الاستغباء النبيل... بصيرةُ العاقل في وجه صغائر الحمقى

الاستغباء النبيل... بصيرةُ العاقل في وجه صغائر الحمقى

 

Telegram

في زمنٍ يعلو فيه صخبُ الجهل وتَخفتُ فيه أصواتُ الحكمة، يصبح التغافل فنًّا لا يُجيده إلا الناضجون.
فالاستغباء، حين ترى وتفهم وتدرك ثم تختار الصمت، ليس غباءً كما يظنّ البعض، بل ذروةُ الذكاء واتزانُ الحكيم حين يضجُّ من حوله الحمقى.
 
كم هي عظيمة تلك النعمة: أن تعرف الكذب فلا تفضحه، أن ترى الخيانة ولا تُشهرها، أن تلمح الخبث ثم تمضي متسامحًا، لأنك تدرك أن الردّ أحيانًا يسحبك إلى مستوى لا يليق بروحك.
 
كمعلّمٍ حكيمٍ سمع طلابه يتهامسون ساخرين، فلم يُعنّفهم، بل ترك الموقفَ يعلّمهم بصمت الزمن، فعاد احترامهم إليه خاشعًا بعد حين.
وكزوجةٍ تعرف أن أهل زوجها يرمقونها بنظرات ازدراء، لكنها تردّ بابتسامةٍ رصينة، لا ضعفًا، بل حفاظًا على بيتٍ شيّدته بالصبر والحكمة.
وكمديرٍ يدرك أنّ موظفًا يحاول النيل منه، فلا يردّ ولا يثور، بل يكتفي بالمراقبة، لأن الأقنعة لا تحتاج يدًا لتمزيقها… إنها تسقط وحدها.
وكصديقٍ طُعن في ظهره، لكنه يمدّ للآخر فرصة المراجعة، لأن الكبرياء الحقيقي لا يُقاس بالصوت، بل بالسموّ.
وما أصدق ما قيل:
أحقر الناس لا يستطيع منافستك، فيشوّهك بكذبة!
ولأنه لا يقدر أن يرقى إليك، يحاول أن يسحبك إلى مستنقعه، غيرَ مدركٍ أن الطين لا يوسّخ السماء، وأن الشمس لا تحتاج أن تُبرّر نورها.
فالتغافل النبيل ليس استسلامًا، بل انتصارٌ صامت…
أن تختار الصمت لا لأنك ضعيف، بل لأنك أكبر من أن تنحدر. أن تدع الأقدار تكشف الحقائق، لأن الحقيقة، كالنور، لا يمكن حجبها طويلًا.
وفي زمنٍ تزدحم فيه الأصواتُ العالية، كُن أنت الهدوءَ العميق.
وفي زحمة المهاترات، كُن أنت من يعرف الحقيقة ويبتسم، لأن من يجيد لعبة الأقنعة هو من مات فيه الضمير.
فالتغافل بصيرة، والاستغباء في بعض المواقف نجاة، وللسماء ميزانٌ لا يخطئ.
 
 
بقلم: فاطمة يوسف بصل

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram