الأسواق تترقب أهم أسبوع في العام مع قرارات 3 بنوك مركزية كبرى

الأسواق تترقب أهم أسبوع في العام مع قرارات 3 بنوك مركزية كبرى

 

Telegram

تستعدّ الأسواق المالية العالمية لأكثر الأسابيع أهمية في عام 2025، إذ تتّجه أنظار المستثمرين إلى ثلاثة اجتماعات مصيرية للبنوك المركزية الكبرى، هي: بنك اليابان، بنك إنكلترا، والاحتياطي الفيديرالي الأميركي. هذه الاجتماعات تأتي في وقت حسّاس يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من التباطؤ المتزامن مع استمرار الضغوط التضخمية، مما يجعل قرارات السياسة النقدية محور تركيز المتعاملين في العملات والأسهم والذهب والسندات.
 
بنك اليابان: هل من تغيير بعد عقود من السياسة فائقة التيسير؟
يبدأ الأسبوع باجتماع بنك اليابان يوم الثلاثاء 16 أيلول/سبتمبر. وتشير التوقعات إلى إبقاء البنك على أسعار الفائدة السلبية من دون تغيير، في ظلّ تمسّكه بسياسة نقديّة فائقة التيسير، رغم التحركات العالمية نحو خفض الفائدة. لكن الترقّب الأكبر يتعلّق بإمكانية تعديل سياسة التحكّم بعوائد السندات الحكومية، أو إرسال إشارات حول تدخّل محتمل في سوق الصرف لدعم الين، الذي لا يزال ضعيفًا مقابل الدولار.
 
خلال الأشهر الماضية، واجه الين ضغوطًا قوية نتيجة الفجوة الواسعة بين معدلات الفائدة في اليابان ونظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا. ومع ذلك، فإن أيّ إشارة من بنك اليابان على تقليص هذه الفجوة قد تعيد الزخم للعملة اليابانية. ولهذا، يراقب المستثمرون بدقة تصريحات المحافظ “كازو أويدا” بعد الاجتماع، حيث من المتوقع أن تكون كلماته كفيلة بتحريك الأسواق حتى وإن لم يغيّر البنك سياسته بشكل مباشر.
 
بنك إنكلترا: معضلة التضخم والنمو
بعد ذلك يتّجه الاهتمام إلى لندن، حيث يعقد بنك إنكلترا اجتماعه يوم الخميس 18 أيلول/سبتمبر. البنك يواجه معضلة حقيقية بين معدلات التضخم التي ما زالت أعلى من مستواه المستهدف، وبين إشارات تباطؤ النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة.
 
الانقسام داخل لجنة السياسة النقدية يظل واضحًا، فهناك من يدعو إلى مواصلة التشديد للحفاظ على مصداقية البنك في مواجهة التضخم، وهناك من يرى أن أيّ رفع إضافي قد يفاقم الضغوط على الاقتصاد الهشّ أصلًا. الأسواق في معظمها تسعّر سيناريو تثبيت الفائدة عند مستوياتها الحالية، لكن المفاجآت تبقى واردة. قرار بنك إنلترا سيكون له انعكاس مباشر على الجنيه الاسترليني الذي يتداول في نطاق حسّاس، وكذلك على سوق السندات البريطانية التي أصبحت أكثر تقلبًا في الأشهر الأخيرة.
 
الفيديرالي الأميركي: الحدث الأهمّ عالميًا
الحدث الأكبر بلا شك هو اجتماع الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، يوم الأربعاء 17 أيلول/سبتمبر، الذي تترقبه الأسواق باعتباره أهم اجتماع للعام كله. فبعد بيانات التضخم الأخيرة، التي أظهرت تراجع مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) إلى 2.9%، يجد الفيديرالي نفسه أمام معادلة صعبة: من جهة، الاقتصاد يبعث إشارات ضعف واضحة، خصوصًا مع بيانات سوق العمل التي أظهرت تباطؤًا ملحوظًا، ومن جهة أخرى، التضخم الأساسيّ ما زال أعلى من الهدف البالغ 2%.
 
التوقعات الحالية تشير إلى أن الفيديرالي سيُقدم على خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بينما يراهن البعض على خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، إذا أراد البنك إرسال رسالة قوية لدعم النمو. لكن الأهمّ من القرار نفسه هو التوجيهات المستقبليّة التي سيكشف عنها البيان الصحافي وخطاب رئيس الفيديرالي جيروم باول، إضافة إلى التوقّعات الاقتصادية المحدثة و”خريطة النقاط” (dot plot) التي ستوضح توجّهات أعضاء اللجنة حول مسار الفائدة في الأعوام المقبلة.
 
ما يميّز هذا الاجتماع تحديدًا هو أنه يأتي بعد أشهر من الجدل داخل الأسواق حول توقيت وحجم دورة الخفض؛ وبالتالي، فإنّ أيّ تعديل في توقّعات الأعضاء (dot plot) سيحمل تأثيرًا بالغًا. فإذا أظهر المخطط أن الأغلبية ترى خفضًا محدودًا فقط خلال 2025، فقد يدعم ذلك الدولار ويضغط على الذهب والأسهم.
 
أما إذا أشار إلى دورة خفض تمتدّ لعام 2026، فقد يفتح الباب أمام موجة صعود قوية في الأصول الخطرة وانخفاض كبير في العوائد الأميركية. إضافة إلى ذلك، سيُراقب المستثمرون تصريحات باول بدقة لمعرفة ما إذا كان سيعطي الأولوية لاستقرار الأسعار أو لدعم سوق العمل المتعثر. هذا التوازن الدقيق بين المخاوف التضخمية ومخاطر الركود هو ما سيجعل اجتماع سبتمبر نقطة تحول محورية لأسواق المال العالمية.
 
التأثير على الأسواق العالمية
ترقب هذه الاجتماعات الثلاثة يعكس حجم أهميتها على مختلف الأصول. الدولار الأميركي سيكون في بؤرة الاهتمام، إذ إن أي إشارة من الفيديرالي نحو خفض أكبر للفائدة قد تضغط على العملة الأميركية، وتدفع الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، بعد أن لامس الأسبوع الماضي حاجز الـ 3,650 دولارًا للأونصة. أما في حالة إشارة الفيديرالي إلى دورة خفض محدودة، فقد يجد الدولار دعمًا موقتًا على حساب العملات الرئيسية الأخرى.
 
في المقابل، سيكون الجنيه الاسترليني مرتهنًا لقرار بنك إنكلترا، حيث قد يؤدي التثبيت مع لهجة حذرة إلى ضعف العملة، بينما أيّ رفع غير متوقع قد يدفعها إلى الارتفاع بقوة. الين الياباني أيضًا قد يشهد تحرّكات مفاجئة إذا ما لمح بنك اليابان إلى تعديل في سياسته.
أسواق الأسهم والسندات لن تكون بعيدة عن التأثر، إذ إن أيّ خفض أكبر من المتوقع للفائدة الأميركية قد يشعل موجة صعود في مؤشرات الأسهم، ويخفض عوائد السندات الأميركية بشكل ملحوظ.
 
في جميع الأحوال، فإن نتائج هذا الأسبوع ستحدّد ملامح المشهد المالي العالمي حتى نهاية العام، وقد تُعيد رسم أولويات المستثمرين بين الملاذات الآمنة والأصول عالية المخاطر. لذا، يقف العالم بأسره مترقبًا، فقرارات طوكيو ولندن وواشنطن ستحدد الإيقاع الجديد للأسواق العالمية في المرحلة المقبلة.
 
(*) كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram