بقلم : فاطمة يوسف بصل.
في متاهة الزمن، حيث تتراقص الظلال، يظلّ السيد موسى الصدر مثل النجم الغائب عن السماء، لكنه يُضيء القلوب كالنور الذي لا يخبو. غيابه، ليس غيابًا عن الذاكرة، بل هو حضور صامت يسكن الأرواح ويزرع في النفوس بذور الأمل والحرية.
هو ذلك العصفور الذي غادر القفص، لكن صوته ظلّ يرنّ في أذن الحاضر، يُنادي على وحدة ضائعة، على وطن يتعافى من جراحه العميقة. في زمنٍ تعصف فيه الرياح، ضاع بين الغياب والوجود، لكنه ظلّ نبض الأرض، ورقة من ورق الخريف لا تسقط إلا لتُزهر مرة أخرى.
قال في صمته المليء بالكلام: _"إذا غاب الجسد، فلا بد للروح أن تحيا في قلوب من أحبّوا الحقّ."_ وهكذا، لم يمت السيد، بل تحول إلى أفق يتسع في كل نفس تعشق العدالة، وكل قلب لا يعرف الاستسلام.
في زمن الحيرة، حين تتكسر الأرواح على صخور الفقد، يتوهج صدى كلماته في أعماقنا: _"الوحدة هي سر الحياة، والعدل هو الثريا التي تُضيء درب الأحرار."_ هو البحر الذي لا يجف، نهر الحكمة الذي ينبض رغم الجفاف، وموقد الشموع في عتمة الليالي الطويلة.
الغياب، في فلسفته، ليس فراغًا قاتلًا، بل هو ميلادٌ جديدٌ لكل حلمٍ توارى خلف الستار. هو صمت الصباح الذي يسبق الفجر، هو وعدٌ بالأمل في قلب الحزن. يعلّمنا أن النوم بين الغياب والوجود ليس موتًا، بل هو سكونٌ يُهدئ الروح ليستعد للرحيل نحو فجر جديد.
يقول: _"الصبر زهرة تتفتح في القلب، والقلوب التي تثق بالحق لا تعرف الرحيل."_ وهكذا، يبقى السيد موسى الصدر، بين غيابه ووجوده، كقصيدة مكتوبة على جدران الزمن، لا يُمحى أثرها، ولا يُنسى صداها.
هو القمر الذي لا يغيب نوره، والريح التي تهمس بأسرار الأرض للقلوب العطشى. في كل غياب، هناك وجود ينتظر أن يُولد، وفي كل فجر، وعدٌ جديد بأن الرحلة مستمرة، وأن سيد العلم لم يغادر، بل هو حاضرٌ بيننا، في كل نبضة حب، وكل دعاء صادق، وكل حلم لن يموت.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :