بينما يشدد العالم في شهر تشرين الاول على أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، تعيش نساء غزة واقعًا مختلفًا تمامًا، إذ تحوّل المرض هناك إلى حكم بالإعدام البطيء نتيجة انقطاع العلاج، وانهيار النظام الصحي، وإغلاق المعابر منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023.وفق منظمة الصحة العالمية، يُعد سرطان الثدي السبب الرئيسي لوفيات السرطان بين النساء حول العالم، إذ يتسبب بوفاة واحدة من كل ست نساء مصابات، ويمثل نحو 25% من حالات السرطان المشخّصة سنويًا لدى الإناث.لكن في البيئات الفقيرة والمناطق المحاصرة مثل غزة، ترتفع معدلات الوفيات إلى 70% بسبب غياب الكشف المبكر والعلاج الشامل.مستشفى المطلع.. شريان انقطعقبل الحرب، كان مستشفى المطلع في القدس يستقبل المئات من النساء الغزّيات المصابات بالسرطان لتلقي العلاج الإشعاعي والكيميائي.يقول المدير التنفيذي للمستشفى الدكتور فادي الأطرش إن المستشفى يعالج سنويًا نحو 7 آلاف مريض، بينهم 4 إلى 5 آلاف مصاب بالسرطان، وتشكل نسبة الغزيين منهم نحو 35%.ويضيف الأطرش أن من بين ألف إلى 1500 امرأة غزية تصل سنويًا للعلاج من السرطان، 60% مصابات بسرطان الثدي.لكن منذ اندلاع الحرب، انقطع هذا الخط الإنساني بالكامل. فـ71 مريضًا كانوا يستعدون لتلقي العلاج في الأيام الأولى من الحرب، نصفهم من النساء، لم يتمكنوا من الوصول.آلاف المرضى خارج دائرة العلاجتشير بيانات المستشفى إلى أن 738 مريض سرطان من غزة، نصفهم من النساء، لم يتمكنوا من تلقي العلاج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، وفي عام 2024 كان يُفترض استقبال 1500 إلى 2000 مريض جديد، لكن جميعهم حُرموا من الوصول والعلاج.بحسب وزارة الصحة في غزة، هناك نحو 10 آلاف مصاب بالسرطان داخل القطاع، بينهم 35% نساء مصابات بسرطان الثدي.وخلال عامين من الحرب، أضيفت نحو 4 آلاف حالة جديدة، معظمها لا تستطيع مغادرة القطاع لتلقي العلاج المتخصص في القدس.ألم مركّب ومعاناة لا تنتهييقول الأطرش إن انقطاع علاج مريض السرطان يعني ببساطة “المعاناة والألم والموت”، موضحًا أن الاستمرار في العلاج هو ما يضمن فرص الشفاء وتخفيف الألم.ويضيف: “النساء في غزة يواجهن ألماً مركباً، فهنّ يدركن أن العلاج موجود على بُعد كيلومترات قليلة، لكنهنّ محرومات من الوصول إليه”.ويؤكد الطبيب أن المستشفى كان يستقبل قبل الحرب حالات نادرة ومعقدة من السرطان لدى الأطفال والنساء، ما يشير إلى وجود عوامل بيئية وصحية خطيرة في القطاع، لكن غياب الدراسات التحليلية يمنع التوصل إلى نتائج دقيقة.لا فحص مبكر ولا علاجتقول وزارة الصحة في غزة إن الحرب حرمت النساء للعام الثاني على التوالي من برامج الكشف المبكر والعلاج الوقائي، بعد تدمير مراكز الرعاية وأقسام التصوير والفحص.وتضيف أن أدوية السرطان من أكثر العلاجات تضررًا بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، خاصة الخاصة بسرطان الثدي، وأن كثيرات يحتجن إلى العلاج الإشعاعي غير المتوفر داخل القطاع.وبحسب وزارة الصحة في رام الله، تمثل إصابات سرطان الثدي في غزة نحو 30% من حالات السرطان بين النساء، بمعدل 29 حالة لكل 100 ألف سيدة.وقد أدى تدمير مستشفى الصداقة التركي نهاية عام 2023 إلى توقف الخدمات التشخيصية والعلاجية، لتنتقل مؤقتًا إلى مستشفى غزة الأوروبي، الذي خرج بدوره عن الخدمة لاحقًا.في ظل هذا الواقع، تقف آلاف النساء الغزّيات بين أمل مفقود وخوف دائم.المرض الذي يمكن علاجه في دول العالم أصبح في غزة وجعًا بلا دواء، ومأساة إنسانية تتجاوز حدود الطب لتختصر معنى العزلة والموت تحت الحصار.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :