمادة، وعاليه حيث يستعد يوسف دعيبس لخلافة أكرم شهيب، تبقى الدائرة ساحة اختبار حقيقية لمستقبل التوازنات الدرزية في لبنان، ومحكًا لرؤية تيمور جنبلاط في تجديد دماء الحزب مع الحفاظ على توازناته التقليدية.

 

ويبقى السؤال المعلّق في بيروت كما في الجبل: هل يتبدّل المشهد فعلاً لتحقيق طموحات البعض، أم أنّ رياح الانتخابات ستجري كما تشتهي سفن الزعامة التقليدية؟

في هذا السياق، يرى مراقبون أن عاليه ـ الشوف تعود لتكون البوصلة الدرزية المركزية، حيث تتقاطع فيها حسابات الزعامة التقليدية مع ديناميات القوى التغييرية الصاعدة، وبين “تيمور المرحلة الجديدة” و”أرسلان الحاضر الدائم”، يبدو الجبل مقبلاً على معركة عنوانها “إعادة رسم الخريطة الدرزية”، بأسماء جديدة وأدوار متبدّلة.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram