نصرالله: السفن مسار وليس باخرة أو بواخر… ولدينا عرض إيراني للتنقيب عن النفط والغاز تداعيات سفينة المقاومة: تأمين الدعم على 8000 ليرة حتى بدء العمل بالبطاقة ميقاتي يحدّد نهاية الشهر كمهلة لولادة الحكومة… والأمتار الأخيرة بلغت الوزيرين المسيحيين
على إيقاع ما بعد الهزيمة الأميركية في أفغانستان ونهوض المقاومة في فلسطين، تحركت سفن المقاومة من إيران، وفرض هذا المشهد المثلث حضوره على السياسات الأميركية، مطلقاً تحركاً لمسابقة المقاومة وسفنها تحت شعار إسقاط أسبابها، بالإيحاء بأنّ زمن الحلول الأميركية قائم وقادر على مواجهة التحديات، التي خلقتها السياسات الأميركية نفسها أملا بإسقاط المقاومة في مستنفع هذه الأزمات، وواشنطن اليوم تكتشف ان المقاومة نجحت بتحويل التحدي الى فرصة وراحت تسابق الزمن لإغلاق الباب أمام الفرصة، وبحساب الزمن يبدو ميدان السباق الوحيد المجدي والذي يُحكم من خلاله على الجدية الأميركية هو تسهيل ولادة الحكومة الجديدة، التي لا يزال بيد الأميركيين مفاتيح ولادتها وأقفال منعها من الولادة.
في جديد تداعيات خطوة المقاومة ببدء استيراد المشتقات النفطية من إيران بالليرة اللبنانية، كانت عودة مصرف لبنان عن قرار وقف الدعم وابتداعه مخرجاً يسمّى بإقراض الدولة لمواصلة الدعم على سعر 8000 ليرة للدولار، وهو مخرج كان موجوداً قبل انطلاق سفينة المقاومة، لكنه كان مرفوضاً من المصرف وبقدرة قادر أو تدخل سفارة صار ممكناً، كما كان رفع الحظر عن عبور الغاز المصري والكهرباء الأردنية للأراضي السورية ممكناً وممنوعاً وصار مسموحاً، والقرار الحكومي الذي ترجم هذا التبدّل في موقف مصرف لبنان سيعني تأجيل رفع الدعم حتى ولادة البطاقة التمويلية وتفعيلها قبل نهاية أيلول، ما يعني انّ الأزمة ستنتقل عندها الى مرحلة جديدة تجعل السفن الإيرانية ضرورة قصوى سواء لتأمين المشتقات النفطية بسعر معقول عند رفع الدعم، أو لتخفيف الضغط على سوق الصرف وفرملة الارتفاع المتوقع لسعر الدولار وبالتالي لأسعار المشتقات المستوردة، طالما انّ السفن الإيرانية وحدها سيتمّ تسديد قيمتها بالليرة اللبنانية.
المقاومة تحدثت بلسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وأعلنت أن الأمر ليس سفينة ولا سفن بل مسار ممتد ومستمر طالما البلد في أزمة، وطالما الناس تعاني، مؤكداً انّ المشتقات المستوردة ستخضع في توزيعها لسلم أولويات ينطلق من كونها مخصصة لكلّ الشعب اللبناني وليس لحزب او فئة او طائفة او منطقة، مشيراً إلى أنّ المستشفيات ومصانع الأدوية والأمصال والأفران تقع في طليعة سلم الأولويات، وكان لافتاً ترحيب السيد نصرالله بما أوحت السفيرة الأميركية دوروتي شيا أنه قيد التنفيذ، لجهة مشاريع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، متمنياً النجاح لهذه الخطوات لتخفيف المعاناة اللبنانية، رغم ما أوضحه مما تفضحه الموافقة الأميركية على رفع الحظر لجهة مسؤوليتها عن الحصار والمنع، مضيفا ان هذه المشاريع تستدعي التحدث مع سورية بصورة لائقة من جهة وإلى وقت لا يقلّ عن ستة شهور من جهة أخرى، لكن السيد نصرالله فجّر مفاجأة جديدة في إطلالته أمس، تشبه ما سبق وأعلنه عن العرض الإيراني لتأمين المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية، قبل أن يقول إنّ المقاومة ستضطر للقيام بمهمة الإستيراد طالما انّ الدولة تلكأت عن التعامل بالجدية اللازمة مع هذا العرض، وفي الجديد قول نصرالله ان هناك عرضاً إيرانياً لإستخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية بعيداً عن انتظار الإذن الأميركي والقبول "الإسرائيلي"، داعياً للتعامل مع هذا العرض بجدية، وهو ما قالت مصادرسياسية إنه قد يسلك طريقاً مشابهاً لطريق استيراد المشتقات ما لم يتمّ النظر اليه جدياً من المؤسسات الرسمية.
المسار الحكومي الذي يشكل الامتحان الأهمّ لكشف حجم الحركة الدولية وفي طليعتها التسهيل الأميركي لمعالجة الأزمات المتراكمة ومنع الانهيار، يدخل مرحلة مفصلية خلال الأسبوع المقبل، وفقا لمصادر سياسية تتابع بإهتمام الحوار بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، فالإمتحان داخلي أيضاً كما هو خارجي، وفي الشق الداخلي كشفت المصادر عن أنّ المهلة التي حددها الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة هي نهاية الشهر الحالي، وأنه ما لم تنته الأمور بولادة حكومة قبل نهاية المهلة فالإعتذار سيكون هو الخيار المطروح على الطاولة، وتقول المصادر إنّ الأمتار القليلة التي أشار إليها الرئيس ميقاتي قبل أسبوع تمّ التقدّم منها الى نهاية المسار رغم التبدّلات التي لحقت بهيكلية توزيع الحقائب والطوائف في ضوء طلبات الكتل النيابية، وأن المتبقي عملياً الاتفاق على اسمي الوزيرين الأخيرين، اللذين كانا موضع اتفاق مبدئي على تسميتهما بالتشارك بين الرئيسين، وفيما تقول أوساط تكتل لبنان القوي أن الرئيس عون منفتح بكل إيجابية على صياغة هذا التفاهم وتذليل بعض العقبات التي تمثل روتوشات على ما تم إنجازه، تقول أوساط متابعة لحركة الرئيس ميقاتي انّ النقاش حول إسمي الوزيرين سيكشف قضية الثلث المعطل، فمرونة رئيس الجمهورية في التوصل لتلفاهم عليهما تعني صدقية الإعلان عن عدم سعي رئيس الجمهورية لثلث معطل والتعنت في مقاربة التسمية عند أسماء معينة تحتسب ضمناً على الفريق الرئاسي سيعني التمسك بالثلث المعطل وبالتالي فشل المسعى الحكومي، وعندها سيكون اعتذار الرئيس ميقاتي على الطاولة.
لا تزال الحكومة العتيدة اسيرة المشاورات والمفاوضات حول بعض الحقائب والاسماء، فالعقبات لا تزال على حالها ولم تحل بعد عقد حقائب الداخلية والعدل والطاقة علماً أنه يجري العمل للتوصل إلى تسوية ما في العقد، فالاجواء التفاؤلية تراجعت وثمة من يقول إن العراقيل قد تكون ابعد من محلية.
في هذا السياق، فإن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يواصل اتصالاته مع المعنيين من اجل تأليف حكومة سريعا وهو يستنفذ كل السبل الايلة لنجاح مهمته ويعول على تعاون الجميع لتشكيل حكومة قادرة على وضع حد للانهيار ومعالجة الازمات الراهنة لاسيما المتصلة بالكهرباء والمحروقات والدواء فضلا عن التحضير للانتخابات النيابية. وبينما يترقب المتابعون الزيارة المرتقبة للرئيس المكلف الى بعبدا فإن لقاءات عقدت بين مستشاري الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف في الساعات الماضية وركزت على تبادل الاقتراحات التي من شأنها حلحلة مشكلة الاسماء العالقة.
وليس بعيدا تقول مصادر نيابية في فريق 8اذار ان عقدة الثلث المعطل هي التي تعطل التأليف، فمشكلة الاسماء تصب اولا واخيرا في خانة الثلث الضامن، اذ ان رئيس الجمهورية من خلال الأسماء التي يطرحها يسعى الى الحصول على 10 وزراء بطريقة ملغومة. عطفا عن ان التسريبات التي يسربها المقربون من بعبدا حول الاسماء تهدف اولا واخيرا الى اضفاء المزيد من الاجواء السلبية. وبحسب المصادر النيابية على الأجواء الدبلوماسية فإن عددا من السفراء يحملون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية تعطيل التشكيل، واستغرب هؤلاء السفراء كيف يمكن ان يتغاضى المعنيون عن الأخطار المحيطة بالبلد، ويلتهون بالحصص بدلا من انقاذ البلد عبر الانصراف الى تسهيل التأليف.
وشدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رسالته الى اللبنانيين مساء السبت على "ان الحكومة ستتشكّل وبالتعاون بيني وبين الرئيس المكلّف، على ان تكون قادرة على القيام اصلاً بالإصلاحات وحاصلة على ثقة الكتل النيابيّة."
الى ذلك اعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن سفينة ثانية ستبحر من ايران خلال أيام قليلة إلى لبنان. واضاف نصرالله: "خط الغاز القادم من مصر عبر سورية لتأمين الكهرباء يتطلب تشكيل وفد رسمي يقوم بزيارة سورية للتنسيق معها في كيفية مروره عبر اراضيها". وتوجه للأميركيين قائلا: "إذا كنتم فعلا تريدون مساعدة لبنان إسحبوا الفيتو عن المساعدات الدولية. وأشار إلى أن "على الحكومة أن تتحمل المسؤوليات وتخفف من معاناة الناس ولإصدار المراسيم التطبيقية للبطاقة التمويلية".
اضاف نصرالله: "خط الغاز القادم من مصر عبر سوريا لتامين الكهرباء يتطلب تشكيل وفد رسمي يقوم بزيارة سوريا للتنسيق معها في كيفية مروره عبر اراضيها".
ورأى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انه "بعد سنة وشهر بات واضحًا للجميع رغم الوعود الفارغة أن المسؤولين في لبنان لا يريدون حكومة، تاركين الشعب يتدبّر امره بيده. وهو يفعل ذلك ولو بالاذلال، ويحافظ على ما لم يحافظوا هم عليه. وإذا سألتهم: لماذا؟ فلا يعرفون! ولذا، يتبادلون التهم ليلًا ونهارًا".
وأضاف الراعي: أيها المسؤولون: أوْقِفوا العبث بمصيرِ الوطنِ والدولة، واستنزافَ تشكيلةٍ وزاريّةٍ بعد تشكيلة، واختلاقَ شروطٍ جديدةٍ كلّما حُلَّت شروطٌ قديمة. ضعوا حدًّا لنهجِ التعطيلِ والسلبيّةِ ودربِ الانتحار. وأكد من جديد دعمه للثورة،ِ وحِرصه على الشرعيّة، لافتاً الى أنّ "شعلة الثورة ما زالت ملتهبة وتحتاج الى شدّ روابط وحدتها وتصويب اهدافها". وسأل: "لكن بالمقابل أين الشرعيّةُ من الثوابتِ الوطنيّة والمؤسّسات؟ أين دورُها في الحفاظِ على الدستورِ وسيادةِ لبنان؟ أين تَمسُّكُها باستقلاليّةِ القرارِ الوطنيّ؟ أينَ محاولاتُها لمنعِ تفتيتِ الدولة؟ أين مساعيها لإنقاذِ الشعب؟"
وكان اجتماع بعبدا السبت خلص الى لموافقة على اقتراح وزارة المالية بالطلب الى مصرف لبنان فتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء، وذلك بما يمثل قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار الأميركي بحسب منصة "صيرفة" والسعر المعتمد في جدول تركيب الاسعار والمحدد بـ 8000 ل.ل. (بدعم حدّه الأقصى 225 مليون دولار أميركي لغاية نهاية شهر أيلول)، وعلى أن يتم تسديد هذه الفروقات بموجب اعتماد في موازنة العام 2022. واشار الى تعديل تعويض النقل المؤقت المنصوص عنه في القانون رقم 266 تاريخ 23/10/1993 والمحدد بالمرسوم رقم 538 تاريخ 14/10/2008 بحيث يُصبح /24000/ ل.ل. عن كل يوم حضور فعلي، وأهمية إعطاء مساعدة اجتماعية طارئة بما يساوي أساس الراتب الشهري أو المعاش التقاعدي دون أي زيادات مهما كانت نوعها أو تسميتها تسدد على دفعتين متساويتين، وتكليف وزير المالية اعداد الدراسة اللازمة للبحث في إمكانية شمول تلك المساعدة المستخدمين في المؤسسات العامة وموظفي البلديات وعلى أن تُصرف حينها وفقاً للأصول التي ترعى كل إدارة عامة.
هذا وافيد ان زيادة بدل النقل الى ?? الف ليرة تشمل في مرحلة اولى موظفي القطاع العام وعددهم حوالي ?? ألفاً، وستدفع بحلول نهاية الاسبوع الاول من شهر ايلول بالحدّ الاقصى. اما عدد الذين سيستفيدون من المساعدة الاجتماعية المتمثلة بالراتب الشهري الاضافي يصل الى حوالى 250 الفا، وهم الموظفون في القطاع العام بالاضافة الى المتعاقدين، والاجراء، والأجهزة العسكرية والامنية والقضاة والسلك التعليمي بمختلف فئاته والمتقاعدين الذين يستفيدون من راتب تقاعدي. علماً أنّ تسديد الراتب الشهري الاضافي للقطاع العام والاسلاك العسكرية والقطاع التربوي والقضاة والمتقاعدين سيتم على دفعتين، على ان تسدّد الدفعة الاولى بحلول منتصف شهر ايلول المقبل.
وفيما يتوقع وصول باخرة محملة بـ30 ألف طن من مادة المازوت يوم 23 أو 24 آب الحالي، لم يحسم بعد أمر فتح الاعتماد وتعزيزه لدى المصرف المراسل، إذ لا توافق حتى الساعة على سعر الصرف. علما ان مصادر مطلعة على ملف المحروقات تقول ان ازمة المحروقات سوف تسلك طريق المعالجة ابتداء من هذا الاسبوع حيث ستصبح الأسعار على الشكل التالي: صفيحة البنزين بين 125 ألفا و130 ألف ليرة بحسب سعر برميل النفط. صفيحة المازوت بين 95 ألفا و100 ألف ليرة بحسب سعر برميل النفط.وقارورة الغاز المنزلي بين 75 ألفا و80 ألف ليرة .
وكشف عضو نقابة أصحاب المحروقات ومدير الادارة المركزية لمحطات الايتام، جمال مكي، أن التخزين بدأ منذ مساء السبت ورأى أن التسعيرة الجديدة للمحروقات تلحظ فقط مصالح الشركات المستوردة وليس المحطات.
وقال: "سيكون لنا مؤتمر صحفي نعلن فيه عن جدول أسعار سري شارك فيه 5 اشخاص من بينهم وزير الطاقة وممثلون عن الشركات وبعض السياسيين، والارقام التي سنعلنها ستفاجئ الجميع".
وخلص اجتماع السراي امس الى ضرورة ان تستمر الأجهزة الأمنية والرقابية بمتابعة المحطات والموزعين بعد تطبيق الجدول الجديد للتأكد من البيانات الجمركية التي تثبت أن هذه الكميات التي لديهم هي بعد اصدار جدول 2012/8/22. وستعمد مديرية النفط الى معاقبة المتلاعبين بالأسعار والمحتكرين بحرمانهم من استلام المحروقات من المنشآت والشركات النفطية وتحويلهم الى القضاء، وستعمد القوى الأمنية بعد اشارة من القضاء على مصادرة الكميات المحتكرة.
*********************************************************************
نصر الله يرفع مستوى التحدي: إيران جاهزة للتنقيب على النفط في لبنان
بالرغم من حسم كل النقاط الخلافية، إلا أن الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال متردداً في الإقدام على تشكيل الحكومة لأسباب تتعلق برغبته بتمرير القضايا الخلافية على يد حكومة تصريف الأعمال. أبرز هذه القضايا، بعد تأجيل مسألة رفع الدعم، هي كيفية التعامل مع استيراد النفط من إيران. لكن في المقابل، فإن الأمين العام لحزب الله كان واضحاً في تأكيد أن اللجوء إلى إيران كان أمراً يحتمه رفض الذل الذي يواجه اللبنانيين. وإذ أعلن نصرالله أن سفينة إيرانية ثانية تنطلق قريباً، أكد ترحيبه بأي دعم يحصل عليه لبنان لمواجهة أزمته، لكنه نبّه إلى أن استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن سيحتاج إلى ما يزيد على ستة أشهر، معتبراً أن الطريق الأسرع هو رفع الفيتو الأميركي عن دعم الدول الصديقة للبنان
أدخل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، التنقيب عن النفط والغاز في البحر اللبناني في معادلة فك الحصار عن لبنان، التي كانت بدأت بإعلانه في العاشر من محرم عن انطلاق أول سفينة محروقات من إيران باتجاه لبنان. وقال نصرالله: "إذا أتى الوقت وليس هناك شركات تريد الحفر لاستخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية فنحن جاهزون للاستعانة بشركة إيرانية ولديها خبرة كبيرة ولديها الجرأة ولا تخاف من العقوبات الأميركية ولتجرؤ إسرائيل على استهدافها".
نصرالله كان أعلن أن "سفينتنا الثانية المحملة بالمشتقات النفطية ستبحر من إيران خلال أيام قليلة إلى لبنان والموضوع ليس موضوع سفينة أو سفينتين وسنواصل هذا المسار طالما بقي الوضع في لبنان هكذا وطالما البلد محتاج". وأكد أن "ما سنأتي به هو للبنان ولكل اللبنانيين وليس لحزب الله أو للشيعة أو لمنطقة من دون غيرها، والهدف هو مساعدة كل اللبنانيين وكل المناطق اللبنانية وليس مساعدة فئة من دون فئة، ونحن لسنا بديلاً عن الدولة اللبنانية ولسنا بديلاً عن الشركات التي تستورد المشتقات النفطية ولسنا ننافس أحداً. هدفنا تخفيف الأزمة وزيادة العرض وضرب السوق السوداء". وأكد أن "شعبنا يذل ونحن لا نقبل أن يذل شعبنا ونحن نريد أن نخفف معاناة وبالأمور الثانية ما نقدر عليه سنساعد".
وأكد الأمين العام لحزب الله، في خطاب ألقاه في ذكرى أسبوع الشهيد عباس اليتامى، اطلاعه على تقارير عن وجود عشرات الملايين من ليترات البنزين والمازوت التي تخزنها الشركات والمحطات لتستفيد من السعر لاحقاً".
ولفت إلى أن استجرار الغاز المصري يساعدنا في تشغيل الطاقة الكهربائية في لبنان، كما يسهم في كسر قانون قيصر ويحل مشكلة كبيرة في أزمة الكهرباء في لبنان. وقال "أهلاً وسهلاً بكل مسعى يؤمن الكهرباء في لبنان وأي أحد يريد أن يساعد لبنان نرحب بذلك، والمهم أن يعرف اللبنانيون أن أمر استجرار الغاز المصري عبر الأردن فسوريا وصولاً إلى شمال لبنان يحتاج إلى 6 أشهر على الأقل، كما أن خطوة استجرار الغاز المصري بحاجة إلى مفاوضات وقبول من البنك الدولي وبحاجة إلى التفاوض مع سوريا".
واعتبر أن السفيرة الأميركية "تبيعنا أوهاماً، لكن إذا تحققت فلن نشعر بالانزعاج لأن هذا يعني كسر الحصار، وهناك كثير من الدول التي يمكن أن تقدم الكثير لنا لكن أميركا تمنعها وتضع الفيتو". وأوضح أن على الإدارة الأميركية رفع الفيتو عن تقديم الدعم إلى لبنان إن كانوا عازمين على المساعدة. واعتبر أن كلام السفيرة الأميركية عن السماح باستجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر سوريا "يدينها، لأن كل اللبنانيين يعرفون أن هاتين الفكرتين كان يتم العمل عليهما منذ سنوات، لكن الفيتو كان أميركياً وعلى الإدارة الأميركية رفع الفيتو عن تقديم الدعم إلى لبنان إن كانت عازمة على المساعدة".
ولفت نصرالله إلى أن الولايات المتحدة الأميركية والسفارة الأميركية تتحملان مسؤولية الحصار في لبنان وهي تتدخل في كل شيء من شركات المحروقات إلى شركات الأدوية وتتدخل مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب وأيضاً تتدخل مع البلديات. وذكّر بأن الأميركيين والسعوديين "عملوا خلال السنوات الماضية على إيجاد حرب أهلية لكنهم فشلوا، وحاولوا جرنا إلى صدام وفشلوا فلجأوا إلى البديل وهو التفتيت وبدأوا بذلك منذ 17 تشرين في 2019، والأمر يتجاوز تأليب بيئة المقاومة على المقاومة وما يحدث أكثر منذ ذلك إلى ضرب الحياة اللبنانية عبر ضرب اللبناني في حياته وعيشه وبيته وهذا ما تديره السفارة الأميركية".
وذكر السيد نصرالله بأنه "بعد أن يأس الأميركيون من الأحزاب لجأوا إلى الـ"NGOs"، وتحت تأثير غياب الأمن الاجتماعي يلجأون إلى الحكومات التي يريدونها ويأخذون لبنان إلى التفريط بحقوقه وإلى الذهاب للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولا يوجد شيء اسمه عقوبات دولية على إيران وإنما فقط عقوبات أميركية لكن للأسف بعض المسؤولين اللبنانيين يخافون من أميركا أكثر مما يخافون من الله".
وسأل نصرالله ألا يستحق خرق الطائرات الإسرائيلية الأجواء اللبنانية وتعريض الطيران المدني للخطر إدانة من السياديين؟"، وأوضح بأن "السفيرة الأميركية والسفراء المتعاقبين يديرون كل المعركة ضد المقاومة والقوى الوطنية الحقيقية، والمعلومات والوثائق ووثائق ويكيليكس تقول ذلك، وكيف يتدخل هؤلاء بالتفاصيل اللبنانية ويتدخلون بالانتخابات وبالتعيينات وكل شيء".
ولفت نصرالله إلى أن حادثة التليل ماتت في غضون أيام قليلة والتحقيق متوقف، "وهنا نسأل من المسؤول ومن يجب أن يحاسب؟".
وفيما كرر نصرالله دعوته إلى تشكيل الحكومة، كانت المراوحة سمة نهاية الأسبوع. فلم يزر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعبدا، وإن لم تتوقف المفاوضات بين ممثلي الطرفين.
وأكدت مصادر مطلعة أن كل العقبات قد ذللت، متوقفة باستغراب عند عدم مبادرة ميقاتي إلى حسم الأمر، تمهيداً لإعلان التشكيلة. فبعد أن اتفق على الصيغة الحكومية وعلى توزيع الحقائب، لم يعد مسموحاً، بحسب المصادر، تأخير التشكيل بحجة عدم الموافقة على هذا الاسم أو ذاك. واستنكرت المصادر افتعال ميقاتي مشكلة تتعلق بالثلث المعطل، مؤكدة أن هذه مشكلة لا أساس لها، إذ إن كل الأطراف، عند الجد، تملك الثلث المعطل.
وفيما تردد أن ميقاتي كان يخشى التشكيل قبل حسم مسألة رفع الدعم، دعته مصادر مسؤولة إلى الاستفادة من الاتفاق الذي حصل في بعبدا وقضى بنزع فتيل مشكلة رفع الدعم حتى نهاية أيلول.
وأشارت المصادر إلى أن عليه الإسراع في تشكيل الحكومة للاستفادة من فترة السماح التي حصل عليها على الصعيد المعيشي، على أن يبدأ بالتصدي للأزمات التي تواجه اللبنانيين. وفيما ألمحت المصادر نفسها إلى أن رغبة ميقاتي بأن تمرر حكومة تصريف الأعمال كل الملفات الإشكالية قبل تسلمه رئاسة الحكومة، اعتبرت أن ذلك ليس هو الحل، بل المطلوب أن يخرج من دائرة التردد قبل أن تتوسع، مستفيداً من استمرار الدعم الدولي والمحلي له. ودعته إلى عدم التوقف عند موقف صدر عن مسؤول سابق في الإدارة الأميركية (ديفيد شينكر) لا صفة له حالياً. علماً أن شينكر كان دعا ميقاتي إلى مواجهة حزب الله بموقف واضح من خلال رفضه استقبال النّفط الإيراني في لبنان. وفي حديث لموقع "أساس"، اعتبرَ شينكر أنّ العوائق أمام ميقاتي ليست محصورة بحزب الله فقط: "فهناك مطلب الرّئيس عون والنّائب جبران باسيل بالحصول على الثّلث المُعطِّل، وفي حال لم يُنفِّذ ميقاتي هذا المطلب فإنّ كلّ الاحتمالات مفتوحة". وأشارَ في الوقت عينه إلى أن الرّئيس ميقاتي يعرف الظّرف الطّارئ الذي يمرّ به لبنان والحاجة المُلحّة إلى تشكيل حكومة، لكنّ أمامه عقبات أساسيّة عنوانها "رفض الإصلاحات الجدية في لبنان".
اغتيال عنصر مخابرات سابق في طرابلس
أقدم مجهولون، في وقت متأخر من ليل أمس الأحد، على إطلاق النّار من سلاح حربي باتجاه أحمد مراد (الملقب أبو زياد مراد)، وهو عنصر سابق في مخابرات الجيش اللبناني، في محلة طريق المئتين عند مفرق مدرسة روضة الفيحاء في طرابلس، ما أدّى إلى إصابته بثلاث طلقات في الرأس، نقل على أثرها إلى أحد مستشفيات المدينة للعلاج، لكنه ما لبث أن فارق الحياة لاحقاً متأثراً بجروحه. وأفادت معلومات بأن مراد كان على متن دراجة نارية، برفقة زوجته التي أصيبت بدورها بطلق ناري في يدها، وكان في طريق عودته من أفران لبنان الأخضر القريب من موقع الجريمة (يبعد نحو 300 متر تقريباً)، وكان معه ربطات خبز اشتراها لعائلته من الفرن، فيما فرّ مطلقو النار إلى جهه مجهولة، على متن دراجة نارية أيضاً.
وفيما حضرت القوى الأمنية إلى المكان وفتحت تحقيقاً بالحادثة، سُجّل انتشار أمني كبير في شارع المئتين ومتفرعاته، حيث أغلق الجيش اللبناني كلّ الشّوارع والطرقات في المنطقة، وطوّقها من جميع الجهات، أملاً في العثور على مشتبه فيهم أو أدلّة.
مصدر أمني أوضح لـ"الأخبار" أنّ مراد "أصيب برصاص متفجّر في الرأس والصدر"، لافتاً إلى أن طريقة تنفيذ الجريمة توحي بعملية اغتيال مدبّرة، لافتاً إلى أن مراد، قبل تقاعده، كان يتابع ملفات "الحركات الإرهابية".
***********************************************************************
جسر للنفط الإيراني… “حزب الله” يختزل الدولة!
لم يعد ثمّة شكّ في ان المسار الحارق لأزمة #المحروقات الذي تقدم بأشواط المسار المتعثر لتأليف الحكومة، بات يظلل العمق الحقيقي لواقع تعطيل #تشكيل الحكومة خصوصاً مع الدلالات الإضافية التي أبرزتها كلمة الأمين العام لـ”#حزب الله ” السيد حسن نصرالله مساء امس والتي كشفت الاتجاه الى إقامة “جسر ملاحي” بحري لاستقدام سفن المحروقات الإيرانية، كما ذهب ابعد الى الكشف عن امتلاك حزبه شركات للتنقيب عن النفط والغاز في البحر. والحال ان المواقف الجديدة التي اعلنها نصرالله اكتسبت دلالات بالغة السلبية حيال الدولة كلاً لجهة ظهور الحزب منافساً أساسياً لها في استيراد المحروقات، ولو نفى الحزب ذلك، من دون أي اذن او موافقة رسمية، بل إمعان في توريط لبنان في مسار صراع دولي – أقليمي ومسار عقوبات أميركية، فضلاً عما يمكن ان يتركه هذا النمط الطالع الجديد من تعميق للانقسامات الداخلية وانعكاسات إضافية باتت شبه حتمية على عملية تشكيل الحكومة. وأثارت مواقف نصرالله الذي شنّ حملة شعواء على الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تساؤلات محرجة جديدة لجهة معنى حملة الانتقادات التي شنها اول من امس رئيس الجمهورية #ميشال عون على كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحكومة تصريف الاعمال ومجلس النواب لانهم لم يستجيبوا مطالبه في ملف #رفع الدعم عن المحروقات فيما استمر في تجاهل اتخاذ أي موقف من الاتجاهات الخطيرة لحليفه السيد نصرالله على رغم ما تشكله من استحقاقات داهمة قد تنزلق اليها البلاد برمتها خارجياً وداخلياً.
وكشفت أوساط مطّلعة ان مسألة بواخر المحروقات الإيرانية تثير محاذير كبيرة لجهة امكان تعريض “حزب الله” لبنان لعقوبات دولية نتيجة خضوع #النفط الإيراني للعقوبات، بما يعكس ملامح إلحاق محور “الممانعة” للبنان بوضع فنزويلا بعد الانهيار التدريجي المرتبط بغياب الإصلاحات الاقتصادية والتضخم الذي يصعد أدراجه بما يشبه بداية الأزمة التي عرفها النموذج الفنزويلي. في ظل ذلك، بات سياسيون مطلعون يستبعدون ولادة الحكومة في القريب العاجل بعد الرسائل التصعيدية الواضحة التي وجّهها تباعاً الأمين العام لـ “حزب الله”، بما يؤكّد أن المشكلة أبعد من الحدود الداخلية أو من المطالبة بحقائب معيّنة أو بعدد من الوزارات كحصر الموضوع بمسألة “الثلث المعطّل”. وثمة من يشير بوضوح إلى ارتباط عرقلة الحكومة بمقاربة “حزب الله” الذي يمتلك مشروعاً واضحاً يريد تطبيقه في لبنان، من دون إغفال كميّة المعاني والدلالات التي تحملها رسالة بواخر الوقود الإيرانية التي تعني صراحةً نيّة في السيطرة على المحرّك الأساسي للاقتصاد اللبناني وربطه بواقع إيران المرتبط بالعقوبات، بما يعني مزيداً من التدهور، بدلاً من الاحتكام إلى سلوك بداية طريق الانقاذ عبر التفاوض حول برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي الذي يعتبر الجهة العلمية الوحيدة التي يمكنها رعاية المشروع الإصلاحي في البلاد.
التعقيدات الحكومية
في أي حال، فإن المعطيات المتوافرة عن عملية تشكيل الحكومة لا توحي بان الأيام الأخيرة شهدت أي خرق جدي وكاف لتوقع ولادة قريبة للحكومة حتى ان بعضهم عاد يتحدث عن توازن سلبي بين احتمالات التأليف والاعتذار. فحتى مساء امس لم يكن ثمة موعد محدد جديد للقاء جديد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وأشارت المعلومات المتوافرة الى عدم تحقيق أي تقدم من خلال زيارات وتحركات المستشارين في الأيام الأخيرة حيال عقبات حقائب الداخلية والعدل والطاقة والشؤون الاجتماعية. وذكر بعض المعلومات ان قرابة عشر حقائب او اكثر بقليل كان حصل التوافق عليها بين الرئيسين، لكن ذلك لا يعتبر ثابتاً قبل معرفة مصير بتّ الحقائب الأساسية الأخرى التي حالت دون استكمال التوافق على مجمل التشكيلة.
في غضون ذلك هاجم السيد نصر الله في كلمته امس ما وصفه بـ “تدخلات السفارة الاميركية سواء مع الشركات والبلديات وبعض جمعيات المجتمع المدني”. كما اتهم “الدور السعودي بالسعي الى خلق فتنة طائفية لكنهم فشلوا”. واتهم البعض بـ “الجهل والتهويل لجهة التلويح بالعقوبات الدولية”، لافتا الى رفعها عن إيران مؤخراً “وهي تختلف عن العقوبات الاميركية”. وذكر أنه “بحسب معلوماته، أن السفارة الاميركية فوجئت بالاعلان عن استقدام سفينة النفط واعتبرته غير جدي”. وأعلن أن “السفينة الثانية ستبحر بعد أيام، وستلحق السفينة الأولى التي صارت في عرض البحر”، مؤكدا “مواصلة هذا المسار طالما أن البلد محتاج، وبهدف تخفيف معاناة الناس”.
وشدد على أن “النفط الذي نأتي به هو لكل اللبنانيين، والمستشفيات والأفران، وأننا لسنا بديلاً من الدولة، ولسنا بديلا من الشركات التي تستورد المحروقات ولسنا في مجال التنافس مع أحد” موضحا أنه سيعلن عن آلية عمل السفينة وسبل تفريغها قريبا. وتوقف عند اتصال السفيرة الاميركية برئيس الجمهورية يوم أعلن استقدام سفينة النفط، وما اخبرته يومها بالسعي لاستجرار الغاز من مصر عبر الاردن وسوريا، وأيضا الكهرباء من الاردن عبر سوريا، معلنا ترحيبه “بكل خطوة تحصل لتخفف عن معاناة الناس” وقال : “نحن انتصرنا، وكلام السفيرة الاميركية يدينها، لأن اميركا كانت تمنع الكهرباء عن لبنان، رغم سعي مصر والاردن الى ذلك قبل سنوات”.
كلام نصرالله عن المحروقات اعقب الاجراء الذي اتخذ في #اجتماع بعبدا السبت والذي سيبدأ على أساسه تنفيذ التسعيرة الجديدة للمحروقات على إساس احتساب الدولار “النفطي ” بـ 8000 ليرة بكلفة دعم استثنائي تتحمله الدولة حتى نهاية أيلول ويقدر بـ 225 مليون دولار. وستشكل الأيام الطالعة اختباراً لمدى جدوى هذا الاجراء الموقت الذي يثير محاذير كثيرة اكثر مما يحمل إيجابيات ولو انه ربما يخفف ظاهرة ازدحام الطوابير عند المحطات.
الراعي
وفي موقف جديد عالي النبرة حيال المسؤولين ، لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار #بشارة بطرس الراعي امس الى انه ” بعد سنة وشهر بات واضحًا للجميع – رغم الوعود الفارغة – أن المسؤولين في لبنان لا يريدون حكومة، تاركين الشعب يتدبّر امره بيده. وهو يفعل ذلك ولو بالاذلال، ويحافظ على ما لم يحافظوا هم عليه. وإذا سألتهم: لماذا؟ فلا يعرفون! ولذا، يتبادلون التهم ليلًا ونهارًا”. وقال :”ان كلمة الله تصرخ بكم، أيها المسؤولون: أوْقِفوا التلاعبَ بمشاعرِ الشعبِ وتعذيبه. أوْقِفوا العبث بمصيرِ الوطنِ والدولة، واستنزافَ تشكيلةٍ وزاريّةٍ بعد تشكيلة، واختلاقَ شروطٍ جديدةٍ كلّما حُلَّت شروطٌ قديمة. ضعوا حدًّا لنهجِ التعطيلِ والسلبيّةِ ودربِ الانتحار. اننا نُدين التزامكم تصفيةَ الدولةِ اللبنانيّةِ بنظامِها وميثاقِها ودورِها التاريخيِّ ورسالتِها الإنسانيّةِ والحضاريّة. لقد بات واضحًا أنّكم جُزءٌ من الانقلابِ على الشرعيّةِ والدولة، وأنّكم لا تريدون لبنانَ الذي بناه الآباءُ والأجدادُ أرضَ لقاءٍ وحوار، وأنّكم لا تريدون حكومةً مركزيّةً بل تَتقصَّدون دفعَ الشعبِ عَنوةً ورغمًا عنه إلى إدارةِ شؤونِه بنفسِه، وإلى خِيارات يَنأى عنها منذ خمسين سنة”.
*************************************************************
“بدعة” الـ8000 تُكبّد الخزينة 1000 مليار “لتغطية نفقة شهر”
الراعي للطبقة الحاكمة: أنتم الانقلاب!
ما كان ينقص اللبنانيين سوى تحذير “اليونيسف” من خطر النقص الحاد في المياه، ليصطفوا في طابور جديد اكتملت معه دائرة “النظام المرصوص” بطوابير الذل على امتداد انقطاع السلع الحياتية الحيوية… وما كانت تنقصهم أمام هول المصائب المنهمرة فوق رؤوسهم سوى “بكائية” جديدة من سلسلة بكائيات “ما خلوني”، التي أطل بها رئيس الجمهورية ميشال عون ليل السبت مستعرضاً “البطولة المطلقة” التي يلعبها على “خشبة” الخلاص والإنقاذ تحت وطأة تهاوي مؤسسات الدولة وانهيارها الواحدة تلو الأخرى، متعامياً عن تقاطع أصابع الاتهام من مختلف الاتجاهات الداخلية والخارجية في التصويب نحو تحميل العهد وتياره المسؤولية المباشرة عن هذا التهاوي والانهيار، في ظل امتهان الأجندة العونية سياسة التعطيل والعرقلة… من احتجاز التشكيلات القضائية إلى إجهاض التشكيلات الوزارية.
ولأنّ الطبقة الحاكمة أمعنت في “تعاسة الشعب” ولا يصغي المسؤولون فيها “إلا إلى مصالحهم وحساباتهم”، لم يجد البطريرك الماروني بشارة الراعي ما يصحّ في توصيفهم أدق من قول بولس الرسول “بطونهم آلهتهم”، مشدداً على أنّ مكمن العلة في “مأساة” اللبنانيين هي في “انهيار أخلاق المسؤولين”، الذين تبيّن “بعد سنة وشهر من الوعود الفارغة” أنهم “لا يريدون حكومة”، مندداً بالتزامهم أجندة “تصفية الدولة”، وتوجه إليهم بالقول: “أوقفوا تعذيب الشعب واستنزاف تشكيلة وزارية بعد تشكيلة واختلاق الشروط، ضعوا حداً لنهج التعطيل ودرب الانتحار (…) لقد بات واضحاً أنكم جزء من الانقلاب على الشرعية والدولة”.
وفي الإطار الحكومي، بدأ الحيّز الزمني للمهلة التي وضعها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي يضيق مع اتجاه الأمور نحو “أسبوع الحسم” في المواقف والتوجهات، وفق ما أكدت مصادر مواكبة لملف التأليف، موضحةً أنّ مسار الأحداث سيتبلور عملياً من خلال نتائج اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة في قصر بعبدا بين عون وميقاتي، والذي في ضوئه يمكن أن تتحدد “البوصلة” بين التأليف “إذا صدقت الوعود المعسولة”، أو الاعتذار “إذا استمر نهج المناورة والمراوغة”.
أما في مستجدات أزمة المشتقات النفطية، فاسترعى الانتباه أمس إعلان السيد حسن نصرالله على هامش تأكيده إبحار باكورة البواخر الإيرانية باتجاه لبنان، جهوزية “حزب الله” للاستعانة بشركة إيرانية “للحفر واستخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية” اللبنانية، بينما لا تزال الدولة غارقة في “شبر مياه” الصراعات الشعبوية التي تمخضت عن إقرار تسعيرة مستحدثة للمحروقات إثر اجتماع قصر بعبدا، “رضخ بموجبها رئيس الجمهورية مواربةً لقرار حاكم المصرف المركزي رفع الدعم بعد التسليم بتوفير مصرف لبنان الدولارات لواردات الوقود وفق سعر السوق، على أن تتحمّل ميزانية الدولة الفارق بين هذا السعر وبين تسعيرة الـ8000 ليرة لكل دولار”، وفق تعبير مصادر مالية، كاشفةً أنّ دعم المحروقات بهذه “البدعة” الجديدة سيكلف الخزينة “ديناً يفوق 1000 مليار ليرة ليضاف إلى العجز الكبير في الموازنة، وهذا فقط لتغطية نفقة شهر واحد من استهلاك السوق للفيول”.
وإذ أعربت عن قناعتها بأنّ “زيادة رواتب القطاع العام وبدلات النقل سيمتصها التضخم بفترة قياسية”، شددت المصادر (ص 11) على أنّ “الحلول الترقيعية التي تنتهجها السلطة هي أكثر كلفة من الحل الشامل، الذي يتمثل برفع الدعم كلياً والانتقال إلى الدعم المباشر للأسر والأفراد”، وأسفت لتحويل المواطن إلى “فأر تجارب” في مقاربة سياسة الحلول المجتزأة، معتبرةً أنّ هذه السياسة “سيدفع ثمنها اللبنانيون مزيداً من التدهور في قدرتهم الشرائية”. وأكدت أنّ “الدعم المحدد بـ225 مليون دولار سيدفع بالدولار النقدي وسيؤمن بالنهاية من التوظيفات الإلزامية التي تعود إلى المودعين، وبالتالي فإنه مع كل مسّ في هذه التوظيفات سيزداد الضغط على سعر صرف الليرة ما سيؤدي حكماً إلى ارتفاع الدولار”.
وأشارت المصادر إلى أنّ “المبلغ المخصص لشراء البنزين والمازوت بعد حسم حصة مقدمي الخدمات وصيانة المعامل يكفي لشراء 12 مليون صفيحة من المادتين لمدة 6 أسابيع، في حين أن السوق استهلك شهرياً في العام 2020 ما يقرب من 17.3 مليون صفيحة”، وبناءً على هذه المقاربة “سيبقى الطلب أعلى بكثير من العرض، خصوصاً وأن التهريب إلى سوريا سيستمر طالما استمرّ سعر المحروقات محلياً أقل من النصف عما هو عليه في سوريا”.
أما عن إقرار مساعدة غلاء معيشة بكلفة تقدر بحوالى 600 مليار ليرة، وزيادة بدل النقل بكلفة 1200 مليار ليرة، فرأت المصادر أنّ هذه المبالغ ستؤمن بطبيعة الحال من “طباعة الليرة” خصوصاً إذا ما شملت الزيادة كل العاملين في القطاع الخاص، ولم تقتصر على موظفي الإدارة العامة كما كان اقتراح وزارة المال، منوهةً في هذا الإطار بأن “زيادة الكتلة النقدية سترفع الطلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر، وستؤدي في نهاية المطاف إلى مواصلة سعر الصرف طريقه صعوداً”.
********************************************************************
أزمة المحروقات في لبنان… امتحان جديد وآمال ضئيلة
رغم رفع الأسعار المدعومة ونقل الأعباء إلى المالية العامة
علي زين الدين
يخضع المستهلكون في لبنان لامتحان جديد، بدءاً من اليوم (الاثنين)، للفوز بحاجاتهم الملحة من المشتقات النفطية، وسط إحباط عام من المقاربات الرسمية لمعالجة المشكلات الحياتية المستعصية التي تتفاقم بسرعة قياسية، وآمال ضئيلة بإمكانية نجاح المعالجات التسكينية، وانتهاء طوابير الذل التي يصطفون فيها أمام محطات المحروقات.
وبمعزل عن البعد السياسي في تقديرات الربح الوهمي لبعضهم، والخسارات المؤكدة للجميع، التي حفزت على التمادي بتمديد الدعم، على الرغم من ثبوت عقم مبالغه الطائلة في توفير المواد، وإعادة الانتظام إلى الأسواق، فإنه ليس من المؤمل -بحسب مصادر متابعة- إحداث خروقات جدية في توفر مادتي البنزين والديزل لصالح المستهلكين من أفراد ومؤسسات، على الرغم من قرار مضاعفة أسعار البيع بالتجزئة. فالأسعار الجديدة لا تزال مغرية للغاية، ما دام أن قرارات الاجتماع في القصر الجمهوري في بعبدا قد انطوت على المجاهرة بصفتها مؤقتة، وأنه سيتم اعتمادها حتى نهاية الشهر المقبل حصراً، وما دام أنها تماثل نحو ثلث السعر المعتمد في سوريا التي تشكل أسواقها مقصداً لعمليات التهريب النشطة على طول الحدود مع محافظتي البقاع والشمال.
وفي الأساس، توضح المصادر المصرفية المواكبة أن السعر الواقعي لصفيحة البنزين (20 لتراً) يقارب 12 دولاراً؛ أي نحو 250 ألف ليرة، حسب السعر الرائج للدولار حالياً. ومع اعتماد تسعيرة جديدة تقل عن 7 دولارات، ارتفاعاً من نحو 3.9 دولار (بموجب القرار المتخذ في اجتماع القصر الجمهوري أول من أمس)، يظل الفارق 5 دولارات في الحد الأدنى، وهذا يعني تلقائياً أن حمولة صهريج واحد تحقق ربحاً متوسطاً يتعدى الـ5 آلاف دولار، في حال تهريبها أو تخزينها، علماً بأن تجار الأزمات أوصلوا سعر الصفيحة في الأسواق إلى ما بين 400 و500 ألف ليرة؛ أي بفارق يراوح بين 13 و18 دولاراً عن السعر الرسمي المستجد.
وتنطبق المعادلة الربحية المغرية بصورة أكثر وضوحاً على مادة المازوت (الديزل)، إذ أبلغ مستهلكون من أصحاب الشركات وسكان المدن الكبرى الذين يشتركون بشراء المادة لمولدات الأبنية بأن سعر الطن (ألف لتر) وصل في الأيام الأخيرة إلى ما بين 20 و25 مليون ليرة؛ أي ما يتعدى الألف دولار نقداً -دائماً وفق السعر الجاري للدولار في الأسواق الموازية- وبذلك يكون سعر الصفيحة قد ارتقى واقعياً إلى ما بين 20 و25 دولاراً، مقابل نحو 5 دولارات للسعر الجديد، وأقل من 3 دولارات للسعر السابق، وهي فوارق استثنائية في جاذبيتها لتجار الأزمات، لا سيما مع ندرة الدولار في أسواق لبنان، والتدهور المريع لسعر صرف الليرة.
وبفعل شبه انقطاع التيار من مؤسسة الكهرباء، بينت الوقائع حيوية مادة المازوت في مجمل أوجه الحياة اليومية، حيث تسببت ندرتها في الأسواق بتفاقم أزمات المطاحن والمخابز والمستشفيات والمياه، ونقل السلع الغذائية والزراعية، والتبريد الضروري للحوم والأجبان والألبان، وخدمات المطاعم والفنادق وسواها، لتصل بحدتها إلى التزود بالتيار من المولدات الخاصة التي خرج جزء منها من الخدمة، فيما فرض الجزء «الصامد» إلى أجل قريب أكلافاً مضاعفة على المشتركين، لتتعدى كلفة الحد الأدنى المليون ليرة شهرياً بنهاية الشهر الماضي، مع ترقب لمضاعفتها مجدداً، تبعاً لتوفر المحروقات وأسعار مشتقاتها.
وإلى جانب الثقل النوعي على ميزانيات المستهلكين الناجم عن تحميل أعباء إضافية على المداخيل، في ظل التأخير المتمادي بإطلاق البطاقة التمويلية لنحو 500 ألف أسرة من الفقراء والأقل دخلاً، ضاعفت القرارات المستجدة -بحسب مصادر اقتصادية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»- من مستويات المخاطر المالية التي تعاني منها البلاد، ومن منسوب القلق وعدم اليقين لدى المؤسسات المالية، في الداخل والخارج على حد سواء. كما عززت المخاوف من تبديد التحويل الوارد من صندوق النقد الدولي، البالغ نحو 860 مليون دولار، بصفته حقوق سحب خاصة، المتوقع وصوله وتسجيله في حسابات مصرف لبنان قبيل نهاية الشهر الحالي أو أوائل الشهر المقبل. ولفت مسؤول مالي إلى محاذير الإمعان في الإنفاق على حساب موازنات لاحقة، بعد استنفاد نحو 12 مليار دولار في صورة مخصصات موجهة للدعم من حساب الاحتياطات الحرة لدى مصرف لبنان، والتسبب بنضوبها التام. فالمبدأ أن المسؤولية استمرار، ومن الخطأ ترحيل الأعباء المالية للفوارق بين سعر الدعم البالغ 8 آلاف ليرة لمبلغ إجمالي بقيمة 225 مليون دولار، وبسعر منصة البنك المركزي البالغ نحو 17 ألف ليرة، مع قابلية للتحرك وفق سعر الدولار في السوق الموازية. وهذا ما يفترض حكماً بدء تحرك وزارة المال للإعداد لمشروع قانون موازنة العام المقبل، والأهم توفر حكومة جديدة تقر المشروع، وتحيله إلى المجلس النيابي، نظراً لتعذر الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء حالياً، وفقاً للرأي القانوني الذي يستند إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب.
**********************************************************************
أمراء “السوق السوداء” يحكمون البلد… والـتأليف الى الوراء.. والاعتذار خيار جدي..
في زمن الحرب الداخلية، خضع اللبنانيون لميليشيات مسلحة سُمّي قادتها بـ»أمراء الحرب»، ونال لبنان ما ناله منها من دمار وخراب. أما في زمننا الحالي، فنُكِب لبنان بنوع آخر من «الأمراء»، أخطر وأدهى وأقوى من ميليشيات الحرب التي تقاتلت بالمدفع والرشاش، هم «أمراء السوق السوداء».
أمراء جدد، يعيش معهم لبنان العار بكلّ وسخه، حوّلوا البلد كلّه الى سوق سوداء؛ للدولار، للذلّ، للمحروقات، للتخزين، للسلع المدعومة، للدواء، للطحين، للغذاء، للتهريب، للّصوصيّة، للاحتكار، للغلاء والتحكم بالاسعار، ولن يطول الأمر والحالة هذه، حتى يأتي دور المياه والهواء.
أمراء تحميهم مافيات أقوى من الدولة، وليس من يردعهم، تشاركهم فئة أو فئات من اللبنانيين تحولت الى تجار سوق سوداء في كلّ مقومات حياة الناس وأساسياتها، يلحسون المبرد ويبلعون دماءهم، ويمشون فالتين على بعضهم بعضاً، يسرقون بعضهم بعضاً، ويفترسون بعضهم بعضاً، ويتاجرون ببعضهم بعضاً، ويتسابقون على قتل أنفسهم وبعضهم بعضاً، على ما هو حاصل في أكثر من منطقة، والسبب بسيط جدا هو ان الدولة السائبة تعلّم النّاس الحرام وقلة الاخلاق.
كلّ ذلك متفرّع عن سلطة مصابة بالسكتة الدماغية، يقبض امراؤها على البلد، تعاني الانفصام، فتدّعي العفّة وتصادر النزاهة وتشيطن كلّ الآخرين، فيما هي حوّلت السياسة وتحوّلها الى بازار اكاذيب وشعبويات فارغة، وجعلت من الحكومة سوقاً سوداء، يتلاعبون بتأليفها صعودا وهبوطا بين خطوة ايجابية الى الامام، وخطوات سلبية الى الوراء. فلقد صار تأليف الحكومة باليوميّة، بمعنى ان لكل يوم ملائكته وشياطينه وشروطه ومعاييره ومزاجياته، وكلّ يوم يقفل على سعر صرف حكومي جديد.
الاعتذار يتقدّم
التسعيرة الحكومية الجديدة، رَست في الساعات الماضية على تراجع ملحوظ في منسوب الايجابيات التي ضخّها رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي اواخر الاسبوع الماضي، وارتفاع كبير في منسوب السلبيات الى حدّ بَدا معه مسار التأليف قد قُطع بالكامل، وان الرئيس المكلف الذي كان على بُعد امتار قليلة من تأليف الحكومة، صار على بعد سنتيمترات قليلة من اتخاذ قرار الاعتذار الذي اصبح خيارا اكثر من جدي.
وفيما لم يتحدّد موعد للقاء جديد بين الرئيسين، تحدثت بعض المعلومات عن تشاور غير مباشر بينهما عبر الهاتف والموفدين، هذا في وقت ابلغت فيه مصادر سياسيّة معنيّة بالملف الحكومي إلى «الجمهورية» قولها إن صورة التأليف ليست مطمئنة، ونحن امام اسبوع دقيق حكوميا، يفترض ان يتوضح فيه الخيط الابيض من الاسود، مع ارجحية للسواد اكثر، تبعاً للاجواء القاتمة التي يجري تسريبها على خط الرئيسين عون وميقاتي.
وردت المصادر اسباب ذلك الى ما سمّتها مداخلات غير منظورة، داخلية وخارجية تحرّكت بشكل مكثف في الايام الاخيرة، واحبطت الإيجابيات التي ضخّها الرئيسان قبل نهاية الاسبوع الماضي. ونقلت المسار الحكومي في الاتجاه السلبي في الوقت الذي كان عون وميقاتي يؤكدان مضيّهما في السعي لتوليد حكومة في وقت قريب.
مرحلة الجوجلة
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ الرئيسين كانا قبل هذا التراجع بصدد الدخول في مرحلة الجوجلة والروتشة الاخيرة لاسماء المرشحين، تمهيدا للاعلان عن التشكيلة الحكومية في غضون ايام قليلة.
لماذا تراجع التأليف؟
وفيما حصرت مصادر سياسية سبب احباط التأليف بشروط ومطالب مفاجئة تقدم منها بعض الاطراف، سواء لناحية تعديل الاسماء او وضع فيتوات على بعضها او المطالبة بحقائب اضافية، ربطت مصادر اخرى هذا السبب بوصول الرئيس المكلف الى حائط مسدود مع عون جراء تمسك الاخير بمطالب ترفع حصته مع فريقه السياسي الى ما فوق الثلث المعطل في الحكومة. هذا في وقت كانت مصادر وسطية تشير الى ان الرئيس المكلف قرر الانكفاء بعد اعلان الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عن ابحار سفينة المازوت الايرانية في اتجاه بيروت، وهو امر لا يستطيع الرئيس المكلف ان يتحمله او يغض الطرف عنه، او ان يقدم غطاء له.
ولعل اجتماع السبت في القصر الجمهوري برئاسة عون وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر (عبر الاونلاين)، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، شَكّل، كما قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، اشارة جدية الى عدم استعجال على تأليف حكومة.
واشارت المصادر الى ان ما تقرر في هذا الاجتماع، يفترض ان تتخذه حكومة مجتمعة، اي حكومة نجيب ميقاتي في بداية حكمها. امّا وقد اتخذ هذا القرار، فمعنى ذلك ان لا استعجال على تشكيل حكومة، وبالتالي يمكن اتخاذ قرارات اخرى عندما تدعو الحاجة في اجتماعات مماثلة.
ودعت المصادر الى التوقف عند مسألتين:
الاولى، ان هذا الاجتماع بدا كاجتماع حكومة مصغرة، اتخذت فيه قرارات لها صلة بملف الكهرباء وفتح اعتمادات، تاركاً اقرارها لاحقا لمجلس الوزراء على سبيل التسوية، ويجب هنا التمعن في إيكال تلاوة مقررات المجلس المصغر الى امين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
الثانية، عند الدافع الحقيقي الى هذا الاجتماع ، وما اذا كان ردا من رئيس الجمهورية على عدم تعاطي المجلس النيابي كما يجب مع رسالة رئيس الجمهورية خلال جلسة مناقشتها يوم الجمعة الماضي، حيث جاء رد المجلس بالدعوة الى تسريع تشكيل حكومة والاسراع بالبطاقة التمويلية وتحرير السوق من الاحتكار، ام ان الدافع الحقيقي لهذا الاجتماع جاء بنصيحة او كان مغطّى برعاية خارجية له، خصوصا ان القرارات التي انتهى اليها لا تبدو وكأنها محاولة لترييح السوق المحلي للمحروقات، بقدر ما هي تنطوي على محاولة ضمنية يُراد منها استباق باخرة «حزب الله»، بحلول ولو تخديرية ومؤقتة، تجعل من تلك الباخرة بأنها لم تعد ضرورة.
عون
وقد اطلّ رئيس الجمهورية بكلمة بعد الاجتماع برّر فيها عقده، وقال: لأن الدستور حَصر دعوة مجلس الوزراء برئيسه، أو بموافقته في حال ارتأى رئيس الجمهورية ضرورة الدعوة إلى جلسة استثنائية، لم ينعقد المجلس بالتالي، ولم نتمكن من اتخاذ القرار المناسب. لذك، لم يعد أمامي إلا أن اطلب من مجلس النواب أن يتخذ المبادرة في معالجة هذه المسألة، فوجهت اليه رسالة شرحت فيها كل الوقائع، وطلبت مناقشتها واتخاذ القرار أو الموقف المناسب. ولكن، مع الأسف، أتى موقف مجلس النواب بصورة عمومية من دون أي خطوات عملية تنفيذية. وهو اكتفى بالدعوة إلى تشكيل حكومة وإصدار البطاقة التمويلية، وبعد ذلك رفع الدعم.
اضاف: مرة جديدة، لم نصل إلى نتيجة عملية، وقد استخدمت كل صلاحياتي الدستورية: مجلس الوزراء لم ينعقد، ومجلس النواب لم يتخذ اجراء عملياً، والوضع اليوم هو كما ترونه وتعيشونه. لقد احببت أن أصارحكم بالواقع كي تعرفوا أن هناك عرقلة لكل فكرة أو اقتراح أو مبادرة، كأن المطلوب هو المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين، ووقوفهم في طوابير الذل.
وقال: أنا أعرف أن المطلوب خطوات عملية، يجب أن نأخذها. ومن جهتي تشاورت مع دولة رئيس الحكومة، ودعونا الى اجتماع اليوم (السبت) في قصر بعبدا، تَقرّر فيه: دعم المحروقات على أن تتحمل الخزينة اللبنانية جزءاً من الكلفة، وإعطاء موظفي القطاع العام مساعدة اجتماعية عاجلة، بانتظار إعادة النظر في الرواتب والأجور وفقاً للأصول، وضمن خطة تَعاف شاملة. أما بالنسبة إلى الحكومة، فستتشكل بإذن الله، وبالتعاون بيني وبين الرئيس المكلف. والأساس هو أن تكون حكومة قادرة على القيام أصلاً بالإصلاحات، وحاصلة على ثقة الكتل النيابية».
وختم عون: اطمئنكم أنني سأظل أعمل حتى نبلغ الحلول، ولن أتأثر بالمزايدات ولا بالحملات الإعلامية، كما ولن أتخلى عن واجباتي ومسؤولياتي. للأسف، تعطلت كل أجهزة الدولة المفروض فيها أن تتخذ القرارات، فأخذت أنا المبادرة لحل الأزمات الضاغطة والمشاكل الطارئة. أحبائي، الوضع صعب لكن بتضامننا نحن قادرون أن نصل تدريجياً إلى النتائج المرجوة.
نصرالله: سفينة ثانية
في هذا الوقت، ألقى الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله كلمة مساء اليوم، في حفل أقيم في مجمع سيد الشهداء في مدينة الهرمل، لمناسبة مرور أسبوع على وفاة أحد القادة العسكريين في الحزب عباس اليتامى، أعلن فيها أن «السفينة الثانية ستبحر بعد أيام، وستلحق السفينة الأولى التي صارت في عرض البحر»، مؤكدا «مواصلة هذا المسار طالما أن البلد محتاج، وبهدف تخفيف معاناة الناس».
واشار الى أن «النفط الذي نأتي به هو لكل اللبنانيين والمستشفيات والأفران، ونحن لسنا بديلا عن الدولة، ولسنا بديلا عن الشركات التي تستورد المحروقات ولسنا في مجال التنافس مع أحد».
كما اكد «أننا نريد كسر السوق السوداء للمحروقات وتخفيف معاناة الناس، والاستمرار بالمطالبة بقضايا الناس»، موضحاً أنه سيعلن عن آلية عمل السفينة وسبل تفريغها قريبا.
وكشف أن «عشرات ملايين الليترات من البنزين ومثلها من المازوت تحتكرها الشركات لبيعها لاحقا بأسعار خيالية»، مطالباً بـ»اعتقالها وسجنها وليس فقط المداهمة، وان يشمل ذلك المحتكرين والمهربين». وجدد مطالبته المسؤولين بـ»اتخاذ خطوات تخفف أعباء الناس».
وخَلص إلى القول: اذا لم يكن هناك شركات من أجل الحفر خوفاً من العقوبات الأميركية نستطيع أن نحضر شركة إيرانية. نقترح على الحكومة إذا قبلتم هناك شركات إيرانية قادرة على استخراج النفط والغاز. وقال: الشركات التي لدينا لا تخاف القصف الإسرائيلي وهي تستطيع استخراج الغاز والنفط وبيعه.
تسوية حتى نهاية ايلول
لم تفضِ «التسوية»، كما سَمّتها رئاسة حكومة تصريف الاعمال، والقاضية برفع دولار المحروقات من 3900 الى 8000 ليرة، وبدء العمل فورا بالتسعيرة الجديدة، الى حلحلة تُذكر في موضوع طوابير الذل الطويلة. ورغم ارتفاع اسعار المحروقات بنسبة تصل الى حوالى 70 %، الا ان المادة لم تكن متوفرة في الاسواق حتى مساء امس سوى بكميات زهيدة. مصدر مالي رفيع كشف لـ»الجمهورية» ان التوصّل الى هذه التسوية، والتي ستكلّف مصرف لبنان 225 مليون دولار لدعم سعر المحروقات حتى ايلول، لن تكون من حساب الاحتياطي الالزامي الذي يرفض المركزي المَس به.
واعتبر المصدر انّ الاتفاق مُنصف للجميع لأنه يلبّي السياسة التي تمّ التوافق عليها منذ رفع تسعيرة الدعم الى 3900 ليرة، حيث اتفق على رفع تدريجي للدعم بانتظار بدء العمل بالبطاقة التمويلية، حين يصبح تحرير الاسعار بالكامل متاحاً بفضل الدعم المالي الذي ستتلقاه العائلات المحتاجة.
وفي المعلومات، انّ ازمة البنزين وطوابير الذل التي بقيت امس، ستتراجع بعض الشيء في الايام المقبلة، بفضل فتح اعتمادات جديدة لبواخر تنتظر في عرض البحر. وسوف تواصل القوى الامنية، وعلى رأسها الجيش، مهمة مراقبة محطات الوقود لمنع محاولات التخزين مجدداً، خصوصا ان مهلة الدعم معروفة، وبالتالي قد تفتح شهية المحتكرين على محاولات جديدة لتخزين المحروقات المدعومة على امل بيعها بعد تحرير الاسعار نهاية ايلول، وتحقيق ارباح غير مشروعة قد تصل نسبتها الى حوالى 150 % بين ليلة وضحاها.
الراعي
الى ذلك، اكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي «ان المطلوب واحد، وهو ان يحب المسؤولون لبنان وشعب لبنان ويحفظوا الولاء له دون سواه ويضحوا بمصالحهم الخاصة من اجله».
واضاف الراعي في عظة قداس الاحد في الديمان: «بات واضحا ان الغاية من ترك الشعب يجوع في دولة تعطل فيها القضاء هي دفع الاجيال والعائلات إلى هجرة وتفريغ المجتمع من طاقاته بغية وضع اليد على البلاد. ويا لتعاسة شعب يهمل المسؤولون فيه سماع كلام الله، وهنا تكمن مأساة شعب لبنان، فبعد سنة وشهر يظهر انّ المسؤولين لا يريدون حكومة ويتبادلون التهم ليلا نهارا».
وتوجّه اليهم بالقول: «أوقفوا التلاعب بمشاعر الشعب والعبث بالدولة واختلاق شروط جديدة كلما حلت شروط.» وتساءل: «أين الشرعية من الثوابت الوطنية والحفاظ على الدستور؟ أين تمسكها باستقلالية القرار الوطني؟». وقال: «لقد بات واضحا انكم جزء من الانقلاب على الشرعية والدولة، وانكم لا تريدون حكومة مركزية وتتقصدون إلى دفع الشعب لأن يحكم نفسه».
واكد دعمه لـ»الثورة الحضارية بما تمثّل من امل لتغيير الاعوجاج، وحرصنا على الشرعية لكونها تعبيراً عن وحدة الكيان اللبناني».
عودة
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، في عظة قداس الاحد في كنيسة مار جاورجيوس في بيروت: «صحيح أننا وصلنا إلى حال تشبه الجحيم، لكن علينا ألا ندع اليأس يغلب الرجاء الذي فينا».
واشار الى ان ّ»ما يتحمله اللبناني، منذ عقود، والذي وصل حاليا إلى أوجه، لا يستطيع أحد أن يتحمله: فقر، مجاعة، ظلمة شاملة، فساد ضخم، وغيرها من الأوزار والأعباء».
وقال: «هل الزعماء هم مصدر الطعام والدواء والخبز والماء لكي يمنعوه عن الشعب؟ هل هم أصحاب النفط والمازوت والموارد الطبيعية ليمنعوها عن الشعب؟ كيف يستعبد الشعب نفسه لبشرٍ نَصّبوا أنفسهم آلهة؟».
اضاف: «المطلوب من الشعب حاليا قفزة مثل قفزة الرسول بطرس داخل بحر هذا الوضع الهائج في بلدنا. يجب أن يساعد شعبنا مسؤوليه على الإستيقاظ من وهم السلطة، لأن المسؤول الحقيقي ليس إلهاً يستعبد الشعب ويقاصصه ويجوّعه ويميته بلا دواء أو غذاء. المسؤول الحقيقي هو خادم للشعب الذي انتخبه وأوكل إليه مهمة العناية بأموره المالية والصحية والغذائية والتربوية… نحن في دولة لا تستطيع تأمين الضروري للعيش الكريم، والشعب يتخبط في آلامه ويأسه فيما ذوو السلطة يتنافسون على تقاسم قالب حلوى الحكومة الذي أصبح بلا طعم، مختبئين وراء شعارات عناوينها لافتة لكن مضمونها ضحل، لأنها تهدف إلى المصلحة الشخصية أو الحزبية أو الطائفية وما تستتبع من زبائنية تعيق الحكم عوض تسهيله. الإجتماعات لا تهم اللبناني الذي يريد أن يطعم أولاده ويضيء لياليهم. الشعارات لم تعد ذات معنى فيما الدولة تذيق أبناءها العذاب والذل والموت. سيتحول لبنان كله إلى رماد بعد بيروت وعكار، والزعماء ما زالوا يجتمعون ويصرحون. شعب لبنان ليس منذوراً للموت أو للتصدير. شعب لبنان يستحق الحياة.
*********************************************************************
جمود التأليف في مهب ضغوط البواخر
تسوية المحروقات لا تنهي أزمة الطوابير.. ونصر الله يكشف عن اشتباك مع شيا
بعد الرسالة التي بعثها الرئيس ميشال عون إلى مجلس النواب، وانتهت بجلسة يوم الجمعة الماضي، بتوصية تتعلق بتأليف حكومة على وجه السرعة، جاءت رسالته إلى اللبنانيين التي حمل فيها على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد اجتماع شارك فيه سلامة حول «تسوية النفط» السبت الماضي، لمعالجة أسوأ أزمة محروقات، كادت ان تأتي على الأخضر واليابس وتهدّد الاستقرار الأمني، مع وضع تسعيرة جديدة، وضعتها وزارة الطاقة برفع الأسعار إلى 132000 ليرة لبنانية لصفيحة البنزين وأكثر من مائة ألف لصحيفة المازوت، مع قرارات تتعلق بالطلب إلى مصرف لبنان فتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل، واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات، وصيانة معامل الكهرباء، وذلك بما يمثل قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار الأميركي بحسب منصة صيرفة، والسعر المعتمد في جدول تركيب الأسعار والمحدد بـ8،000 ليرة لبنانية، على ان يتم تسديد هذه الفروقات بموجب اعتماد في موازنة العام 2022.
بانتظار اختبار تطبيقات أسعار المحروقات الجديدة بدءاً من اليوم، للحد من طوابير المواطنين امام المحطات وتوفير البنزين والمازوت، تبقى الحكومة العتيدة، معلقة بين الرغبة بالتأليف، والمتغيرات الدولية والإقليمية، في ظل ترتيبات «دبلوماسية البواخر» من بندر عباس ومضيق هرمز إلى قناة السويس والأبيض المتوسط.. فيما الموفدون الرئاسيون يتحركون لتجاوز العقبات التي تعيق عملية التأليف، وتجاوز الخلافات التي تتركز حول 5 وزارات: المال والاقتصاد، والشؤون الاجتماعية، الاتصالات والطاقة.
وتستمر المفاوضات الرئاسية، مع اقتراب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من شهر على التكليف (25 تموز الماضي)، عبر حركة الموفدين الرئاسيين، والفريق المكلف من الرئيس المكلف لتذليل العقبات، تمهيداً للقيام بزيارة وعقد الاجتماع الـ14 مع الرئيس عون، في ضوء ما تنتهي إليه مهمة موفديه انطوان شقير ونبيل شديد.
وتوقعت المصادر ان يرفع الرئيس ميقاتي صيغة حكومية متكاملة من 24 وزيراً، في غضون الأسبوع الطالع.
وقالت أوساط مقربة من الرئيس ميقاتي، ان بعبدا مطالبة بتسهيل جدي لعملية التأليف، لا سيما وان الحقائب بمعظمها حسمت، ما خلا وزارتي الاتصالات التي قد تؤول إلى المردة، ومرشح لها المحامي وضاح الشاعر، والطاقة التي ما تزال بين أخذ ورد في ضوء مطالبة الرئيس عون بها.
وبالنسبة لوزارة العدل، يقترح الرئيس المكلف لها القاضي جهاد الوادي، أو القاضي هنري خوري الذي اقترحه الرئيس عون.
وقالت أوساط مطلعة لـ«اللواء» إلى أن أي عنصر جديد في الملف الحكومي لم يسجل ولكن المفاوضات غير المباشرة لم تتوقف ملاحظة أنها توقفت أمس وحصلت اتصالات بوم السبت مشيرة إلى أن الحوار قائم على الحقائب نفسها التي تضم بعض الإشكالات أي الداخلية والشؤون الاجتماعية والطاقة وبعض المطالب المستجدة من بعض الكتل لكن ما يمكن قوله أن الأمور لا تزال في مكانها أي ما من تقدم وما من تراجع.
وأوضحت الأوساط نفسها أنه يفترض ان تتحرك للاتصالات هذا الاسبوع على أن أي لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وارد في أي وقت لاسيما إذا لحظت الاتصالات خرقا ما، في ظل معلومات مؤكدة ان الرئيس المكلف لن يذهب إلى بعبدا ما لم يحصل تقدّم حقيقي لإصدار المراسيم.
ووصفت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة مسار العملية بأنها دخلت مرحلة الجمود، باستثناء اتصالات بعيدة من الاضواء يقوم بها موفد من هنا واخر من هناك، وموفد من حزب الله، ادت في خلاصاتها إلى حل عقدتي الداخلية باسنادها الى اللواء المتقاعد ابراهيم بصبوص والعدلية إلى هنري الخوري ولكنها لم تفض الى تذليل ما تبقى من العقد والشروط المستجدة، بل ابقت على قنوات الاتصال مفتوحة بين الرئيسين عون وميقاتي للتشاور، ولكن من دون تحديد موعد لهذا اللقاء. واذ اشارت المصادر الى ان مسألة صعود الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى بعبدا، مرتبطه، بتحقيق تقدم عملي بعملية التشكيل.
ولم تكشف المصادر عن تفاصيل العقد والشروط المتبقية التي تبطئ مسار تشكيل الحكومة، ولكنها اشارت الى مستجدات وعوائق، لا تتعلق بالحصص والحقائب، ولكنها مرتبطة بتطورات اقليمية، أثرت بشكل سلبي، منها على سبيل المثال، ما أثير عن موضوع باخرة النفط الايرانية، وما يحيط بها من ملابسات وابعاد على الواقع السياسي الداخلي في لبنان وكيفية ردود التفاعل معها من كل الاطراف. واذ لاحظت المصادر التزام المسؤولين الصمت وعدم الادلاء باي موقف رسمي حول موضوع الباخرة الايرانية، تجنبا لاي انعكاس سلبي على عملية التشكيل وتفاديا لتأجيج الوضع السياسي العام. الا انها لاحظت بوضوح ان هذا الموضوع، اربك الوضع السياسي العام، واضر بعملية تشكيل الحكومة العتيدة.
سباق السفن
ولاحظت مصادر مطلعة ان ما يجري حكومياً ناجم عن سباق بين وصول السفينة الإيرانية الناقلة للمحروقات بطلب من حزب الله، وبين مسعى الادارة الاميركية عبر سفيرتها في بيروت دوروثي شيا لإستجرار الكهرباء من الاردن والغاز عبر مصر الى معمل كهرباء دير عمار في عكار، لكن السباق يتّخذُ طابع «التمريك» السياسي كل طرف على الآخر والمواجهة السياسية على ارض لبنان، وعلى الارجح ستكون مواجهة مفتوحة طالما ان الحزب يتهم اميركا مباشرة «بفرض الحصار الاقتصادي والمالي والتجويعي على شعب لبنان لكسر ارداة شعبه عبر كسر المقاومة فيه، وإخضاعه للتوجهات الاميركية في مواضيع استراتيجية كالمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية وسلاح المقاومة وكسر التوازن القائم ليصبح في مصلحة الكيان الإسرائيلي»، وطالما ان اميركا تتهم الحزب وإيران «بالهيمنة على لبنان».
يحمل كلام السيد نصر الله نوعاً من التحدّي السياسي للإدارة الاميركية بإمكانية كسر الحصار ولوجزئياً وبدعم من الاصدقاء الحلفاء في ايران وسوريا والعراق، لتغطية جزء من حاجات جمهور المقاومة على الاقل في بيروت وضواحيها والجنوب والبقاع إن لم يكن بالإمكان تغطية كل لبنان أو معظمه.
عبّر عن هذه المواجهة المباشرة السيد حسن نصر الله في خطاب العاشر من محرّم وردّ السفيرة الاميركية عليه بالشخصي والإسم. وكالعادة انقسم لبنان بين مؤيد لهذا الطرف اوذاك، بينما الناس تنتظر عند محطات الوقود والغاز والافران والمستشفيات والصيدليات الفرج. متى يصل الوقود الايراني ومتى يمكن إستجرار الكهرباء والغاز «الأميركيين» ومَنْ يسبق مَنْ؟
السفينة الثانية
وكشف الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ان «سفينتا الثانية ستبحر خلال أيام قليلة إلى لبنان، والموضوع ليس موضوع سفينة أو سفينتين وسنواصل هذا المسار طالما بقي الوضع في لبنان هكذا أو طالما البلد محتاج».
وقال في ذكرى أسبوع أحد كوادر حزب الله: ما سنأتي به هو للبنان، ولكل اللبنانيين وليس لحزب الله أو لمنطقة، والهدف هو مساعدة كل اللبنانيين وكل المناطق، وليس مساعدة فئة دون فئة.
واعتبر بان السفيرة الأميركية تبيعنا أوهاماً لكن إذا تحققت لن نشعر بالإنزعاج لأن هذا يعني كسر الحصار، وهناك كثير من الدول التي يمكن أن تقدم الكثير لنا لكن أميركا تمنعها وتضع الفيتو».
واوضح بان كلام السفيرة الأميركية يدينها لأن كل اللبنانيين يعرفون أن هاتين الفكرتين كان يتم العمل عليهما منذ سنوات، لكن الفيتو كان أميركياً وعلى الإدارة الأميركية رفع الفيتو عن تقديم الدعم الى لبنان ان كانت عازمة على المساعدة.
ولفت نصرالله الى انه «يجب على الدولة اللبنانية أن تتعامل مع الدولة السورية باحترام لتأمين خطة استجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان».
وذكر نصرالله بانه إذا أتى الوقت أنه ليس هناك شركات تريد الحفر لاستخراج النفط والغاز من المياه الاقليمية فنحن جاهزون للاستعانة بشركة ايرانية ولديها خبرة كبيرة ولديها الجرأة ولا تخاف من العقوبات الأميركية ولتجرؤ إسرائيل على استهدافها.
مواكبة.. وانتظار
وفي إطار المواكبة لتسوية المحروقات عقد اجتماع في السرايا الحكومية على تطبيق «زووم» بعد ظهر اليوم، بمشاركة مستشار رئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب حسين القعفراني، وضم المديرة العامة لوزارة النفط اورور فغالي، مدير حماية المستهلك طارق يونس، رئيس دائرة المستودعات الجمركية نيكولا نصار وممثلين عن الأجهزة الأمنية، وذلك لمتابعة بيع كامل الكميات الموجودة لدى محطات الوقود والموزعين، استنادا الى جدول 2021/8/11، وذلك لتمكنهم من استلام كميات جديدة بعد بيان من الأجهزة الأمنية تفيد بأن الكميات القديمة قد نفدت.
وستستمر الأجهزة الأمنية والرقابية بمتابعة المحطات والموزعين بعد تطبيق الجدول الجديد للتأكد من البيانات الجمركية التي تثبت أن هذه الكميات التي لديهم هي بعد اصدار جدول 2012/8/22. وستعمد مديرية النفط الى معاقبة المتلاعبين بالأسعار والمحتكرين بحرمانهم من استلام المحروقات من المنشآت والشركات النفطية وتحويلهم الى القضاء، وستعمد القوى الأمنية بعد اشارة من القضاء إلى مصادرة الكميات المحتكرة.
وحدث لغط حول لجوء بعض المحطات إلى الاستيراد والبيع وفقا لسعر الدولار في السوق السوداء (محطة MEDCO) التي سارعت إلى النفي، فيما ينتظر المواطنون كيف ستتصرف المحطات اليوم.
وفي المداهمات، داهمت قوة من المكتب الاقليمي لامن الدولة محلة البستان الكبير في مدينة صيدا، وصادرت نحو 75 غالوناً سعة عشرة ليترات من مازوت وبنزين مخبأة في شاحنة للمدعو ن. أ.ظ حيث تبين انه يقوم ببيعها في السوق السوداء بسعر 700 ألف للغالون الواحد، هذا وتم توقيفه واقتياده للتحقيق.
إشكالات الجنوب
وعلى صعيد الإشكالات، وقع إشكال قرب إحدى محطات تعبئة الوقود على أوتوستراد الزهراني، مفرق النجارية، تطور إلى إطلاق نار وإشعال إطارات وقطع الطريق، وسط حال من الهرج والمرج في المنطقة.
التحركات
ميدانياً، لم تتوقف التحركات على الأرض، ففي طرابلس قطع شبان غاضبون الطريق عند بولفار فؤاد شهاب على المسلكين عند نقطة بنك عودة- البحصاص بالإطارات، وحصلت مواجهات مع السيارات المارة، فيما سمع إطلاق عيارات لم يعرف مصدرها. وعلى الفور حضرت عناصر من الجيش وعملت على تفريق المحتجين وفتح الطريق.
ووسط بلدة البيرة، في عكار، قطعت الطريق بالسيارات والمعوقات، احتجاجا على عدم إرسال الجريح هاني سليمان، الذي اصيب بحروق بليغة اثر انفجار التليل، للمعالجة في الخارج، ولم يستجب المسؤولون المعنيون لمناشدات والدته.
592156 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1173 اصابة جديدة بفايروس كورونا و3 حالات وفاة في الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 592156 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
******************************************************************
دعم المحروقات… بين المسّ بالاحتياط والمصادر الخارجية غياب الحلّ السياسي يربط الأزمة اللبنانية بالمأساة الفنزويلية – جاسم عجاقة
تأمين الثبات النقدي مدخل للأمن الاجتماعي ووسيلة الخروج من الأزمة
دعا أول من أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى إجتماع في قصر بعبدا لمناقشة أزمة المحروقات والدعم الإجتماعي لموظفي الدولة. وحضر الاجتماع كلٌ من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء المال، غازي وزني، والطاقة، ريمون غجر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
المناقشات أدّت إلى عدد من القرارات، ومن المتوقع أن يكون لها وقع إيجابي على أزمة المحروقات التي إستعرّت في الآونة الأخيرة إذا ما تم ضبط التهريب والاحتكار، إضافة إلى تأمين دعم مالي مباشر لموظفي الدولة. وصدر بعد الإجتماع عدد من القرارات :
أولا – تطلب وزارة المال من مصرف لبنان فتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل وإستثنائي للمحروقات (بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء) بقيمة الفارق بين سعر صرف الدولار على منصة صيرفة وسعر الدولار في جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه والذي يبلغ 8000 ليرة لبنانية مع وضع سقف 225 مليون دولار أميركي لتغطية شراء المحروقات حتى أخر أيلول 2021. هذه الخسارة سيتمّ تحميلها إلى خزينة الدولة من خلال فتح إعتماد في موازنة العام 2022 أي تمّ ترحيل الخسائر إلى موازنة العام 2022.
ثانيًا – الطلب إلى الأجهزة الرقابية الأمنية والعسكرية والقضائية التنسيق فيما بينها للحؤول دون تخزين مواد البنزين والمازوت والغاز المنزلي أو احتكارها أو استغلال المخزون الموجود حالياً لتحقيق أرباح غير مشروعة. وإذا كان التهريب لم يُذكر بشكل مباشر لكن عبارة «أرباح غير مشروعة» تشمل عملية التهريب وبالتالي يُمكن القول أن هذه الأجهزة أخذت الغطاء السياسي لمكافحة التهريب.
ثالثًا – تعديل قيمة تعويض النقل المُحدّد بالمرسوم رقم 538\2008 بحيث يُصبح 24 ألف ليرة عن كل يوم حضور بدل 8000 ليرة لبنانية حاليًا. أيضًا تمّ إقرار مساعدة اجتماعية طارئة توازي أساس الراتب الشهري أو المعاش التقاعدي على أن يتمّ تسديدها على دفعتين. ويستفيد من هذه المساعدة كل موظفي الإدارة العامة مع الطلب إلى وزير المال إعداد دراسة لمعرفة إمكانية شمول تلك المساعدة المستخدمين في المؤسسات العامة وموظفي البلديات.
هذه القرارات التي هي من صلاحيات الحكومة، تمّ أخذها بموافقة إستثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المُستقيلة على أن يتمّ عرضها لاحقًا على الحكومة الجديدة للموافقة عليها على سبيل التسوية.
تمويل الدعم
السؤال الجوهري الذي يطرحه المراقب هو عن مصدر الدولارات التي سيأتي بها مصرف لبنان مع رفضه المسّ بالإحتياطي الإلزامي من دون غطاء تشريعي؟ في الواقع الإحتياطي من العملات الأجنبية للمصرف المركزي، مُكوّن من عدة موجودات منها ما هو قابل للإستخدام ومنها ما هو غير قابل للإستخدام، ويدخل الإحتياطي الإلزامي في خانة الموجودات غير القابلة للإستخدام لأسباب قانونية. وبالتالي هل يحمل مصرف لبنان دولارات قابلة للإستخدام من خارج الإحتياطي الإلزامي؟ عمليًا سيعمد مصرف لبنان بحسب التوقعات إلى تمويل هذه السلفة من الفائض في الإحتياطي أي القابل للإستخدام (إذا ما وُجد) والذي قد ينتج عن سحب المودعين ودائعهم بالعملة الوطنية، حيث أن كل سحب لمئة دولار أميركي – بالليرة اللبنانية يُحرّر ١٥ دولارا أميركيا من الإحتياطي الإلزامي والتي تُصبح حكمًا من الأموال القابلة للإستخدام. أيضًا سيعمد مصرف لبنان إلى شراء الدولارات على منصّة «صيرفة» ويُرجّح أن تكون المصارف هي الجهة التي ستؤمّن قسمًا من هذه المبالغ. ويُمكن أيضًا لمصرف لبنان أن يستفيد من الدولارات القادمة من الخارج من عدّة مصادر لدعم هذه السلفة التي ستطلبها وزارة المال منه.
حلّ مؤقّت
هذا الحلّ هو حل مؤقّت ومن المفروض أن يُريّح المواطن اللبناني حتى شهر أيلول إذا ما نجحت الأجهزة الرقابية والأمنية والعسكرية والقضائية بمكافحة الإحتكار والتهريب. هذا الشرط هو أساسي لنجاح عملية الدعم حيث أظهرت أرقام المركزي لشهر تموز الماضي، إنفاق أكثر من 800 مليون دولار على المحروقات تمّ إحتكارها لتخزينها وتهريبها بحسب ما أظهرته المداهمات التي قام بها الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
عمليًا طوابير السيارات أمام محطات الوقود ستستمر حتى في ظل فرضية تحرير كامل لسعر صرف الشراء – أو ما يُسمّى برفع الدعم. السبب يعود إلى أن هناك كتلة نقدية محدودة بالدولار الأميركي في السوق اللبناني وبغض النظر عن السعر، سيستمر التجار بإستيراد المحروقات للسوقين اللبناني والسوري وسيتم إعتماد مبدأ المفاضلة.
في السابق – أي قبل تشرين الأول 2019 – لم تكن هذه المُشكلة مطروحة بحكم أن حجم الكتلة النقدية كان مدعومًا بتدفقات بالعملة الصعبة من الخارج، وبالتالي ظهرت المشكلة مع بدء القيود على حركة قدوم الدولارات إلى لبنان. من الناحية الاقتصادية لا يمكن وقف هذه الظاهرة إلا بأحد أمرين، إما التساوي في سعر المحروقات في البلدين، وإما بتحسن الليرة اللبنانية مقابل الدولار أو العملة السورية بحيث تنتفي الإستفادة من التهريب ومما هو معروف في علم الاقتصاد بالـ « Arbitrage».
غياب الحلّ السياسي يُطيل الأزمة
غياب حلّ سياسي، يسمح بتشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد على برنامج لإستعادة السيطرة على المالية العامة، وإستجلاب إستثمارات دولية (على مثال مؤتمر سيدر)، ووضع خطّة إقتصادية لهذه الإستثمارات، سيؤدّي حكمًا إلى تردّي الوضع الإقتصادي والمعيشي أكثر مما هو عليه الأن.
السيناريوهات المطروحة – في ظل فرضية غياب الحل السياسي – كثيرة وأحلاها مرّ! فمثلا يُمكن لسعر صرف الدولار في السوق السوداء أن يرتفع بشكل كبير مما سينعكس حكمًا على أسعار السلع والبضائع في ظل إنكماش إقتصادي للعام الثالث على التوالي. هذا الأمر سيؤدّي إلى زيادة الفقر وسيدفع لبنان إلى مزيد من المآسي الإجتماعية على مثال ما يحصل في فنزويلا ليُصبح لبنان فعلا «فنزويلا الشرق الأوسط».
الحديث عن تواريخ حاسمة هو أمر غير دقيق إقتصاديًا، فعملية تشكيل الحكومة هو الباب للخروج من الأزمة وكل تأخير في عملية التشكيل سيؤدّي حكمًا إلى أمرين: الأول زيادة الخسارة المالية والثاني تفقير أكثر للشعب اللبناني بحكم أن المدخرات تنفد يومًا بعد يوم. لذا نرى أن الطريق نحو المأساة الفنزويلية (علماً بأن فنزويلا بلد مُنتج للنفط!) يُمكن أن يكون طويلا ويُمكن للقوى السياسية إخراج البلد من هذا الطريق عن طريق تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات وإعادة هيكلة الإقتصاد والقطاع المصرفي والأهم إعادة هيكلة دينها العام ومحاربة الفساد.
الثبات النقدي ثم الثبات النقدي
إقتصاديًا الثبات النقدي هو شرط أساسي للثبات الإجتماعي، وأي خلل في الثبات النقدي يؤدّي حكمًا إلى ضرب الأمن الإجتماعي وهو ما أكدته مرّة جديدة الأزمة اللبنانية.
السياسات النقدية للمصارف المركزية تعتمد على أهداف مُحدّدة في القوانين التي أنشأت المصارف المركزية. وتختلف الأولويات بين مصرف مركزي وآخر بحسب النصوص القانونية، فمثلا ثبات الأسعار لدى البنك المركزي الأوروبي هو أولوية على حساب باقي الأهداف، في حين أن تحفيز الإقتصاد وخلق فرص عمل هو أولوية بالنسبة للإحتياطي الفيدرالي الأميركي. لكن المهمة المُشتركة بين كل المصارف المركزية تبقى دون أدنى شكّ «ثبات الأسعار».
ثبات الأسعار هو جوهر الثبات الإجتماعي وبوصلة التوازن الاقتصادي، وتُجمع الأبحاث الأكاديمية أن أي أفق تطور في المُجتمعات مُرتبطة بثبات الأسعار وهو ما يعني أن السياسات الإقتصادية – بشقّيها المالي والنقدي – تتمحور حول هذه المهمة.
ويبقى السؤال الأساسي كيف يُمكن ضمان ثبات الأسعار؟ عمليًا يتمّ هذا الأمر من خلال التكامل والإنسجام بين السياسة النقدية والسياسة المالية، ولا يمكن لأي واحدة منهما مواجهة الأزمات منفردة، فلا بد للسياسة المالية للحكومة من التناغم مع السياسة النقدية والعكس بالعكس. فالسياسة المالية تهدف – في هذه الحالة – إلى تأمين ماكينة إقتصادية تسمح بخلق ثروات يتم ترجمتها بـ «دوزنة» إلى عملة من قبل المصرف المركزي وهو ما يسمح بثبات النقد.
السياسات النقدية تضع أهدافاً نهائية (ثبات الأسعار، الوظائف، النمو)، إلا أنها غير قادرة على التأثير المباشر على هذه الأهداف. من هذا المنطلق، هناك ما يُسمّى بالأهداف الوسيطة (الكتل النقدية، سعر الصرف، والتضخّم) التي تمتلك المصارف المركزية، بواسطة الإحتياطات الإلزامية وسعر الفائدة، القدرة على التأثير عليها مباشرة.
الأهداف الوسيطة هي محور السياسات النقدية وتكتسب أهميتها من خلال إعتمادها على أدوات تقليدية وأخرى غير تقليدية. عمليًا تنقسم هذه الأهداف إلى ثلاث فئات:
أولا – هدف الكتل النقدية: حيث يقوم المركزي بتطبيق سياسته النقدية عبر التأثير على هذه الكتل بالأدوات التي يمتلكها. إلا أن هذه الفئة تبقى محدودة النتائج نظرًا إلى التعقيدات التي تطال عمل الفضاء الإقتصادي والفضاء النقدي والآليات التي تتشابك فيما بينها.
ثانيًا – هدف سعر الصرف: حيث يقوم المصرف المركزي بتثبيت سعر الصرف مقابل عملة أجنبية (عادة ما تكون الدولار) أو مقابل سلة من العملات. وهناك نوعان من التثبيت: الأول تثبيت حسابي أو إداري (مثل الفرنك الفرنسي مقابل اليورو) أو تثبيت داخل هامش (مثل الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي) وهو ما يسمح بالمحافظة على مبادئ الإقتصاد الحرّ. ويأتي مجلس النقد ليُشكل حالة مُتطرّفة من تثبيت سعر الصرف مقابل العملة الأجنبية حيث يُمنع منعًا باتًا طبع العملة الوطنية تحت أي ظرف إذ لم يكن هناك من إحتياطي أجنبي في المقابل، مما يُحافظ على قيمة العملة، إلا أنه في نفس الوقت يمنع السياسة النقدية من مجاراة السياسة المالية للحكومة وفي حال كان هناك إضطرابات سياسية وأمنية – كالحالة اللبنانية -، فالمرجح أن يؤدي إعتماد مجلس النقد إلى إفلاس الدولة. الجدير ذكره أن مجلس النقد يُفقد البلد الذي يعتمدها الإستقلال النقدي حيث تتعلق الفوائد ببلد الإرتباط وبالتالي وبإختلاف الدورات الإقتصادية، يضرب الإقتصاد بشكل عنيف.
ثالثًا – هدف التضخم: وهو المعتمد من قبل معظم الإقتصادات الحرّة والمصارف المركزية الكبرى نظرًا لأنه يُشكل خياراً وسطياً بين التشدّد في التثبيت وترك العملة لأهواء الأسواق التي قد تكون مُتوحشة أحيانًا. عمليًا هذه السياسة تتطلّب الكثير من القدرات الإحصائية – الماكرو إقتصادية نظرًا إلى التعقيدات التي تطالها وهو ما يُصعّب عملية توقع التضخّم. الجدير ذكره أن التضخّم هو من أهم المؤشرات الإقتصادية والمالية والنقدية، فتضخّم عالٍ يقتل الإقتصاد (أكثر من ٢٪)، وتضخّم منخفض (أقل من ١٪) يقتل الإقتصاد أيضًا!
تنص النظرية الإقتصادية على أن العملة تعكس ثروة البلد، وبالتالي إذا كان الإقتصاد قويًا تكون العملة قوية ويأتي الثبات في النمو الإقتصادي ليلعب دورًا أساسيًا في ثبات العملة. فهذا النمو هو الوحيد الذي يُمكن ترجمته إلى عملة (من قبل المصرف المركزي) من دون أن يكون هناك تضخّم. وفي حال لم يكن هناك نمو إقتصادي فإن أي طبع للعملة يتحول تلقائيًا لتضخّم. للتذكير فإن الإرتفاع المُزمن بالأسعار يؤدي إلى التضخّم وغالبًا ما يأتي من فقدان العملة قيمتها ومن العمليات الإحتكارية – مرض الإقتصادات الحرّة.
وأما الإقتصاد الضعيف الذي لا يُسجّل نموًا إقتصاديًا (أو حتى انكماشاً) فتتدهور عملته ويرتفع التضخم. وهنا يبدأ المصرف المركزي بعمليات للسيطرة على سعر الصرف حيث يقوم باستخدام الأدوات التقليدية (الإحتياطات الإلزامية، وسعر الفائدة)، وإذا لم تعد تُجدي هذه الأدوات نفعًا يقوم بإستخدام أدوات غير تقليدية منها الإحترازية ومنها الهندسات المالية.
تنصّ الأبحاث العلمية على أنه في البلدان التي تعيش حالة من عدم الثبات السياسي والأمني، تكون كلفة تثبيت العملة على الإقتصاد أقل من كلفة تحريرها. وبالعكس في البلدان التي تعيش ثباتًا سياسيًا وأمنيًا، فتكون كلفة تحرير العملة على الإقتصاد أقل من كلفة التثبيت.
في لبنان وفي ظل الإطار السياسي والأمني والإقتصادي والإجتماعي، يعود الثبات النقدي إلى الواجهة مع تفلّت سعر الصرف بعدة أسعار في السوق منها ما هو صادر عن مؤسسات رسمية (سعر الصرف الرسمي، سعر المنصة، سعر المحروقات، سعر الدولار الجمركي…) ومنها ما غير شرعي وغير قانوني مثل سعر صرف السوق السوداء الذي عجزت الدولة عن إيقافه. وفي هذا الإطار، يأتي توحيد السعر ليُشكل الخطوة الأساسية في عملية إستعادة الثبات النقدي وبالتالي الإجتماعي. إلا أن هذا الأمر يتطلّب عددًا من الإجراءات التي لا يستطيع القيام بها إلا السلطة التي تمتلك حصرية القرار الإقتصادي – عنيت بذلك الحكومة. وأما في لبنان، فإن الأمر صار أوسع من قرار حكومي إداري ليصل إلى إتفاق سياسي جامع لجميع الطوائف دون استثناء لمواجهة الفوضى العارمة في البلاد، ومن بين هذه الإجراءات تحفيز الإقتصاد مع كل ما يواكبه من إستثمارات…، ضرب الإحتكارات والتهريب، حلّ مُشكلة الدين العام، إعادة هيكلة القطاع المصرفي بالتعاون مع المصرف المركزي، إعادة دمج لبنان في المنظومة المالية العالمية.
في الواقع إن أي حلّ للأزمة في لبنان يمرّ إلزاميًا بعملية إستعادة الثبات النقدي الذي أظهرت التجارب النظرية والعملية على مدى الأزمان إضافة إلى تجربة لبنان (وغيرها من الدول) أن الأمن الإجتماعي مُرتبط بشكل وثيق بالثبات النقدي.
***********************************************************************
بعبدا تستنزف الاحتياطي مجدّداً.. والأزمة مستمرّة
بين سفينة مازوت ايران وغاز الاقتراح الاميركي، انقسم اللبنانيون مجدداً، وضاعت حكومتهم الانقاذية الموعودة. ملفات تتشابك وازمات تتراكم وتدخلات خارجية تزيد الاوضاع تعقيدا وترخي بكل اثقالها على مفاوضات التشكيل المتعثرة اساساً. هذا يريد تغطية نفط طهران وذاك تأمين الغاز المصري من الاردن، والنتيجة، طارت الحكومة وعادت الى ميدان الصراع الاميركي – الايراني وحلبة كباش مفاوضات فيينا المفرملة. موجة الايجابيات والمناخات التفاؤلية اطاحتها الشروط والمطالب الممتدة من الحصص والاسماء الى المازوت والغاز. وبين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي رسائل تتطاير وافكار تطرح على وقع رفض متبادل يحول حتى الساعة دون تحديد موعد للرئيس المكلف في بعبدا.
بالمختصر المفيد، لا حكومة في المدى المنظور والحق كل الحق عالـ «اميركان» الذين يعرقلون التشكيل بحسب ما تقول مصادر موالية تتابع عن كثب ملف التشكيل، موضحة ان الامور كانت تسير على خير ما يرام الى ان دخلت السفيرة الاميركية دوروثي شيا «بالعرض» طارحة اقتراحا قطع الطريق على سفينة المازوت الايراني التي من شأنها ان تسهم في تخفيف العبء عن اللبنانيين وكسر الحصار المفروض عليهم. وفي المقابل فان الفريق الاخر يؤكد ان من يعرقل التشكيل هو رئيس الجمهورية التي يريد من خلال بعض الاسماء المقترحة للتوزير الحصول على الثلث المعطل مواربة.
موفد ومراسيل
وفي اعقاب الجلسة النيابية التي اتت بنتيجة عكسية لما تطلعت اليه بعبدا وقد توقعت ادانة قرار مصرف لبنان القاضي بوقف الدعم، فكانت النتيجة دعوة الى تشكيل الحكومة سريعا، أشارت معلومات صحافية الى ان المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير يتولى التشاور مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لاستكمال البحث في الملف الحكومي. وافيد ايضا ان مراسيل تنقلت بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لكن حتى الساعة لا موعد للرئيس المكلف في القصر الجمهوري.
أوقفوا المؤامرة
من جهته، غرّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر «تويتر»: «الرئيس توجه للمجلس لحل أزمة الكهرباء والمحروقات. جواب الأكثرية بالمجلس: تشكيل الحكومة، والاسراع بالبطاقة التمويلية يلي بحاجة لشهر لتصير شغالة. شو بيعملوا اللبنانيي بهالشهر؟ بينذلوا اكتر؟ او بيعطوا دماءهم؟ اوقفوا المؤامرة، افرجوا عن المال لكهرباء لبنان ولموظفي الدولة، وعدلوا قرار الحاكم».
الاعتذار مجددا
في المواقف ايضا، إعتبر النائب السابق مصطفى علوش أن فريق «رئيس الجمهورية ميشال عون مرتهن ورئاسة الحكومة ضعيفة». وقال في حديث اذاعي «انجاز الحكومة يتطلب مزيدا من التفاوض واحتمال اعتذار الرئيس ميقاتي قد يكون اعلى من الاستمرار».
أزمة المحروقات
على خط ازمة المحروقات، عقد اجتماع في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب ووزيري المال غازي وزني والطاقة والمياه ريمون غجر (عبر تطبيق زوم) وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتم الموافقة، بإجماع الحاضرين، على على اقتراح وزارة المالية بالطلب الى مصرف لبنان فتح حساب موقت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء، وذلك بما يمثل قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار الأميركي بحسب منصة «صيرفة» والسعر المعتمد في جدول تركيب الاسعار والمحدد بـ8000 ل.ل. (بدعم حده الأقصى 225 مليون دولار أميركي لغاية نهاية شهر أيلول)، وعلى أن يتم سداد هذه الفروقات بموجب اعتماد في موازنة العام 2022.
وقد أعطى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء موافقتهما الاستثنائية على البنود المعروضة أعلاه، وعلى أن يعرض الموضوع لاحقا على مجلس الوزراء على سبيل التسوية.
الجدول الجديد
أصدرت المديرية العامة للنفط امس جدول اسعار جديدة للمحروقات على النحو التالي:
بنزين 98 اوكتان 133200 ل.ل.، بنزين 95 اوكتان 129000 ل.ل، ديزل أويل 101500 ل.ل، قارورة غاز منزلي 90400 ل.ل.
شكوك
هذا الاجراء، عدا عن انه يستنزف المزيد من دولارات مصرف لبنان، ويمس بالاحتياطي الالزامي، فانه ابقى حالة فلتان الاسعار وفوضى التوزيع ، بحيث لن يضمن احد استمرار ازمة المحروقات.
أزمة مياه
وفي سجل الازمات ايضا، أكدت المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا فور أن «في حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة سيواجه أكثر من أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء لبنان – معظمهم من الأطفال والعائلات الأكثر هشاشة – احتمال تعرضهم لنقص حاد في المياه أو انقطاعهم التام عن إمدادات المياه الصالحة للشرب في الأيام المقبلة». ودعت إلى «الاستعادة العاجلة لإمدادات الطاقة – الحل الوحيد لاستمرار تشغيل خدمات المياه. الاحتياجات هائلة، والتشكيل العاجل لحكومة جديدة مع التزامات واضحة بالإصلاح أمر بالغ الأهمية لمعالجة الأزمة الحالية من خلال إجراءات حازمة ومنهجية لحماية حياة الأطفال وضمان الوصول للمياه وجميع الخدمات الأساسية».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :