الشغب يفسد التضامن الوطني في 4 آب… والغيظ القواتي ينفجر بوجه الشيوعي عون وميقاتي يلتقطان الأنفاس بعد تلقي نصائح بعدم التسرّع بإعلان الفشل عدوان الاحتلال على الجنوب يكشف مأزقه… وحردان لشكوى عاجلة… وحكومة
كشفت الأحداث التي شهدها يوم الإحياء الوطني لذكرى تفجير مرفأ بيروت، أنّ القوى التي وضعت يدها على المناسبة لا تريده يوماً للتضامن الوحدة والتأكيد على أولوية كشف الحقيقة كمقدّمة لإحقاق العدالة، وأنّ البرنامج المرافق للمناسبة تحوّل الى اتهام وشيطنة لأطراف لبنانيين وتنظيم أعمال شغب فشلت في جرّ البلاد الى فوضى مصمّمة، وفلتان يهزّ الأمن، لأنّ حجر الرحى في الخطة كان قائماً على التداعيات المتوقعة لكمين خلدة، والتي كانت مبنية على استدراج حزب الله إلى الانفعال والغضب والتورّط في ردود فعل تورّطه في مسلسل أمني يصعب انهاؤه، ويشكل بوابة للفتنة، وكان الغيظ واضحاً في سلوك القوات اللبنانية الذي انفجر بوجه مناصري الحزب الشيوعي الذين كانوا يحيون ذكرى التفجير ضمن إطار البرنامج الموحد لقوى المعارضة، التي يفترض أنّ القوات تحسب نفسها ضمن صفوفها.
في الشأن الحكومي أظهر لقاء الأمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أنّ محاولات البحث عن مخارج ستستمرّ رغم العقد التي تحول دون ولادة الحكومة، وتحدثت مصادر مواكبة للمسار الحكومي أنّ الرئيسين تلقيا نصائح داخلية وخارجية على إيقاع مؤتمر الدعم الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدم التسرّع بإعلان الفشل، وقالت المصادر إنه بالرغم من جدية العقد بنظر الفريقين وتموضعها على خط العناد في تمسك كلّ منهما بنظرته لمبرّرات تمسكه بوزارة الداخلية، من خلال تمسك ميقاتي ببقاء الحقائب على توزيعها السابق طائفياً انسجاماً مع الرغبة ببقاء وزارة المال عن الطائفة الشيعية، وفي المقابل تمسك عون بالمداورة ولو أدت إلى التصادم مع الثنائي حركة أمل وحزب الله حول مصير وزارة المال، ضمن عرض مبادلة المال بالداخلية، سعياً للحصول على وزارة المال، التي تعوّض بنظر الفريق الرئاسي الثلث المعطل لجهة حق التوقيع غير الملزم بمهلة الذي يتمتع به وزير المال، ووفقاً للمصادر فإنّ التفاؤل الذي خرج به ميقاتي ليس نابعاً من تقدّم تمّ تحقيقه بل من رغبة بالتقاط الأنفاس يتفق الرئيسان على الحاجة إليها، ويشاركهما الرئيس الفرنسي تلك الحاجة، لأنه يتعامل مع تكليف ميقاتي كفرصة أخيرة لقيادة فرنسا للمساعي الدولية نحو لبنان ولا يريد أن يخسر هذه الفرصة، وقالت المصادر انّ لقاء اليوم بين عون وميقاتي سيظهر حجم التقدّم الذي تحدث عنه ميقاتي.
في الجنوب جاء عدوان جيش الاحتلال بالقصف المدفعي أول أمس وقصف الطيران فجر أمس، تحت شعار الردّ على الصواريخ التي سقطت في خراج بلدة الخالصة الفلسطينية المحتلة وتسبّبت بإشعال حرائق، وقال جيش الاحتلال إنها أطلقت من جنوب لبنان، ليكشف مأزقه المزدوج، فهو لا يستطيع الظهور بمظهر الضعف وعدم القيام بردّ، وفي المقابل يخشى التورّط في ردّ يستدرج رداً ويتمّ الانزلاق نحو مواجهة يخشاها، لذلك قام بقصف مناطق مفتوحة تجنباً لإيقاع خسائر بشرية أو أضرار مادية فادحة، لكن العدوان بما هو انتهاك للسيادة، كان محور مواقف وتعليقات، وقد تناوله رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي النائب أسعد حردان بالدعوة لتحرك عاجل نحو تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي، من جهة، وتسريع تشكيل الحكومة كحاجة لحماية التماسك الوطني وحفظ السيادة، من جهة موازية.
وحفلت الأيام القليلة الماضية بجملة أحداث وتطورات على المستويين الأمني والسياسي. ففيما كان لبنان واللبنانيون يُحيون الذكرى السنوية الأولى لتفجير 4 آب ويستذكرون الشهداء واللحظات الأليمة والمشاهد المأساوية التي خلفها الانفجار، كان العدو "الإسرائيلي" يدخل عسكرياً على خط تعقيدات المشهد الداخلي بكليته ويستبيح الأراضي اللبنانية متذرّعاً بسقوط صاروخين مجهولي المصدر على المستوطنات في فلسطين المحتلة لإطلاق العنان لدباباته وطائراته بالقصف والإغارة على خراج عدد من القرى الجنوبية.
ودان رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان العدوان "الإسرائيلي" ورأى أنه "يؤكد على الطبيعة العنصرية الإرهابية، وعلى الخطر الذي يمثّله العدو".
وأشار حردان إلى "أنّ استهداف أبناء مناطق الجنوب اللبناني في حياتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم، هو عدوان موصوف، وعلى لبنان القيام بإجراءات وخطوات رادعة، وتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، لإدانة العدوان وتحميل العدو مسؤولية التصعيد".
وشدّد حردان على "ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لكي تقوم بواجبها تجاه المواطنين واتخاذ الخطوات المطلوبة على كلّ المستويات، لمواجهة الاعتداءات "الإسرائيلية"، ولوقف الاستباحة المتكررة لسيادة لبنان".
وختم حردان مطالباً "مؤسّسات الدولة اللبنانية المعنية، لا سيما الهيئة العليا للإغاثة إجراء مسح شامل لتحديد الأضرار نتيجة القصف الصهيوني، والتعويض على المواطنين الذين احترقت بساتينهم وحقولهم".
على الصعيد الحكومي، برزت بقعة ضوء من بعبدا غداة اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي قال على الأثر: "فرنسا كانت واضحة بأن لا مساعدة قبل تشكيل الحكومة ولهذا اجتمعت مع الرئيس وهذا الاجتماع له أهمية خاصة بعد ما حصل أمس (الأربعاء) ويجب أن نأخذ العبر من صوت المتضرّرين من انفجار 4 آب كما من مؤتمر الدول المانحة". وأضاف: "أكدت للرئيس ضرورة تشكيل الحكومة وإلا نرتكب إثماً إذا لم نسرّع بالتشكيل وكان هناك تقدم ولو كان بطيئاً ومثابرون ومصرون على تشكيل الحكومة لأن في ذلك خيراً للبنان ونريد حكومة تكون رافعة لا نقطة إحباط وأتمنى من اللبنانيين إلا نحترف التشاؤم. من مبدأ الحسّ الوطني لن أترك المهلة مفتوحة وجلسة اليوم (أمس) خطوة إيجابية للأمام ولا ألتزم بأي مهلة زمنية إنما أسعى إلى تشكيل الحكومة وقبلت التكليف لتأليف ولم آتِ على ذكر الاعتذار الذي لا مكان له حتى الساعة. وعندما أشعر أنّ الطريق بات مسدوداً للتجانس سأخبر اللبنانيين والآن لن أخلق مشكلا"ً.
وأضاف ميقاتي: "المرحلة صعبة جداً على الصعد الاقتصادية والمالية وكيفية إعادة لبنان على الخارطة المالية الدولية، أو على صعيد استحقاق الانتخابات النيابية، وهي استحقاق مهم جداً، وأقول للجميع أنني منفتح على كل الآراء، ولكن لا مكان للانقلابات في لبنان، بل عبور إلزامي بمرحلة دستورية إلزامية للوصول إلى الانتخابات، ولتقرّر الانتخابات بطريقة ديمقراطية المستقبل في لبنان. لا مانع لدينا بل أؤكد وألتزم بنزاهة الانتخابات المقبلة".
وسجل ميقاتي خفضاً لنبرته عن اللقاء السابق بقوله: "ليس هناك عملية تحدٍّ لأحد، ولا أحد متمسك بحقيبة معينة، وما من حقيبة مرتبطة بطائفة أو مذهب دستورياً، ولكن أنا قلت في التصريح الأخير أن لا وقت لدينا للدخول في مشاكل جانبية، ونتحدث بإعطاء هذه الحقيبة لهذه الطائفة أو تلك. لنترك المشاكل ونذهب باتجاه تشكيل حكومة".
وأشارت مصادر المعلومات إلى أن "لقاء الأمس بين الرئيسين أظهر نقاط تباين عدة أهمها الحقائب السيادية"، مشيرة إلى أنّ "الاجتماع حقق تقدماً في صيغة توزيع الحقائب على نحو يكون له انعكاسات إيجابية على الحقائب السيادية التي هي موضع بحث". وأشارت المصادر إلى أنه "من المتوقع استكمال النقاش في الاجتماع المقبل اليوم"، لافتة إلى أنّ "أجواء الاجتماع كانت إيجابية"، مؤكدة أنّ "عون وميقاتي لم يدخلا في مرحلة البحث في الأسماء بعد". وشدّدت على أنه في اجتماع الأمس حصل توزيع للحقائب أكثر ملاءمة من السابق. ووفق معلومات "البناء" فإنّ وزارة الداخلية هي أم العقد نظراً لأهمية هذا الموقع في الإشراف على الانتخابات النيابية وعلى صدور نتائجها، فعون والنائب جبران باسيل يعتبران أنها ضمانة لهما ضد أي محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات لمصلحة معارضيهم وتحديداً منافسهم على الساحة المسيحية أي القوات اللبنانية التي تصر على إجراء انتخابات نيابية مبكرة لتعديل موازين القوى على الساحة المسيحية. وفيما أُفيد أن أحد المخارج هو منح الشيعة الداخلية مقابل إعطاء المالية للرئيس عون، لم تظهر حقيقة هذا الطرح وجديته لدى ثنائي أمل وحزب الله. إلا أن مصادر التيار لا تزال تعتقد بأن العقدة خارجية وليست داخلية ولو كانت كذلك لتم تأليف الحكومة خلال أسبوع كحد أقصى.
وفور انتهاء تصريح ميقاتي سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، تراجعاً حيث بلغ 20400 ليرة للشراء و20450 ليرة للبيع مقابل الدولار الواحد.
وعلى وقع الأحداث الأمنية، انعقد مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس عبر تقنية الـ video conference والذي شاركت فيه 33 دولة و13 منظمة دولية و5 ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني، وشدّد رئيس البنك الدولي دافيد مالباس والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على "أهمية التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان"، مركزين على "ضرورة قيام لبنان بإصلاحات جذرية في العديد من قطاعاته". وكشفا عن نية المؤتمر دعم لبنان بمبلغ يقدر بـ "860 مليون دولار في هذا الوقت العصيب لزيادة احتياطاته التي استُنزفت وكذلك للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة الكثيرة للشعب اللبناني".
وأبدت مصادر في فريق المقاومة لـ"البناء" استغرابها الشديد إزاء الاستغلال الإعلامي والسياسي لذكرى تفجير المرفأ ولدماء الشهداء ومآسي وغضب أهاليهم للتصويب على قوى وجهات سياسية للنيل منها، داعية هذه القوى للإقلاع عن هذه الأساليب التي لا تفيد بشيء سوى التحريض وبث التفرقة والكره بين اللبنانيين، محذرة من تسييس التحقيق لأهداف مبيتة وخدمة لمشاريع خارجية ستظهر حلقاتها لاحقاً، تزامناً مع استمرار الحصار الاقتصادي والمالي الأميركي الغربي الخليجي الأوروبي على لبنان وتمادي العدو "الإسرائيلي" بعدوانه المتكرر وسط صمت أميركي دولي مطبق. وأفادت معلومات "البناء" أنّ قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار سيؤجل الإعلان عن تقريره الأول حول الجريمة إلى أيلول المقبل ريثما يتم صدور تقرير الاستخبارات الفرنسية، إلا أنّ خبراء عسكريين تساءلوا عن سبب رفض الأميركيين والأوروبيين حتى الآن تزويد لبنان بصور الأقمار الصناعية لمعرفة ما حصل قبل التفجير وما إذا كان ناتجاً عن عدوان "إسرائيلي" بصاروخ أو بعمل إرهابي أو حادث عرضي، وكشف الخبراء لـ"البناء" عن تعقيدات في الملف لجهة كشف حقيقة وسبب التفجير نظراً لارتباط ذلك بضلوع "إسرائيلي" بدور ما في التفجير، وثانياً لجهة تعويض شركات التأمين بمليارات الدولارات على المتضررين، لا سيما أنه في حال ظهر أنّ السبب عدوان "إسرائيلي" أو عمل إرهابي فلن يتم التعويض، أما في حال ثبت أنه حادث عرضي فشركات التأمين ملزمة بالتعويض، بحسب القوانين المرعية الإجراء.
ولم يسلك طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإحالة الوزراء والرؤساء المتهمين بالإهمال الوظيفي في قضية المرفأ إلى المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء في ظلّ معارضة مسيحية لهذه الخطوة، بحسب ما كشفت مصادر نيابية لـ"البناء" كاشفة أنّ "التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحتى تيار المردة رفضوا التوقيع على هذا الطرح".
وخطف التصعيد "الإسرائيلي" جنوباً الاهتمام الرسمي، بعد سلسلة اعتداءات "إسرائيلية" برية وجوية طالت عدداً من القرى الجنوبية بذريعة سقوط صاروخين من الأراضي اللبنانية على مستوطنات في فلسطين المحتلة. وأعلنت قيادة الجيش "تعرض وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام، إضافة إلى سهل بلاط، لقصف بمدفعية الجيش "الإسرائيلي" وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد إطلاق صواريخ من إحدى المناطق الجنوبية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. وسيّر الجيش دوريات في المنطقة وأقام عدداً من الحواجز، كما باشر التحقيقات لكشف هوية مطلقي الصواريخ. وتتم متابعة الوضع مع قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان".
وأشارت مصادر ميدانية لـ"البناء" إلى أنّ "الهدوء سيد الموقف ولم تشهد المنطقة أي تطورات جديدة رغم شدة القصف الإسرائيلي البري والجوي"، ملاحظة أنّ "الغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق غير مأهولة بالسكان لتجنب استهداف المدنيين اللبنانيين، وبالتالي عدم استفزاز حزب الله واختراق قواعد الاشتباك القائمة منذ حرب تموز 2006. فالقصف الإسرائيلي لا يزال ضمن المعادلة رغم شموله مناطق متقدمة في الجنوب". ورجحت المصادر أن "يكون العملاء الإسرائيليون هم من أطلقوا الصواريخ لخلق مبرّر للتصعيد الإسرائيلي، لا سيّما أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تحوي فصائل مقاومة وفصائل أخرى متناقضة ولها ارتباطات خارجية إسرائيلية واستخبارية عدة".
وفي سياق ذلك، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور العميد هشام جابر لـ"البناء" إلى أن "التصعيد الإسرائيلي في الجنوب بتعلق بتطورات المنطقة، لا سيما حرب الناقلات بين إيران واسرائيل والملف النووي الإيراني.
واستبعد جابر حصول تداعيات للتصعيد جنوباً على صعيد الجبهة مع لبنان ولا على صعيد جبهات المنطقة"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة لن ترد على استهداف الناقلة الإسرائيلية لأسباب عدة رغم تهديد مسؤوليها". وميّز جابر بين "الحرب العسكرية الواسعة النطاق والمستبعدة حالياً، وبين الحرب الاستخبارية القائمة بين طهران من جهة وكل من الأميركيين والإسرائيليين من جهة ثانية، لا سيّما حرب الناقلات واستهداف معمل "نطنز" الإيراني النووي وتنفيذ عمليات اغتيال لعلماء نوويين ايرانيين".
كما أوضح جابر أنّ "إسرائيل لن تستطيع تحمّل أن تكون المبادرة بالضربة الأولى على لبنان لخشيتها من الخسائر الفادحة التي سلتحق بها جرّاء ردة فعل حزب الله الذي يملك 150 ألف صاروخ يحذّر منها القادة العسكريون في إسرائيل، لكنّ الأخيرة تريد استدراج حزب الله للمبادرة بمهاجمة إسرائيل لاستمالة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية خصيصاً إلى جانبها، لفرض شروط وقواعد اشتباك جديدة على الحزب".
في المواقف الرسمية، اطلع رئيس الجمهورية من قيادة الجيش على نتائج التحقيقات المتعلقة بإطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية والإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، واعتبر أنّ "تقديم الشكوى إلى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع إسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان". وأعلن أنّ "استخدام إسرائيل سلاحها الجوي في استهداف قرى لبنانية هو الأول من نوعه منذ العام 2006، ويؤشر إلى وجود نوايا عدوانية تصعيدية تتزامن مع التهديدات المتواصلة ضد لبنان وسيادته، وما حصل انتهاك فاضح وخطير لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، وتهديد مباشر للأمن والاستقرار في الجنوب".
وفي السياق، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب من وزيرة الخارجية بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر "الإيعاز إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان".
وتوقفت أوساط سياسية وعسكرية مطلعة عند التوقيت المريب والمشبوه للدخول "الإسرائيلي" على خط التوتر والأحداث والأزمات في لبنان، إذ تزامن هذا الانخراط المفاجئ مع جملة تطوّرات داخلية خلال الأسبوع الماضي:
ـ حوادث خلدة الأمنية ومحاولات إحداث فتنة مذهبية تخدم المصلحة والأهداف "الإسرائيلية"
ـ إحياء ذكرى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب والأحداث الأمنية التي رافقتها في وسط بيروت
ـ تعثر تأليف الحكومة الجديدة في ظل الخلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف
ـ تفاقم الأزمات الحياتية وتمدُّد الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية وخطر الفوضى الشاملة
ـ الإعلان عن إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السبت المقبل في ذكرى الانتصار في حرب تموز، والمواقف التي نقلت عنه في جلسة داخلية عن توجّه للحزب لاستيراد النفط والأدوية والمواد الغذائية من إيران في القريب العاجل.
ولفتت الأوساط إلى أنّ سياق الأحداث الأمنية الداخلية من خلدة إلى اشتباكات وسط بيروت والدخول "الإسرائيلي" على خطها، تؤكد تورط جهات خارجية وسفارات دول حليفة لها بكمين خلدة المدبر، لاستدراج حزب الله إلى مستنقع الفتنة المذهبية، كاشفة أنه لو انزلق الحزب إلى اشتباك واسع في خلدة لكانت مجموعات أخرى تنتظر ذلك لفتح جبهات عدة في المناطق ذات الحساسية المذهبية في الشمال والبقاع والخط الساحلي بين بيروت وصيدا، وبالتالي إغراق الحزب في فتنة كبيرة قد تدخل فيها خلايا إرهابية وتعقبها ضغوط دولية وتدخل "إسرائيلي" عسكري ظهرت نذره أمس الأول في الاعتداءات "الإسرائيلية" وأعمال الشغب المخطّطة في وسط بيروت ومحيط المرفأ التي رافقت إحياء ذكرى التفجير.
وذكّرت المصادر ببنود خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، التي تتضمن في بندها الأول تعميم الفراغ في المؤسسات، لا سيّما في مجلس الوزراء، وثم تفجير الأزمات الحياتية وأخذ البلد إلى انهيارات اقتصادية ومالية متتالية وفوضى اجتماعية وأمنية، ثم إشعال الوضع الأمني بشكل واسع تمهيداً لعدوان "إسرائيلي" مفاجئ يليه تدخل دولي لفرض الوصاية الأجنبية الأوروبية الأميركية على لبنان، على كافة الصعد السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية، ما يدلّ على أنّ خطة بومبيو لا تزال سارية المفعول لغياب استراتيجية أميركية جديدة للملف اللبناني.
*****************************************************************************
برّي لعون: خذوا الماليّة واعطونا الداخلية جعجع يبرّر اعتداءات "عصابته"… و"القومي" يتّهمه بتنفيذ رغبة "إسرائيل"
بالرغم من التفاؤل الذي حاول الرئيس نجيب ميقاتي "فرضه" على الناس، وبالرغم من إيحائه إحراز تقدم في ملف تأليف الحكومة، إلا أن ذلك بدا أقرب إلى بث الشائعات، فيما الواقع أن لا شيء تغيّر، إلا لناحية تأجيل الملفات الخلافية مجدداً، ربما إلى أن يحين موعد الاعتذار. وقد برز في الأيام الماضية اقتراح الرئيس نبيه بري التخلي عن وزارة المالية في مقابل حصوله على حقيبة الداخلية، وهو ما يرفضه ميقاتي
بعدما سبق أن أعلن أن مهلة التأليف ليست مفتوحة، ملمّحاً إلى إمكانية اعتذاره، عاد الرئيس نجيب ميقاتي أمس ليعطي أملاً بإمكانية تأليف الحكومة، معلناً أن ذلك لا يزال ممكناً. لكن هذا الأمل، لم يضعه متابعون للقاءاته المستمرة مع رئيس الجمهورية سوى في خانة الإيهام، فيما الواقع هو أن ميشال عون ونجيب ميقاتي صارا يتعاملان مع عملية التأليف كأنها انتهت. لكن بالرغم من ذلك، يرفض ميقاتي الاعتذار سريعاً، كي لا يظهر أمام الرأي العام وأمام الفرنسيين أنه غير جدي، أو أنه جاء ليستكمل خطة محاصرة ميشال عون التي بدأها سعد الحريري، علماً بأن مقرّبين منه صاروا على اقتناع بأنه لن ينتظر كثيراً قبل إعلان اعتذاره، فالقرار متخذ لكن يبقى إيجاد التوقيت المناسب. ولذلك، فإن حديث ميقاتي عن تقدّم لا يعبّر عن الواقع، هو الذي وجد أمس أن "المشكلة هي في احتراف اللبنانيين للإحباط"، فيما هو يدرك أن الناس هم الضحية الوحيدة في هذه المعادلة. فلا ميقاتي، ومن خلفه نادي رؤساء الحكومات السابقين، يريدون تأليف حكومة تنقذ عهد ميشال عون، ولا الأخير يريد تأليف حكومة تكون خنجراً في خاصرته. وخارجياً، بعيداً عن الفرنسيين الذين لا يملكون أي تأثير يذكر، فإن الأميركيين لا يبدون في وارد التنازل عن ورقة الانهيار في مواجهة حزب الله بسهولة. وإذا كان مؤتمر باريس واضحاً بالإشارة إلى أن لا مساعدات للبنان من دون تأليف حكومة، فإن وضع العراقيل أمام تأليف الحكومة لا يعني سوى تعميق الانهيار.
وبين هذين الحدّين، يخرج ميقاتي ليعلن "لا ألتزم بمهلة زمنية ولا بعدد معين للحكومة، بل أسعى إلى تأليف حكومة، فهذا هو هدفي. لم أقبل التكليف حتى لا أؤلّف حكومة. أما إذا وصلت إلى طريق مسدود فسأعلن ذلك".
وبالرغم من أنه لم يعد خافياً أن المشكلة تتعلق حالياً بحقيبة الداخلية وبالمداورة في الحقائب السيادية، إلا أن ميقاتي قرر تسطيح الخلاف، معتبراً أن "لا وقت لدينا للدخول في مشاكل جانبية، ونتحدث بإعطاء هذه الحقيبة لهذه الطائفة أو تلك، فلنترك المشاكل ونذهب باتجاه تأليف حكومة".
ولذلك، فإن الإيجابية التي تحدّث عنها ميقاتي تتعلّق بالسعي مجدداً إلى تأجيل البحث في مسألة حقيبة الداخلية، مقابل استكمال النقاش في توزيع الحقائب الأخرى، علماً بأن هذا النقاش يطال أيضاً الأسماء. إلا أن شيئاً لم يُحسم بعد، مع اقتناع نادي رؤساء الحكومات بأنه حتى لو تم التنازل عن حقيبة الداخلية، فإن عقبة ثانية ستبرز هي مطالبة ميشال عون بتسمية ثمانية وزراء مسيحيين، من دون نسيان مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين سيكونان من حصة رئيس الحكومة. وفيما قرر عون وميقاتي تأجيل البحث بمسألة حقيبتَي الداخلية والعدل، وسط رفض الرئيس المكلف البحث في مسألة المداورة، علمت "الأخبار" أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغ رئيس الجمهورية استعداده التخلي عن حقيبة المالية في مقابل حصوله على "الداخلية"، إلا أن هذا الاقتراح يصطدم بتمسّك ميقاتي بالداخلية.
بالنتيجة، صار المتابعون للتطورات الحكومية يدركون أن لا شيء يمكن أن يكسر المراوحة، علماً بأن نصائح تُقدّم إلى ميقاتي بوجوب أن يلتقي النائب جبران باسيل مباشرة، علّهما يجدان قاسماً مشتركاً يمكن البناء عليه لتأليف الحكومة.
إلى ذلك، فإن إحياء ذكرى جريمة ? آب وما رافقه من اعتداءات على المتظاهرين من قبل ميليشيا القوات اللبنانية، ظل أمس يتفاعل شعبياً وحزبياً. وحتى عندما أراد سمير جعجع أن يوضح ما حصل، أثبت، ربما عمداً، أن "القوات" هي المعتدية وأن ما حصل من تصرفات ميليشيوية ليس صدفة، بل قرار قواتي مسبق. حتى الاعتداء على أحد أهالي الشهداء لمجرد أن طالب بالاكتفاء برفع الإعلام اللبنانية، برّره جعجع بانتماء هذا الشخص إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي.
أما بشأن اعتداء الجميزة، فروى جعجع روايته له، في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب اجتماعه مع وفد من "تيار المستقبل" ناقش معه الاقتراح المتعلّق برفع الحصانات. وبرّر اعتداء زعرانه على المتظاهرين المنتمين إلى الحزب الشيوعي بالدفاع عن النفس. فشدد على أنه "لا نريد أن نتهجم على أحد أو أن يتهجم أحد علينا، ولن نسمح لأحد بذلك، فهذا حد أدنى من الدفاع عن النفس"، قبل أن يهاجم قيادة "الشيوعي".
في المقابل، حذّر الحزب السوري القومي الاجتماعي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الاستمرار بالدفاع عن "سلوك عصاباته القواتية".
ورأى "القومي" أن مجاهرةَ جعجع بـ"هذا السلوك، وقيام عصابات القوات بتصوير ضحاياهم من المواطنين، تُشبهُ تماماً ما كانت تقوم به العصابات الإرهابية المسلحة خلال السنوات الماضية، بهدف بثِّ الرّعب في صفوف أبناء شعبنا وتذكية النعرات الهدّامة واستثارة العصبيات الطائفية والمذهبية".
واتّهم "القومي" جعجع بأنهُ يحملُ "عقلية إلغاء فاشيّة عنصرية ضدّ كل من يخالفه الرأي والانتماء"، ويعتمدُ "لغة الحرب"، ومُستعدٌ لـ"توفير البيئة الفتنوية المناسبة لإشعال صراعٍ أهلي، تنفيذاً لرغبة العدو الإسرائيلي". كما ذكّر "الخارج بعفو (جعجع)، بعدما تلطّخت يداهُ بتفجير الكنائس ودماء الأبرياء والتعامل مع العدو، بما قاله مؤسّس الحزب أنطون سعاده: الطغيان يسير إلى مصيره والتدجيل يسير إلى مصيره والخيانة تسعى إلى مصيرها… نشأنا نبحثُ عن القتال، ولا يبحث عنا القتال أبداً".
************************************************************************
ملامح حلحلة حكومية أم احتواء للضغوط؟
على رغم الخشية المبررة والمباغتة التي اثارتها المواجهة الحدودية المريبة في الجنوب في الساعات الثماني والأربعين الماضية وشكلت مؤشرا خطرا لجهة خرق قواعد الاشتباك السائدة منذ نهاية حرب تموز 2006، ليس من المغالاة القول ان خطر الإغراق في التلاعب بمصير الملف الحكومي لا يزال يتقدم الاخطار والمحاذير والمحظورات ويتجاوزها بأشواط لجهة الاخطار والتداعيات التي يرتبها على لبنان .
فلقد ساد لدى بعض الجهات ظن او لعله كان رهانا جديدا، في ان انعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثالث للشعب اللبناني بمبادرة متكررة من فرنسا ونجاحه المعقول في جمع “موازنة” للحاجات الأكثر الحاحا من الأغذية والأدوية والحاجات التربوية بقيمة تناهز ال370 مليون دولار لسنة مقبلة سيشكل الحافز الكافي لتحريك استثنائي لعملية تشكيل الحكومة خصوصا بعدما سدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضربات قاسية جديدة للطبقة السياسية متهما إياها بالرهان على اهتراء لبنان . وتزامنت عراضة الدعم الدولي الذي نجحت عبره فرنسا في جمع زعماء وممثلي اكثر من أربعين دولة ومنظمة دولية مع تجاوز “يوم الغضب” في 4 آب كل التوقعات وتحوله الى يوم مشهود من أيام التعبير الاحتجاجي الثائر العارم في ذكرى انفجار مرفأ بيروت الامر الذي اطلق رسائل مدوية في اتجاه سلطة وسياسيين استعصت عليهم كل أنواع الضغوط الخارجية والداخلية منذ سنة . كل ذلك سلط الضؤ على نحو غير مسبوق على مسؤولية بعبدا الأساسية في مبارحة سياسة التعطيل واسقاط الشروط الاستعصائية امام اهوال ما يكابده اللبنانيون .
وما فضح واقع السلطة والسياسيين في لبنان امام المجتمع الدولي ان ذكرى انفجار المرفأ استقطبت للبنان تعاطفا قويا وواسعا وانعقد من اجل شعبه مؤتمر دولي شاركت فيه نحو أربعون دولة ومنظمة الدولية كما استبق البابا فرنسيس المؤتمر ووجه نداء مؤثرا للبنان مؤكدا رغبته في زيارته، في حين كان المشهد السياسي الداخلي يجرجر ذيول الإخفاق والمبررات الساقطة وغير المقنعة للمضي في تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة . واعتبر المشاركون ان هذا الدعم لا يشكل حلا دائما علما ان العديد من الدول أعلنت انه لا يمكنها الاستمرار في الدعم في ظل عدم تجاوب السلطات اللبنانية لاي من متطلباتها الاصلاحية.
ورحب المشاركون بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة مهمتها انقاذ لبنان وانهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتحضير للانتخابات النيابية وحدد البيان التدابير المطلوبة وان رفع الدعم يجب ان يحصل بالتزامن مع انشاء شبكة امان اجتماعية، من ضمنها التطبيق الفوري لقرض البنك الدولي وان يكون استعمال السحب الخاص لصندوق النقد الدولي لمعالجة الركود والازمات وفق طريقة شفافة تخضع للمراقبة .
اللقاء الخامس
وغداة يوم احياء ذكرى 4 آب وانعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثالث لم يخرج اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد اجتماعهما الخامس بالحد الأدنى المنتظر من رفع منسوب الامل باختراق إستثنائي لكنه على ذمة التسريبات المتفائلة التي أعقبته بدا باجوائه ومداولاته افضل من الاجتماع السابق .
ووفق هذه المعلومات انه خلافاً لاجتماع الاثنين الماضي الذي حصل فيه تباين حول نقاط عدة سجّل في اجتماع امس تقدم بصيغة توزيع الحقائب غير السيادية على نحو قد يكون له انعكاسات ايجابية على توزيع الحقائب السيادية .
وعلم ان اتصالات ستجرى خلال الـ٢٤ساعة المقبلة الفاصلة عن اجتماع اليوم الجمعة للبحث بصيغة تسوية حول الحقائب السيادية وسط اجماع سياسي على ضرورة الاسراع في تذليل العقبات الحكومية. وصيغة التسوية المطروحة والتي لم تحسم بعد هي بإبقاء الحقائب السيادية على توزيعها الطائفي الحالي على ان يكون اختيار اسماء المرشحين لها بالتفاهم بمن فيهم وزير المال المفترض الا يكون على ارتباط بمصرف لبنان وان يكون قادراً على اجراء التدقيق الجنائي المطلوب داخلياً ومن المجتمع الدولي كأحد أبرز الاصلاحات .
بعبدا كما ميقاتي عكسا الاجواء الايجابية بعد الاجتماع . وميقاتي استبعد خيار الاعتذار ونفى رداً على سؤال لدى مغادرته ان يكون رئيس الجمهورية متمسكاً بالمالية او بالداخلية.
ووفق المصادر المطلعة ان ثمة اجماعاً اليوم اكثر من اي وقت مضى على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة والذهاب الى تسوية وتنازلات متبادلة تسهل ولادتها. واليومان المقبلان كفيلان بترجمة ذلك والا فإنها العودة مجدداً الى سيناريو المراوحة والتعطيل.
ونوه ميقاتي بعد اللقاء بان أن “اللقاء كانت له أهمية وخصوصاً بعد ما حصل أمس وأخذنا عبراً منه”، شاكراً “فرنسا والدول على مؤتمر الدعم الدولي، وقال” شددت للرئيس على ضرورة تشكيل حكومة، ونكون نرتكب إثماً كبيراً إذا لم نسرع في ذلك، وتقدّمنا اليوم في المشاورات، ولو كان التقدم بطيئاً لكننا مثابرون ومصرّون على تشكيل الحكومة”. وقال: “أنا أسمع للجميع، ولا انقلابات في لبنان ويجب أن نمرّ بالمراحل الدستورية حتّى الوصول إلى الانتخابات التي ستقرّر المستقبل في البلد، وألتزم نزاهة الانتخابات التي ستحصل”. وأشار الى أن “أيّ كلمة أقولها ستزيد من العراقيل، ولن أقول أي شيء لتفادي “القال والقيل” والعراقيل الإضافية، ولا حقيبة مرتبطة بطائفة أو مذهب دستورياً”.
وأوضح أنّه “لا مهلة دستورياً لرئيس الوزراء المكلف، ولكن قلتُ ما قلتُه سابقاً من حسّي الوطني الذي يقضي بأنه “إذا في حدا غيري بيحب يحمل هيدا الحمل يتفضل”، ولا ألتزم مهلة بل أسعى الى أن تكون هناك حكومة. وقبلتُ التكليف كي أؤلّف و”ما جبت سيرة الاعتذار”، ولكن إذا أصبح الطريق مسدوداً أمامي لإيجاد فريق عمل متجانس للنهضة، فسأخاطب اللبنانيين ولكن لم أرَ أي مشكلة حتى الآن”.
مشيراً الى لقاء آخر اليوم مع الرئيس عون”.
التصعيد جنوبا
وسط هذه الاجواء، احتل التصعيد المفاجئ على الحدود الجنوبية صدارة الاهتمام الرسمي والعسكري والدبلوماسي بعد التطور الخطير الذي تمثل في اطلاق زخة صواريخ على مستوطنة كريات شمونه ورد إسرائيل بقصف مدفعي كثيف ثم باستعمال سلاح الطيران بشن غارة على منطقة ملاصقة للعيشية للمرة الأولى منذ عام 2006 . وبحسب قيادة الجيش تعرضت وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام اضافة إلى سهل بلاط إلى قصف بمدفعية الجيش الإسرائيلي وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد اطلاق صواريخ من احدى المناطق الجنوبية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، مما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. وسيّر الجيش دوريات في المنطقة وأقام عدداً من الحواجز، كما باشر التحقيقات لكشف هوية مطلقي الصواريخ.
وتتم متابعة الوضع مع قوات الامم المتحدة الموقتة في لبنان”. وترأس رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الحنرال ستيفانو دل كول، أمس، اجتماعا ثلاثيا مع ضباط القوات المسلحة اللبنانية الكبار والجيش الإسرائيلي، في موقع للأمم المتحدة في رأس الناقورة. وافاد بيان لـ”اليونيفيل” انه “في ضوء الصواريخ التي جرى إطلاقها من لبنان ورد إسرائيل بعشرات القذائف والغارات الجوية الإسرائيلية دعا الجنرال دل كول الجانبين إلى “استخدام هذا المنتدى الثلاثي على أكمل وجه، لاستكشاف سبل تعزيز الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق”. وقال: “في هذه الفترة التي تشهد تقلبات إقليمية، يجب أن يحترم جميع الأطراف دور “اليونيفيل” في الارتباط والتنسيق أكثر من أي وقت مضى، ففي أكثر الأوقات صعوبة، عملت هذه الآلية بشكل جيد، والآن حان الوقت لإعادة التزامها وعدم السماح للعابثين بانتهاز الفرص”. وأوضح البيان ان “المناقشات ركزت على الوضع على طول الخط الأزرق، والانتهاكات الجوية والبرية، إضافة إلى قضايا أخرى تدخل في نطاق ولاية “اليونيفيل” بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 والقرارات الأخرى ذات الصلة”.
كذلك دعا دل كول الأطراف إلى “العمل على وجه السرعة” لتهدئة التوترات ومنع الانتهاكات ووقف الأعمال العدائية. كما دعا إلى التعاون “الكامل وفي الوقت المناسب” مع “اليونيفيل”، لضمان نجاح جميع التحقيقات الجارية في الحوادث الأخيرة”.
وفيما حذرت الجامعة العربية من مغبة التصعيد في جنوب لبنان، اعتبر رئيس الجمهورية ان “تقديم الشكوى الى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع اسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان”.
*******************************************************************************
التشكيل بين المناورات الممجوجة والدوران حول “المداورة”
ميقاتي لعون: إذا بدَّك “المالية” أطلبها من “حزب الله”
ليس أكيداً أن الإجتماع السادس سيعقد اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي. في الغالب يتفق الرئيسان على اللقاء ولكنه يبقى متعلقاً بمواعيد الرئيس عون. على هذا الأساس يتم الإتصال بينهما في اليوم ذاته لتأكيد الموعد بعد الظهر. اليوم سيحصل الأمر نفسه ولقاء بعد الظهر يبقى معلقاً على هذا الإتصال.
أمس أوحى الرئيس نجيب ميقاتي ببعض الإيجابية ولكن المعلومات تقول إن البحث لا يزال في القواعد العامة للتأليف ولم ينتقل بعد إلى القواعد الأساسية. لا يزال الرئيسان يبحثان في توزيع الحقائب طائفياً وسياسياً ولم يتم التوصل بعد إلى لائحة متكاملة لكي يتم الإنتقال إلى وضع الأسماء.
مصادر قصر بعبدا أوحت في الأيام الماضية أن رئيس الجمهورية يعيد طرح الأمور جذرياً وعلى هذا الأساس يتمسك بعدم احتكار أي طائفة لأي حقيبة وبالتالي يريد اعتماد مبدأ المداورة الشاملة. يطرح من هذه الخلفية حقيبة المالية التي يتمسك بها الثنائي الشيعي وكان الرئيس المكلف السابق سعد الحريري قد قطع وعداً بأن تكون من حصتهما.
ميقاتي حكى أمس ايضاً عن المداورة وقال إن الدستور لا ينص على تخصيص أي طائفة بأي حقيبة. ولكن مقاربته مختلفة عن مقاربة الرئيس ميشال عون وإن كانت مرجعيتهما الدستورية واحدة. مصادر الرئيس ميقاتي تقول إنه لا يتمسك بتخصيص اي حقيبة لأي طائفة ولكنه حريص على التهدئة السياسية، ولذلك دعا إلى عدم “الحركشة بوكر الدبابير”. الرئيس ميقاتي يعتبر أنه إذا أراد عون أن تكون المالية من حصته فالطريق الذي يؤدي إلى هذا الهدف هو أن يطلبها مباشرة من حليفه “حزب الله”، وإذا وافق “الحزب” مع الرئيس نبيه بري فهذا يعني أن المداورة تكون ممكنة وأن الأمور يمكن أن تنطلق عندها من نقطة الصفر من جديد. ولكن ثمة رأيان في هذا المجال: هل يطرح عون المداورة لأنه يريد أن يحصل على الداخلية والعدل في مقابل تخليه عن التطبيق الكامل لها؟ أم أنه يريد المالية فعلاً وبالتالي يكون كمن يضع العصي في دواليب عهده؟
لذلك ترى المصادر المتابعة لعملية التأليف أن تفاؤل ميقاتي أمس كان ظاهرياً فقط حتى لا يكون سلبياً. وأنه إذا بقي عون مصراً على المداورة فسيصل حكماً إلى صدام مع الثنائي الشيعي، لأنه يسأل ويرسل ملاحظات تتعلق بهذا المطلب وكأنه لن يتخلى عنه. فهل يمكن أن يغامر بمثل هذا الموقف من أجل كسر الدائرة المفرغة التي تدور فيها عملية التأليف، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري حتى اعتذاره ومع تكليف الرئيس ميقاتي؟ وبالتالي أيضاً إذا كان “حزب الله” حريصاً على تسهيل تأليف الحكومة، وإذا كان سمّى الرئيس ميقاتي على غيرعادته، هل يمكن أن يتنازل عن مطلب الإحتفاظ بوزارة المالية؟ وهل هناك هدايا يكون مستعداً لتقديمها للرئيس عون قبل نهاية عهده؟
ماذا عن الداخلية والعدلية إذا؟ تعتبر المصادر أن عون لا يمكن أن يحصل على المالية والعدلية والداخلية. إذا أخذ المالية فبأي حقيبة أخرى سيطالب؟ وتضيف المصادر أنه إذا كان يناور ليأخذ العدلية والداخلية مقابل بقاء المالية مع الثنائي الشيعي، فهذا يعني أن الهدف قد يكون متعلقاً بالتأثير على مجرى الإنتخابات النيابية نظراً للواقع الشعبي المتداعي الذي يعيشه “التيار الوطني الحر”، ونظراً لكون من تجمّعوا حول الرئيس في انتخابات أيار 2018 سينفضّون تباعاً من حوله قبل نهاية عهده. وهذا يعني أنه سيخسر كتلة العهد القوي بعد خسارة جزء من “كتلة التيار”. ومهما يكن، فإنه لن يستطيع أن يأخذ الداخلية والعدلية وكل الطروحات التي تحكي عن أن يكون وزير الداخلية سنياً ويسمّيه عون ويوافق عليه ميقاتي، مقابل أن يسمّي ميقاتي وزير عدل مسيحياً ويوافق عليه عون، لا يتعدّى الكلام الذي تمحوه التجارب والأيام لتبقى عملية التأليف واقفة عند نقطة الصفر.
على رغم كل ذلك يبقى ميقاتي متمسكاً بمتابعة عملية التأليف. هو يريد بحسب مصادر قريبة منه أن يستفيد قدر الإمكان من الدفع الدولي في اتجاه تأليف الحكومة مراهناً على أن هذا الدفع، الذي تجلى في مؤتمر باريس قبل يومين وفي موقف الإدارة الأميركية أمس، وفي كلام البابا فرنسيس وفي وعود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فرصة لا يجب أن تضيع على لبنان. أكثر من ذلك فقد ذكّرت هذه المصادر بقول ميقاتي إنه سيتدخل شخصياً في كل القرارات المالية والتي تتعلق بالخيارات الأساسية التي تدخل ضمن عملية الإنقاذ المطلوبة وتحت سقف شروط المساعدات الدولية. وهو بذلك يؤكد أنه وأياً تكن هوية من يتولى هذه الحقائب فإن عمله سيكون تحت هذا السقف. هناك إنسجام مطلوب مع السياسة الدولية الرامية إلى مساعدة لبنان على إنقاذ نفسه ولا يمكن تحقيق أي نجاح خارج هذا السياق. وهو لذلك يعتبر أن التركيز يمكن أن يكون أكبر على حقيبة الطاقة مثلاً وعلى حقائب الخدمات ويفضل أن تكون بيد اختصاصيين. وتسجل المصادر القريبة منه أنه لا يلاحظ أن عون لا يزال متسمكاً بها. وتضيف أن الرئيس ميقاتي يضع أمامه هدفين رئيسيين: المساعدات الدولية وتأمين الحصول عليها واستثمارها في سبيل الإنقاذ، والإنتخابات النيابية حتى تكون مقدمة لعملية التغيير الإيجابية التي يمكن أن تحصل في السياق ذاته، وهي باتت أيضاً كما الحكومة مطلباً دولياً. ولكن في النهاية تقول هذه المصادر إنه لا يمكن العبور إلى عملية التأليف إلا بعد موافقة الرئيس عون وتوقيعه. فهل يدرك الرئيس أن عليه أن ينقذ عهده أم يعتبر أن خسارته ما بعد نهاية عهده، إذا كانت أكيدة، لا تضطره الى تقديم هدايا لمن يعتبر أنهم سيأتون بعده. يفضل عون أن يخسر كل شيء على أن يدع غيره يربح أي شيء.
***************************************************************************
إسرائيل تفرض معادلة جديدة في وجه الصواريخ القادمة من لبنان
«حزب الله» أوصل رسالة بأنه لا يعرف من أطلقها وليس مسؤولاً عنها
كشفت مصادر عسكرية مقربة من الجيش الإسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية فرضت قواعد لعب جديدة مع لبنان، فبعد 7 سنوات من «بلع» القذائف التي يطلقها فلسطينيون بمساندة لبنانية من جنوب لبنان باتجاه البلدات الإسرائيلية وعدم الرد عليها، نفذت أربع عمليات قصف ضد المواقع التي أطلقت منها ثلاث قذائف فارغة.
وهدد وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، عومر بارليف، حكومة لبنان برد أقسى وقال: «إن كل ما يحدث في لبنان يتم بسيطرة كاملة من حزب الله، ونحن نحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية عما يجري». وأضاف بارليف، خلال مقابلة مع قناة «كان 11» للتلفزيون الإسرائيلي العبري الرسمي: «أي هجوم ضدنا، سيقابل برد شديد… الجيش الإسرائيلي لديه قدرات كبيرة جداً وليس من صالحهم تغيير قواعد اللعبة أمامنا».
وكانت ثلاث قذائف أطلقت، في الأول من أمس، باتجاه إسرائيل. سقطت اثنتان منها في إسرائيل والثالثة في الأراضي اللبنانية. وكانت نتيجتها فارغة إذ أنها لم تحدث أي ضرر. لكنها نجحت في إدخال مئات المواطنين في الجليل إلى الملاجئ. وأوصل «حزب الله» رسالة مفادها أنه لا يعرف بهذه القذائف وليس مسؤولا عنها، وأكدت المخابرات الإسرائيلية صدق هذه الرسالة وقالت إن «عناصر فلسطينية أطلقتها من دون علم حزب الله»، واعتبرت ذلك «احتجاجا فلسطينيا على تأخير دفع المنحة القطرية لقطاع غزة»، ورغم ذلك راحت المدفعية الإسرائيلية تقصف الأراضي اللبنانية، على ثلاث دفعات خلال ساعتين. ثم قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بتنفيذ غارة جوية هي الأولى من نوعها منذ سبع سنوات.
وقال الناطق بلسان الجيش في تل أبيب، أمس، إن إسرائيل لا تنوي الحرب مع لبنان ولكنها في الوقت نفسه لن تسكت على قصف أراضيها. وسترد بشدة على أي قصف من الآن فصاعدا، حتى لو أدى ذلك للتدهور نحو حرب. وستفرض معايير مختلفة عن السابق، حيث «كنا نبلع بعض القذائف ولا نرد بحدة».
من جهة ثانية، صرح الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس يدلين، أمس، بأن «دولة لبنان وحزب الله حصلا على إعفاء من رد إسرائيلي على إطلاق تنظيمات قذائف صاروخية من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، في الأسابيع الأخيرة، وكذلك في القصف الأخير. وهذا غير صحيح». وأضاف يدلين، في مقابلة مع إذاعة 103FM، أن «حزب الله هو المسؤول في جنوب لبنان، وفي لبنان كله تقريبا.
وثمة سؤال صعب جدا هنا: «هل سنفرض على لبنان العقيدة نفسها التي نفرضها في غزة؟ فعندما يطلق الجهاد الإسلامي قذائف صاروخية، نقوم باستهداف حماس، لأننا نقول إن حماس المسؤولة.
وكانت هناك دولة في لبنان ولأسفي لم يقولوا لها إنها مسؤولة عن إطلاق قذائف صاروخية من أراضيها. وإذا قالوا فإنهم لم يتصرفوا على نحو يجعل حكومة لبنان وحزب الله يفهمان ذلك». وتساءل: «القذائف من لبنان لم تلحق ضررا هذه المرة. ولكن، ماذا كان سيحدث لو أن القذيفة الصاروخية التي استهدفت كريات شمونا، أصابت مركزا تجاريا بجوار حقل الأعشاب الذي سقطت فيه، وسقط لنا خمسة قتلى؟» وطالب يدلين بأن تكون الخطوة القادمة هي تحذير حزب الله والتوضيح له أن هناك الكثير الذي سيخسره، وتجديد الردع في جنوب لبنان.
وقال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن السؤال الذي يطرح في الجيش الإسرائيلي هو «إذا كان حزب الله الحاكم الحقيقي في جنوب لبنان، علم مسبقا بالتخطيط لإطلاق القذائف. وكان الادعاء السائد في الماضي أن أمورا كهذه لا تحدث في هذه المنطقة من دون موافقة، أو تلميح بالموافقة، من جانب حزب الله. وثمة إمكانية أخرى وهي أن الإطلاق المتكرر يعكس الفوضى المتزايدة في لبنان، إثر تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي». وأضاف أن «كلا التفسيرين المحتملين ليسا مشجعين بالنسبة لإسرائيل. فإذا سمح حزب الله بإطلاق القذائف الصاروخية، فهذا يعني أنه وراعيه الإيراني لم يعودا مرتدعين بشكل كبير من رد فعل إسرائيلي. وإذا لم يسمح، كما يميل الجيش الإسرائيلي إلى الاعتقاد الآن، فهذا يعني أنه قرب الحدود يتجول ناشطون مسلحون يفعلون ما يشاءون ولا أحد يلجمهم. وهذه وصفة للتصعيد، في جبهة حساسة وغير مستقرة».
**************************************************************************
عون يطرح مقاربة جديدة للتأليف.. وميقاتي يعتبرها جديرة بالدرس
بَدا من المواقف المَرنة التي عبّر عنها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، إثر لقائه الخامس مع رئيس الجمهورية ميشال عون، أنّ ملف التأليف الحكومي أُخرِج من دائرة التشاؤم الذي شاعَ بعد اللقاء الرابع الى جَو تفاؤلي وبحث هادئ، وربما بطيء، توصّلاً الى اتفاق على تركيبة الحكومة العتيدة حجماً وأسماء وتوزيع حقائب وزارية وفق روحية المبادرة الفرنسية وأصول التأليف. وفي معلومات لـ»الجمهورية» انّ عون طرحَ مع ميقاتي مقاربة «جديدة وإيجابية» للتأليف مختلفة كلياً عن المقاربات السابقة، وكان قد أبلغها إليه مسبقاً أمس الأول عبر موفد خاص، وقد اعتبرها الرئيس المكلف بأنها «خَلطة جديرة بالدرس»، لكنه أكد في المقابل انه لا يستطيع ان يكون مطمئناً كثيراً ولا متشائماً كثيراً، وانه يمكن وصف هذا التطور بأنه «إيجابي على رمادي». وبناء على هذه المعطيات، تتجه الانظار الى اللقاء السادس اليوم بين عون وميقاتي الذي يعوّل عليه ان يحوّل «التقدم البطيء» الذي تحدث عنه الرئيس المكلف تقدماً سريعاً، بما يُسهّل ولادة الحكومة من بوابةٍ اتفاق تَوقّعَ البعض حصوله بين المعنيين حول توزيعة الحقائب الوزارية السيادية الأربع: الخارجية، الداخلية، المال، الدفاع.
لامسَ اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الـ 180 درجة في قلب الاجواء التي كانت قد سادت إثر لقاء الاثنين، وتبيّن انّ محطة إحياء ذكرى 4 آب اتّسَمت بهَيبة أعادت الاطراف المعنيين بتشكيل الحكومة الى طاولة التفاوض مع تخفيض نسبي للسقوف، فخرج اجتماع بعبدا بأجواء إيجابية على ضفتَي عون وميقاتي عبر تفاهم يعدّ الأقوى في مقياس اللقاءات التي لم تتعدّ أصابع اليد الواحدة بينهما.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” انه حصل “تقدّم كبير” في توزيع الحقائب غير السيادية حيث تم التفاهم على صيغة تضمن تسهيل الاتفاق على الحقائب السيادية الاربع، وهذا الامر سيكون موضع تشاور بين القوى السياسية والاحزاب والرئيس المكلف خلال الساعات الفاصلة عن لقائه السادس اليوم مع عون في حال لم يطرأ ما يمكن ان يفرض تأجيله.
وأكدت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية في شأن ملف تشكيل الحكومة لـ”الجمهورية” أنّ المناخات التي رافقت الساعات الاخيرة في مفاوضات التشكيل، والتي عكست ارادة مشتركة تَجدّدت بدفعٍ دولي كبير، وخصوصاً فرنسي، من خلال مؤتمر الدعم رجّحت احتمالاً كبيراً بإحداث خَرق في هذا الملف. وكشفت انّ هناك مخرجاً يتم التشاور حوله، وهو ان تبقى الحقائب السيادية على توزيعها الطائفي ويتم اختيار اسماء جديدة تحظى على توافق الطوائف الاربع الكبرى: المارونية والشيعية والسنية والاورثوذكسية.
الحقائب السيادية
وفي الوقت الذي تقلّصت مساحة التسريبات عن التفاصيل المتصلة باللقاء الخامس بين عون وميقاتي، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” انّ البحث خلاله تناول إعادة نظر في توزيعة الحقائب العادية مجدداً، بعد جولة سابقة لم تكتمل فصولها قبل اليوم على وَقع تأجيل البحث في الحقائب السيادية الاربع.
وقالت هذه المصادر لـ”الجمهورية” ان عملية إعادة التوزيع ستُستكمل في اللقاء السادس اليوم، وستتناول موضوع الحقائب السيادية اذا انتهى التوافق حول مصير حقيبة وزارة العدل، التي اقترح رئيس الجمهورية ان تكون من حصّة المسيحيين بمعزل عن التوجّه السياسي للوزير الذي سيُعيّن لها، مع السعي الى ان يكون مستقلاً ويعطي الحقيبة ما تحتاجه من عناية في المرحلة المقبلة، خصوصاً انها من الحقائب الاساسية التي تواكب الاجراءات الخاصة بالانتخابات النيابية المقبلة، والتي ستكون من أبرز مهمات الحكومة العتيدة.
وكشفت المصادر العليمة انّ التفاهم على حقيبة وزارة العدل سيؤدي الى قطع نصف الطريق الى التفاهم على بقية الحقائب السيادية الاربع بتوزيعتها السابقة، فتكون الخارجية للموارنة والدفاع للاورثوذكس مثلاً، على ان تكون وزارة المال للشيعة وتبقى وزارة الداخلية للسُنّة.
وبناء على ما تقدّم، أوحى ميقاتي ان اللقاء كان إيجابياً ويمكن ان يقود الى تفاهم أكبر، وهو ما أوحَت به مصادر قصر بعبدا ايضاً، والتي لفتت إلى انّ اللقاء تميّزَ عمّا سَبقه بالإيجابية، ملاحِظةً ارتياح الرجلين الى النتائج التي أفضى إليها اللقاء الخامس غداة المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي نظّمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وألقى بظلاله عليه توصّلاً الى المخرج الذي يمكن التوصّل إليه. هذا عدا عن الاتصالات التي تكثفت في الأيام القليلة التي فصلت اللقاء الرابع الإثنين الماضي عن لقاء الامس، والتي شكّلت تتمة لِما سبقها من اتصالات شاركت فيها شخصيات داخلية وخارجية فعلت فِعلها في فتح الثغرة الى التفاهم المحتمَل في الجلسات المقبلة.
وانتهت مصادر الرجلين لتؤكد لـ”الجمهورية” انّ الحديث عن بعض الاسماء المُستفزّة لبعض الحقائب هو مجرد روايات للتندّر قد يكون أصحابها من وزرائها، او انّ هناك من يرغب الادّعاء أنه على عِلم بما يجري، وانّ استمرار العقد سيُخفي هذا العيب الذي يتمتع به مُدَّعو المعرفة من كل الأطراف.
الفرنسيون والاعتذار
في غضون ذلك، اوضحت اوساط سياسية مواكبة للملف الحكومي ان الفرنسيين يرفضون اي تلويح بإمكان اعتذار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي سريعاً، ويعتبرون انه يجب إعطاء الاولوية حالياً للدفع في تشكيل الحكومة، لأنه اذا ضاعت هذه الفرصة أيضاً فإنّ العواقب ستكون وخيمة.
ولفتت هذه الاوساط الى انّ أحد الاحتمالات الممكنة لتفكيك العُقَد هو، والى جانب استمرار البحث في الحقائب السيادية المتنازَع عليها، إعطاء قوة دفع لحسم توزيع الحقائب الأخرى على الطوائف والقوى، في اعتبار انّ إنجاز هذا الجانب من التركيبة الوزارية ربما يكون أسهل.
واشارت الاوساط الى انّ هناك طرحاً خافتاً، وغير متبلور بعد، يقضي بأن يتم منح حقيبة وزارة “الداخلية”، المُختلف عليها بين عون وميقاتي، إلى شخصية مستقلة لا تكون مسيحية ولا سنية، على أن تحظى بثقة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكن هذا الطرح لم يتجاوز بعد حدود الهمس في بعض الاروقة.
ميقاتي
وكان ميقاتي قد قال بعد لقائه عون انّ “عملية التشكيل مستمرة، ولو انّ التقدم بطيء. لكننا نثابر ونصرّ على تشكيل الحكومة”. وأضاف: “في جلسة اليوم خطونا خطوة ايجابية الى الامام”. واشار الى ان “ليس هناك عملية تَحدّ لأحد، ولا أحد متمسّك بحقيبة معينة، وما من حقيبة مرتبطة بطائفة او مذهب دستوريّاً، ولكن انا قلتُ في التصريح الاخير ان لا وقت لدينا للدخول في مشكلات جانبية، ونتحدث بإعطاء هذه الحقيبة لهذه الطائفة او تلك. لنترك المشكلات ونذهب في اتجاه تشكيل حكومة”. واضاف: “دستوريّاً ليست هناك مهلة لرئيس الحكومة المكلف، ولكن من منطلق الحس الوطني، وشعوري بضرورة تشكيل الحكومة، قلتُ في المرة الماضية انني لا أستطيع إعطاء مهلة مفتوحة للتشكيل وإذا كان أحد سواي قادراً على أخذ هذا الحمل فليتفضّل”. وقال: “لا ألتزم مهلة زمنية ولا بعدد معيّن للحكومة، بل أسعى لتشكيل حكومة، هذا هو هدفي. ولم اقبل التكليف حتى لا أشكل حكومة، وإذا وصلتُ الى طريق مسدود فسأعلن ذلك”. واكد انه لم يتحدث عن اعتذار “وفي حال شعرت انني امام طريق مسدود وعاجز عن ايجاد فريقاً متجانساً للنهوض، فسأخاطب اللبنانيين واقول لهم انني اعتذر عن المهمة. حتى الآن لم اشعر انني امام طريق مسدود، فلماذا اتحدث عن مشكلة غير موجودة؟”. ونفى ان يكون رئيس الجمهورية متمسكاً بوزارة المال او وزارة الداخلية.
شكوى ضد اسرائيل
من جهة ثانية، وغداة القصف الاسرائيلي للاراضي اللبنانية في الجنوب إثر صواريخ سقطت في مستعمرة كريات شمونة، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب من وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر الإيعاز إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة امال مدللي لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في شأن “العدوان الإسرائيلي على لبنان”.
وقال دياب في بيان: “نفّذ العدو الإسرائيلي، بمدفعيته أولاً وبطائراته الحربية ثانياً، عدواناً صريحاً على السيادة اللبنانية، واعترفَ علناً بهذا الخرق الفاضح للقرار 1701، متذرّعاً بسقوط صواريخ مشبوهة الأهداف والتوقيت على شمال فلسطين المحتلة من الأراضي اللبنانية ولم تتبنّ أي جهة إطلاقها”. وشدد على أنّ “هذا العدوان الجديد والخطير يشكل تهديداً كبيراً للهدوء على حدود لبنان الجنوبية، بعد سلسلة من الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية واستخدام الأجواء اللبنانية للعدوان على سوريا”.
ودعا دياب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى “ردع إسرائيل لوقف انتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، لأنّ هذه الانتهاكات باتت تهدد القرار 1701 والاستقرار القائم منذ العام 2006”.
وأعربَ مصدر مسؤول في جامعة الدول العربية عن القلق إزاء الأنباء المتواترة عن التصعيد الذي تشهده مؤخراً الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، محذّراً من مَغبّته، ومؤكداً أنه ليس في مصلحة أي طرف. ورأى أنّ “زيادة منسوب التوتر بين جنوب لبنان وإسرائيل قد يخرج عن السيطرة”، داعياً الأطراف المعنية بالتصعيد في لبنان إلى تدبّر الموقف، وممارسة ضبط النفس وتجنّب إرباك المشهد، في وقت ينصَبّ فيه اهتمام المجتمع الدولي على مساعدة لبنان في الخروج من كبوته السياسية، ومعالجة المأزق الاقتصادي الصعب الذي فاقَم من معاناة اللبنانيين بصورة غير مسبوقة”.
إستجواب سلامة
قضائيّاً، مَثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس أمام النيابة العامة التمييزية، حيث تم استجوابه في قضايا عدة، بينها اختلاس أموال عامة وتهرّب ضريبي، وفق ما أفاد مصدر قضائي مطّلع وكالة “فرانس برس”. وقال المصدر انّ المحامي العام التمييزي القاضي جان طنّوس “استمع الخميس (أمس) إلى رياض سلامة على مدى ثلاث ساعات وربع الساعة”. وقرّر في نهاية الجلسة “تَركه رهن التحقيق قي انتظار استكمال الاستجواب في جلسات لاحقة”. وأوضح أنّ استجواب سلامة “مقسّم الى أجزاء عدة لأنّ الملف كبير ومتشعّب”، موضحاً أنّ “التحقيق الذي يخضع له تحقيق لبناني صَرف، لكنّ الملف تأسّس مع ورود الاستنابة المرسلة من القضاء السويسري”. وأوضح أنّ ملاحقة سلامة “غير مرتبطة بمسيرته المالية ولا السياسة النقدية التي اعتمدها منذ ثلاثة عقود ولا بانهيار سعر صرف الليرة، بل تتعلّق بأفعال ووقائع محددة ذات وصف جُرمي”.
وأشار إلى أنّ “التحقيق يركز على مدى توافر أدلة وإثباتات قد تستدعي محاكمته على أساسها”.
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا انّ حصيلة اليوم هي 1148 إصابة جديدة (1116 محلية و32 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 567044. كذلك سجلت 5 حالات وفاة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 7926.
وأعلن وزير الصناعة عماد حب الله أنّ لبنان يأمل في إنتاج 12 مليون جرعة من لقاح “سبوتنيك لايت” الروسي ضد كورونا، وذلك بعد توقيع الاتفاقية بهذا الخصوص مع روسيا. وقال في مؤتمر صحافي: “يقضي الاتفاق الذي نوقّعه بإنتاج 60 مليون جرعة عموماً. ونأمل في أن ننتج 12 مليون جرعة من لقاح سبوتنيك لايت سنوياً”. وأضاف: “حصلت شركتنا “عروان” اللبنانية (للصناعات الدوائية) على دعم كامل في ما يخصّ توقيع الاتفاقية التقنية، ونتوقع حالياً حل مسائل رسمية معينة من جانب الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة لإكمال هذه العملية”.
***************************************************************************
لاءات ميقاتي معه إلى بعبدا اليوم: قبلت التكليف للتأليف
تجاوز قطوعات 4 آب الأمنية.. وجعجع يهاجم الشيوعي.. وسلامة أمام القضاء
مرَّ قطوع 4 آب، بذكراه الحزينة، والمفجعة، على حدّ سواء، حاملاً في طيّاته جملة من المؤشرات والرسائل، بعضها يتصل بغليان الشارع، وتعدد ولاءاته وانقساماته، ولجوء الدولة بمؤسساتها الأمنية، لا سيما الجيش اللبناني إلى احتواء غضب الشارع، وزخمه الحاشد، الذي غطى على ما عداه، فضلاً عن الدعم الدولي الذي مثله مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانية، والذي شارك فيه الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي، بصفة مراقب.
وتعهدت خلاله الدول المشاركة في مؤتمر الدول المانحة للبنان، الذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة أمس، عبر تقنية الفيديو بتقديم نحو 370 مليون دولار كمساعدات للبنان، وفق بيان صادر عن المجتمعين.
وكرر المشاركون دعوتهم إلى «تشكيل حكومة مهمتها إنقاذ البلاد» مبدين خشيتهم من التأخير الحاصل في التحقيق القضائي حول انفجار مرفأ بيروت المروع بعد مرور عام على وقوعه.
وعقد المؤتمر بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمم المتحدة، وشهد مشاركة عدد من رؤساء الدول والمنظمات الدولية وممثلين عن المجتمع المدني.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية إن المؤتمر قد جمع أكثر من 370 مليون دولار من المساعدات المطلوبة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في لبنان.
من جهته تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بمنح الولايات المتحدة 100 مليون دولار مساعدات إنسانية إضافية للبنان. (راجع الخبر في مكان آخر).
الاجتماع الخامس
وغداة هذه التطورات، بدأ الاجتماع الخامس بين الرئيسين عون وميقاتي، عند الرابعة من بعد ظهر أمس، فور وصول الرئيس المكلف إلى بعبدا، بالتوقف عند صرخة اللبنانيين، في محيط الانفجار أمس الأوّل في 4 آب، بالتزامن مع تأكيد مؤتمر الدول المانحة، الذي شدّد على ضرورة تشكيل حكومة..
ولاحظ الرئيس ميقاتي ان عملية التشكيل مستمرة، لكن التقدم بطيء، داعياً اللبنانيين لعدم احتراف التشاؤم، فالابتسامة أو العبوس اليوم يغيران طبع اللبنانيين. مطالباً بالتفاؤل، لأن المرحلة صعبة جداً على الصعد الاقتصادية والمالية وكيفية إعادة لبنان إلى الخريطة المالية الدولية.
وأقرّ الرئيس ميقاتي ضمناً بصعوبة العراقيل، داعياً إلى تجاوز إعادة توزيع الحقائب، من زاوية ان لا «حقيبة مرتبطة دستورياً بطائفة أو مذهب، ولا وقت للدخول في مشاكل جانبية» وتحدث عن إعطاء هذه الحقيبة لهذه الطائفة أو تلك، لنترك المشاكل ونذهب باتجاه تشكيل حكومة.
وأكّد انه في جلسة أمس «خطونا خطوة إيجابية إلى الامام».
ad
ويعود الرئيس ميقاتي إلى الاجتماع السادس اليوم، من زاوية عدم الالتزام:
1 – لا بمهلة زمنية.
2 – لا بعدد معين لإعضاء الحكومة.
3 – لم اقبل التكليف حتى لا اشكل حكومة.
4 – هدفي تشكيل حكومة، وإذا وصلت إلى طريق مسدود في إيجاد فريق عمل متجانس للنهوض، سأخاطب اللبنانيين، وأقول لهم انني اعتذر عن المهمة، ولتاريخه لا مشكلة.
وأعلن الرئيس ميقاتي التزامه «بنزاهة الانتخابات المقبلة» معتبرا ان لا انقلابات في لبنان، لا «عبور إلزامياً بمرحلة دستورية إلزامية للوصول إلى الانتخابات».
ولاحظت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة، تراجعا في الاجواء التصادمية التي عكست نتائج اللقاء السابق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، واستبدالها بتعميم اجواء اكثر ملاءمة من السابق وان كانت لا ترقى الى مستوى تحقيق اختراق جدي في عملية التشكيل بعد، ولكنها اعربت عن أملها بانها اذا استمرت على الوتيرة نفسها بالايام المقبلة، قد تؤدي الى ولادة الحكومة الجديدة. وفي اعتقاد المصادر نفسها، ان ما تسبب في تنفيس اجواء الاحتقان التي سادت اللقاء السابق بين الرئيسين، مؤثرات
التحركات الشعبية الواسعة التي جرت امس الاول بالذكرى الاولى لانفجار مرفأ بيروت التدميري، ومضمون البيان الختامي، الصادر عن مؤتمر الدعم الدولي للبنان، وما تضمنه من دعم لافت لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وتكرار الدعوة لتشكيل الحكومة العتيدة بسرعة، وربط تقديم المساعدات المالية والاقتصادية لحل الأزمة المتعددة الاوجه التي يواجهها لبنان بتشكيلها، في حين تكررت المواقف الدولية ولاسيما الفرنسية منها،المنتقدة للطبقة السياسية وتحمٌلها مسؤولية مباشرة عن فشل مساعي التشكيل وتصاعد حدة الازمة وزيادة معاناة اللبنانيين.
ووصفت المصادر مادار بين عون وميقاتي بالامس،بانه تفاهم على تجاوز النقاش السلبي والبناء على الإيجابيات، لتجاوز الخلافات بينهما.وقد تناول اللقاء جوجلة للافكار والمقترحات التي طرحت منذ البداية، وعرض العديد من الاسماء المرشحة للتوزير. وما رشح من معلومات حسب المصادر المذكورة، انه تم اتفاق مبدئي على استبعاد المداورة بتوزيع الحقائب الوزارية ولاسيما السيادية منها، وابقاء القديم على قدمه، لصعوبات عدة تلف اعتماد المداورة حاليا، في حين تردد ان طرح الخروج من عقدة تسمية وزيري الداخلية والعدلية، اللتين يطالب بهما التيار الوطني الحر، يرتكز على ان يتم اختيار الاول من احدى الشخصيات السنيٌة الحيادية والتي تحظى بتأييد العهد من جهة والرئيس المكلف وحلفائه من جهة ثانية، وكذلك الامر بالنسبة لحقيبة العدل، بحيث تتولاها شخصية مسيحية بالمواصفات نفسها. وتوقعت المصادر ان يكون لقاء رئيس الجمهورية بالرئيس ميقاتي، مهما، لجهة تحديد افاق تشكيل الحكومة الجديدة او فشلها. ولكن بالمقابل، اعتبرت مصادر سياسية بارزة، ان كل ما يروج من خلاف هنا اوهناك، وتقدم على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة وخلافات على مقعد هنا اوهناك، ليس هو الأساس بعملية تشكيل الحكومة الجديدة، لان الاساس يبقى بالسؤال، هل افرجت طهران عن ورقة تشكيل الحكومة، ام انها ماتزال تحتفظ بها لتوظيفها في اطار مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، رغم كل ما يقال عن تسهيلات يقدمها وكيلها حزب الله، بتسمية رئيسها مثلا، ولكن من دون ممارسة اي دور ايجابي فاعل ومؤثر بعملية التشكيل كما يحصل منذ استقالة حكومة حسان دياب وحتى اليوم. والارجح كما تقول المصادر ان طهران ماتزال تمسك بورقة تشكيل الحكومة الجديدة اكثر من السابق، مع احتدام صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والغرب عموما حاليا وهذا يعني توقع صعوبة بالغة وعقد مفتعلة بعملية التشكيل.
وبرغم التحفظ والتكتم، علمت «اللواء» ان التقدم الذي تحدث عنه ميقاتي يتعلق بالتفاهم مع عون على توزيع الغالبية العظمى من الحقائب الاساسية ما ينعكس إيجاباً على توزيع الحقائب الاربع السيادية، والتي سيتم إستكمال البحث بها في اللقاء السادس بين الرئيسين بعد ظهر اليوم، والتي من المرجح ان يتم البحث حولها في اقتراح أن يبقى توزيعها على الطوائف كما هو في الحكومة الحالية المستقيلة، لكن على ان يتم التوافق على اسماء الوزراء بين الرئيسين والجهات الاخرى المعنية بالتسمية لا سيما الرئيس نبيه بري.وفي حال تم التوافق اليوم يصبح الانتقال الى البحث في الاسماء وإسقاطها على الحقائب عملية سهلة لا تعقيدات كبرى فيها.
وأكدت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ «اللواء» أن هناك ارتياحا أبداه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في لقائهما الخامس وقد بدا هذا الارتياح أفضل من أي وقت مضى وإنهما تفاهما على صيغة توزيع أكثر ملاءمة من السابق وكشفت عن حصول تقدم في صيغة توزيع الحقائب الأساسية على نحو يمكن أن يرتد ايجابا على الحقائب السيادية ولكن ما من تفاصيل وهذه المسألة ستشكل موضع بحث خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة ويستكمل البحث في ما تبقى من نقاط قليلة. ولذلك كان التوافق على قيام الاجتماع بينهما اليوم ولعل ذلك يعد مؤشرا إلى تجاوز بعض العقبات والإسراع في الوصول إلى نتيجة مريحة.
وافادت أن الرئيسين متفقان على عدم الدخول في أسماء قبل الاتفاق على التوزيع النهائي مشيرة إلى أن هناك مقترحات تصب في سياق النتائج الإيجابية لاسيما أن أي تفاهم على الحقائب الأساسية قد ينعكس على التفاهم على الحقائب الأخرى.
وبعد كلام الرئيس ميقاتي، كررت محطة الـ «OTV» المعزوفة نفسها، لا حكومة قبل التوقيع على مرسوم التشكيل، والتوقيع على المرسوم المذكور غير مضمون الا على تركيبة تراعي الدستور والميثاق والمعايير الواحدة، وتكون مبنية على برنامج واضح للانقاذ يكون قابلاً للتطبيق.
استجواب سلامة
مالياً، استمع أمس المدعي العام التمييزي القاضي جان طنوس، إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من دون ان يُشارك في الجلسة محاميه، بسبب عدم نوافقة نقيب المحامين ملحم خلف على فك الإضراب المعلن من المحامين منذ أسابيع.
وقرّر القاضي طنوس تركه رهن التحقيق بانتظار استكمال الاستجواب في جلسات اخري، بعد إبراز عدد من المستندات التي طلبها المدعي التمييزي..
ويأتي الاستجواب على خلفية، ما اثير ضد سلامة في سويسرا وفرنسا، وطلب القضاء السويسري تعاونا من القضاء اللبناني للوصول إلى حقيقة القضايا التي يتهم بها سلامة، بالإضافة إلى شقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك.
عدوان اسرائيلي وشكوى
وسط هذه الاجواء، دخل العدو الاسرائيلي على خط توتير الاوضاع مجدّداً فشنت طائرته الحريية عند الواحدة من فجر امس، غارة على مزرعة المحمودية في مجرى وادي الليطاني بين جزين والنبطية، إقتصرت اضرارها على الماديات. كما نفذ غارتين وهميتين في أجواء المنطقة، سمعت أصواتهما في أرجاء الجنوب كافة.
وذكر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حساباته على مواقع التواصل، أن الغارات «استهدفت مناطق إطلاق القذائف الصاروخية، بالإضافة إلى بنية تحتية تستخدم لنشاطات إرهابية».
وأضاف: تتحمل دولة لبنان مسؤولية ما يجري داخل أراضيها، محذرا من «مواصلة محاولات الاعتداء ضد مواطني إسرائيل وسيادتها».
وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد أطلقت اثنتين وتسعين قذيفة عصر امس الاول رداً على إطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا من جنوب لبنان سقط اثنان منها في مستعمرة كريات شمونة وواحد داخل لبنان. وبحسب قيادة الجيش اللبناني تعرض وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام اضافة إلى سهل بلاط إلى قصف بمدفعية الجيش الإسرائيلي وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد اطلاق صواريخ من احدى المناطق الجنوبية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، مما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. وسيّر الجيش دوريات في المنطقة وأقام عدداً من الحواجز، كما باشر التحقيقات لكشف هوية مطلقي الصواريخ. وتتم متابعة الوضع مع قوات الامم المتحدة الموقتة في لبنان».
وسارع لبنان الى تقديم شكوى عاجلة الى الامم المتحدة حيث طلب رئيس حكومة تصريف الاعمال دكتور حسان دياب من وزيرة الخارجية بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر «الإيعاز إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان.
واصدر دياب بيانا قال فيه: نفذ الجيش الاسرائيلي، بمدفعيته أولاً وبطائراته الحربية ثانياً، عدوانا صريحا على السيادة اللبنانية، واعترف علناً بهذا الخرق الفاضح للقرار 1701، متذرعاً بسقوط صواريخ مشبوهة الأهداف والتوقيت على شمال فلسطين المحتلة من الأراضي اللبنانية ولم تتبنّها أي جهة.
اضاف: إن هذا العدوان الجديد والخطير يشكل تهديدا كبيرا للهدوء على حدود لبنان الجنوبية، بعد سلسلة من الخروق الاسرائيلية للسيادة اللبنانية واستخدام الأجواء اللبنانية للعدوان على سوريا.
ودعا «الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى ردع إسرائيل لوقف انتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، لأن هذه الانتهاكات باتت تهدد القرار 1701 والاستقرار القائم منذ العام 2006».
وفيما حذرت الجامعة العربية من مغبة التصعيد في جنوب لبنان، اطلع رئيس الجمهورية من قيادة الجيش على نتائج التحقيقات المتعلقة بإطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية التي حصلت امس الاول، والاجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، واعتبر ان «تقديم الشكوى الى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع اسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان». واعلن ان «استخدام اسرائيل سلاحها الجوي في استهداف قرى لبنانية هو الاول من نوعه منذ العام 2006، ويؤشر الى وجود نوايا عدوانية تصعيدية تتزامن مع التهديدات المتواصلة ضد لبنان وسيادته، وما حصل انتهاك فاضح وخطير لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، وتهديد مباشر للأمن والاستقرار في الجنوب».
وأعلنت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ«اليونيفيل» كانديس آرديل انه «في وقت مبكر من فجر هذا اليوم (امس)، سمع جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل انفجارات قوية بالقرب من صور ومرجعيون والمحمودية. ولاحقا أكد الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات جوية على ثلاثة مواقع في جنوب لبنان».
وقالت: أن رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، حث الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في هذه الأوقات العصيبة لتجنب المزيد من تصعيد الوضع.
وأكدت آرديل: «أن قوات اليونيفيل تواصل التنسيق مع الأطراف والعمل مع القوات المسلحة اللبنانية لتعزيز الأمن، وقد فتحنا تحقيقاً».
وفي تطور آخر، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس عن استعداد بلاده لشن هجوم في إيران. وقال في تصريح صحافي امس: أنه مما لا شك فيه أن إيران تسعى لتشكيل تحد متعدد الجبهات لإسرائيل. أن طهران باتت تعزز قوتها في لبنان وغزة، وتنشر ميليشيات في سوريا والعراق، وتدعم الحوثيين في اليمن.
وأكد الوزير الإسرائيلي ضرورة مواصلة تطوير قدرات تل أبيب في التأقلم متعدد الجبهات، لأن هذا هو المستقبل، وفق قوله. ودعا العالم الى التعامل مع إيران عسكرياً لإنهاء تهديدها.
عظة الراعي
وكان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ألقى عظة في قدّاس شهداء المرفأ، جاء فيها: «اننا هنا لنشهد على وحدة المسيحيين والمسلمين في الولاء للبنان وحده».
ورأى أن «الدول المشاركة في مؤتمر باريس لمساعدة لبنان مشكورة»، مشيرا الى أن «تجاوب العالم مع لبنان يبدأ بإنقاذه اقتصاديا وماليا وبعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يعلن حياده ويضع آلية لتنفيذ القرارات الدولية، حتى لو استدعى ذلك إصدار قرارات جديدة».
أضاف: «مهما تغاضت الجماعة السياسية عن الواقع، لن تستطيع قهر الشعب الى ما لا نهاية». وأكد أن «القضية مسألة وقت وإنقاذ لبنان آت لا محالة».
وتابع: «لا نريد قتالا ولا اقتتالا ولا حروبا، لدينا فائض حروب وشهداء ومقاومات، فلنتجه نحو الحرية والسلام ولنبعد عن كياننا التاريخي الخرائط التي تحاك لمنطقة الشرق الأوسط».
واستعاد اللبنانيون في ذكرى 4 آب، مشهد 17ت1 (2019)، تخليداً لذكرى شهداء تفجير العنبر 12 في مرفأ بيروت، وتأكيداً ان «الثورة لم ولن تموت».
تسونامي من المنتفضين
فقد بدأ العشرات من المواطنين بالتجمع في شارع الجميزة بالقرب من «مطعم بول»، رافعين الإعلام اللبنانية وصور بعض الشهداء استعدادا للانطلاق إلى المرفأ. وكان أهالي شهداء فوج إطفاء بيروت قد بدأوا بالتوافد منذ الصباح الى ثكنة الفوج في الكرنتينا استعداداً للمسيرة.
ومن طرابلس انطلقت عشرات الباصات باكرا باتجاه العاصمة بيروت للمشاركة في احياء الذكرى الأليمة.. ومن صور، انطلق بعد ظهر اليوم، من ساحة ثوار العلم ، عدد من الباصات للمشاركة في إحياء الذكرى السنوية الاولى على انفجار مرفأ بيروت، تضامنا مع اهالي الشهداء والجرحى تحت شعار «رفع الحصانة عن المتورطين والمنظومة الفاسدة، التي أوصلت البلاد للانهيار والمتسببين في تفجير المرفأ». وقد رفع المشاركون الاعلام اللبنانية وشعارات تندد بالمنظومة الحاكمة، وسط تدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش والقوى الامنية.
وقبيل القداس على نية شهداء المرفأ الذي ترأسه البطريرك الراعي عند السادسة مساء، إنطلقت مسيرات سيّارة من مختلف المناطق وجابت شوارع بيروت، وصولا الى المرفأ عند تمثال المغترب.
وانطلقت السيارات من الاشرفية ومار مخايل والجميزة، وحمل فيها المحتجون الاعلام اللبنانية، في حين توجه بعضهم سيرا على الاقدام مع رفع الاناشيد الوطنية عبر مكبرات الصوت، وسط إجراءات أمنية مشددة.
كما انطلقت مسيرة من شارع ارمينيا في برج حمود باتجاه ساحة الشهداء، ومنها الى تمثال المغترب، للمشاركة في التجمع المركزي لإحياء ذكرى انفحار المرفأ. ورفع المشاركون الاعلام اللبنانية واللافتات المطالبة بالحقيقة والعدالة ورفع الحصانات ومحاسبة كل من كانت له يد في الانفجار.
ومن أمام شركة كهرباء لبنان، انطلقت مسيرة كبيرة على أن تمر في الجميزة وصولا إلى المرفأ. كما انطلقت مسيرة من خليج السان جورج في بيروت بإتجاه المرفأ ووصلت الى ساحة الشهداء بدعوة من الحزب الشيوعي.
وتميزت التحركات الشعبية بحدثين الاول: تمثل بمحاولات اقتحام مجلس النواب، حيث دارت مواجهات بين مجموعات المحتجين، الذين استخدموا الحجارة وقنابل المولوتوف، والقوى الأمنية التي تمكنت من ابعادهم بعد تدخل قوة الجيش اللبناني، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع والمفرقعات.
في حين لجأ محتجون إلى اقتحام مكتب خاص في أحد مباني وسط العاصمة فحطموا محتوياته وبعثروا اوراقه، ظناً منهم انه تابع لوزارة الاقتصاد، ليتبين أنه لشركة خاصة.
والحدث الثاني، تمثل بالاشتباك الدامي بين متظاهرين من الحزب الشيوعي واتحاد الشباب الديمقراطي ومناصرين للقوات اللبنانية أدى إلى سقوط جرحى من الشيوعي.
وأدان المكتب الإعلامي للحزب الشيعي بشدة «الكمين المدبر والاعتداء الجبان الذي نفذّته زمرة ميليشياوية من القوات اللبنانية ضد التظاهرة الشعبية التي دعت اليها لجنة أهالي ضحايا مرفأ بيروت بمناسبة 4 آب، والتي انطلقت من خليج السان جورج باتجاه المرفأ، بحجة مرورها في «منطقتهم» – شارع الجميزة – والذي ترافق ايضاً مع اعتداء آخر نفذته أيضاً هذه العصابة ضد احد اهالي ضحايا المرفأ لرفضه رفع علم القوات في احتفال المرفأ».
وأعلن الشيوعي في بيانه الذي صدر اليوم «سقط نتيجة هذا الاعتداء عدد من الجرحى المتظاهرين بينهم رفاق لنا، وبعضهم في حالة الخطر، ونحن نتمنى الشفاء العاجل للجميع»… محملاً «القوات اللبنانية المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء الهمجي وما قد يترتب عليه من نتائج، كما يحمّل ايضاً القوى الأمنية المسؤولية.
وتناول رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بعد لقاء وفد كتلة نواب «المستقبل» البحث في دعم اقتراح رفع الحصانة عن جميع مَن تطالهم الحصانات، لاجراء الاستجوابات والملاحقة بحقهم.
وختم وفد «تيار المستقبل» الذي ضم النائبين هادي حبيش ومحمد الحجار، في حضور عضو تكتل الجمهوريّة القويّة النائب وهبه قاطيشا، أمين سر التكتل النائب السابق فادي كرم، رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبور ومستشاره سعيد مالك. واستهل جعجع كلمته بالقول: «سأتطرّق في حديثي اليوم إلى نقطتين أساسيتين فقط الأولى لها علاقة ببعض الحوادث التي وقعت البارحة في ذكرى يوم 4 آب المشؤوم، أما الثانية فلها علاقة باجتماعنا في الوقت الراهن مع وفد تيار المستقبل وبمسألة رفع الحصانات والإقتراحين اللذين أعدهما التيار».
ولفت جعجع إلى أنه «في ما يتعلّق بما حصل بالأمس، فنحن تفاجأنا منذ منتصف النهار بحملة كبيرة جداً تستهدف حزب القوّات اللبنانيّة من قبل بعض مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لمحور «المقاومة والممانعة والتصدي والصمود» وبعض وسائل الإعلام التي يعرف الجميع أنها مأجورة ولصالح من تعمل، وللأسف على هذا الصعيد سأفتح هلالين لأقول: بالنسبة لباقي هذه المؤسسات نحن نعلم تماماً أنها تقول ما تقوله لأسباب سياسيّة وإيديولوجية ودوغماتيّة وعقائديّة كبيرة إلا أنني أتأسف كثيراً، وهذه من المرات القليلة التي أتكلّم بها على هذا النحو، من المعيب جداً على شخص كبيار الضاهر أن يقوم بما قام به إلا أنه في الأحوال كافة، شخص قام بسرقة محطّة تلفزيونيّة ضخمة على مرأى من كل الشعب اللبناني لن تصعب عليه أبداً تحوير بعض الوقائع «لغاية في نفس يعقوب». مشيرا إلى ان أنصار الشيوعي هتفوا: سمير جعجع صهيوني.
ولفت جعجع إلى أن “هذه هي حقيقة الحوادث التي وقعت بالأمس وبكل صراحة، فبدل أن يقوم البعض بتصويرها على أن “القوّات” لا شغل شاغل لها سوى الانتظار من أجل معرفة مكان أي حراك لإفشاله، في حين أن هؤلاء لا علاقة لهم بالحراك ولم يقوموا يوماً بأي شيء وإنما هم “مصاصي دماء الشعوب”، وينتظرون حصول أي حراك شعبي من أجل “مصّ دمائه”.
أما بالنسبة لمسألة الحصانات واللقاء مع وفد “تيار المستقبل” قال، “نلتقي اليوم بكل ترحاب والمناقشة مستمرّة فيما بيننا، إلا أنني أود أن أؤكد مجدداً على موقفنا فنحن بالنسبة لنا لا حصانات على أحد في ما يتعلّق بالتحقيق في انفجار المرفأ، إلا أننا لدينا مقاربة ووفد “تيار المستقبل” لديه مقاربة أخرى ونحن نتناقش حول هذه المسألة من أجل أن نحاول إيجاد المقاربة الاجدى والأسرع من أجل اعتمادها فالأهم هو الوصول إلى الحقيقة في أقرب وقت ممكن”.
صرخة أصحاب المولدات
حياتياً، اعتصم عدد من أصحاب المولدات أمام وزارة الطاقة والمياه، وطالبوا بأن «توزّع المنشآت النفطية المازوت لجميع أصحاب المولدات، لأنّ طريقة المنشأت الحالية في التوزيع تؤدي إلى احتكار بعض التجار للمادة وبيعها في السوق السوداء».
وقال أحد أصحاب المولدات أنّه «على الوزارة أن تقوم بكشف على الكميات مع القوى الأمنية، وأن تسلّم الوزارة المحروقات للمستشفيات والأفران وأصحاب المولدات، وليس للتجار فقط».
وأضاف: «السوق السوداء موجودة بسبب بعض التجار، والدولة لا تراقبهم في كيفية توزيع المازوت والمحروقات الأخرى».
وفي التحركات الميدانية قطع شبان طريق السكسكية- صيدا في ساحة البلدة احتجاجاً على الأوضاع وتوقف المولدات الكهربائية عن العمل.
كما قطع الأهالي طريق البابلية – صيدا قبالة محطة البغدادي احتجاجاً على قطع اشتراك الكهرباء ايضا.
كما قطع مواطنون غاضبون طريق عام الهلالية في صيدا بمستوعبات النفايات احتجاجا على انقطاع الكهرباء، واشتراكات المولدات بسبب نفاد المازوت.
كما قطع عدد من أهالي الفيلات- صيدا الطريق في المكان احتجاجاً على انقطاع الكهرباء ومولدات الاشتراكات، بسبب نفاد المازوت وعدم تسليم أصحاب المولدات حصتهم من المازوت بحسب تعبير الأهالي..
وشمالاً، اقدم أصحاب المولدات على قطع طريق عام الكورة بالقرب من الساعة بالسيارات والحجارة، احتجاجا على عدم تأمين المازوت للمولدات الكهربائية، فيما افيد عن إعادة فتحها في وقت لاحق، بحسب ما ذكرت غرفة التحكم المروري.
567044 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1148 اصابة جديدة بفايروس كورونا فضلا عن 5 حالات وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 567044 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
*************************************************************************
«إسرائيل» «توسّط» الولايات المتحدة للتهدئة وتباين حول ردّ فعل حزب الله
إرباك اسرائيلي في التعامل مع لبنان وثمن تعديل «قواعد الاشتباك» مكلف
جولة تفاوضية خامسة لم تقارب العقد السيادية : تفاؤل حكوميّ «مصطنع»؟ – ابراهيم ناصرالدين
وسط اتساع أزمة الثقة بينهما، اتفق رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مجددا على تأجيل البحث في العقد الحكومية المانعة للتاأليف، فغاب البحث في الحقائب السيادية عن الجولة الخامسة من التفاوض، ما سمح للرئيس المكلف بضخ اجواء ايجابية مشوبة بعلامات الاستفهام، متحدثا عن تقدم بطيء، فيما تشير كل المعطيات الى عدم حصول أي مقاربة جديدة للملفات العالقة حيث لا تزال ثلاثة عقبات كبيرة تحول دون «الولادة» الحكومية والتي تحتاج الى اكثر من «تدوير الزوايا» ومحاولة «التشاطر». في هذا الوقت تصدر التصعيد الاسرائيلي جنوبا الاهتمامات الداخلية والخارجية في ظل محاولات اسرائيلية لتغيير «قواعد الاشتباك» تحت سقف عدم جر المنطقة الى مواجهة مع حزب الله، وهي «مغامرة» محفوفة بالكثير من المخاطر، لان الثابت حتى الان، وبالرغم من «صمت» حزب الله الطويل، والمثير للقلق في اسرائيل، بأن المقاومة لن تسمح بتغيير «قواعد الاشتباك»، وهو ما حذرت منه واشنطن الخائفة من انزلاق الاحداث نحو مواجهة غير محسوبة، ولهذا سعت خلال الساعات القليلة الماضية الى نقل «رسائل» تطمينية اسرائيلية الى بيروت، بعدم الرغبة بالتصعيد.
«رسائل» اميركية «تطمينية»!
وفي هذا السياق، اكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى، ان السفارة الاميركية في بيروت نشطت خلال الساعات القليلة الماضية من خلال التواصل مع عدد من المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمتهم وزيرة الدفاع والخارجية في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر، بحثا عن أجوبة حيال احتمال تطور الاحداث جنوبا، ونقلت «رسالة» اسرائيلية واضحة بعدم رغبة اسرائيل في تصعيد الموقف والاكتفاء بحدود الرد الجوي الضيق الذي استهدف مناطق «غير آهلة»، وذلك ردا على اطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية، اي ان الامور بالنسبة الى الاسرائيليين قد انتهت عند هذا الحد. وكان واضحا من خلال كلام السفيرة الاميركية دوروثي شيا انه لا داعي ايضا الى اثارة «زوبعة» دبلوماسية في مجلس الامن، على اعتبار ان الحادث محدود ويجب ان ينتهي عند هذا الحد. لكن اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على اعتبار الغارات عدوانا جويا على لبنان وتعليماته الحاسمة بالتوجه الى مجلس اللامن ترجمت لاحقا بطلب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي لم يتردد بدوره في الطلب من سفيرة لبنان في نيويورك امل مدللي باجراء المقتضى الدبلوماسي اللازم.
البحث عن رد حزب الله ؟
ووفقا للمعلومات، كان واضحا القلق الاميركي من تدحرج الامور نحو مواجهة غير محسوبة، وكان اصرار على معرفة ما الذي سيقوم به حزب الله حيث يتوقع الاميركيون حصول رد دون ان تكون الصورة واضحة حتى الان حيال مجموعة الخيارات المتاحة امام الحزب، وذلك على عكس التقديرات الاسرائيلية المبنية على «صعوبة» الوضع الداخلي في لبنان والذي يكبل المقاومة، وهو امر يسمح لحكومة نفتالي بينت بتعديل «قواعد اللعبة» عشية زيارته الى واشنطن، لكن ثمة اعتقاد اميركي بان التطورات محفوفة بالمخاطر لان كل جانب يعتقد أنه يرد على الآخر، وليس واضحا كيف ستنتهي سلسلة الردود المتبادلة ومن سيتوقف اولا؟!
«حبس الانفاس»
لكن ما يقلق الاسرائيليين حتما هو «الصمت» الطويل لدى حزب الله الذي لم يعلق فورا على الاحداث، وهم يدركون ان «سقف» الصمت سيكون مساء السبت في كلمة السيد حسن نصرالله المقررة مسبقا، ولهذا تعيش المنطقة الحدودية «ساعات» من «حبس الانفاس» بانتظار رد الفعل السياسي والميداني لحزب الله في ظل ترقب لمن يسبق الآخر. وبحسب مصادر معنية بالملف فان ما حصل تطور خطير بعدما خرقت الغارات الاسرائيلية قواعد الاشتباك التي نجح حزب الله في تكريسها منذ عام 2006 اللبناني، فهذه المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل طيرانها الحربي ضد أهداف في لبنان منذ حرب تموز بعدما كانت اعتداءاتها تقتصر على قصف مدفعي على الحدود، وهنا يجب على الاسرائيليين ان يقلقوا لان حزب الله لن يقبل قطعا بأي تعديل «لقواعد الاشتباك»، وستكون «الكلمة الاخيرة» للمقاومة وستدرك اسرائيل ان الاخلال بقواعد اللعبة سيكون مكلفا.
إرباك اسرائيلي
وفيما أشارت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى وجود ارباك رسمي اسرائيلي في التعامل مع الجبهة اللبنانية من خلال الرغبة في عدم الدخول في حرب لكن مع اصرار على توجيه «رسائل» نارية محدودة الى الجانب اللبناني، كان لافتا الاصرار الاسرائيلي على تحييد حزب الله، حيث سعى كبار المسؤولين الاسرائيليين وفي مقدمتهم وزير الحرب بيني غانتس الى «تبرئة» الحزب من المسؤولية عن اطلاق الصواريخ، وذلك في محاولة للتأكيد بأن اسرائيل لا تريد استدراج حزب الله الى مواجهة، ولكنها تسعى بحسب محللين اسرائيليين الى احراجه في الداخل اللبناني الذي يشهد فوضى عارمة.
تحييد حزب الله
وفي محاولة واضحة لخفض التصعيد اشارت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية الى ان اسرائيل وحزب الله يردعان الواحد الآخر في السنوات التي انقضت منذ الحرب في صيف 2006، بسبب الأثمان الباهظة الكامنة فيها والضرر المحتمل في سير حياة المواطنين وفي الاستقرار الأمني في المنطقة. للطرفين الكثير مما يخسرانه في المواجهة، ولهذا يعملان انطلاقاً من مصلحة أن تبقى الحدود الشمالية هادئة، في خلاف تام مع خط المواجهة العنيف في الجنوب .ونقلت الصحيفة عن مصادر امنية اسرائيلية تقديرها ان الهجمات الصاروخية لا ترتبط بحزب الله، ولم تنفذ كرد على الهجوم المنسوب لإسرائيل في سوريا، وقالت ان احتمال وقوف حزب الله وإيران وراء هذا الحدث بتغيير المعادلة والرد على أعمال إسرائيل في سوريا، بالذات على الحدود مع لبنان، هو احتمال مستبعد. وباعتقاد تلك الاوساط فإنه في ضوء الفوضى التي في لبنان المتحطم، تسمح «لمنظمات فلسطينية»ان تعمل بحرية دون مراعاة مصالح حزب الله.
الاعتداءات الجوية
وكان طيران العدو قد شنّ غارات جوية استهدفت، بُعيد منتصف ليل الأربعاء – الخميس، منطقة الدمشقية في خراج بلدة المحمودية بين جزين ومرجعيون والبقاع الغربي، على مقربة ممّا يسمى جسر لحد. وألقت الطائرات المغيرة صاروخَي جو أرض على طريق فرعيّ، ما أدى إلى قطعها بالكامل وإحداث حفرة ضخمة في المكان، كما سقط صاروخ موجّه على منطقة الشواكير الواقعة عند أطراف محمية شاطئ صور الطبيعية، بين مخيم الرشيدية والمدخل الجنوبي لمدينة صور، وقد سقط الصاروخ بالقرب من معسكر تدريب للجيش اللبناني في منطقة زراعية، وبحسب مصادر عسكرية فان عمق الحفرة التي نتجت عن انفجار الصاروخ تُقدّر بثلاثة أمتار وقطرها عشرة أمتار ويرجح ان يكون الصاروخ قد اطلق من إحدى البوارج الحربية الإسرائيلية من البحر، أو طائرة معادية رمته من فوق البحر من مسافات بعيدة.
شكوى رسمية
وفيما فتحت قوات «اليونيفيل»، تحقيقاً حول الغارات الإسرائيلية، وتواصل قائد القوة ستيفانو ديل كول، مع الجانبَين اللبناني والإسرائيلي، وحثّهم على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر، الإيعاز إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وفيما حذرت الجامعة العربية من مغبة التصعيد في جنوب لبنان، اطلع رئيس الجمهورية من قيادة الجيش على نتائج التحقيقات المتعلقة بإطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية واكد ان «استخدام اسرائيل سلاحها الجوي في استهداف قرى لبنانية هو الاول من نوعه منذ العام 2006، ويؤشر الى وجود نوايا عدوانية تصعيدية تتزامن مع التهديدات المتواصلة ضد لبنان وسيادته.
التوتر الاقليمي
التوتر جنوبا، ياتي على خلفية «الغليان» في المنطقة حيث هدد وزير الامن الاسرائيلي بيني غانتس، بان اسرائيل «مستعدّة لمهاجمة إيران. وزعم إيران «تحتاج إلى حوالى 10 أسابيع فقط، للحصول على المواد الصالحة لصنع الأسلحة اللازمة لصنع سلاح نووي هذا التصعيد الاسرائيلي قابله رد من القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي الذي اكد إن قوات بلاده مستعدة» لأي سيناريو وجاهزة تماما للرد على أي عدو.
«مراوغة» حكومية
حكوميا، لم ينجح رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي باقناع احد بحصول تقدم ايجابي في عملية تاليف الحكومة، فحديثه عن التقدم البطيء، لا يعكس واقع انه لا شيء جديدا حصل منذ اجتماعه الاخير يوم الاثنين الماضي مع رئيس الجمهورية ميشال عون، بالامس خرج من بعبدا موحيا ان الاجواء اكثر ايجابية، لسبب واحد، انه لم يتم البحث في نقاط الخلاف، ودون ان يقدم اي معطيات جدية حول ما حصل داخل الجلسة التي خصصت في القسم الاكبر منها للحديث عن مؤتمر المانحين الدوليين، والتطورات الامنية جنوبا، بقيت العقد الحكومية على حالها، ومن المنتظر ان يحمل معه اليوم تصورات جديدة لكيفية مقاربة عقدة المداورة. ولان شيئا جوهريا لم يبحث بالامس اختار ميقاتي الايحاء امام المجتمع الدولي الذي منحه حق المشاركة كمراقب في المؤتمر امس الاول، بانه لا يزال جادا في تحمل مسؤولية تاليف الحكومة ولم يستسلم بعد «للشروط» الرئاسية.
تغيير في «التكتيك»
ووفقا لمصادر مطلعة، فان جملة اللاءات الايجابية التي حاول ميقاتي اشاعاتها، وتتعلق بتخليه عن المهل، ونفيه النية بالاعتذار، وحديثه عن عدم وجود افق مسدود، والتقدم خطوة الى الامام، لم يكن الا تغييرا في «التكتيك»، وليس في الجوهر، والحديث عن ايجابيات يرتبط بالنقاش في الحقائب غير السيادية غيرالمختلف عليها اصلا، وثمة مهلة اضافية ليست مفتوحة على عكس ما اوحى به الرئيس المكلف بالامس، وهو سيطرح اليوم صيغة التسوية بابقاء الحقائب على حالها على ان تكون الاسماء توافقية، وعندها سيتكون لديه تصور واضح عما اذا كانت التفاهمات ممكنة.
ثلاث عقبات صعبة
ووفقا لمصادر متابعة لعملية التاليف، يمكن الحديث عن استمرار «المراوغة» المتبادلة بين فريقي التاليف حيث يحاول كل طرف الايحاء بالايجابية ورمي اتهامات التعطيل عند الطرف الآخر، علما ان الازمة لا تزال في مرحلتها الاولى بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فمع الافتراض انه تم الوصول الى تسوية حيال وزارتي العدل والداخلية، سيبرز التحدي الثاني في مسألة تسمية الوزراء المسيحيين حيث يتمسك عون بحق تسميتهم في غياب اكبر كتلتين مسيحيتين عن الحكومة، ومع افتراض حل هذه المعضلة تبقى العقدة الاهم «الثلث المعطل» او «الضامن» الذي يرغب رئيس الجمهورية في الحصول عليه لضمان التحكم في حكومة نهاية عهده وادارة الفراغ الرئاسي المحتمل.
عون لايثق بميقاتي؟
وفي هذا السياق، نقل زوار عون عنه كلاما واضحا، سبق جولة التفاوض بالامس، اكد فيه رفضه تسليم «مفاتيح» السلطة التنفيذية لفريق سياسي همه الاول والاخير «اسقاط» العهد ومنعه من تحقيق اي انجاز، واللافت في كلام الرئيس توجيهه انتقادات لاذعة لميقاتي حيث شبهه بالنسخة السيئة عن الحريري، متحدثا عن الملفات القضائية المفتوحة ضده، مشيرا الى ان كل ما يسمعه مجرد «اكاذيب» لا يمكن ان تنطلي على احد. وقد علقت تلك الاوساط بالتساؤل عما اذا كان»بالامكان انتظار ولادة الحكومة في ظل هذه المناخات الملبدة وانعدام الثقة»، وتجزم ان الامر يحتاج الى معجزة، لان ميقاتي التزم أمام رؤساء الحكومات السابقين بعدم التنازل عن سقف الرئيس سعد الحريري، فيما الترويج لقبول رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتخلي عن وزارة المال مجرد تسريبات غير واقعية.
التقدم البطيء…!
وأعلن ميقاتي الذي التقى عون امس في جولة خامسة، انه احرز مع الرئيس تقدماً في موضوع تأليف الحكومة حتى ولو كان هذا التقدم بطيئاً، وأكد رداً على المهلة غير المفتوحة التي كان تحدث عنها أنه دستورياً لا مهلة أمام الرئيس المكلف، وقال «لن أترك المهلة مفتوحة وجلسة اليوم خطوة إيجابية للأمام ولا التزم بأي مهلة زمنية، إنما أسعى لتشكيل الحكومة وقبلت التكليف لتأليف ولم آتِ على ذكر الاعتذار الذي لا مكان له حتى الساعة. وعندما أشعر أنّ الطريق بات مسدوداً للتجانس سأخبر اللبنانيين والآن لن أخلق مشكلاً».
سلامة امام القضاء
قضائيا، استمعت النيابة العامة التمييزية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في قضايا عدة بينها اختلاس اموال عامة وتهرب ضريبي، ووفقا للمعلومات، فإن الاستجواب لم يحصل لغياب محاميه بسبب اضراب المحامين، وتم الاستعاضة عن ذلك بجلسة استماع لم تكن مرتبطة بمسيرته المالية ولا السياسة النقدية التي اعتمدها منذ ثلاثة عقود ولا بانهيار سعر صرف الليرة، بل بأفعال ووقائع محددة ذات وصف جرمي والتركيز الان هو على مدى توفر أدلة وإثباتات قد تستدعي محاكمته؟
الحاكم «مرتاح»
ووفقا لمصادر قضائية مطلعة على الملف استمع المحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس اليه على مدى ثلاث ساعات، وقرر في نهاية الجلسة تركه رهن التحقيق بانتظار استكمال الاستجواب في جلسات لاحقة.
تجدر الاشارة الى ان الاتهامات بحق سلامة الذي اكد بعد الجلسة انه «مرتاح»، كبيرة ومتشعبة، ووفقا للمصادر فان خلفية التحقيق بدات مع ورود الاستنابة المرسلة من القضاء السويسري الذي طلب مساعدة قضائية من السلطات اللبنانية في اتهامات لسلامة وشقيقه رجا بالقيام منذ عام 2002 بعمليات اختلاس لأموال قُدرت بأكثر من 300 مليون دولار أميركي على نحو يضرّ بمصرف لبنان، الجلسة المقبلة في 28 ايلول، وقد طلب القاضي مستندات وعد سلامة بتأمينها.
*************************************************************************
حرائق في الشارع وعلى الحدود.. وبرودة في بعبدا
على ثلاثة حبال يتأرجح الوضع اللبناني الداخلي. تداعيات الذكرى السنوية الاولى لتفجير 4 آب الذي جدد خلالها اللبنانيون وعدهم وعهدهم بالنضال للوصول الى الحقيقة واسقاط منظومة الفساد التي لوّنت ايامهم وحياتهم بلون قلبها الاسود. الاعتداءات الجوية الاسرائيلية الاولى من نوعها على الجنوب منذ العام 2006 والتهديد بمزيد من التصعيد. الملف الحكومي الذي لا يعرف سبيلا الى التشكيل بعدما سلك دربا وعرة مجددا مع الرئيس نجيب ميقاتي بفعل التمسك بالشروط وبروز العقد نفسها. والحال ان الحبال الثلاثة تملك السلطة الحاكمة، آلة التحكم بها وقادرة على ايصالها الى بر الآمان، لكنها لا تريد وتستمر للغاية في المراهنة على مصير لبنان والمقامرة بحياة شعبه من دون ان يرّف لها جفن، على غرار ما فعلت امس مشيحة النظر عن اوجاع وآلام اهالي ضحايا التفجير الاجرامي الذين ابكوا البشر والحجر.
اللقاء الخامس
فغداة المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي شدد على ضرورة تشكيل حكومة اصلاحية سريعا، وعلى وقع التظاهرة الشعبية الحاشدة المُدينة للطبقة الحاكمة التي شهدتها العاصمة في ذكرى 4 آب امس، عقد اليوم اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي قال على الاثر: فرنسا كانت واضحة بأن لا مساعدة قبل تشكيل الحكومة ولهذا اجتمعت مع الرئيس اليوم (امس). اجتماع اليوم (امس) له أهمية خاصة بعد ما حصل أمس ويجب أن نأخذ العبر من صوت المتضررين من انفجار 4 آب كما من مؤتمر الدول المانحة. واضاف: أكدت للرئيس ضرورة تشكيل الحكومة والا نرتكب اثما اذا لم نسرّع بالتشكيل وكان هناك تقدم اليوم ولو كان بطيئا ومثابرون ومصرون على تشكيل الحكومة لان في ذلك خيرا للبنان ونريد حكومة تكون رافعة لا نقطة احباط واتمنى من اللبنانيين الا نحترف التشاؤم. من مبدأ الحس الوطني لن اترك المهلة مفتوحة وجلسة اليوم خطوة ايجابية للأمام ولا التزم بأي مهلة زمنية انما أسعى لتشكيل الحكومة وقبلت التكليف لتأليف ولم آتِ على ذكر الاعتذار الذي لا مكان له حتى الساعة.
البنك الدولي
في الاثناء، شدد رئيس البنك الدولي دافيد مالباس والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على «أهمية التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان»، مركزين على «ضرورة قيام لبنان بإصلاحات جذرية في العديد من قطاعاته». مواقف مالباس وجورجييفا جاءت في كلمتين لهما في خلال مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس الذي انعقد اول امس عبر تقنية الـvideo conference والذي شاركت فيه 33 دولة و13 منظمة دولية و5 ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني.
نقل نيترات؟
في التحقيقات، كشف عماد كشلي، موظف في شركة وسائق شاحنة بمرفأ بيروت، انّه رأى يوم 4 آب 2020 «أمورًا غريبة وحركة غريبة في المرفأ». وقال في مداخلة عبر برنامج «صار الوقت» على قناة «mtv»: «انا كنت سائق شاحنة وفي مرّتين حملت «نقلة» من النيترات إلى الجنوب»، مضيفًا «صرلي سنة ما شكيت همي. ما في حدا تأمّن تحكي معو». وافيد ان «بطلب من النيابة العامة التمييزية فرغت المباحث المركزية ما قاله كشلي حول نقله نيترات الأمونيوم إلى الجنوب، وتم إرسال الملف إلى المحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت طارق البيطار لإجراء المقتضى القانوني».
تصعيد اسرائيلي
وسط هذه الاجواء، احتل التصعيد الاسرائيلي جنوبا صدارة الاهتمام الرسمي. فقد أطلقت مدفعية الجيش الاسرائيلي اثنتين وتسعين قذيفة. وبحسب قيادة الجيش: تعرض وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام اضافة إلى سهل بلاط إلى قصف بمدفعية الجيش الإسرائيلي وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد اطلاق صواريخ من احدى المناطق الجنوبية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. كما نفذ الطيران الحربي غارات جوية.
عون يتابع
تعقيبا، وفيما حذرت الجامعة العربية من مغبة التصعيد في جنوب لبنان، اطلع رئيس الجمهورية من قيادة الجيش على نتائج التحقيقات المتعلقة بإطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية التي حصلت امس، والاجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، واعتبر ان «تقديم الشكوى الى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع اسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان».
***********************************************************************
جرعة تفاؤل مصطنع من بعبدا... مقايضة حقائب، وميقاتي يشترط
لم ترقَ الاتصالات واللقاءات السياسية التي يجريها المسؤولون السياسيّون، أكان على مستوى تشكيل الحكومة، أو على مستوى البحث في الأزمة الاقتصادية، أو ما جرى من تبادل للقصف الصاروخي على طرفَي الحدود الجنوبية، إلى مستوى الحدث، إلى مستوى الاهتمام الدولي بلبنان، إن لجهة مؤتمر دعم لبنان الذي عُقد بدعوة من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورؤساء مجموعة الدول الأوروبية ومشاركة الرئيس الأميركي، جو بايدن، والمملكة العربية السعودية. فها هو اللقاء الخامس يجري بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، ليخرج الأخير ويعيد بث جرعةٍ من التفاؤل المصطنع من بعبدا، في حين تشير كل الأجواء المرافقة إلى أنّ حقيقة الأمور لا تدعو أبداً إلى هذا التفاؤل، إن لم نقل العكس.
مصادر مقربة من الرئيس المكلّف كشفت لجريدة الأنباء الإلكترونية أنّ ميقاتي عرض على عون إسناد حقيبة الداخلية للوزير زياد بارود كشخصيةٍ مسيحية محايدة. وعلى الرغم من أنّ زوجته تنتمي للتيار الوطني الحر فإنّ النائب جبران باسيل رفض هذا الاقتراح، ولذلك تم استبعاده، ويدور البحث عن شخصية أكثر طواعية.
المصادر أكّدت تمسّك ميقاتي بإبقاء القديم على قِدمه، بمعنى أن تكون الداخلية من حصة الطائفة السنّية، والمال للثنائي الشيعي، والخارجية والدفاع للمسيحيّين، وهو ما تعهّد به الرئيس ميقاتي لرؤساء الحكومات السابقين، ولن يتنازل عنه والقبول بهذه المقايضة إلّا في حالة واحدة، وهي قبول الثنائي الشيعي التخلي عن المالية.
عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب محمد خواجة، أشار في حديث لجريدة الأنباء الإلكترونية إلى أنّ أجواء اللقاء الأخير بين عون وميقاتي كان أفضل من اللقاء الذي سبقه، والدليل الاتفاق على موعدٍ سريع.
وقال: "الأهم من كل ذلك هو تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، لأنّ كل القوى السياسية تعترف بأنّنا تأخرنا كثيراً في هذا المجال، وهدرنا المزيد من الوقت. واليوم هناك أزمات كثيرة يعيشها اللبنانيّون لحظةً بلحظة، والأهم من كل ذلك انهيار العملة الوطنية"، مضيفاً: "المداولات كثيرة، وهناك كلام عن المداورة أو عدمها، وكل ذلك مدار بحث. المهم أن تتشكّل حكومة فاعلة، ومنتجة، وسريعة، فالبلد لم يعد يتحمّل المزيد من التأخير. فاليوم لدينا أزمة كهرباء قاتلة نتيجة انهيار العملة، والشح في الفيول، وقطع الغيار، فالمولّدات الخاصة بديل غير منطقي، وغير صحي، وغير طبيعي".
وعن موافقة الثنائي الشيعي التخلي عن المالية في حال الاتفاق على المداورة، قال: "هذا الأمر يقرّره الرئيس نبيه بري".
في هذه الأثناء، خرق التوتر الحدودي جنوباً المشهد اللبناني، وربما يكون الأخطر منذ حرب تموز. وقد استبعد خواجة حصول حربٍ شاملة بين لبنان وإسرائيل، متوقعاً حصول توترات بين الحين والأخر، لأن ظروف الحرب غير متوفرة حتى الآن.
من جهته، سأل عضو كتلة الجمهورية القوية، النائب وهبي قاطيشا، عبر الأنباء الإلكترونية: "لمن سيتنازل حزب الله، وهل توجد في الجنوب ميليشيات مسلحة غيره؟ أو أنّ ما حصل قد جرى بالتكليف؟" عازياً أسباب هذا التوتر إلى تعثّر المفاوضات الأميركية مع إيران.
وقال: "لن تصل الأمور إلى حرب شاملة، إلّا إذا كانت إيران تريد ذلك"، مطالباً السلطة اللبنانية بفتح تحقيق لمعرفة ما جرى، وسؤال حزب الله عن الموضوع. ومن غير المقبول ترك الأمور على ما هي عليه.
نسخ الرابط :