كتب رشيد حاطوم
في دائرة بعبدا، تبدو السماء الانتخابية ملبّدة على نحو مختلف هذه المرة. فالعنوان الحقيقي لهذه الدورة يتجاوز «الأرقام» و«الحواصل»، ويكاد يتركّز عند سؤال واحد: *هل يمكن خرق الثنائي الشيعي بمقعد شيعي؟* ومن هنا باتت كل اللائحة وكل مقعد وكل مقاربة، مبنية على قاعدة واحدة: إدراك حجم الرهان السياسي في هذه الدائرة بالذات.
على ضفة الثنائي، العمل جارٍ على بناء لائحة متماسكة لا تُترك فيها فجوة واحدة يمكن النفاذ منها. لذلك يُطرح جدياً ضم مرشح للحزب السوري القومي الاجتماعي، باعتبار أن للحزب حيثية انتخابية معتبرة في القضاء، ويملك أيضاً حضوراً درزياً في الجبل. ووفق المعلومات، فإن الإسم الأقرب اليوم للمقعد المسيحي هو القيادي السابق سامي أبو فواز، مع بقاء خيارَي عميد التنمية فخر أبو فخر وعميد المالية السابق عادل حاطوم مطروحين في حال الذهاب إلى تثبيت مقعد قومي درزي ضمن تحالف أوسع.
وبالموازاة، حسم الحزب الديمقراطي اللبناني اسم مرشحه: المهندس شوقي الأعور عن المقعد الدرزي، فيما تبقى الامور اللوجستية خاضعة لمسار التنسيق الذي بات واضحاً بين المير طلال إرسلان ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. هذا المسار أعاد تثبيت «استرجاع مقعد عاليه» من النائب مارك ضو، مع تأكيد مصادر سياسية أن المير شخصياً – وليس نجله مجيد – سيكون هو المرشح عن مقعد عاليه الدرزي.
أمّا على الضفة المقابلة، فالتحالف «القواتي – الاشتراكي» يشهد إعادة تركيب بنيته الداخلية. التعديل الأبرز: دخول مرشح حزب الكتائب غابي سمعان بدلاً من نائب «الأحرار» كميل شمعون، الذي لم يتمكن من تثبيت حيثية حقيقية في انتخابات 2022 ولم يضف اصوات تفضيلية للتحالف. هذا التغيير يدخل أيضاً في إطار محاولة تعويض حزب الكتائب عن المقعد الكسرواني الذي يشغله النائب سليم الصايغ، والذي تُظهر استطلاعات جدّية احتمالات خسارته.
إضافةً إلى ذلك، يبرز عامل حاسم على مستوى الجبل: *الفيتو القواتي على النائب راجي السعد*. هذا الفيتو، إذا بقي، قد يفتح الباب واسعاً أمام اسم النائب السابق هنري حلو، الذي تربطه علاقة وثيقة مع وليد جنبلاط، ويشكّل وزناً مريحاً داخل هندسة هذه اللائحة,بالتالي انضمام الكتائب الى هذا الحلف سيرسي جبهة سياسية وانتخابية على مساحة الجبل لا سيما انها تسعى الى عزل التيار الوطني الحر من الجبل.
في المقابل، لا تزال الصورة على ضفة التيار الوطني الحر ضبابية. التيار سمّى المهندس فادي أبو رحال، غير أنّ تموضعه النهائي لم يُحسم: هل يعود إلى تحالفه السابق مع الثنائي؟ أم يخوض معركته وحده؟ خصوصاً أن خروج النائب آلان عون تنظيمياً من التيار لم يلغِ تأثيره داخل الدائرة، إذ ما زالت علاقاته ممتدة مع كل القوى المؤثرة في بعبدا، ويُنظر إليه كـ«بيضة القبان» في لحظة مفصلية، إذا طال تردّد التيار في اختيار موقعه الطبيعي.
بعبدا هنا لا تشبه أي دائرة أخرى.
هي في هذه الدورة تحديداً: «أمّ المعارك».
تتداخل فيها كل القوى السياسية، وكل فريق يحاول تثبيت حضوره البرلماني فيها وشدّ اللحاف إلى جهته. وأوساط سياسية تذهب أبعد: ترى أن بعبدا في هذا الموسم ليست معركة نواب فقط، بل نافذة مبكرة على المزاج العام الذي سيحكم *أفكار التسوية الكبرى في 2026*.
مصادر متابعة تهمس بأن مفاتيح بعبدا الحقيقية لا تكمن في أسماء المرشحين، بل في «اتصالات الظل» التي تجري خارج الإعلام بين ثلاث غرف سوداء في بيروت. ثلاث غرف فقط… فيها يُطبخ شكل اللعبة قبل أن تُعلَن الأسماء
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :