لم يعد اقتناء جهاز ذكي في البيت مسألة رفاهية، بل صار جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل الحياة اليومية. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل هذه الأجهزة آمنة فعلًا أم أنها مجرد أبواب مفتوحة ينتظر القراصنة الدخول منها؟ في صيف 2025، كشفت الحكومة الأميركية عن مبادرة جديدة قد تغيّر قواعد اللعبة تمامًا في هذا المجال، مبادرة تحمل اسم US Cyber Trust Mark، وهي أشبه بدرع أمان سيبراني يوضع على كل جهاز ذكي لتطمئن العائلات إلى أن خصوصيتها محمية.
الفكرة بدأت قبل عامين تقريبًا، عندما أطلق البيت الأبيض في يناير 2023 مشاورات عامة مع الشركات والخبراء لوضع خطة وطنية لحماية الأجهزة المنزلية. وفي يوليو 2025 تحولت هذه الخطة إلى واقع رسمي تحت إشراف اللجنة الاتحادية للاتصالات (FCC)، وتم اختيار شركة UL Solutions لتكون مسؤولة عن تطبيق البرنامج والتأكد من التزام المصنعين بالمعايير. المبادرة لا تكتفي بالملصق الذي يحمل شكل درع مع رمز QR، بل تفتح نافذة للمستهلك تكشف بوضوح عمر الدعم المتوقع، تحديثات الأمان، والضوابط التقنية التي تم اعتمادها.
المعايير نفسها صاغها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST)، وركزت على نقاط دقيقة مثل منع استخدام كلمات مرور ضعيفة، ضمان وجود تحديثات تلقائية، حماية البيانات من التجسس، وضمان أن كل جهاز يمكنه الصمود أمام الهجمات السيبرانية المتكررة. شركات كبرى مثل جوجل وأمازون وسامسونغ ولوجيتك سارعت إلى إعلان دعمها للمبادرة، بينما أكدت متاجر التجزئة مثل Best Buy أنها ستمنح أولوية عرض لهذه المنتجات في رفوفها.
الصحافة الأميركية شبّهت المبادرة ببرنامج Energy Star الذي غيّر سوق الأجهزة الكهربائية في التسعينيات، حين أجبر المصنعين على مراعاة استهلاك الطاقة. اليوم السيناريو نفسه يتكرر ولكن مع الخصوصية، فابتداءً من عام 2027 ستصبح الأجهزة الحاصلة على العلامة إلزامية في المشتريات الحكومية، ما سيجبر الشركات الصغيرة والكبيرة على الدخول في سباق الجودة الأمنية.
لكن خلف هذه الخطوة قصة أعمق. تقارير إعلامية مثل رويترز وأسوشييتد برس وThe Verge وTechCrunch أشارت إلى أن متوسط عدد الأجهزة الذكية في المنزل الأميركي تجاوز 21 جهازًا، من الكاميرات إلى الثلاجات وحتى أقفال الأبواب. كل جهاز من هذه الأجهزة يمكن أن يكون ثغرة خطيرة إذا لم يخضع لاختبارات أمان. بالفعل، أظهرت حوادث كثيرة في السنوات الأخيرة أن أطفالًا تمكنوا من اختراق كاميرات المراقبة المنزلية، وأن مجرمين استغلوا أجهزة منزلية بسيطة للوصول إلى شبكات أكبر.
اليوم تحاول واشنطن أن تضع حدًا لهذا الفوضى الرقمية عبر ما يشبه شهادة ولادة جديدة للأجهزة الذكية. وإذا نجح المشروع، فسوف نرى في المتاجر قريبًا ملصقات الدرع الأزرق على كل جهاز، من أبسط ساعة ذكية للأطفال إلى أعقد نظام إضاءة منزلي.
الخطوات الأولى بدأت بالفعل، والسوق العالمية تتهيأ لاستقبال جيل جديد من الأجهزة… جيل محمي من الداخل قبل أن يُعرض للبيع.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :