ما لجرح بميت إيلام...

ما لجرح بميت إيلام...

 

Telegram

ما لجرح بميت إيلام
ندعوا شعبنا للإضراب عن الحزن وإضطراب الأعصاب 
نطالب الناس الإعتصام على بوابات المقابر الى حين موت الجريمة 
إستيقظ لبنان على جريمة جديدة أيقظت فينا تداخل مشاعر جعلتنا نقف أمام هول الجريمة كأصنام من ورق تميل حيث تميل العواصف الجليدية .
أنحزن على أكثر من عشرين ضحية وأكثر من سبعين جريح ؟ 
أنحزن ونغرق في الحزن، ونعبّر عن مشاعرنا الانسانية ، ونرحل مع عواطفنا ، وهي تتأرجح بين الشفقة على الذين رحلوا دون وداع ، وبين الباقين الذين أصابتهم نكبة الفقدان . 
أنحزن على ذاك المواطن الذي أمِل بالحصول على تنكة بنزين ، فحصل على فيزا ترحيل الى جهنم الحمرا .
كم من خنساء أصبح في بلادنا ؟ 
كم من حسين أصبح في بلادنا ؟
وكم من "واسطة العقد " في بلادنا فقدنا ، ولا نجد إبن الرومي ليوثقه فيصبح حدثا تضج به الدنيا :
توخى حِمام الموت أوسط صِبيتي       فلله كيف اختار واسطة العِقد 
أقسم أننا لا نعرف كيف نحزن ، ولا نعرف كيف نفرح ، ولا نعرف كيف نكون كما قال الأخطل الصغير .
نبكي ونضحك لا حزنا ولا فرحا       كعاشق خط سطرا في الهوى ومحا 
نحن حالات خاصة، لم يصل علم النفس ولا  الطب البشري ولا علم الاجتماع الى تحديد خصائصها .
نحن زهايمر جديد ،يقطع قطعا تاما مع الحدث القريب ، ويقفز فوقه ليتواصل مع الماضي البعيد .
تأثير الحدث علينا يساوي تأثير وجع إبرة الالتهابات الذي لا يتعدى لحظات وجود الإبرة في الزند أو في الورك .
أعتقد بعضنا على بساطته وطيبة قلبه أن ما حصل في عكار سيفتح جميع محطات الوقود في لبنان لتفتح خراطيمها أمام الناس .
لكن لم تُحرك الجريمة قشة من مكانها ، وبقيت صفوف السيارات على الالمحطات تنتظر الخراطيم . 
نزعم أننا نصبر على الجراح . في الحقيقة نحن لا نصبر على الجراح ، نحن ننسى الجراح لا لنمشي الى الأمام بل لنبقى مكانك راوح .
لم تعد مشاعرنا ملكنا ، أصبحت مشاعرنا مربوطة برسن المشغّلين وما أكثر المشغلين .
  لم تعدالمشاعر  ناتج الروح والقلب والعقل ، أصبحت المشاعر ناتج العمشقة والزحفطة ونيل المكاسب .
حزننا كذبة ، تنكيس الأعلام كذبة ، تحديد يوم الحداد على الضحايا كذبة ، إقفال المؤسسات حزنا كذبة ، كل ما هو حولنا من سلوك للسلطة والطوائف والمذاهب كذبة ، وأخاف أن نصبح نحن كذبة .
نحن نطالب الناس الإضراب عن الحزن ، الإضراب عن البكاء ، الإضراب عن التعبير عن المشاعر ، ونطالبهم بالاعتصام على بوابات الجبانات الى حين تغيير أحوال الطقس والتبدلات المرتقبة للمناخ .
نحن نطالب الناس أن تدق وشما على الجبين :
ما لجرح بميت إيلام .
في لحظات ارتكاب الجريمة تتداخل المشاعر .
أنغضب، ونحن الذين نردد دائما : لا تغضب ،ولا تفعل ما يأمرك به الغضب ،لا تغضب فإن الغضب يؤول الى التقاطع ومنع الرفق ، وربما آل الى إيذاء المغضوب عليه .
أنغضب ، ونحن الذين نخاف من الغضب لأننا نخاف أن ندوس نملة على الأرض لذلك وضعنا الأجراس مكان الخلاخل لننذر النمل بالإبتعاد عن طريقنا .
أنغضب ونحن الذين لم نعرف من الغضب سوى ما نسمعه من الوسائل الاعلامية عن قتال العشائر ، وارتكاب الجرائم ، والشتائم .
ينشرونا على الناس غضبهم وغضب أتباعهم ومن يواليهم ،وكأن مشاعر الغضب احتكار كما البنزين والمازوت والخبز وحليب الأطفال .
لقد نشروا ثقافة الغضب الذي يهدم ، ولم ينشروا ثقافة الغضب الذي يبني خوفا من غضب الناس عليهم . لقد أوصلوا الناس الى الخلط بين الغضب واضطراب الأعصاب حتى يحاصرون الناس في تلاجات التفكير .
ومشت الكذبة على الناس وأصبحوا لا يميزون بين اضطراب الأعصاب والغضب .
أيها الناس ، ألا تكفي جهنم الحمرا لتغضبوا ؟
ألا يكفي تفجير المرفأ لتغضبو ؟
ألا يكفي انقطاع الدواء وحليب الأطفال والمازوت والبنزين والخبز لتغضبوا ؟
ألا يكفي هذا الموت المجاني على الطرقات وفي الإشكالت العائلية والخلاف على محطات البنزين لتغضبوا .
ألا تكفي جريمة تخزين البنزين والمازوت لتغضبوا ؟
ألا تكفي جريمة عكار التي أفقدتنا مجموعة من الشباب في عمر الورد لتغضبوا ؟
إغضبوا أيها الناس ، لم يعد لكم من مخرج سوى الغضب .
إسمعوا أقوالهم ، أنهم يتقاذفون التهم وكأن الذي حصل ليس في عكار ولا أمام مجموعة كبيرة من الناس ، كأن الذي حدث حصل في المريخ أو في مجموعة شمسية أُخرى .
هم لا يُغضِبهم الدم ولا اليتم ولا الترمل ، هم يغضبهم فضح حقيقتهم.
نحن الأموات وهم الأحياء ،لذلك ينطبق علينا قول المتنبي :
ما لجرح بميت إيلام .
جراحنا أكبر من أحلامنا ، لذلك سقطنا .
أيها الناس في كل بلادي ليس في لبنان فقط :
إرتقوا كي تُصبح جراحكم بمستوى أحلامكم !!
إرتقوا كي تصبح جراحكم أقوى من اضطراب إعصابكم !!
إغضبوا فغضبكم يرسم جمال الزمن التالي .
إغضبوا واخرجوا من دساكركم التي أعمت بصركم وبصيرتكم الى ميدان القتال  وأنتم تتمنطقون الادراك العالي والإرتقاء الحضاري فتنتصرون عليهم في جولات الصراع.
صباح عكار الحزين كصباح الشيخ جرّاح وصباح السويدا والرقة وأدلب كصباح بغداد والموصل وكل المدن السورية الحزينة .
من عكار ، من المرفأ ، من القدس وغزة ، من القامشلي وريف حلب ، من عمان وإربد ، من السليمانية ، من ذي قار ، الرسالة واحدة ، ولها عنوان واحد :
إغضب يا شعبي ،ورددّ : الغضب الساطع آت 
نداء العمل القومي 
اللجنة الاذاعية 
الرفيق سامي سماحة 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram