نواب التغيير إلى زوال... وإلياس جرادة "نموذج فريد"
تسود أجواء من القلق الشديد داخل أوساط نواب المجتمع المدني و"قوى التغيير" مع تصاعد الحديث عن احتمال إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها. فالمخاوف لديهم حقيقية وتستند إلى معطيات واقعية، أبرزها أن عددًا كبيرًا من النواب الذين شكّلوا في الدورة الماضية واجهة هذا الخط السياسي لم يعودوا يحظون بالزخم الشعبي نفسه، ما يجعل فرص عودتهم إلى البرلمان شبه معدومة.
إخفاقات بارزة: نماذج لم تستفد من الدرس
شكل فوز 13 نائباً تغييرياً في انتخابات 2022 اختراقاً في المشهد السياسي اللبناني، إلا أن هذا الاختراق سرعان ما بدأ يفقد بريقه. لقد فشل هؤلاء النواب في تشكيل كتلة موحدة متماسكة، وبدلاً من ذلك، انقسموا إلى تيارات متعارضة في الرؤية والمواقف.
فبولا يعقوبيان، التي كانت واحدة من أبرز الوجوه الثورية التي دخلت البرلمان، وجدت نفسها معزولة تدريجياً. بينما ركز النائب وضاح الصادق على ملفات اقتصادية مهمة، مثل قضية إعادة أموال المودعين، لكن خطابه ظل حبيس المؤتمرات والتصريحات الإعلامية. أما مارك ضو، فخسر معركة التمثيل في المواقع القيادية داخل البرلمان، في دليل على عدم قدرة نواب التغيير ككل على اختراق نظام المحاصصة التقليدية.
إلياس جرادة: نموذج مختلف في مسيرة "التغيير"
في المشهد السياسي المعقد لنواب التغيير، يبرز النائب الدكتور إلياس جرادة كأحد الوجوه التي قد تكون الأكثر قدرة على ضمان مقعدها في أي استحقاق مقبل، ويرجع ذلك إلى فلسفته السياسية والمجتمعية المتميزة.
يتبنى جرادة خطاباً يرفض الانحياز إلى معسكر ضد آخر، ويصف نفسه بأنه "نائب برتبة فلاح"، في إشارة إلى ارتباطه العضوي بناس دائرته الجنوبية ومشاغلهم اليومية. هذا التوجه جعله، حسب قوله، "جسر عبور بين كل الأفرقاء".
ويستمد جرادة شرعيته من حركة الاحتجاج اللبنانية، حيث يرى أنها أنتجت ثلاثة عوامل حيوية يدعمها: حجم الامتعاض الشعبي العام من النظام القائم، وقابلية اللبنانيين للتفلت من الطائفية والأحزاب التقليدية، والانخراط الواسع للشباب في العملية التغييرية.
مستقبل مجهول واستحالة العودة
اليوم، تواجه هذه المجموعة مرحلة مصيرية مع اقتراب انتخابات 2026. فرص عودتهم إلى البرلمان ضئيلة لفقدانهم الزخم الشعبي، ومنافسة تيار المستقبل، والضعف التنظيمي مقارنة بالأحزاب التقليدية التي تملك آلة انتخابية ضخمة.
تجربة نواب التغيير في البرلمان اللبناني تقدم درساً مهماً: الدخول إلى البرلمان بحد ذاته ليس ضمانة للتغيير. لقد بدأ "نواب التغيير" رحلتهم بأمل تغيير النظام من الداخل، لكنهم انتهوا إلى إثبات صعوبة اختراق نظام طائفي ومحاصصي متجذر. أمامهم فرصة أخيرة لإنقاذ ما تبقى من رصيدهم السياسي بتنظيم صفوفهم ووضع استراتيجية واضحة، وإلا فإن الانتخابات المقبلة قد تشهد اختفاء معظمهم من المشهد السياسي.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :