أرباح الكازينو تفتح شهية الدولة: نريد أكثر من حصّتنا

أرباح الكازينو تفتح شهية الدولة: نريد أكثر من حصّتنا

 

Telegram

قرّرت الحكومة سحب تنظيم المراهنات الرياضية من الكازينو وإعادتها إلى مديرية اليانصيب، وتوسيع امتياز الكازينو بالقانون، واستعادة أكثر من أموالها المهدورة.

في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة الخميس الماضي، بدا وكأنّ الدولة «استفاقت فجأة»، فقرّرت زيادة حصّتها من أرباح ألعاب الميسر والمراهنات الرياضية الإلكترونية، وطالبت كازينو لبنان بسداد ما تعتبره أموالاً مستحقّة في ذمّته، مضيفة إلى ذلك «حبّة مسك» لا تستند إلى أي مسوّغ قانوني. إذ اكتشفت السلطة أنّ قطاع القمار الإلكتروني يدرّ أرباحاً طائلة بملايين الدولارات، وأنّ حجمه السنوي يُقدَّر بمئات الملايين، ما أثار شهيّتها لاقتطاع جزء أكبر من عائداته.

صحيح أنّ الحكومة الحالية ووزير ماليّتها ياسين جابر، غير مسؤولين عن تقصير الحكومات السابقة ووزيرَي المالية والسياحة السابقين في حماية حقوق الدولة من إيرادات هذا القطاع، إلا أنّ هرولة جابر وقرارات الحكومة لتصويب بعض الجوانب لا تعني أنّ وحدهما كازينو لبنان وشركة «OSS» المشغّلة للألعاب، قد هدرا المال العام. كما لا يمكن أن يُشكّل ذلك إعفاءً للمعنيين في الحكومات السابقة من المحاسبة، ولا إعفاءً للموظفين المسؤولين عن هذا الملف في وزارة المالية.

في الجلسة، اقترح جابر أن تطلب الحكومة من كازينو لبنان، وبشكل فوري، احتساب حصّة الدولة على أساس 34% من الإيرادات غير الصافية لقطاع القمار «أونلاين»، وتسديد الفارق بين هذه النسبة، وما كانت الدولة قد حصلت عليه منذ بدء تشغيل الألعاب عبر شركة «OSS» (أي منذ 20/10/2022)، إضافة إلى الفوائد القانونية المحتسبة حتى تاريخ التسديد. كما دعا جابر إلى تعديل ملحق العقد الموقّع بين الكازينو ووزارة المالية، لينصّ التعديل صراحة على أن «لا تقلّ حصّة الدولة في أي حال من الأحوال عن 35% من الإيرادات غير الصافية».

في أثناء النقاشات التي جرت بين كازينو لبنان ووزير المالية السابق يوسف الخليل، وقبل المباشرة في تلزيم شركة «OSS»، قدّر المدير العام للكازينو رولان خوري، الكلفة التشغيلية لقطاع القمار الإلكتروني بما يراوح بين 32% و33% من الإيرادات، ما يجعل حصّة كل من الدولة والكازينو تدور حول 33.5 إلى 34% لكلّ منهما. بناءً على ذلك، اقترح جابر أن تطالب الحكومة باستيفاء المستحقّات المالية التي تعكس الفارق بين هذه النسبة (34%) وبين المبالغ التي حصلت عليها فعلياً منذ بدء تشغيل الألعاب عبر شركة «OSS»، إضافة إلى الفوائد القانونية.

لكنّ الحكومة ذهبت أبعد من اقتراح جابر، إذ كلّفت وزارة المالية التدقيق في حسابات وقيود الكازينو تمهيداً لمطالبته بسداد الفارق على أساس نسبة 35% من الإيرادات غير الصافية، مضافاً إليها الفوائد القانونية، وذلك عن كامل المدّة منذ بدء تشغيل ألعاب القمار «أونلاين». وبكلام أوضح، طالبت الحكومة باحتساب مستحقّاتها وفق نسبة 35%، رغم أنها وافقت منذ البداية على أن تتراوح حصّتها بين 33.5% و34%. وكما لا يحقّ للكازينو الإخلال بالنسبة المتّفق عليها مع الدولة والاكتفاء بدفع 20% من الإيرادات، كذلك لا يوجد ما يلزم الكازينو قانونياً بدفع 35% للدولة وبأثر رجعي.

كذلك، وبناءً على اقتراح جابر، قرّرت الحكومة تعديل العقد الأساسي لناحية رفع قيمة الكفالة المرتبطة بحسن تنفيذ التزامات «OSS»، من مليار ليرة لبنانية إلى 700 ألف دولار، وهو إجراء تتيحه للدولة بنود العقد نفسه.

أمّا قرار الحكومة إعادة النظر في تشكيل لجنة مراقبة الاستثمار والإشراف على أعمال المراقبة المالية والفنية في الكازينو، (المشكّلة بموجب مرسوم صدر في أيلول 2001)، عبر إضافة فنيين ومختصّين في ألعاب القمار «أونلاين»، فهو خطوة كان يفترض اتّخاذها منذ أن عدّلت الدولة عقدها مع الكازينو عام 2008، وسمحت له بتشغيل الميسر الإلكتروني، أو على الأقل عند مباشرة الكازينو فعلياً تشغيل هذه الألعاب في عهد الحكومة السابقة. إذ من البديهي أن تحتاج اللجنة إلى توسيع يواكب طبيعة القطاع ويشمل فنّيين مختصّين.

وكلّفت الحكومة وزارة المالية إعداد مشروع قانون عصري ينظّم ألعاب الميسر والمراهنات ويواكب تطورات القطاع. وبانتظار صدور هذا القانون، طُلب من الوزارة إعداد مشروع لتعديل القانون 15/5/1995، بما يوسّع نطاق الامتياز الممنوح لكازينو لبنان ليشمل القمار «أونلاين».

ونظراً إلى أنّ التشريع ليس من مهام الكازينو، يُمكن القول إنّ الحكومات المتعاقبة منذ عام 2008، حين سمحت الدولة للكازينو بتشغيل القمار الإلكتروني، تتحمّل جميعها مسؤولية عدم إقرار قانون ينظّم هذا القطاع. كما أنّ قرار الحكومة توسيع نطاق امتياز الكازينو عبر تعديل القانون نفسه، يُعدّ اعترافاً صريحاً بأنّ السماح للكازينو بتشغيل القمار «أونلاين» عبر تعديل العقد فقط، كان إجراءً مخالفاً، ولم يكفِ لمنح الكازينو صفة قانونية لتشغيل الألعاب الإلكترونية. وهذا ينطوي على خرق قاعدة موازاة الصيغ، أي تعديل القانون بقانون، وليس بالعقد وحده. ومرة أخرى، تبقى السلطة هي صاحبة الحقّ الأصيل في منح الامتياز، وهي تتحمّل المسؤولية عن أي مخالفة في هذا الشقّ، لا إدارة الكازينو.

كما كلّفت الحكومة مديرية اليانصيب الوطني بوضع الأطر التنظيمية لليانصيب عبر «Tele Betting» للمراهنة على نتائج المباريات الرياضية، وطالبت شركة الكازينو بوقف أي نشاط يتعلّق بهذه المراهنات. وبهذا الإجراء، أعادت الحكومة إلى مديرية اليانصيب جزءاً من صلاحيّاتها التي منحتها إياها عام 2012، بموجب مرسوم حكومي ينصّ على أن تتولّى المديرية تنظيم المراهنات الرياضية والقمار الإلكتروني. إلا أنّ الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين لم تلتزم بهذا المرسوم، بل منحت الصلاحية لكازينو لبنان، ما يعَد خرقاً للقانون. واليوم، تحاول الحكومة أن تبتدع حلّاً وسطاً، فتُبقي على القمار الإلكتروني لدى الكازينو، وتُعيد المراهنات إلى مديرية اليانصيب.

أمّا ما يمكن اعتباره «زينة» قرار الحكومة، فكان تكليف الأجهزة المتخصّصة والإدارات المعنية، أمنيّة وقضائية، بوقف العمل بمواقع القمار والمراهنات غير المرخّصة. علماً أنّ مثل هذا التكليف صدَر مرات عدّة سابقاً، دون أن يُتابع أحد تنفيذه فعلياً. كما أنّ مكتب مكافحة القمار يمتلك إشارة مفتوحة من مدّعي عام التمييز السابق، القاضي غسان عويدات، لمداهمة صالات القمار غير الشرعي وإقفالها، وقد أبقى القاضي جمال الحجار هذه الإشارة مفتوحة حتى اليوم.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram