استهل الاحتفال بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، ثمّ ألقى النائب جشي كلمةً أشار فيها إلى أنه في الوقت الذي كانت تجول فيه المندوبة الأميركية على الرؤساء في لبنان، وتشرف على عمل لجنة الميكانيزم، كان العدوّ الصهيوني يقوم بأعمال القتل والاعتداء على لبنان، وكان يُسجّل اعتداءً سافرًا على مؤسسة رسمية بدخوله إلى مبنى بلدية بليدا وقتل الموظف الشهيد إبراهيم سلامة داخلها بدم بارد.

وقال: “من المؤسف أن المواطنين يُتركون لقدرهم أمام الاعتداءات الصهيونية اليومية من دون اتّخاذ أي إجراءات فعلية تردع العدو.

ومن حقنا هنا أن نسأل: هل أن عمل ما يسمّى بلجنة الميكانيزم يقتصر على ما يقوم به الجيش اللبناني لجهة حصر السلاح في جنوب الليطاني، في ما يُطلَق العنان للعدو الصهيوني ليفعل ما يشاء من اعتداء وقتل وتدمير للبيوت والأرزاق، ما يجعل منها خادمة لأهدافه من دون أن يستفيد منها لبنان فعليًّا؟ وإلى متى ستبقى السلطة في هذا البلد تتعاطى مع الموفدين الأميركيين على أنهم وسطاء وهم يمارسون الضغط على لبنان من دون ممارسة أي ضغط على العدو؟”.

أضاف جشي: “هذا ما صرّح به المبعوث الأميركي توم برّاك بوضوح عندما قال إنه ليس بوارد الضغط على “إسرائيل”، في الوقت الذي يزوّد الأميركي الكيان “الإسرائيلي” بكلّ أدوات القتل والتدمير من الطائرات والقنابل، ويمنحه الغطاء السياسي لما يقوم به، ويهدّد “لبنان بأن العدوّ “الإسرائيلي” سيتحرك بشكل فردي”، وسط التزام السلطة السياسية عندنا بالصمت”.

وشدّد جشي على أن: “لبنان نفّذ كلّ ما هو مطلوب منه وفق اتفاق وقف إطلاق النار، وأن المقاومة – وفق كلام فخامة رئيس الجمهورية – التزمت بما هو مطلوب منها، ولم تطلق طلقةً واحدة خرقًا للاتفاق، في ما أن العدوّ الصهيوني ارتكب إلى اليوم نحو خمسة آلاف خرق واعتداء على سيادة لبنان واللبنانيين، ولكن إلى متى سيبقى أركان السلطة يراهنون على الدور الأميركي المخادع؟”.

وتابع: “المطلوب هو عدم الرهان على الأميركي الشريك الكامل للعدو، واتّخاذ إجراءات وقرارات وطنية وسيادية لحماية لبنان؛ كما هو الحال في الدول التي تحترم سيادتها ومواطنيها وتدافع عنهم، لأن الدفاع عن الوطن والسيادة والكرامة لا يحتاج إلى تكافؤ الإمكانات مع العدو، إنما إلى قرار وإرادة وشجاعة وعدم الارتهان لأحد، والتحرر من الضغوط”.

وتوجّه جشي لمن أسماهم أدعياء السيادة قائلًا: “لماذا لم نسمع لكم صوتًا أزاء الاعتداء السافر على بلدة بليدا، في ما تعلو أصواتكم بوجه المقاومين الشرفاء الذين قدموا آلاف الشهداء دفاعًا عن لبنان؟ واعلموا أن سكوتكم هذا يشجع العدوّ على الإمعان في العدوان، ويجعلكم شركاء فيه عن قصد أو عن غير قصد”.

ولفت جشي إلى أن من طبيعة العدوّ الصهيوني الإجرام والعدوان، “ففي نيسان 1974 دخل إلى بلدة بليدا واعتدى على أهلها، ولم يكن حينها وجود لمقاومة مسلّحة، ويومها تجمّع الأهالي في بليدا حول الإمام موسى الصدر وكانوا يصرخون بمرارة وغضب: لماذا لا تدافعون عنا؟ وإلى متى سنبقى فريسة سهلة للعدو؟ في ما عبّر الإمام الصدر يومها قائلًا: “يبدو أن الحكام لا تهمهم الكرامات، فمتر الأرض في بيروت ثمنه خمس وعشرون ألف ليرة، وهنا يدفعون ثمن الإنسان خمسة آلاف ليرة”، إضافةً إلى أن مجزرة حولا ارتكبها العدوّ في العام 1948 ولم يكن حينها أي وجود للمقاومة الفلسطينية أو اللبنانية”.

وتوجّه جشي لبعض أركان السلطة في لبنان قائلًا: “سبع وسبعون سنة من الاعتداءات المتكرّرة على لبنان، فضلًا عن اجتياح 1972 و1978 و1982 وعدوان 2006 وعدوان 2024، ألا يكفي كلّ هذا لأن تقتنعوا بأن هذا العدوّ لا يفهم إلا لغة واحدة، وهي لغة القوّة؟ إن البكاء على أعتاب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والإدارة الأميركية المخادعة لا يحرر أرضًا، ولا يحمي بلدًا ولا يردع عدوًا”.

وطالب جشي السلطة بمواقف عملية وشجاعة، وبالتعاون مع المقاومة لوضع إستراتيجية دفاعية يتشارك فيها الجميع لوضع حدٍّ لهذا العدوان ولهذه الاستباحة، واعتماد اللبنانيين على أنفسهم وإمكاناتهم وعدم الرهان على الخارج لحماية بلدنا، لأن الأميركي يعمل وفق مصالحه، وهذا ما عبّر عنه توم برّاك بقوله: “ليس لدينا حلفاء، ولا نثق بأحد ثقة تامة، إنما نعمل وفق مصالحنا”.

وأشاد جشي بموقف فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الذي تجلّى بقراره تصدي الجيش الوطني لأي توغّل “إسرائيلي”، مشددًا على أن: “هذا حق لأي دولة بأن تدافع عن نفسها، وهو حق تقرّه كلّ الشرائع والمواثيق، في حين أن الأميركي أبدى انزعاجه الذي عبّر عنه كلٌّ من ليندسي غراهام وديفيد شينكر، ما يوضح أنه – وفقًا لسياستهم – يُمنع علينا الدفاع عن بلدنا، بل يجب الخضوع لإملاءاتهم”.

وختم جشي: “المطلوب من الجميع في لبنان التوحد في مواجهة الاحتلال لتحرير الأرض وردع العدوّ وحفظ السيادة، وبعد ذلك نحن اللبنانيين نتدبّر أمرنا في ما بيننا”.