وبين ما جاء في خطبته السياسية، قال فضل الله: "عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به أحد أصحابه وهو أبو ذرّ الغفاري عندما قال له: يا أبا ذر لا يكون الرّجل من المتّقين حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه ومن أين ملبسه، أَمِن حِلّ ذلك أو حرام. فلنستوص بوصيّة رسول الله بأن نحاسب أنفسنا لنقف على عيوبها ونحيط بذنوبها قبل أن نقف بين يديّ من يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، وبذلك نكون أكثر وعيًا لأنفسنا وقدرةً على مواجهة التحديات."
أضاف فضل الله: "البداية من التصعيد الصهيوني الذي شهدناه أمس في الغارات المكثفة في بلدات جنوبية عدة واستمرار عمليات الاغتيال التي طالت العديد من المواطنين في أثناء تنقّلهم وسعيهم لتأمين حاجاتهم وفي الاستهداف لأيّ مظهر من مظاهر الحياة في قرى الشريط الحدودي أو ما يسهم في إعمارها، لمنع أهلها من العودة إليها أو الاستقرار فيها، وفي الطلعات الجوية للطائرات المسيّرة والحربية التي تجوب المناطق اللبنانية وتنتهك سيادة البلد."
وتابع: "وما يواكب ذلك التهديدات التي تصدر عن قادة العدو الأمنيين والسياسيين ووسائل إعلامه بالإعلان عن نية هذا العدو في توسعة دائرة الحرب والتي قد تصل إلى العاصمة وضواحيها الجنوبية بذريعة استعادة المقاومة لعافيتها وجهوزيتها في مواجهة اعتداءاته وغطرسته. لقد أصبح واضحًا أن العدو يهدف من وراء ذلك إلى مزيد من الضغط على الدولة اللبنانية للقبول بإملاءاته وشروطه وإضعاف مناعة اللبنانيين وزيادة الشّرخ بينهم."
وأشار فضل الله إلى أنّ "الدولة اللبنانية يجب أن يبقى خيارها هو عدم الخضوع لأيّة إملاءات أو شروط تمسّ بسيادة لبنان وسلامة أراضيه وحريّة إنسانه، وأن تصرّ على موقفها الذي اتخذته أمام الدول الراعية لإيقاف إطلاق النار بدعوة هذا الكيان إلى إيقاف اعتداءاته والانسحاب من الأراضي التي احتلّها واستعادة الأسرى بعد أن التزم لبنان بما تمّ الاتفاق عليه ولا يزال. وأيّ تأخير يطالب به لبنان هو لسبب عدم وفاء العدوّ بالتزاماته، وفي الوقت ذاته نريد من الدولة استنفار دبلوماسيتها واعتماد الوسائل التي تكفل منع العدوّ من تنفيذ تهديداته والاستعداد لمواجهة أي مغامرة جديدة قد يقدم عليها."
وجدد دعوته إلى "أن يكون اللبنانيون أكثر وعيًا لأهداف هذا العدو والمخاطر المترتبة على عدوانه من المسّ بسيادة هذا الوطن وأرضه، وأن تتوحّد جهودهم من أجل منع العدو من تحقيق أهدافه وإملاء شروطه المذلّة، وأن يجمدوا الخلافات فيما بينهم، ليوجّهوا سهامهم إلى من كان السبب في كل ما يعانون منه". وأضاف: "إنه لأمر مؤسف أن نجد من لا يزال ينظر إلى ما يجري على أنه يخص طائفة أو مذهبًا أو موقعًا سياسيًا، بينما يريد العدو إخضاع الوطن والانتقاص من سيادته والنيل من وحدته."
وأورد فضل الله: "على اللبنانيين الذين يتحدّثون عن سيادة هذا البلد أن يدركوا أن مفهوم السيادة لا يتجزّأ، وأن لبنان لا يقوم إلا بكل مكوّناته وطوائفه... فلا يمكن أن ينعم بالسيادة على أرضه دون أن تحفظ في جوّه وبحره، ولا أن ينعم بها من هم في شماله أو شرقه أو غربه من دون أن ينعم بها من هم في بقاعه وجنوبه وقلبه."
كما تطرّق إلى "مسألة الإعمار لما تهدّم بفعل الحرب الإسرائيلية، والذي يزداد مع الأيام بفعل الاعتداءات والتفجيرات التي يقدم عليها العدو في الشريط الحدودي وغيره، وهو ما أخذته الدولة على عاتقها في بيانها الوزاري وخطاب القسم". وأشاد بالاجتماع التمهيدي الذي انعقد حول هذه المسألة الوطنية بدعوة من رئيس المجلس النيابي، مشيرًا إلى أنّه كان ينبغي أن يشكل همًا وطنيًا جامعًا يتلاقى عليه كل اللبنانيين بمواقعهم وطوائفهم ومذاهبهم، حتى لا يتحوّل الإعمار إلى مطلب طائفي أو مناطقي أو أن يُستغلّ كجزء من الضغوط التي تُمارس على لبنان لتقديم تنازلات على حسابه.
وتحدّث فضل الله عن ما يجري في السودان، متوقفًا "عند الحرب التي يشهدها هذا البلد وما تشهده من مجازر وارتكابات فظيعة، داعيًا الدول العربية ولا سيما المؤثرة فيها إلى الإسراع في تحمل مسؤولياتها بإنهاء نزيف الدم والدمار والعمل على إعادة الاستقرار لحفظ إنسانه ومقدراته وثرواته التي يراد نهبها."
وختم كلمته بالحديث عن ما يجري في غزة، مشيرًا إلى أنّ "رغم قرار وقف إطلاق النار لا يزال العدو يخرق هذا الاتفاق باستهداف مبانيها وبنيتها التحتية وما تبقّى منها، ويتملّص من التزامه بإيصال الدواء والغذاء الكافيين والمساعدات اللازمة، ما يستدعي تدخّل الدول الراعية لهذا الاتفاق للقيام بدورها في تنفيذه كاملًا وعدم ترك غزة ساحة مستباحة لهذا الكيان الذي لن يكف عن السعي إلى هدفه المتمثل في التدمير الكامل للقطاع وتهجير أهله كما يفعل في الضفة الغربية."
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :