 
                    - نسيم بو سمرا
المشكلة عند معظم السياسيين في لبنان انهم بلا كرامة ومستعدون لبيع وطنهم مقابل حفنة من الدولارات او الريالات ورضى الاميركي والحفاظ على السلطة، وهم جبناء لدرجة انهم يختبئون وراء تسميات وهمية في تصريحاتهم الصحفية، مثل "مصدر دبلوماسي"، "مصادر مطلعة" فيهولون على شعبهم اكثر مما يفعل الاسرائيلي ويهددون اللبنانيين بالويل والثبور وعظائم الامور، بلسان العدو، وهم بذلك يلاقون الخارج الذي لولاهم، لما تمكن من فرض أي شيئ يناقض المصلحة الوطنية، وقد جاء موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون امس ليخفف الضغط ويفشل مخططهم القائم منذ البداية على الصدام بين الجيش والمقاومة، ليعيد توجيه البوصلة نحو العدو الذي بات لزاما وقف اندفاعته، بعدما صعد في الايام الاخيرة جرائمه ضد لبنان، كان آخرها التوغل البري في بليدا واغتيال موظف بلدي داخل ادارة رسمية لبنانية، ما أجبر رئيس الجمهورية على رفع سقف خطابه، درءا لاستغلال العدو حرية الحركة التي اعطاها لنفسه في لبنان وبدعم اميركي، لتوسيع توغلاته واحتلال اراض محررة جديدة، يمكنه استخدامها لاحقا كورقة ابتزاز في اي مفاوضات مستقبلية او تسوية آتية.
مثال على هؤلاء الجبناء الذين وللاسف تتماهى معهم الصحافة الصفراء في لبنان والمدفوعة الاجر، لنشر وبث الرعب في صفوف المواطنين، الذي قالته مصادر ديبلوماسية لصحيفة الجمهورية، اليوم بوصفها تعليمات الرئيس عون لقائد الجيش رودولف هيكل بـ "القرار الأشدّ خطورة" الذي اتخذته السلطة السياسية تكليف الجيش الردّ على أي اعتداء إسرائيلي يستهدف المناطق المحرّرة، بعد الاعتداء الشنيع الذي ارتكبته إسرائيل في بليدا فجر أمس". فهذا القرار، في قراءة المصادر، "سيضع الجيش اللبناني في الموقع الصدامي مع القوات الإسرائيلية، بعدما كان حتى اللحظة يُعتبر طرفاً شبه محايد، إذ يقتصر عمله على تنفيذ عمليات نزع السلاح المتبقي لحزب الله في جنوب الليطاني."
أي ان المصدر يوحي بذلك انه يخشى على الجيش فيما هدفه واضح انه يستخف بقدرات الجيش ويفضل ان يتحول الجيش الى شرطي للعدو، ينزع سلاح القوة الذي يملكه لبنان، كورقة تفاوضية على الاقل، ليقتصر دوره على تأمين مصالح العدو، بالاستقرار على الحدود، والاخطر ان الحدود هنا بالمفهوم الاسرائيلي لم تعد تلك التي ثبتها القرار 1701 الذي تخطته اسرائيل، لتحيك اتفاقا جديدا بفرض قواعد اشتباك جديدة، تقوم على حدود جديدة يفرضها العدو اليوم بقوة النار، بانشاء منطقة عازلة بعمق 10 كيلومترات على الاقل داخل القرى الجنوبية المحتلة، التي ستتحول الى قرى منزوعة السلاح كما خالية من السكان، اي تهجير نهائي لسكان هذه القرى الجنوبية الأبية، ما يعيد تكرار التاريخ نفسه، حين انتزعت اسرائيل من لبنان بالاحتيال والقوة، القرى السبع لتضمها الى كيانها الغاصب.
"القرى السبع" تشير إلى سبع قرى لبنانية سكانها من الشيعة، انتقلت إلى الجانب الفلسطيني من الحدود بعد اتفاقيات ترسيم الحدود عام 1923، وهي: طربيخا، وصلحا، والمالكية، والنبي يوشع، وقدس، وهونين، وآبل القمح، بعدما تعرضت هذه القرى للإخلاء خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وقد ضمت الى "شمال إسرائيل".
هذه المصادر إذاً، توقعت نتيجة قرار الرئيس عون بتكليف الجيش الدفاع عن السيادة وحماية مواطنيه في الجنوب، توقعت "أن تتغيّر طريقة التعاطي من جانب الإسرائيليين مع الجيش اللبناني، لاحقاً، خصوصاً من خلال اجتماعات لجنة «الميكانيزم»، "فالإسرائيليون اعتادوا، في هذه الاجتماعات، اتباع قناة اتصال غير مباشرة مع الجيش، والشكوى على حزب الله من خلال الجانب الأميركي. والجيش كان يقوم بتلبية المطالب إذا تحقق من صحتها. ولكن، بعد قرار المواجهة أمس، سيكون صعباً عليه تلبية المطالب الإسرائيلية. وعلى العكس، سيصرّ الجانب اللبناني على الطلب من إسرائيل أن توقف ضرباتها واعتداءاتها في الدرجة الأولى. وهذا ما سيؤدي إلى إدخال اللجنة في مناخات جديدة قد تقلب المناخ رأساً على عقب".
بالمحصلة، ومع العلم ان قرار التصدي للاعتداءات الاسرائيلية تأخر لعام ونيف، ولكن موقف الرئيس عون باعطائه التوجيهات لقائد الجيش بالتصدي لتوغلات العدو البرية في الاراضي المحررة، جريئ وواجب وطني، غير انه لا يمكن عمليا لهذا القرار في ظل اختلال موازين القوى بين الجيش والاحتلال، ان ينفذ، إذا اردنا تجنب سقوط شهداء للجيش، لا سيما ان الجيش غير مسموح له اميركيا بأن يتجهز وان يملك سلاحا ردعيا للدفاع عن سيادة الوطن؛
وبالتالي، الحل الوحيد يكمن في استعادة لبنان لمعادلة الردع بوجه العدو والذي لا يمكن ان تتحقق إلا بتسليح الجيش جدّيًا وبالتكامل والتعاون مع المقاومة، ضمن استراتيجية دفاعية وطنية، يستفيد من خلالها الجيش من خبرات المقاومين، ويستخدم السلاح النوعي الذي تملكه المقاومة (بدل تدميره كما يريد الاميركي وكما يحصل فعليا عند اكتشاف الجيش مخزن ذخيرة او نفق في جبل) يستخدم هذا السلاح لتعزيز المناعة الوطنية اولا ولنزع فتيل التفجير الداخلي الذي يوصل اليه بالنتيجة هذا المسار من الضغوطات الاميركية والشروط الاسرائيلية، وللأسف بتواطؤ داخلي؛
فطالما ان الجيش راهناً لا يملك وسائل الدفاع لحماية لبنان، فيمكن ان يستعين بالمقاومة، لانه لا سبيل آخر بعد التجارب السابقة المرة مع الاحتلال، للجم الاعتداءات الاسرائيلية وتحرير الارض، الا بالقوة وبالمقاومة الشعبية.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :