هل هي الصدفة أن يتزامن إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون توجّه بلاده، وبعض الدول الأوروبية، للاعتراف بـ”دولة فلسطينية” على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، مع إنطلاق حركة اعتراض صاخبة في فرنسا، ولاسيما العاصمة باريس، إحتجاجاً على السياسات العامة للسلطة؟
من المبادئ في السياسة أن لا شيء يحصل بالصدفة، إنما دائماً هناك قوى عظمى وأيدٍ خفية تقرّر مصير “الشعوب المستضعفة”. ولعل فرنسا، التي استعمرت نصف الكرة الأرضية، ورسمت مع “منافستها اللدودة” الامبراطورية البريطانية دول منطقة الشرق الأوسط، تدرك أن لا شيء يدوم، وأن من وصل إلى القمة يوماً، واستعمر الأرض الأميركية حتى، أن الدنيا دولاب، وقد لا تجد غداً كرسياً لها في مجلس الأمن الدولي… وما أكثر الأمثلة في التاريخ عن إنهيار الامبراطوريات والممالك!
فرنسا، التي تقدمت الاتحاد الاوروبي منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، والذي بات اليوم يضم سبعاً وعشرين دولة، تحاول تثبيت زعامتها في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة، كما يؤكد المطلعون على بواطن السياسات المالية، فيما تتحدث مراجع دولية ذات وزن، عن إمكانية دفعها للتخلي عن مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي، أو “استبدالها” بألمانيا التي تتمتع بنفوذ اقتصادي ومالي أوسع أوروبياً، و”مطواعة” أكثر بيد الإدارة الأميركية، نظراً لوجود عشرات آلاف الجنود من بلاد “العم سام” على أراضيها منذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية!
وفرنسا، التي كانت كلمتها متقدمة على الآخرين في القارة الأفريقية، بدأ حضورها يتراجع، إلى أن اقتصر على محطة أو إثنتين، مما يوحي أن نجمها قد يأفل نهائياً عن القارة السوداء.
وفرنسا التي كانت إحدى وريثات السلطنة العثمانية قبل 110 سنوات، لم يبقَ لها في شرق المتوسط إلاّ الشاطئ اللبناني كموطئ “نصف قدم”، لأن “الأمبراطورية” الأميركية لها الكلمة الفصل في “كبيرة وصغيرة” لبنان، وأكبر مثال أن باريس فشلت في جرّ الدول المانحة لدعم وطن الأرز الذي رسمت حدوده هي بنفسها، وكانت لبعض فئاته “الأم الحنون”، فلم تستطع أن ترفده بما يسد الرمق، لأن الراعي الأميركي يربط المساعدات بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي شاء من شاء وأبى من أبى. كما لم يُتح لها أي دور سياسي في السلطة الجديدة في سوريا، وهو ما دفعها مؤخراً لفتح بعض منصاتها الإعلامية أمام معارضين للنظام الجديد.
أمام هذه المعطيات، لا يبدو أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، رغم زياراته المتعددة للعاصمة اللبنانية، سيستطيع دفع أجندته المتخمة بالمؤتمرات والوعود، للتقدم على ما يخطط له الموفدان الأميركيان توم براك ومورغان أورتاغوس، اللذان يضعان ملف سلاح “حزب الله” وأجندة العدو الاسرائيلي في قمة أولويات دفع لبنان نحو أي استقرار قد يكون موعوداً!
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي