الخوف ... قاتل الأحلام ورقصة الظلال التي تكتب رواية الوجود بحبر الدم .

الخوف ... قاتل الأحلام ورقصة الظلال التي تكتب رواية الوجود بحبر الدم .

 

Telegram

الخوف ... ذلك الشبح الذي يتسلل بين أهداب الروح، كريشة سوداء تلطّخ صفحة الحياة، كظل طويل يُمدّد فوق أماني القلب، يهمس بأصوات مجهولة تخطف منا الأمل وتمنعنا من التحليق. هو الزلزال الخفي تحت أقدام أحلامنا، الذي يهتزّ بصمت، ليهدم بيوت الطموح قبل أن تُبنى، ويرسم على جدران الوجدان صور الهزيمة قبل أن تبدأ المعركة.
 
في أعماقنا، ينمو الخوف كغصن هش في عاصفة، لكنه يغلفنا بشبكة متشابكة من الأفكار السوداء، تُقيد أجنحتنا، وتحولنا إلى أسرى في قفص من الشك والرهبة. هو ذاك الصوت الخفي الذي ينهش من عزيمتنا، ويُطفئ نور الفرح في عيوننا، ليتحوّل إلى صمت قاتل يُخيم على أحلامنا ويقتلنا بصمت.
 
تخيل إنساناً وقف على حافة المجد، لكنه تراجع لأن الخوف ربط قدميه بأغلال الألم المجهول. كم من أحلام ذُبحت في مهجع الصمت، وكم من كلمات لم تُقال، وكم من أرواح تاهت في ظلام اليأس، كلها أسرى لهذا الوحش الخفي.
 
لكن الخوف، رغم جبروته وظلامه، هو أيضاً مرآة نرى فيها أعماق أنفسنا، وهبة من الكون تدعونا لنستنير بنور الشجاعة. هو النداء الصامت الذي يدفعنا لاختبار حدودنا، لنبني جسوراً من الأمل عبر وادي الخوف، لنرقص فوق أنقاض الرهبة، ونرتقي إلى قمم التحدي.
 
في صفحات التاريخ، تلمع أسماء أولئك الذين تحدوا مخاوفهم، كنجوم لا تخبو في سماء الظلام. أطفال عبروا ظلال الليل ليحتضنوا فجر أحلامهم، ونساء حملن شعلة الحياة وسط رياح العواصف، لا يهابن ظلال الخوف ولا أهوال الطريق المجهول.
 
الخوف إذن ليس إلا مدرباً صارماً، يختبر قوتنا ويقيس عمق إرادتنا، ليمنحنا فرصة لنصبح أبطال قصتنا الخاصة. هو الصديق الخفي الذي، إن تعلمنا كيف نحتضنه، يصبح قوة لا تُقهَر، وسرّ نهضتنا من كبوات الحياة.
 
فلنواجه الخوف، لا كعدو يقهرنا، بل كظل مؤقت يرافقنا في رحلة الوعي. لنشعل في داخلنا شعلة لا تخبو، تضيء لنا دروب اليأس وتدفعنا نحو الفجر المشرق. لنحوّل أغانينا الحزينة إلى أنشودة أمل، ونرسم بقلوبنا ملامح الحرية في وجه هذا السواد.
 
في النهاية، يبقى الخوف رقصة لا تنتهي إلا بأن نختار أن نكون نحن من يُدير إيقاعها، أن نكون السحرة الذين يحولون ظلال الظلام إلى ألوان النور، ليصبح الخوف قصيدة شجاعة تُروى للأجيال، تُنشد فيها حكاية النصر على الذات، وتُزهر بها أرواحٌ تحلّق بلا قيود.
 
فلتكن شجاعتنا هي النور الذي يقطع حبال الظلام، وصدقنا مع أنفسنا هو المفتاح الذي يحررنا من قفص الخوف، لنحيا حياة تُضيءها قلوب لا تعرف الانكسار. ولنُسمع العالم صوتنا، صوت الشجاعة والإرادة، ولنكن لغةً من نور تضيء دروب الأجيال القادمة.
 
 
بقلم : فاطمة يوسف بصل

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram