الدماء الصامتة... لوحات الظلم في متحف الإنسانية المهجورة.
فصول الألم تتوالى على خشبة هذا العالم، حيث تُرسم لوحات الدماء الصامتة بألوان القهر والصمت المُر، في متحف الإنسانية المهجورة، حيث لا تسمع سوى صدى أنين الجروح التي لا تلتئم. هناك، تتحدث الدماء بلا صوت، تشكو ظلمًا بلا شهود، وتحكي حكاياتٍ لن يكتبها التاريخ إلا بألم.
في عالمنا اليوم، تستمر هذه الدماء في النزف كأنه نهر لا ينضب، تُسكب على أرضٍ لا تُبصر رحمته، تتوارى خلف ستار صمت عالمي مُريب، وكأن الإنسانية تجلس متفرجة على مسرحٍ تُقدم فيه مأساة البشر بلا فواصل.
تحت ظلال هذا الصمت، تشتعل نيران الحرب في اليمن، حيث يسقط الأطفال والنساء ضحايا في نزيف لا نهاية له، وتُدفن أصواتهم تحت ركام الخراب، وسط تجاهل دولي يشبه خذلان الزمن. في قلب الساحل الإفريقي، حيث تشتد العواصف، تعصف الحروب التي لا تبقي ولا تذر، فتتحول أرواح السكان إلى لوحات حزينة من النزوح والجوع، وصمت الدماء هناك صار يكتب التاريخ بدلًا من الكلمات.
وفي خضم عالمنا العربي، يظل قمع الحريات يتسرب كسم في عروق المجتمعات، حيث تُقفل الأفواه ويُكتم النبض داخل السجون، فتغدو دماء الناشطين صامتة لكنها أعمق من كل صراخ، تحكي قصة وطنٍ غاب عنه صوت العدالة، ودفنت فيه الحقيقة تحت أقدام السلطة.
أما في غزة، فالدماء تروي فصول حربٍ بلا هوادة، حيث تُسفك الأرواح في معاركٍ لا تنتهي، ويظل العالم يصغي بصمت، غير قادر على إنقاذ براءة الأطفال أو استرداد ضحايا المدنيين، فتكون دماؤهم جرحًا مفتوحًا في وجدان البشرية.
ولا يغيب عن المشهد مأساة الملايين من اللاجئين حول العالم، الذين أُجبروا على ترك أوطانهم هربًا من الحروب والجوع والكوارث المناخية، صاروا صدىً ضائعًا، ودماؤهم صامتة، لكن فيها قنابل من الألم والوجع تنتظر انفجار الوعي العالمي.
هذه الدماء الصامتة ليست مجرد قطرات تسقط بلا معنى، بل هي صرخة مهيبة تطالب الإنسانية بأن تعيد النظر في وجهها، وأن تصحو من سباتها الطويل. إنها تحذير من متحف مظلم نحافظ عليه بأيدينا، متحف تكدست فيه لوحات الظلم، لكنه يبقى مرآة الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها.
ختامًا، يبقى السؤال: هل سيأتي يومٌ تُسمع فيه أصوات الضحايا، وتُرفع فيه راية العدالة؟ هل ستتحرك الإنسانية نحو السلام، وتضع حدًا للنزيف الذي لا ينتهي؟ الإجابة مبهمة، لكن الأمل موجود، والأمل هو ما يجعلنا نستمر في الكفاح من أجل غد أفضل.
وفي ظل هذا الألم الذي لا يهدأ، يبقى الأمل هو النور الذي يضيء دروبنا، ويجعلنا نصمد في وجه الظلم، ونطالب بالعدالة. فلنرفع أصواتنا، ولنكن صرخةً في وجه الظلم، ولنجعل من دماء الضحايا شرارةً تشعل فتيل التغيير. فالإنسانية تحتاج إلى من يوقظها، وتحتاج إلى من يقودها نحو السلام والعدالة. فهل نحن قادرون على ذلك؟
بقلم: فاطمة يوسف بصل.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي