نرفع الجدران لا حبًا بالعزلة، بل لأننا تعبنا من الترميم، من محاولات عبثية لإنقاذ ما لا يُنقذ. نرفعها لأن الجسور التي بنيناها بدم القلب، وبثقة الطفولة، كانت تُداس كل مرة دون أن يرفّ للمارّين فوقها جفن.
في حياة كل منا لحظة مفصلية، يتوقف فيها القلب عن التبرير، والعقل عن استيعاب الإهانات، والروح عن الركض خلف من لا يقدّر دفئها. عند تلك اللحظة، نختار أن نبني جدارًا… جدارًا من صمت، من ترفع، من نضج موجع لكنه ضروري.
كم مرة قلنا "لن أسامح هذه المرة"، لكننا فعلنا؟ كم مرة نفضنا الرماد لنشعل نار المحبة من جديد، فإذا بها تحرقنا بدل أن تدفئنا؟ ليست الجدران دائمًا علامة على العداوة، بل هي درع... تحمي بقايا الأمل من سكاكين الإحباط.
الجدار هو ما تبنيه حين تدرك أن بعض القلوب ليست لك، حتى لو أحبّتها. وأن بعض العلاقات، مهما حاولت إنقاذها، خُلقت لتُنهكك لا لتُكملك. الجدار ليس قيدًا، بل هو المساحة التي تستعيد فيها صوتك، كرامتك، وإيمانك بأنك تستحق أكثر من علاقات تُربك سلامك الداخلي.
في زمن يتقن فيه الناس التلون، تصبح الجسور مصيدة، وتصبح الجدران وطنًا. الجدران ليست انغلاقًا، بل طريقة نبيلة نقول بها: "كفى." فالجراح التي لا تُرى لا تعني أنها لا تنزف.
فلا تعتب على من بنى الجدار... لعله لم يجد في الطرف الآخر من الجسر من يستحق العبور.
                    
                                        (يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
                                        
                    
                    
                    
                                    :شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي