الاستحقاق النيابي 2026: صراع الشرعيات.. تدافع المحاور..وعين الخصوم على اختراق الثنائي الشيعي

 الاستحقاق النيابي 2026: صراع الشرعيات.. تدافع المحاور..وعين الخصوم على اختراق الثنائي الشيعي

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم


في المنعطف السياسي المصيري، تتهاوى التصنيفات التقليدية للاستحقاقات الانتخابية في لبنان، لتحل محلها معادلات وجودية تتجاوز حدود التمثيل النيابي إلى صراع على الهوية والشرعية. فالمشهد المقبل يشي بتحول جوهري من التنافس السياسي إلى التدافع الاستراتيجي، حيث تتداخل العوامل الداخلية مع الحسابات الإقليمية في تشكيل خريطة التحالفات.

الثنائي الشيعي: مناعة الموقع واستحقاقات المواجهة
 


تشكل مسألة "الثلثين" النيابي (87 مقعداً) ورئاسة المجلس النيابي أحد أبرز تحديات المعادلة السياسية في لبنان. فبدلاً من الحديث عن هيمنة الثنائي الشيعي، تشير المعطيات إلى أن الولايات المتحدة والغرب، عبر بيادقهم المحليين، يبذلون جهوداً مكثفة لاختراق المعادلة الشيعية من خلال دعم مرشحين شيعة بديلين قد ينافسون على رئاسة المجلس نيابة عن الرئيس نبيه بري، كما يسعون للحصول على مقاعد الثلثين التي تمنحهم القدرة على تغيير القوانين الحيوية وموازين القوى.

هذه المحاولات لا تأتي من فراغ، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة صياغة المشهد السياسي اللبناني تمهيداً لهدف أكبر يُخشى منه: التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي. فكسر التحالف الشيعي الموحد وإضعاف دور المقاومة يُعتبر المدخل الأساسي لتمرير مثل هذه المشاريع، مما يضع الثنائي الشيعي في مواجهة تحدي وجودي يتجاوز المنافسة الانتخابية التقليدية.

وقد تجلّى التماسك المجتمعي الشيعي في معركة البلديات الأخيرة، التي مثلت استفتاءً شعبياً على الثقة بالثنائي الشيعي، حيث حُسمت جميع البلديات في مناطق الوجود الشيعي لصالحه. هذا الحصاد الانتخابي لم يكن محض صدفة، بل جاء تتويجاً لوعي جماهيري بمخاطر المرحلة، وإدراكاً لخطورة المشاريع المطروحة التي تهدف إلى تفكيك البنية السياسية للطائفة.

المشهد المسيحي: تفكك التحالفات وإعادة تشكيل الخريطة
أضحت الساحة المسيحية ساحة لصراع وجودي بين القوى التقليدية، حيث تسعى "القوات اللبنانية" إلى استغلال تراجع "التيار الوطني الحر" بعد خروجه من السلطة، في محاولة لفرض هيمنتها على التمثيل المسيحي. لكن هذا المسعى يواجه تحديات جمة، أبرزها استمرار شراكة التيار مع الثنائي الشيعي، رغم ما يعتري هذه الشراكة من توترات متقطعة.

المكون السني: الحريري.. صمام الأمان الغائب الحاضر
رغم غياب الرئيس سعد الحريري عن الساحة السياسية منذ تعليقه العمل السياسي، إلا أن ظله لا يزال مسيطراً على المشهد السني. تشير المصادر إلى أن قراره بالمشاركة أو عدمها سيُحدد مصير العديد من المقاعد النيابية. وقد نال الحريري إشادات حتى من خصومه، مثل النائب محمد رعد الذي أشاد بمواقفه "الوطنية" التي ساهمت في حماية لبنان من الفتنة. وتُتهم بعض الأوساط بإمكانية تحالفه مع الثنائي الشيعي لتحقيق استقرار سياسي يخدم الجميع.

تحالفات غير تقليدية: انزياحات في خريطة الولاءات
شهدت الساحة السياسية تحولات لافتة، تمثلت في:

الحزب السوري القومي الاجتماعي: ثبات في زمن المتقلبين

في خضم العواصف الإقليمية والدولية التي هبت على تحالف المقاومة، برز موقف الحزب السوري القومي الاجتماعي كمفارقة لافتة في المشهد السياسي. فبينما شهدت الساحة تراجع بعض الحلفاء التقليديين تحت وطأة الضغوط، أظهر الحزب ثباتاً استثنائياً في وقوفه إلى جانب المقاومة، مما جعله يحظى بمكانة متعاظمة في تحالفات الثنائي الشيعي.

وتشير المعطيات الميدانية إلى تحول جوهري في الخريطة الانتخابية، حيث يُتوقع أن تتحول المقاعد التي كان يحتفظ بها التيار الوطني الحر في مناطق الوجود الشيعي إلى صالح الحزب القومي، كتعبير عن تقدير لمواقفه الثابتة وتعويضاً عن خيبات الأمل من حلفاء تقليديين تخلوا عن التحالف في ساعات الاختبار.

هذا التحول ليس مجرد تبادل مقاعد، بل هو إعادة هيكلة للتحالفات على أسس جديدة تقوم على عمق الالتزام واستحقاقات المواقف. فالحزب القومي، من خلال ثباته في مواجهة العواصف، أثبت أنه شريك استراتيجي يعوّل عليه في اللحظات المصيرية، مما يفسح المجال أمامه ليكون الخيار البديل في المعادلة الانتخابية المقبلة.

وبهذا يصبح الحزب السوري القومي الاجتماعي أحد أبرز الرابحين من تحولات الخريطة السياسية، ليس فقط لمكانته التاريخية، بل لثباته في زمن المتقلبين، مما يضعه في موقع متقدم في استحقاقات 2026 النيابية.

الوزير سليمان فرنجية: ثبات على المبدأ في زمن المتقلبين

في خضم التحولات السياسية المتسارعة، يبرز موقف رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية كظاهرة تستحق الدراسة والتحليل. فبعيداً عن التقلبات والتذبذبات التي طبعت مواقف العديد من القوى السياسية، حافظ فرنجية على خط ثابت ومتسق في دعمه لتحالف المقاومة، وإن بآليات تختلف عن تلك التي انتهجها الحزب السوري القومي الاجتماعي.

تميز فرنجية بموقف واضح لا لبس فيه، حيث ظل يمثل صوتاً ثابتاً في المعادلة السياسية اللبنانية، مدافعاً عن خيار المقاومة كخيار استراتيجي. هذا الموقف لم يتأثر بتغيرات التحالفات الإقليمية ولا بتقلبات المواقف الدولية،متجاوزا المظلومية التي تعرض لها , مما أكسبه مصداقية لافتة في أوساط القوى السياسية المختلفة.

 


 

الطائفة الدرزية:


التحالف الدرزي: توافق فوقي في مواجهة غضب القواعد

يشهد الحقل الدرزي تحالفاً استثنائياً بين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، إلا أن هذا التحالف يخفي تحت سطحه توترات عميقة. فبينما يسعى أرسلان إلى توحيد الصف الدرزي، فإنه يتعرض لضغوط كبيرة من قاعدته الشعبية نتيجة تماهيه مع جنبلاط والدفاع عنه في وجه المشايخ، مما أثار حالة من الغضب لدى محازبيه.

ويشير مصدر مقرب من أرسلان إلى أن جنبلاط "عندما يكون في وضعية سياسية مريحة يقوم بتوجيه صفعة إلى أرسلان"، مذكراً بحادثة شطبه من النيابة عام 2005 وتكرارها في 2022. أما عندما يشعر جنبلاط بأنه محاصر، فيعود ليطرح صوت وحدة الطائفة على طاولة خلدة. هذه الديناميكية المعقدة تضع أرسلان في موقف بالغ الحساسية، بين مطرقة التحالف مع من يعتبره خصماً تاريخياً، وسندان غضب قاعدته التي لم تنس الضربات السياسية القاسية التي تلقاها منها,حتى وصل به الامر للأطلالة بفيديو مسجل محاولا لملمة محازبيه من الغضب العارم الذي ساد في اوساطهم.

اما على ضفة وئام وهاب يبدو أنه يغرد خارج سرب تحالفات "خلدة" التقليدية، ويرفع سقفه السياسي عبر التركيز على ملفات مثل أحداث السويداء، ويسعى لنسج علاقات مع مشايخ الموحدين. كما يُحضر لتشكيل لائحة مستقلة (سواء كان مرشحاً شخصياً أو نجله)، معتبراً أنه يمتلك حاصلاً انتخابياً يضمن له مقعداً في البرلمان القادم.


الجدير ذكره ان انتخابات 2026 ليست مجرد منافسة على المقاعد، بل هي استحقاق يُعيد تعريف التحالفات ويرسم خريطة جديدة للسلطة في لبنان. الصراع على الثلثين الشيعي والتمثيل المسيحي، إلى جانب دور الحريري والتحالفات غير التقليدية، يجعل من هذه الانتخابات محطة حاسمة قد تُحدد مستقبل لبنان السياسي لسنوات قادمة.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram