طالما أن أقصى ردة فعل لدى الدول الخليجية والعربية على أقصى فعل إسرائيلي، هو “الاستنكار” و”الشجب” و”الإدانة”، فإن شيئاً لن يردع العدو عن الاستمرار باعتداءاته، بل عن إطلاق مشروعه التوسعي “إسرائيل الكبرى”.
في يد العرب أوراق كثيرة: من الجغرافيا واستخدامها كما فعل ويفعل اليمن مثلاً، إلى النفط والتلويح بالحرمان منه، إلى الإجراءات الاقتصادية والعرقلة التجارية والمقاطعة، وصولاً حتى القطع الدبلوماسي، إذا لم نتحدث عن إمكان استخدام العسكرة بجيوش لم نعرف ما دورها ومهمتها في الأمنين الوطني والاقليمي بعد، وأعدادها بالملايين وميزانياتها بالمليارات… ولكن هؤلاء العرب لا يستخدمون أوراقهم، فهم كمن يحرق كل مراكبه ويسير “على ما يقدّر الله والأميركي”.
اليوم، وبعد القمة التي سميت “طارئة واستثنائية”، فيما هي متأخرة بعدد الأيام التي تلت الضربة الإسرائيلية على قطر، وتقليدية في بيانها الختامي الخشبي، لا شيء سيخيف بنيامين نتنياهو وصحبه.
فمهما فعلوا، العرب لن يردّوا بما هو لازم أو واجب أو رادع. لن يستخدموا لا القوة ولا أوراق القوة، وذلك يعني منح “إسرائيل” الضوء الاخضر للاستمرار بالاعتداءات متى شاءت وحيثما شاءت، وإعطاؤها جواز مرور إلى “إسرائيل الكبرى” عبر أي حدود، خليجية أو عربية، من دون تعقيدات أو عراقيل أو محاذير.
لقد سألوا رئيس “الشاباك” عن رأيه بقمة الدوحة فأجاب: “العرب ينسون بسرعة”. وقد ذكّرنا ما يحصل اليوم بما قالته غولدا مائير عند إحراق المسجد الأقصى يوماً، إذ قالت: “لم أنم ليلتها وأنا أتخيّل العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً من كُل صوب، لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أُمة نائمة”.
فألف تحية لأمتنا التي كان يمكنها أن تكون جباراً له تأثيره على صعيد العالم، ولكنها اختارت أن تكون قزماً بصلاحية انتهاء قريبة.