أفغانستان: كرة ارتدت في وجه أميركا

أفغانستان: كرة ارتدت في وجه أميركا

مرة أخرى يدير الغرب عينيه لكابول لأنها تذكره بعار وفشل لكنها لا تزال موجودة

 

Telegram

يكتب إليوت أكرمان أن "الانسحاب الأميركي المأسوي في أغسطس 2021 أثبت أن تلك الحرب كانت ’تفوق قدرتنا‘، وأننا نرى اليوم أن حكمة الثمانينيات من القرن الماضي، حينما كان تشارلي ويلسن يتسول التمويل لإعادة الإعمار قد انقلبت رأساً على عقب".

لعل بعضنا لا يزالون يتذكرون سماء أفغانستان إذ أمطرت جثثاً! كان بعض الأفغان قد تشبثوا في إطارات الطائرات الأميركية الراحلة عن البلد حالمين بالهرب من حكم "طالبان" العائد مرة أخرى بعد قيام الولايات المتحدة بسحب البقية الباقية من قواتها في أفغانستان.

وعلى رغم مرور بضعة أعوام على ذلك، فلا يزال من الأفغان من يحاولون الهرب وإن تشبثوا بغير تلك الإطارات، إذ يكتب الصحافي الأميركي جون لي أندرسن أن "كل امرأة تقريباً ممن قابلتهن وتكلمن معي على مسؤوليتهن، طلبت مني مساعدتها في الخروج من البلد. ولا يقتصر هذا على النساء، وإنما يشمل كل من قابلت من غير المنتمين إلى ’طالبان‘، سواء أكانوا موظفين في الدولة أم مساعدين لوزراء أم مضيفات على طائرات".

يكتب جون لي أندرسن هذا ضمن كتاب صدر له أخيراً عن التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان والانسحاب الفوضوي، والعنوان بالغ الدلالة لهذا الكتاب حديث الصدور هو "أن تخسر حرباً... سقوط وقيام طالبان".

ما بعد الحرب السرية
يستهل إليوت أكرمان استعراضه للكتاب في صحيفة "نيويورك تايمز"، المنشور في الـ12 من أغسطس (آب) الجاري بحكاية أحد مشاهد فيلم (حرب تشارلي ويلسن)، من إنتاج عام 2007، إذ "يتوسل تشارلي ويلسن، النائب عن ولاية تكساس الذي لعب دوره توم هانكس، إلى زملائه من أجل إقرار تمويل لإعادة إعمار أفغانستان، بعدما قام مجاهدو هذا البلد ـ بدعم من الاستخبارات الأميركية ـ بإلحاق الهزيمة بالسوفيات في حرب استغرقت عقد الثمانينيات. "كان صناع السياسة الأميركيون يتأهبون للانصراف عن أفغانستان، والمضي قدماً إلى شؤونهم، ولم يكن ويلسن يتوسل منهم إلا واحداً على ألف من إجمال ما خصصته حكومة الولايات المتحدة أصلاً لخوض حربها السرية. قال لهم ويلسن إن ’هذا ما نفعله دائماً، نذهب بمثلنا ونغير العالم ثم نرحل. دائماً نرحل، ولكن الكرة هذه المرة سترتد‘".

يأخذ كتاب أندرسن على عاتقه مهمة "تتبع ارتداد الكرة. وأندرسن مراسل حربي بارز، غطّى أفغانستان أكثر من عقدين، والرسائل التي يضمها كتابه نشرت إلا واحدة في مجلة ’ذي نيويوركر‘ ـ وترسم صورة لأفغانستان منذ عام 2001، بعيد اغتيال أحمد شاه مسعود قائد التحالف الشمالي التابع للولايات المتحدة، وحتى أواخر عام 2021، وهي صورة كالحة للتحديات الجسام الكثيرة التي تواجه البلاد ـ من الجفاف الشديد والانهيار الاقتصادي وحتى الخصومات السياسية ـ في غداة انسحاب الولايات المتحدة".

"في مقدمة كتابه، يصف أندرسن أفغانستان بأنها ’ميدان حربي للتاريخ‘ أكثر مما هي ’أمة‘. ويتناول أول فصول الكتاب صعود القوة الأميركية في أفغانستان خلال العقد الأول من القرن الـ21، وسقوط ’طالبان‘ في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001، إذ سافر أندرسن إلى كابول في لحظة تحول، بعد أسابيع من تلك الهجمات، حين كانت ’طالبان‘ مطاردة، وأسامة بن لادن هارباً، والبلد كله على أعتاب مستقبل لم يكن من الممكن تخيله".

لم تكن تلك هي زيارة جون لي أندرسن الأولى إلى أفغانستان، إذ يكتب مارتن بينغلي في استعراضه للكتاب عبر صحيفة "الغارديان" في الـ11 من أغسطس الجاري قائلاً إن "أندرسن لم ينته بعد من الأفغان على رغم تغطيته أخبارهم لأكثر من 40 عاماً، تكرر فيها الغزو والاحتلال، وقيام ’طالبان‘ وسقوطها، وانسحاب قوتين عظميين من بلدهم". ونقل عن أندرسن قوله "كثيراً ما أردت الرجوع. هذا بلد يخترق جلد المرء، هو مكان لا يصدق، ومجتمع لا يصدق. يبدو لي السفر إليه دائماً كأنه سفر في الزمن، وعرفت فيه بشراً أكبر من الحياة. يبقون برفقتك... فلعلي عائد إلى هناك عما قريب".

"يبلغ أندرسن من العمر الآن 68 سنة، وقد غطى أفغانستان في ثمانينيات القرن الـ20 إبان خسارة القوات السوفياتية حرباً استمرت 10 أعوام، ثم عاد في مطلع القرن الـ21 بعدما دفعت أحداث الـ11 من سبتمبر الولايات المتحدة إلى غزو أفغانستان. وعام 2002 نشر أندرسن كتاب ’مقبرة الأسد‘ عن اغتيال تنظيم ’القاعدة‘ القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود قبل يومين من الهجمات على نيويورك وواشنطن، وعن إطاحة الولايات المتحدة ’طالبان‘ من الحكم، فكان للكتاب صدى طيب".

"وفي تقديمه كتابه الأحدث، يكتب أندرسن عن ذلك الوقت قائلاً إن ’مهمة الولايات المتحدة وقوات التحالف حققت في ما يبدو نجاحاً محدوداً. إذ اختفت ’طالبان‘ في التلال، وكذلك فعلت ’القاعدة‘، وجرى تنصيب نظام حكم جديد موال للغرب".

يضم الكتاب الجديد عمل أندرسن الصحافي خلال 20 عاماً منذ بدء الاحتلال الأميركي، وحتى نهايته الفوضوية ورجوع "طالبان". ومن هنا عنوان ’أن تخسر حرباً‘. ولعل هذا هو ما يجعل إليوت أكرمان يقول إن قراءة فصول الكتاب الأولى تبدو "أشبه بالدخول إلى كبسولة زمنية، إذ تنطق الشخصيات الأفغانية والأميركية بما كان سائداً من آراء قبل 25 عاماً" ثم يمضي الكتاب فيعرض نطاقاً عريضاً من وجهات النظر "وعبر حكيه تتدهور الحرب ـ وكذلك مستقبل أفغانستان الواعد ـ أمام أعيننا من صفحة إلى صفحة".

مستنقع قاتل
يتوقف مارتن بينغلي عن فصل في الكتاب يرجع إلى عام 2010 فيقول "حينما كانت السيطرة الأميركية قد تدهورت. في ذلك الوقت لم يبق أمام أندرسن من خيار إلا الالتحاق بسرب عسكري أميركي متمركز في ولاية ميواند في الجنوب. ونجم عن ذلك الالتحاق تقرير بعنوان ’يوم الوادي العظيم‘ يختتم بوفاة شبان أميركيين بعبوات متفجرة، ويرسم الفصل صورة قاسية للقوة العسكرية إذ تغرق في مستنقع قاتل من اللاجدوى. وفي ذلك الوقت، حارب أندرسن نفسه نشر التقرير".

يكتب أندرسن، "انتابني شعور بإحباط بالغ وأنا أرى أن ما سبق أن حدث في العراق، وشهدت عليه مباشرة [وكان موضوع كتاب صدر له في عام 2004 بعنوان (سقوط بغداد)] صار يحدث في أفغانستان: إذ أقيمت أسوار للحماية من التفجيرات الانتحارية، وباتت كابول كلها مختفية وراء أسوار هذه الهندسة الغريبة، وانفصل الغربيون عن الأفغان".

كان أندرسن يمقت فكرة الإلحاق بالجيش، فيكتب عن شعوره بأنه "غريب غربة لا حدود لها، وأنه في غير مكانه". ويمضي فيقول إن إلحاقه بالجيش "كان في منطقة غطيتها قديماً خلال الثمانينيات، ومع ذلك شعرت بالغربة في المكان. وتركت أفغانستان وأنا أشعر بحيرة حقيقية، فقلت لمحرري إنني لا أعتقد أن لدي ما أكتبه، فقال: ’لا، دعك من هذا، بوسعك أن تكتب‘. وكتبت، ولا يزال يعتريني هذا الشعور الميت. لا أعرف أهو التقرير الوحيد في تاريخ مجلة ’ذي نيويوركر‘، أو من قلة قليلة من التقارير، الذي طلب كاتبه من المحرر أن يدفنه، لكنني فعلت هذا، واحترمت المجلة قراري. ثم قلت: إنني أشعر أنني ينبغي أن أرجع، لأن هذا التقرير لا يبدو سليماً، ورجعت".

ينبه مارتن بينغلي إلى أن أندرسن التحق عام 2011 مرة أخرى بالجنود الأفغان على الحدود مع باكستان. وكانت النتيجة مقالة قوية بعنوان "القوة والعبث". وعنها كتب أندرسن، "تمكنت أن أحدد على نحو أفضل ما رأيته. كنت طوال الوقت أجنبياً، وهذا واضح، لكن توافرت لي تلك الخبرة بوجودي مع الأفغان".

"وبعد أكثر من عقد، فيما هو جالس يؤلف كتابه الجديد، أدرك أندرسن أخيراً قيمة التقرير الذي دفنه. يكتب ’لقد أدركت ما فيه من نزاهة، وأنه يساعد في ملء الفراغات. وفي النهاية كان لدي رأي مفاده أن الولايات المتحدة لم تقم قط علاقة مع أفغانستان، بل لعلي يجب أن أقول إن الغرب كله كذلك، وإن يكن حقيقياً أنه بقيادة الولايات المتحدة. ذلك ما شعرت به، وكنت أعلم أنه أمر رهيب، وأن جهود الولايات المتحدة منذورة بالفشل لهذا السبب".

لا يكتفي الكتاب بالتأريخ للهزيمة الأميركية، أو الخسارة الحربية بحسب عنوان الكتاب، لكنه حسبما يرى بينغلي يجد المجال لـ"يرسم صوراً مقنعة لجنود أميركيين في أوضاع قاسية. فمن ذلك تصويره المقدمين برايان ديني وستيفن لوسكي اللذين وقعا فريسة للواقع المتغير في أفغانستان فباتا شخصين مندفعين، مثاليين، تائهين. كتب أندرسن أنهما ’رجلان شريفان. وفي الوقت الذي رأيتهما فيه، كانت فرصة النصر قد ضاعت. ومع ذلك لم يقل أي منهما قط إن الأمر محكوم عليه بالفشل‘. كان كل منهما يحاول الحفاظ على حياة من معه من الجنود الشبان الصغار، ببذله أقصى ما في وسعه. لكن لدي إحساس قوي بأنهما كانا يعلمان في قرارة نفسيهما حقيقة ما كان يجري".

"تلك كانت وظيفتهما، وكانت مشرفة. والمثير في الأمر، وما أعتقد أن المرء يصادفه بين الجنود، هو ذلك الإحساس بالمثالية. نحن ننزع إلى تشييء الجنود فنختزلهم في بنادقهم وأزيائهم الموحدة وما إلى ذلك، لكن الواقع أن الجيش الأميركي يضم عدداً غفيراً من المثاليين، وأكثر مما يتخيل المرء أن يقابل في حياته. يحاولون أن يؤمنوا يما يقومون به، لأن ما يتعاملون معه كل يوم يتعلق بالحياة والموت".

"داعش خراسان"
"بقي الأميركيون 20 عاماً في أفغانستان، ثم انتهت العمليات القتالية عام 2014، في ظل رئاسة باراك أوباما، لكن آخر القوات بقيت حتى عام 2021 إذ أشرف جو بايدن على الانسحاب الذي بدأه دونالد ترمب، وكانت النتيجة فوضى دامية، إذ لقي ما لا يقل عن 13 أميركياً و170 أفغانياً حتفهم في تفجير انتحاري ورجعت ’طالبان‘ إلى السلطة وتكالب المدنيون على الخروج. وقد ساعد أندرسن بعض الأفغان في الهرب، بعد أن رجع مرة أخرى إلى أفغانستان للتغطية الصحافية وفي رأسه سؤال كان في رؤوسنا جميعاً: ’أهي طالبان القديمة أم طالبان جديدة؟‘".

يكتب بينغلي، "في أولى الرسائل الواردة من هناك، رأينا زملاءنا يحاورون رجالاً يرتدون القميص والسروال المعهودين في قندهار، فضلاً عن جماعة أخرى من ’طالبان‘ في أزياء القوات الأميركية الخاصة... ورأينا أنهم ما عادوا يرفضون التصوير وقد صارت في أيديهم هواتف ذكية. فلاح أمل بأنهم صاروا مختلفين".

ويقول أندرسن، "ركزت أغلب جولاتي على محاولة الاقتراب من مسؤولي ’طالبان‘ ومن الجنود في الميادين متى استطعت إلى ذلك سبيلاً، لأتثبت من طرائق تفكيرهم ومما لو أنهم بالفعل قد أصبحوا ’طالبان الجدد‘ الودودين أم أنهم لا يزالون القدامى القساة الغلاظ؟".

"ابتعدت عن القيادات في تخوف، ولم أشعر أنهم يتعاملون معي بصدق... سواء منهم العوام أم المكلف بوزارة الخارجية أو الإعلام في كابول، لذلك بقي هذا السؤال معلقاً بلا إجابة".

غير أن أندرسن في ما يرى بينغلي يبدو على يقين في ما يتعلق بمصير نساء أفغانستان، إذ يكتب أن جميع من التقى بهن كن يحاولن الخروج من البلاد، "لقد قابلت مجموعة من النساء وتكلمت معهن طويلاً، ثم رجعت إلى بعض منهن بعد ذلك، ويمكنني القول إنهن كن يعلمن ما سيحدث. ولا أزال على تواصل مع إحداهن... وهذه نجحت في إخراج أسرتها، إلى المكسيك في البداية، ثم إلى الولايات المتحدة حيث هم الآن، ولا أعرف هل تنطبق عليهم قواعد ترمب التي قد تخرجهم أم لا؟".

أ ف ب.jpg
تتعرض نساء أفغانستان لضغوط منذ عودة "طالبان" للحكم (أ ف ب)

 

يكتب أندرسن أن امرأة أفغانية قالت له عن "طالبان"، "أعرف القادم، أعرف ما سيفعلونه، وكانت على حق. الأمر أسوأ حتى مما كان يمكن أن تتوقع قبل أربعة أعوام، جرى منع النساء من الحديث جهاراً خارج بيوتهن وهي بيوت أشبه بالحصون. ليس بوسعهن السفر بغير رفيق ذكر من الأسرة، ولا أعرف ما الذي يفعلونه في عنابر الولادة في المستشفيات الآن".

ولا يرى أندرسن ما يدعو للتفاؤل، فقد قال في ما يتعلق بالتنافس على السلطة إن "ثمة فصائل داخل ’طالبان‘، والأمر لم ينته، فهل يبلغ حد القتال؟ وارد. ومن الأحزاب المتحاربة فصيل تابع لتنظيم ’داعش‘ هو ’داعش خراسان‘ الذي يطلق عليه أندرسن اسم ’داعش الفرانكنشتانية‘ ويعدها نسخة من ’طالبان‘ لكنها أشد تطرفاً".

هنا يقول، "لم تعرف أفغانستان قط الانتقال من طور إلى طور دونما إراقة للدماء، وقليلة هي البلاد التي تشبهها في ذلك. أما تصورنا في الغرب عن إمكان الانتقال إلى عتبة تالية من التاريخ عبر مفاوضات سلمية أو نوع ما من الوفاق المدني... فأمر لا يحدث في العالم القديم، لا يحدث في هذا المكان، فلا وصول إلى المراحل الجديدة إلا عبر الدم".

 

فتيات أفغانيات محرومات من التعليم يصنعن روبوتات في منازلهن
"ولا أعرف كيف يمكن كسر هذه الديناميكية، ولكن المجموعة القائمة في السلطة الآن لم تكسرها، ولن تكسرها، فهي تسعى إليها عبر إضافة مظالم جديدة سيلزم إما إصلاحها أو الثأر لها، لتبقى الحال على ما هي عليه".

"ومرة أخرى، يدير الغرب عينيه، لأن أفغانستان تذكره بعار وفشل. لكنها لا تزال موجودة، فمثلما كانت للسوفيات من قبل، هي لنا الآن، لأن الأمر باقٍ بقاء الزمن".

يكتب إليوت أكرمان أن "الانسحاب الأميركي المأسوي في أغسطس 2021 أثبت أن تلك الحرب كانت ’تفوق قدرتنا‘، وأننا نرى اليوم أن حكمة الثمانينيات من القرن الماضي، حينما كان تشارلي ويلسن يتسول التمويل لإعادة الإعمار قد انقلبت رأساً على عقب، إذ أصبحت أفكار من قبيل ’بناء الدول‘ و’تغيير أنظمة الحكم‘ أفكاراً سياسية مسمومة في رأي جميع الأطياف. وقد تكون هذه سياسة سليمة، أو لعل صناع السياسة ينبغي أن يقرأوا كتاب أندرسن، وإن فعلوا فسيجدون كتاباً عميق الإنسانية يطاول أي شيء قرأته عن أفغانستان، أو أي حرب أخرى. هو كتاب يمثل نصباً تذكارياً لكل من النيات الطيبة والحماقة، وتذكرة متواضعة بأن كل الكرات تستمر في الارتداد".

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram