حوار خاص
الدكتور لقاء مكي لصحيفة"iconnews" : إن قمة الدوحة تعكس تضامنًا مهمًا مع قطر، لكنه تضامن رمزي أكثر منه عملي، لأن المصالح والانقسامات بين الدول العربية–الإسلامية تمنع اتخاذ قرارات حاسمة وموحّدة.ما بعد القمة الطارئة: هل تقود قطر لحظة التحول في المعادلة العربية–الإسلامية؟
حاورته: الاعلامية أورنيلا سكر
في أعقاب القمة العربية–الإسلامية التي عقدت في الدوحة، عاد النقاش مجددًا حول جدوى مثل هذه اللقاءات: هل هي مجرد منصات لإلقاء الخطابات والتصريحات التضامنية، أم يمكن أن تتحول فعلًا إلى آليات حماية وسيادة ومشروع حضاري متكامل؟
في حوار خاص، اعتبر الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في قناة الجزيرة، أنّ القمة رغم رمزيتها لا تزال أسيرة المصالح المتناقضة والانقسامات الداخلية، وأن الطريق نحو مشروع عربي–إسلامي متكامل ما زال طويلًا، يتجاوز اللحظة السياسية إلى إرادة حضارية شاملة.
سؤال: كيف يمكن للقمة أن تحول التضامن العربي–الإسلامي الرمزي إلى آليات حماية فعلية ضد أي تهديد سيادي خارجي؟
الجواب: القمة قادرة على الانتقال من مستوى الخطابات إلى مستوى الأفعال، لكن هذا مرهون باعتبارات ومصالح متشابكة تجعل من الصعب توقع إجراءات حقيقية وفعّالة في المدى القريب. من المرجح أن يبقى الموقف في إطار التضامن السياسي مع قطر، بينما تُتخذ بعض الخطوات السيادية ذات الطابع الرمزي أكثر من كونها عملية.
سؤال: هل هناك خطة موحدة لمواجهة أي تهديدات إسرائيلية أو تدخلات خارجية، تشمل التنسيق العسكري والاستخباراتي بين الدول العربية والإسلامية؟
الجواب: ما يمكن أن يحدث هو تنسيق وإجراءات غير معلنة، قد تصل تدريجيًا إلى مستوى تنسيق أشمل. لكن من الصعب أن نشهد قمة بهذا الحجم تخرج بخطة موحدة متكاملة. التجربة الأوروبية مثال واضح: الاتحاد الأوروبي لم يذهب أبعد من حدود معينة في مواجهة حرب أوكرانيا، بسبب تضارب المصالح بين دول مثل تشيكيا والمجر. وهذا ينطبق أيضًا على العالم العربي.
سؤال: هل يمكن للقمة أن تحدد خطوات عملية لتحويل العدوان على قطر إلى فرصة لإطلاق مشروع عربي–إسلامي متكامل (سياسي، اقتصادي، ثقافي)؟
الجواب: التأسيس لمشروع تكامل عربي–إسلامي يحتاج إلى إجراءات طويلة المدى، ولا يمكن أن يُختزل في حدث واحد. ما جرى في الدوحة هو تعبير عن تضامن مع قطر، لكنه ليس مشروعًا متكاملًا بعد
سؤال: ما هي آليات متابعة القرارات بعد القمة لضمان تحويل التصريحات إلى خطوات ملموسة على الأرض؟
الجواب: من المتوقع أن يتم تشكيل لجان متابعة بالتنسيق بين بعض وزراء الخارجية، تعمل على دراسة الملفات وتقديم نتائج لاحقة، لكن قدرتها على إحداث تأثير ملموس تبقى رهينة الإرادات السياسية للدول الكبرى المؤثرة.
سؤال: هل هناك رؤية لتفعيل دور المؤسسات العربية والإسلامية القائمة (جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي) بحيث تصبح قادرة على التدخل في الأزمات الحقيقية؟
الجواب: الفعاليات والجمعيات العربية ما زالت ضعيفة، ولم تقم بدور فعّال حتى في الحرب على غزة. لا أتوقع منها أن تذهب بعيدًا عن هذا المستوى، لأنها في الغالب تابعة لإرادات الدول الأقوى سياسيًا واقتصاديًا، وما لم تتوافر إرادة حقيقية فلن تتحول هذه المؤسسات إلى قوة فاعلة.
سؤال: كيف يمكن ضمان مشاركة فعالة لجميع الأطراف، بما يشمل دول الخليج، والشمال الإفريقي، والشرق الأوسط، في صياغة استراتيجية مشتركة؟
الجواب: مجلس التعاون الخليجي بطبيعة الحال يقف إلى جانب قطر وربما يتبنى مواقف أكثر حدة. لكن في المقابل، هناك عوائق كبيرة: فالمغرب العربي مثلًا يعيش شللًا في اتحاده بسبب الصراع المغربي–الجزائري، إضافة إلى الانقسامات الداخلية بين الدول، وهو ما يصعّب بناء رؤية عربية–إسلامية موحدة.
سؤال: هل هناك خطة لاستثمار الإعلام القطري والمراكز الفكرية والثقافية في تعزيز مشروع الوحدة والنهضة؟
الجواب: التنسيق الإعلامي والفكري أمر طبيعي ومتوقع، لكن ما حدث في قطر كان عدوانًا سافرًا وخطيرًا يهدد استقرار الخليج وأمنه، ومن المرجح أن يستمر هذا التهديد إعلاميًا وسياسيًا في المستقبل. أما الولايات المتحدة، فهي ماضية في سياستها العدوانية في المنطقة، ومن غير المتوقع أن تتراجع بل ربما تزيد من ضغوطها.
سؤال: كيف يمكن للقمة أن تحول التضامن السياسي إلى تضامن اقتصادي فعلي يربط الدول العربية والإسلامية ببعضها؟
الجواب: لا يمكن لقطر وحدها أن تطلق مشروعًا تكامليًا من هذا النوع؛ فالمسألة تحتاج إلى تفاعل شامل ورؤية حضارية متكاملة، سياسية واقتصادية وفكرية وثقافية. ما شهدناه كان أشبه بتجربة سابقة انهارت لكنها تركت جذورًا قائمة. غير أن إعادة إحيائها يتطلب أكثر من قرار لحظي؛ إنه يحتاج إلى إرادة عميقة ومشروع حضاري متكامل.
سؤال ختامي: هل تستطيع قطر أن تحول هذه الأزمة إلى لحظة تاريخية تقود الأمة العربية والإسلامية إلى مشروع نهضوي حقيقي سيادي مستقل عن التبعية الغربية؟
الجواب: قطر ليست وحدها صاحبة قرار بهذا الحجم؛ المشروع النهضوي لا يمكن أن يكون وليد إرادة دولة منفردة، بل هو تفاعل حضاري شامل تشارك فيه دول كبرى، ويفترض أن يكون قادرًا على الدفاع عن نفسه وعلى بلورة رؤية تنموية متكاملة. لكن حتى الآن لا يبدو أن هذه المقومات قد اكتمل.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :