افتتاحية صحيفة الأخبار:
خيارات سياسية وشعبية في مواجهة الحكومة: هل يفكّك الجيش «لغم» الحكومة ويعيد الكرة إلى السلطة؟
ما أظهرته حركة الموفدين الخارجيين، ولا سيما يزيد بن فرحان وتوم برّاك، أن بلديهما لا يكترثان كثيراً للوسائل بقدر ما يركّزان على تحقيق النتائج، حتى وإن جاء ذلك على حساب الاستقرار الداخلي.
وقد عبّر برّاك عن هذا التوجّه بشكل صريح أمس، حين قال: «أميركا لن ترسل جنود المارينز إلى الأرض للقيام بذلك نيابة عن الدولة اللبنانية، فهذا ليس هدف ترامب، ولا مهمة أحد».
في هذا السياق، جاءت جلسة الحكومة أول من أمس، ليس للمصادقة على ورقة الإملاءات الأميركية بضغط سعودي وحسب، بل كبداية لمسار مفتوح على كل الاحتمالات. ورغم حرص حزب الله، الطرف الأقوى داخلياً، على السلم الأهلي ورفضه الانجرار إلى لعبة الفوضى، إلا أنّه وحلفاءَه في الخط الوطني، يملكون أوراقاً سياسية كثيرة يُمكن رفعها في وجه الحكومة والعهد، متى دعت الحاجة.
وقد بدأ النقاش حول الخيارات المطروحة منذ فترة، وتكثّف مع تبيّن عجز أركان الحكم الجديد عن حماية البلد ومواجهة الضغوطات، بل وظهورهم كمن جاء لتنفيذ جدول أعمال خارجي، وهو ما بدأ يتحقّق فعلياً. وكردّ أولي على القرار المُذِلّ لحكومة نواف سلام، أعلن حزب الله في بيان أمس أنه «سيتعامل مع القرار وكأنه غير موجود»، فيما دعت حركة أمل في بيان الحكومة إلى «تصحيح موقفها لأنها استعجلت اتخاذ القرار».
في الكواليس، لم تُسجّل أي حركة سياسية أو تواصل بين الثنائي ورئيس الجمهورية جوزيف عون، ولا بطبيعة الحال مع رئيس الحكومة.
وفيما رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة، استمرّ التنسيق قائماً بين حارة حريك وعين التينة لاتخاذ موقف موحّد من جلسة الحكومة المُقرّرة اليوم، وسط توجّه جدّيّ لعدم المشاركة فيها، انطلاقاً من أن «الثنائي أساساً لا يعترف بورقة برّاك».
ومع أن الرئيس بري كان يميل إلى خيار المشاركة من أجل «تصحيح بعض الثغرات، وعدم السماح بتمرير ورقة المبعوث الأميركي كما هي»، تمّ الاتفاق على أن يُتخذ القرار النهائي بشكل موحّد بعد استمرار المشاورات حتى موعد انعقاد الجلسة.
حتى اللحظة، الثابت أن طرفَي الصراع في لبنان رسما سقوفاً واضحة لمواقفهما. وتحت وطأة هذه السقوف المتنافرة، دخلت البلاد في حالة ترقّب ثقيل، بانتظار ارتدادات القرار الحكومي الأخير. غير أن الهاجس الأكبر يتركّز حول موقف الجيش اللبناني، بعدما زجّته الحكومة في مغامرة سياسية غير محسوبة النتائج، ما فتح باب الأسئلة حول مدى قدرته على تفكيك اللغم الذي وُضع بين يديه نتيجة خضوع السلطة لضغوط خارجية.
في هذا السياق، بدأت تتكوّن ملامح أولية للمشهد المتوقّع خلال الأيام المتبقّية من هذا الشهر، وهو الموعد الذي حدّدته الحكومة للمؤسّسة العسكرية لوضع آلية تنفيذية لقرار نزع سلاح المقاومة.
وأفادت أوساط سياسية مطّلعة بأن «قيادة الجيش قد تتّجه إلى اتخاذ قرار حكيم يقضي بإعادة الكرة إلى ملعب الحكومة، بإعلان موقف واضح يشترط التوافق السياسي لتنفيذ أي إجراء، وإلّا فإن أي خطوة في اتجاه المواجهة ستكون لها تداعيات خطيرة على المؤسسة العسكرية نفسها»، إضافة إلى «ما يعترض الخطة المطلوبة من الجيش من صعوبات ومعوقات، وما تستلزمه من مساعدات مالية وعسكرية ولوجستية»، ناهيك عن الغطاء السياسي الضروري لمثل هذا المسار.
في المقابل، يمتلك الثنائي حزب الله وحركة أمل، وفق المصادر نفسها، «مجموعة من الأوراق السياسية التي يمكن تفعيلها في حال لم تتراجع الحكومة عن قرارها، تبدأ بالانسحاب من الحكومة، وقد تتوسّع نحو سحب الثقة منها داخل مجلس النواب من قبل الكتلة الشيعية المؤلّفة من 27 نائباً.
كما لا يُستبعد أن تشهد البلاد تحرّكات شعبية واسعة ضد الحكومة التي يُنظر إلى قرارها على أنه اعتداء على شريحة كبيرة من اللبنانيين، وانخراط في الحرب ضدهم، من دون أن تبادر إلى أي إجراء لتحرير الأرض أو الأسرى أو وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان».
عملياً، دخل لبنان مرحلة جديدة وسط تحدّيات متصاعدة تطاول الجميع، ولا سيما في ظل موقف واضح للمقاومة برفض أي نقاش في ملف السلاح، ورفضها التام لانكشاف البلاد بالكامل أمام العدو الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، نقل مطّلعون أن «جلسة الحكومة الأخيرة أكّدت أن عنوان المرحلة، منذ ما بعد الحرب على لبنان، هو التنصّل من الالتزامات الوطنية، ومحاولة جرّ المكوّن الشيعي إلى فِخاخ متتالية، كان آخرها الجلسة الفضيحة التي عُقدت تحت ضغط خارجي فجّ».
وفي تعليق على وعود برّاك، أمس، والتي قال فيها إن «دول الخليج وعدت بأنه في حال التزام لبنان بالخطوات المطلوبة، سيتم تمويل منطقة صناعية في الجنوب، وعمليات إعادة إعمار، وخلق فرص عمل»، اعتبرت المصادر أن «هذه الوعود لم تعد تنطلي على أحد».
وأشارت إلى أن «المملكة السعودية سبق أن أرسلت الرسالة نفسها عبر مبعوثها يزيد بن فرحان قبل انتخاب رئيس الجمهورية، والذي وعد بأن المملكة ستشارك في إعادة الإعمار إذا ما وافق الثنائي على انتخاب عون، وبأنها لن تطرح موضوع السلاح خارج منطقة جنوب الليطاني، ليتبيّن لاحقاً أن كل ما جرى لم يكن سوى خديعة، لا تزال مستمرّة حتى الآن».
********************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
دعم واسع للقرار والاختبار يُستكمل اليوم… تفاعلات غاضبة لـ"الثنائي" لا تبلغ الاستقالة
أجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان اتصالاً بالرئيس نواف سلام، مثنيا على قرار الحكومة الأخير لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين
لم تكن "منظومة" المواقف التي أعلنها "الثنائي الشيعي" من القرار الجراحي التاريخي الذي اتخذه مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي في شأن حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية، سوى نذير تمرد على الشرعية والأكثرية الحكومية استدرج "حزب الله" شريكته "أمل" إليه. ومع أن الثنائي لم يبلغ بعد حدود اتخاذ قرار باستقالة وزرائه وسيقرر اليوم ما إذا كان وزراؤه سيحضرون الجلسة الثانية المتممة للأولى في ملف حصرية السلاح واتخاذ موقف من ورقة الموفد الأميركي توم برّاك، غير أن طبول المواجهة قرعت بقوة وصخب في وجه رئيسي الجمهورية جوزف عون والحكومة نواف سلام، بما يعني أن "حزب الله" تحديداً، وقد باغته القرار الجريء الذي أسقط عن سلاحه "القوننة" التي فرضت سحابة عقدين بفعل أمر واقع قسري وترهيبي إبان الوصايتين الأسدية والإيرانية على لبنان، يبدو كأنه جنح إلى افتعال أزمة كبيرة سياسية وطائفية تحت مسمى ميثاقي مزعوم، يرى من خلالها إمكان كسب الوقت وتأخير تنفيذ قرار مجلس الوزراء أو عرقلته أو حتى تعطيله، والذي ينتظر بدء تطبيقه خطة قيادة الجيش قبل نهاية الشهر الحالي.
ومع كل الضجيج الصاخب الإعلامي والسياسي الذي سعى عبره "حزب الله" إلى حجب مفاعيل القرار الجراحي لمجلس الوزراء، فإن تفاعلات القرار أخذت دلالات إيجابية كبيرة وواعدة داخلياً وخارجياً، كان من أبرز مفاعيلها الفورية أن كشفت ضيق الهامش الذي عاد الحزب إلى محاولة حشر كل لبنان فيه بمحاولة استحضاره أزمة داخلية حادة من علائمها التهجّم المقذع على رئيسي الجمهورية والحكومة والتهويل بأساليب بائدة موروثة من الحقبات السابقة. وهو أمر سيضع الحكم والحكومة والأفرقاء الآخرين أمام مسؤولية التشبّث بلا تردد أو تراجع أمام تنفيذ ما تقرر. وستكون الجلسة الثانية لمجلس الوزراء اليوم امتداداً للاختبار، إذ أن المطروح عليها ورقة توم برّاك وسط رفض حاد للثنائي للورقة واعتبارها "إسرائيلية في إملاءاتها". ولم تتضح وجهة السيناريو الذي يحكم هذه الجلسة، خصوصاً وأن وجهات النظر حيال أولويات ورقة برّاك تختلف اختلافاً واسعاً عن المواقف التي سادت الجلسة السابقة في موضوع حصرية السلاح.
وتأتي الجلسة بعد "انفجار تصعيدي" لـ"حزب الله" هاجم عبره حكومة الرئيس نواف سلام واتهمها "بارتكاب خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرة لبنان وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها على لبنان، وهذا القرار يُسقط سيادة لبنان، ويُطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنَّه غير موجود".
وبدورها، أعلنت حركة "أمل" أنه "كان حرياً بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة أن تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية". أضافت: "الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة الغد فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان".
غير أن موقف الثنائي لا يبدو أنه سيتحوّل بعد إلى استقالة أو انسحاب من الحكومة، وقد أعلنت الوزيرة تمارا الزين أمس "أنني سأحضر جلسة الخميس بما أن البند الوحيد على جدول الأعمال هو استكمال البحث بالبند الأول وبورقة المبعوث الأميركي توم برّاك".
أما وزير التنمية الادارية فادي مكي، فأعلن أنه سجّل تحفظه "ضمن الأطر المؤسساتية على طاولة مجلس الوزراء تحديداً على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل أن يتقدم الجيش باقتراحه، وقبل استكمال النقاش في حضور جميع الوزراء في الجلسة المقبلة". وأضاف: "ينطلق موقفي من قناعة راسخة بأن هذه النقاشات يجب أن تُستكمل بروية ومسؤولية، بما يضمن مصلحة جميع اللبنانيين ويحمي هواجسهم المشروعة، وبما ينسجم في الوقت نفسه مع البيان الوزاري الذي التزمناه، لجهة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد قواها الشرعية، وتأكيد أولوية تأمين الانسحاب الإسرائيلي".
أما في المقلب الداعم للقرار، فأجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان اتصالاً بالرئيس نواف سلام، "مثنيا على قرار الحكومة الأخير لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وتمنى للحكومة المزيد من الإنجازات وتحقيق الوعود التي جاء بها البيان الوزاري".
وأعلن المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أنهم "تلقوا باهتمام كبير مقررات الحكومة اللبنانية، وخصوصا قرار حصرية السلاح بيد الدولة، ورأوا فيه استكمالاً لبناء الدولة المنتظمة والقوية المولجة ببسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، لا استقواء من فريق على آخر. وهذه الدولة القوية هي المرجعية لجميع اللبنانيين من دون استثناء، وهي التي تحمي الجميع وتوفر لهم الإنماء المتوازن".
وأعلن حزب "القوات اللبنانية" أن "القرار التاريخي الذي اتّخذه مجلس الوزراء وَجب اتّخاذه منذ 35 عامًا لولا الانقلاب على "وثيقة الوفاق الوطني" التي نصّت حرفيًّا على "بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية". وقال: "بعد كل ما أصاب البلد من موت ودمار وخراب وكوارث وويلات وانهيار وتهجير بسبب محور الممانعة، وبعد أن تخلّى حلفاء الممانعة عنه وبعدما أصبح عاجزًا عن تأمين مصالحهم، وبعد أن أصبحت الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني مصرةّ على خيار الدولة الفعلية، وبعد أن كان مطلوبًا من هذا المحور أن يقوم بمراجعة شاملة لكل ما تسبّب به بحق الوطن والشعب وبيئته تحديدًا، وبدلاً من أن يبدِّل في سلوكه التخريبي ومساره الانتحاري، صبّ جام غضبه ضدّ رئيس الجمهورية لأنه التزم بخطاب قسمه، وأظهر أنّه لم يحد قيد أنملة عنه، وصبّ جام غضبه على رئيس الحكومة، لأنّه التزم بالبيان الوزاري ولم يحد قيد أنملة عنه. لقد وضعت جلسة مجلس الوزراء في 5 آب، لبنان على سكة العودة إلى دولة فعليّة وطبيعيّة، والمدخل لهذه العودة هو الالتزام بالنصوص المرجعية، وهذا تحديدًا ما فعله رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة".
بدوره، نوه المكتب السياسي الكتائبي في بيان "بتصويت الحكومة على البند المتعلق بالسلاح غير الشرعي مقروناً بتكليف الجيش وضع خطة للتنفيذ وتحديد المهل"، واعتبره "قراراً تاريخياً يضع لبنان على سكة استعادة السيادة، والدولة على طريق استعادة قرارها الحر"، مجدداً "ثقته بالحكومة في استكمال النقاش حول بند حصر السلاح وصولًا إلى خواتيمه".
***********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
مجلس الوزراء بحضور الجميع.. والبحث في العمق... الحزب: لا وجود للقرار.. "أمل": لتصحيحه.. الحكـومة: لا تراجع
بمعزل عمّا إذا كان قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح وتكليف الجيش إعداد خطة لسحبه قبل آخر العام الحالي، ضرورياً وملحّاً وواجباً على طريق ترسيخ الأمن والإستقرار في البلد وإعادة إنهاضه وتأكيد إمساك الدولة بقرار الحرب والسلم، على ما يقول مؤيّدو هذا القرار والمتحمسون للخلاص ممّا يسمّونها سطوة سلاح "حزب الله". وعّما إذا كان القرار متسرّعاً يجافي مصلحة لبنان ويهدّد أمنه واستقراره وأملته ضغوط خارجيّة، وأنّه لا يستهدف حزباً بعينه بلْ يستهدف مكوّناً أساسيّاً من مكوّنات البلد، على ما يقول معارضوه، فإنّه، وفي ظل هذين المنطقين المتناقضين جذرياً، أدخل البلد في عنق زجاجة ضيّق جدّاً، مضغوطاً باحتمالات شتى.
غرفة فوضى
في موازاة التجاذب الحاصل بين مؤيّدي قرار الحكومة ومعارضيه، برزت مخاوف ديبلوماسيّة على مستقبل البلد، وحذّرت من الإنحدار إلى وضع خطير من عدم الاستقرار.
وفي معلومات موثوقة جداً لـ"الجمهورية"، أنّ احد الملحقين الأمنيين في إحدى السفارات العربية في لبنان، تخوّف ممّا وصفه "وضعاً مقلقاً للغاية يتهدّد بلدكم، فنحن نشهد الضغوط التي تُمارس عليكم، ولا نفهم حتى الآن، ما هو دافع بعض الدول التي تُعتبر صديقة للبنان، لأن تتصدّر الضغوطات عليه، وأي واقع تريد أن تفرضه فيه". إلّا أنّه تابع قائلاً:" إنّ بلدكم لبنان أشبه ما يكون بغرفة، يُعمل بتعمّد على إقفال كلّ أبوابها ومخارجها بضغوط وحصار وما شابه ذلك، وأن يُترَكَ من فيها يتنازعون في ما بينهم ويحوّلون داخلها إلى فوضى خطيرة وشاملة خارجة عن السيطرة، وفي النتيجة كلهم يخسرون".
وتجنّب الملحق الأمني الحديث مباشرة عن قرار الحكومة المتعلق بسحب السلاح، وقال: "لن أدخل في شأن يعني الدولة اللبنانية". الّا انّه استدرك قائلاً: "دائماً ما يأتي حسن إدارة الملفات وفي التوقيت المناسب لها، بنتائج جيدة، ودائماً ما يأتي سوء ادارة الملفات او التسرّع فيها، بنتائج عكسية. ما نتمناه هو الخير للبنان، وأن يتمكن من تجاوز هذه الأزمة".
إصطفافان .. وتداعيات
بالأمس، تقلّب البلد على صفيح القرار، وتجاذبه اصطفاف سياسي وغير سياسي مع هذا القرار، واصطفاف مماثل ضدّه، فيما السمة العامة على امتداد البلد، كانت القلق البالغ من أن تتأتى من هذين الاصطفافين المشحونين اصلاً بتوتر شديد وتناقض عمّقهما القرار أكثر، أو تبرز في موازاتهما او تُفتعل تداعيات غير محمودة على غير صعيد، تفتح على أزمة سياسية معقّدة وربما حكومية، وربما غير ذلك.
الكل سيشاركون
العين على جلسة اليوم، التي دُعي إليها رسميّاً أمس، والأجواء السابقة لها تؤكّد على انعقادها بنصاب سياسي كامل، وفي حضور وزراء "الثنائي"؛ "حركة أمل و"حزب الله". علماً أنّ اتصالات جرت في الساعات الأخيرة على عدّة خطوط سياسيّة ورسمية رفيعة، أكّدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" أنّها هدفت بالدرجة الأولى إلى محاولة احتواء امتعاض "الثنائي" من القرار، والتخفيف من وطأته، وكذلك تبرير الأسباب والضرورات التي أوجبت اتخاذه. وركّزت ثانياً على ضرورة انعقاد الجلسة بكامل مكوّناتها للبحث في الورقة الأميركيّة دون اتخاذ قرار نهائي في شأنها".
ولم تشأ المصادر عينها تأكيد ما إذا كانت أجواء هذه الإتصالات كانت مريحة، أو متشنجة، إلّا أنّها عكست في جانب منها "تشجيعاً لرئيس الحكومة نواف سلام على انعقادها، وإن أمكن له تقريب موعدها، باعتبار هذه الجلسة هي الأهم، وحيث ستناقش الامور المطروحة بالعمق، وسيُقال حولها ما يجب ان يُقال". وبناءً على هذا التشجيع سيكون وزراء "الثنائي" في طليعة الحاضرين.
على انّ المصادر الموثوقة عينها تؤكّد أنّ وزراء "الثنائي" سيدلون بموقفهم في ما هو مطروح، إلّا انّه في حال استمر الغلط، وانتهاج ذات الاسلوب الذي اتُبع في جلسة الثلاثاء، فسيضطرون إلى الانسحاب من الجلسة.
خطوة الانسحاب هذه يؤكّدها مسؤول كبير بقوله لـ"الجمهورية": "هذه الخطوة هي أقل الواجب في اللجوء اليها، فيما لو تمّ الإصرار على أخذ النقاش والمسألة المطروحة في مجلس الوزراء إلى مكان آخر على غرار ما فعلوا في جلسة الثلاثاء، وفي أي حال، فإنّ أخذ الجلسة إلى حيث يريدون مصيبة، وأما أم المصائب فهي أن تتواصل الجلسة إذا ما انسحب الوزراء وقرّروا استكمالها".
ورداً على سؤال قال المسؤول عينه: "انّ المتوترين الذين يدفعون إلى قرارات صدامية على شاكلة قرار سحب السلاح، لا يدفعون إلى ذلك رغبة بسحب السلاح، بل رغبة واضحة بالصراع والاصطدام الوطني".
ورداً على سؤال عمّا يتردّد عن توجّه لعدم اتخاذ قرار نهائي حول الورقة الأميركية في جلسة مجلس الوزراء، قالت المصادر: "المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرّتين، فقبل جلسة الثلاثاء أُشيعت مثل هذه الأجواء، واكثر من ذلك، وردت مراسلات مباشرة وصريحة وعدت بعدم انتهاء تلك الجلسة إلى قرار، ولكن ما حصل هو عكس ذلك، وأُخلّ بالوعد وصدر القرار وانسحب الوزراء، ولذلك لا نضمن ما يمكن أنّ يحصل. وكما سبق وأكّدنا فإنّ "الثنائي" مع كل ما يستجيب لمصلحة لبنان فقط، وتبعاً لذلك لن يكون شريكاً في أمر يرفضه ويستهدفه مباشرة، فما حصل أمر كبير وخطير جداً، وتمّ اتخاذ قرار لا يُغتفر، وإنْ تكرّر وحصل ما نخشى منه، فمعنى ذلك نية مبيّتة، وإمعاناً في تكرار خطيئة الثلاثاء بمعزل عمّا قد يترتب عليها من عواقب لا تطال طرفاً بعينه، بل لا تستثني احداً".
بري: الميثاق هو الأهم
ونقل زوار عين التينة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم ارتياحه للقرار الذي أصدرته الحكومة، الّا انّه لم يقاربه بكلام مباشر، لكنه قال ما مفاده: "انّ الميثاق الوطني أهم من كل الآراء والقرارات، ونحن لسنا ولن نكون من الناس التي تشهد على المسّ بالميثاق الوطني والإضرار به".
أكبر من جلسات
من جهة ثانية، وتوضيحاً لما أوردته بعض وسائل الإعلام المرئية حول تطور سلبي في العلاقة بين الرئيسين عون وبري، أوضح المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري "أنّ العلاقة بينه وبين فخامة رئيس الجمهورية أكبر بكثير من جلسة أو جلسات".
الاستقالة خيار مطروح
المشهد الحكومي بعد قرار سحب السلاح، يتفق المراقبون على انّه فسّخ الزجاج الحكومي، وجعله قابلاً للتحطم والانكسار، فيما يتجنّب "الثنائي" الشيعي الكشف عن خطواته اللاحقة، ما خلا التأكيد المتكرّر على "الحرص على السلم الأهلي، وتجنيب البلد أي خضّات مهما كان نوعها". الّا انّ مصادر واسعة الإطلاع أكّدت لـ"الجمهورية" أنّ حركة المشاورات تكثفت في الساعات الأخيرة بين حركة "أمل" و"حزب الله"، وطُرحت خلالها كلّ الإحتمالات والخيارات التي يمكن أن يلجآ اليها في وجه ما يعتبرانه استهدافاً لطرف بعينه، لا بل عزله بإرادة خارجية. وخيار الإستقالة من الحكومة واحد من تلك الخيارات، واللجوء اليه او عدمه مرتبطان بما قد يستجد من تطوّرات، وبقرار الحكومة في أن تصوّب المسار وتصحّح الخطأ الذي ارتكبته أو أن تصرّ عليه، وفي أن تختار ما بين الانصياع للضغوط الخارجية او الانصياع للمصلحة الداخلية ومتطلبات أمن البلد واستقراره".
لا تراجع
في موازاة ذلك، لا تبدو حكومة الرئيس نواف سلام في وارد التراجع عن قرارها والعودة إلى الوراء، وخصوصاً انّها بالأمس تلقت جرعة دعم من دار الفتوى، وجرعة ثناء من مجلس المطارنة الموارنة، إضافة إلى إشادات ومواقف احتفالية من قبل خصوم "حزب الله" وخصوصاً من حزب "القوات اللبنانية" بما سمّوه "القرار التاريخي" الذي اتخذته، وطالبت الحكومة بالمزيد.
الحركة والحزب
الواضح في هذا السياق، أنّ "الثنائي" الشيعي أعادا رمي الكرة في ملعب الحكومة، واللافت للانتباه تحييدهما لرئيس الجمهورية العماد جوزاف والتركيز باستهدافهما على الحكومة ورئيسها، وفي بيان لها، أكّدت حركة "أمل" انّه "كان حري بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة، أن تسخّر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حدّ لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح".
واتهمت الحركة الحكومة بـ"أنّها تعمل عكس ما جاء في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري"، وتبعاً لذلك اعتبرت "أنّ جلسة الغد (جلسة مجلس الوزراء اليوم) فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان".
وقال "حزب الله" انّ حكومة الرئيس نواف سلام "ارتكبت خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرة لبنان وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها على لبنان".
وأشار الحزب الى "أنّ في هذا القرار مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة، وجاء نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي برّاك، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان الرئيس سلام أنَّ مجلس الوزراء "قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي". هذا القرار يُحقق مصلحة إسرائيل بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفًا أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع.
واشار الحزب إلى أنّ "الحكومة ضربت بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القَسَم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني، فما قرّرته الحكومة هو جزء من استراتيجية الاستسلام، وإسقاط صريح لمقومات سيادة لبنان". ولفت الى أنّ "خروج وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" من الجلسة هو تعبيرٌ عن رفض قرار إخضاع لبنان للوصاية الأميركية والاحتلال الإسرائيلي. فهذا القرار يُسقط سيادة لبنان، ويُطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنَّه غير موجود".
وخلص بيان الحزب إلى التأكيد على "اننا منفتحون على الحوار، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وتحرير أرضه والإفراج عن الأسرى، والعمل لبناء الدولة، وإعمار ما تهدَّم بفعل العدوان الغاشم، ومستعدون لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني ولكن ليس على وقع العدوان".
"القوات"
وفي المقابل، وصف حزب "القوات اللبنانية" قرار الحكومة "بالتاريخي، ووجب اتخاذه منذ 35 عاماً، لولا الانقلاب على وثيقة الطائف، ووَجب أن يصبح نافذًا منذ 21 عامًا لولا الانقلاب على القرار 1559، ووجب ان يصبح نافذًا منذ ثمانية أشهر لولا الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار". وقالت في بيان لها: "بعد هذه الانقلابات كلها على النصوص المرجعية بدءًا باتّفاق الطائف، ومرورًا بالقرارات الدولية، وصولاً إلى اتفاق وقف إطلاق النار وخطاب القَسَم والبيان الوزاري، كان الحري بالفريق الإنقلابي الاعتذار من اللبنانيين على ما ارتكبه بحقهم وحقّ لبنان على مدى 35 عامًا".
برّاك
إلى ذلك، قال المبعوث الأميركي توم برّاك، في جلسة مع الصحافيين: "إنّ الولايات المتحدة مستعدة للقيام بدور الوسيط مع إسرائيل بشرط وحيد وهو أن تعلن الحكومة اللبنانية صراحةً أنّه لا يمكن أن يكون هناك سوى جيش واحد في لبنان، وأن تلتزم بخطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام".
وأكّد برّاك، أنّ "أميركا لن تأتي لتضع جنود المارينز على الأرض من أجل القيام بذلك نيابة عن الدولة اللبنانية. هذا ليس هدف ترامب وليس مهمّة أحد". وقال: "دول الخليج قالت "إذا قمتم بهذه الخطوات سنأتي إلى جنوب لبنان وسنموّل منطقة صناعية وعمليات إعادة إعمار وخلق فرص عمل. وهذا سيكون بداية لكل ما هو آتٍ".
***********************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
غارات إسرائيلية مكثفة تشعل ليل الجنوب تفاعلا مع قرار الحكومة حول السلاح
الحكومة تستأنف اليوم مناقشة ورقة توماس باراك… ومحاولات لردم الفجوات
حزب الله: القرار شرع البلاد أمام العدوان… وأمل: الحري بالحكومة ان تدافع
كما كان متوقعاً وقع القرار الحكومي بفتح ملف سلاح المقاومة على الوتر الإسرائيلي الحساس، لاستثماره في تغطية المزيد من الاعتداءات المتمادية، حيث توسعت الغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع، ودمرت المزيد من المنازل والمؤسسات التجارية وقتل المزيد من المواطنين اللبنانيين، بينما الحكومة برئاستها وبكل وزاراتها صامتة، حتى عن برقية تعزية بالشهداء.
الغارات الإسرائيلية كشفت السياق الفعلي الذي رسم للموقف الحكومي عبر ورقة توماس باراك التي تمثل ما هو أسوأ من اتفاق 17 أيار 1983، لأنها تفتح الطريق لسيطرة الاحتلال على جنوب لبنان أسوة بجنوب سورية وإخراج الجيش اللبناني منه أسوة بالجيش السوري، وجعل العاصمة بيروت تحت منظار التصويب أسوة بدمشق.
الحكومة التي تستأنف اليوم نقاش ورقة توماس باراك سبق وصادقت عليها يوم أول أمس، وهي فتحت نافذة لإعادة النقاش أملاً بتسليم حزب الله بقرار تسليم السلاح مقابل تحسين شروط ورقة باراك، بينما كانت الاتصالات مستمرة لتدوير الزوايا والبحث عن صيغ تمنع التصدع الكبير الذي ترتب على القرار الحكومي المنافي لأبسط بديهيات العمل السياسي والحكومي حول السعي للتوافق قبل التصويت على قرارات إجرائية فكيف اتخاذ قرار ميثاقي يحتاج لتوافق يضمن حمايته من الفشل ومنع الوقوع في محظور يصيب السلم الأهلي إذا أخذت الأمور نحو التصادم، كما يرغب الإسرائيلي وبعض الأصوات التحريضية في الداخل، التي تحلم برؤية صدام لن يقع بين الجيش والمقاومة.
نجحت الحكومة بإحداث شرخ وطني كبير، بسبب الاستخفاف بالأصول في التعامل مع القضايا الحساسة والمعقدة، وكان موقف حزب الله القويّ من القرار الحكومي وتوصيفه بالخطيئة التي تشرّع لبنان أمام العدوان، معتبراً أن الحزب سوف يتصرف كأن القرار غير موجود، مضيفاً أن القرار يحرم لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرة لبنان وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي الأميركي عليه، ويُحقِّق لـ»إسرائيل» ما لم تُحقِّقه في عدوانها على لبنان، «حيث واجهناها بمعركة أولي البأس التي أدّت إلى اتفاق يُلزم «إسرائيل» بوقف عدوانها والانسحاب من لبنان».
وقال بيان حزب الله «جاء هذا القرار نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي توم براك، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان سلام أنَّ مجلس الوزراء «قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية اليوم، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي». هذا القرار يُحقق مصلحة «إسرائيل» بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفًا أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع».
بينما قالت حركة أمل إنه كان الحري بالحكومة بدلاً من تقديم التنازلات أن تقوم بواجبها بحماية شعبها وأراضيها وسيادتها من العدوان المستمر.
ولا يزال قرار مجلس الوزراء في جلسة الثلاثاء الماضي، يشغل الساحة الداخلية ويشعل المواقف السياسية وسيشكل محور الأحداث في الساعات والأسابيع والأشهر المقبلة، لا سيما أنّ الدعوة الى الجلسة وظروف انعقادها وقراراتها تؤشر الى أنّ المرحلة المقبلة ستشهد توتراً سياسياً داخلياً قد يصل إلى حد الصدام الداخلي إذا استمرت الحكومة على سياساتها وفق ما تشير أوساط سياسية مطلعة لـ»البناء»، والتي تربط بين جلسة مجلس الوزراء وقرارها وبين الضغوط الخارجية التي مارسها المبعوث الأميركي توم برّاك خلال زياراته الثلاث الى لبنان، وجولة الموفد السعودي يزيد بن فرحان على المسؤولين في بيروت، وزيارة رئيس الحكومة نواف سلام الى فرنسا، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، وتغريدة برّاك الأخيرة التي حملت تهديدات مبطنة للمسؤولين وللبنان بحرب إسرائيلية واسعة وتحرك سورية ضد لبنان وحصار اقتصادي ومنع المساعدات والتمويل وإعادة الإعمار، ما يعني وفق المصادر أنّ لبنان أمام مخطط كبير بدأت فصوله بجلسة الثلاثاء وسيستكمل بفصول جديدة ستكون جلسة مجلس الوزراء اليوم محطة جديدة قد تقطع «شعرة معاوية» بين الحكومة والثنائي حركة أمل وحزب الله.
ووصف حزب الله قرار الحكومة بالخطيئة، وأنه لن يعترف به، ولفت في بيان للعلاقات الإعلامية في الحزب الى أن «حكومة الرئيس نواف سلام ارتكبت خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرة لبنان وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي الأميركي عليه، ويُحقِّق لـ»إسرائيل» ما لم تُحقِّقه في عدوانها على لبنان، حيث واجهناها بمعركة أولي البأس التي أدّت إلى اتفاق يُلزم «إسرائيل» بوقف عدوانها والانسحاب من لبنان». وتابع البيان «هذا القرار فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري». وأردف «جاء هذا القرار نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي برّاك، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان الرئيس سلام أنَّ مجلس الوزراء «قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي».
وأشار الحزب الى أنّ «هذا القرار يُحقق مصلحة «إسرائيل» بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفاً أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع، ضربت الحكومة بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني. وهذا القرار يُسقط سيادة لبنان، ويُطلق يد «إسرائيل» للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنَّه غير موجود. وفي الوقت نفسه نحن منفتحون على الحوار، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وتحرير أرضه والإفراج عن الأسرى، والعمل لبناء الدولة، وإعمار ما تهدَّم بفعل العدوان الغاشم، ومستعدون لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني ولكن ليس على وقع العدوان».
وفي سياق ذلك، أشار عضو المجلس السياسي لحزب الله غالب أبو زينب، في حديث لـ»الجزيرة»، الى أن «كل الخطوط مفتوحة للحوار بالنسبة لنا، والورقة التي تم تقديمها بشأن السلاح تحمل نفساً إسرائيلياً».
وقال أبو زينب «لسنا ضدّ حصرية السلاح، ومع أخذ الدولة دورها كاملاً»، مضيفاً «نريد أن يكون الجيش اللبناني قوياً».
بدورها، أكدت حركة أمل في بيان أنّ لبنان، ومنذ إقرار اتفاق وقف إطلاق النار مع العدو «الإسرائيلي» في 27 تشرين الثاني 2024، التزم بالكامل بمندرجات الاتفاق، سواء في عهد الحكومة السابقة أو الحالية، بينما لم يلتزم العدو بأيّ من بنوده، واستمر في اعتداءاته من خلال الغارات الجوية وعمليات الاغتيال بالطائرات المُسيّرة.
وأشار البيان إلى أنّ «إسرائيل» لا تزال تحتل أراضي لبنانية واسعة، أبرزها ما يُعرف بالتلال الخمس، وتمنع الأهالي من العودة إلى قراهم الحدودية التي دمّرتها بشكل كامل.
وانتقدت الحركة ما وصفته بـ»التنازلات المجانية» التي تسارع الحكومة اللبنانية إلى تقديمها عبر اتفاقات جديدة، في وقت كان الأجدى أن تُكرّس جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار ووضع حدّ لآلة القتل الإسرائيلية التي أوقعت مئات الضحايا من اللبنانيين بين شهيد وجريح. وشددت على أنّ جلسة مجلس الوزراء المقبلة تمثل فرصة للتصحيح والعودة إلى التضامن الوطني، بما ينسجم مع خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة.
وفيما يحاول حزب القوات اللبنانية زرع بذور الخلاف والشرخ ودق أسفين بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من جهة وحزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة أخرى، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس بري، توضيحاً لما أوردته بعض وسائل الاعلام، بأن «العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية أكبر بكثير من جلسة أو جلسات».
كما أفادت جهات مطلعة «البناء» بأن التواصل لم ينقطع بين بعبدا وحارة حريك أكان بشكل مباشر أو عبر موفدين ومقرّبين ومستشارين للتوفيق في الآراء ووجهات النظر حول ملف السلاح وكلّ الملفات المرتبطة، وهناك تقاطع كبير بين الموقفين رغم وجود تباين واستفسارات من قبل حزب الله وحركة حول جدول الأولويات ومذكرة التعديلات على الورقة الأميركية انطلاقاً من خطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
ويعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم جلسة في القصر الجمهوري لاستكمال النقاش في البند الأول من جلسة 5/8/2025، أي بند حصر السلاح، بحضور الوزير محمد حيدر الذي تغيّب عن الجلسة الأولى بداعي السفر، ولم يتأكد حضور وزير المال ياسين جابر الموجود في الخارج، كما سيحضر قائد الجيش العماد رودولف هيكل للاستماع الى شرحه حول قدرة الجيش على حصر السلاح في كلّ لبنان بعدما كلفه مجلس الوزراء بوضع خطة لحصرية السلاح يسلمها لمجلس الوزراء آخر الشهر الحالي، ويجري تنفيذها آخر العام الحالي.
وعلمت «البناء» أنّ المشاورات السياسية لم تتوقف بين بعبدا وعين التينة والسراي الحكومية وحارة حريك في محاولة للتخفيف من تداعيات ما حصل الثلاثاء والتوافق على صيغة موحدة لمسألة بند حصرية السلاح يتمّ إقراره بالإجماع وليس بقرارات منفردة. لكن مصادر أكثر من وزير تشير لـ»البناء» الى أنّ مجلس الوزراء لن يتراجع عن قراره وسيستكمل الحوار في جلسة اليوم مع وزراء الثنائي بكلّ إيجابية للانتهاء من بند السلاح وإحالته للتنفيذ.
كما علمت «البناء» أنّ وزراء الثنائي سيحضرون جلسة اليوم حتى الساعة للتأكيد على استعدادهم للحوار ولمحاولة إقناع رئيس الحكومة والوزراء بإعادة النظر بالقرار المتهوّر المتخذ ضدّ المقاومة والعدول عنه وإعادة النقاش الى مساره الطبيعي وفق القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني وخطاب القسم والبيان الوزاري ومذكرة التعديلات اللبنانية على الورقة الأميركية». لكن المعلومات تشير الى أنه بحال تمسّكت الحكومة بقرارها وتمادت باتخاذ قرارات جديدة ضد المقاومة ومصلحة لبنان فإنّ وزراء أمل وحزب الله سيبنون موقفهم وفق النتائج وسيكون الموقف بتكرار الانسحاب من الجلسة أو الاعتكاف وتعليق مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء».
وأوضحت وزيرة البيئة تمارا الزين في تصريح أن «اعتراضنا لا يتعلق بمسألة السلاح وحسب، انما لدينا خشية ان يكون ما حصل مدخلاً للتنازل عن مواردنا لاحقاً».
بدوره، أشار وزير الصحة ركان ناصر الدين الى أننا «حاولنا أمس الخروج بصيغة جامعة لتجنّب «المشكل» لكنّ الأمر لم يحصل بعدما أصرّ رئيس الحكومة نواف سلام على الصيغة التي طرحها لحصر السلاح، وذلك في ظل غياب وزيرين من الثنائي الشيعي». ولفت ناصر الدين في تصريح الى انّ رئيس الجمهورية جوزاف عون حاول لعب دور الميزان بين الرأيين على طاولة مجلس الوزراء ونعمل كي نصل الى جلسة إيجابية الخميس.
أما وزير التنمية الادارية فادي مكي فأعلن أنه سجّل تحفظه «ضمن الأطر المؤسساتية على طاولة مجلس الوزراء تحديداً على الشقّ المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل أن يتقدّم الجيش باقتراحه، وقبل استكمال النقاش في حضور جميع الوزراء في الجلسة المقبلة». وأضاف عبر «إكس»: ينطلق موقفي من قناعة راسخة بأنّ هذه النقاشات يجب أن تستكمل بروية ومسؤولية، بما يضمن مصلحة جميع اللبنانيين ويحمي هواجسهم المشروعة، وبما ينسجم في الوقت نفسه مع البيان الوزاري الذي التزمناه، لجهة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد قواها الشرعية، وتأكيد أولوية تأمين الانسحاب الإسرائيلي من كلّ النقاط التي لا تزال تحتلها «إسرائيل»، وقف الأعمال العدائية بحراً وبراً وجواً ووقف الاغتيالات وإعادة الأسرى».
وفي ظلّ الهجمة الأميركية الكبيرة على لبنان، برز موقف إيراني هام، على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي أوضح أنّ محاولات نزع سلاح حزب الله ليست بجديدة؛ فقد اتُخذت مثل هذه الإجراءات سابقاً، والسبب واضح، وفي ساحة المعركة، انكشفت قوة سلاح المقاومة للجميع.
وأردف عراقجي قائلاً «مؤخراً، ومع إدراك ضعف حزب الله، عاد البعض إلى هذا المسار للمضيّ قدُماً في خطة نزع السلاح، وقد أظهر الموقف الحازم لامين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم وإصداره بياناً قوياً أن هذه الحركة ستصمد أمام الضغوط».
ولفت عراقجي الى انه «بناءً على المعلومات المتاحة، تم إصلاح أضرار الحرب الأخيرة، وأُعيد تنظيم حزب الله، ونُشرت قواته، وعُيّن قادته. يمتلك هذا التيار القدرة اللازمة للدفاع عن نفسه»، وأشار الى انّ القرار النهائي بشأن الإجراءات المستقبلية يعود لحزب الله نفسه، وإيران، بصفتها داعماً له، تدعمه دون أن تتدخل في قراراته.
الى ذلك، واصل المبعوث الأميركي توم برّاك، توجيه التعليمات والإملاءات لحكومة نواف سلام لتنفيذ الشروط الإسرائيلية في الورقة الأميركية، وأشار في جلسة مع الصحافيين، الى أنّ «الولايات المتحدة مستعدة للقيام بدور الوسيط مع «إسرائيل» بشرط وحيد وهو أن تعلن الحكومة اللبنانية صراحةً أنه لا يمكن أن يكون هناك سوى جيش واحد في لبنان، وأن تلتزم بخطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام». وأكد برّاك، أنّ «أميركا لن تأتي لتضع جنود المارينز على الأرض من أجل القيام بذلك نيابة عن الدولة اللبنانية هذا ليس هدف ترامب وليس مهمة أحد».
وقال «دول الخليج قالت «إذا قمتم بهذه الخطوات سنأتي إلى جنوب لبنان وسنموّل منطقة صناعية وعمليات إعادة إعمار وخلق فرص عمل وهذا سيكون بداية لكل ما هو آتٍ».
وعلى وقع تصريحات برّاك، وعشية جلسة مجلس الوزراء، شنّ الطيران الحربي والمسيّر الصهيوني، سلسلة غارات عنيفة استهدفت عدداً كبيراً من القرى والبلدات الجنوبية، على أطراف بلدة تولين، في عدوان سافر جديد على السيادة اللبنانية، ما يعكس بوضوح نوايا العدوّ واستغلاله السياسي والأمني لأيّ «تفكك داخلي» أو خطوات تُضعف عناصر القوّة الوطنية، وعلى رأسها المقاومة، ويؤكد الاعتداء المستجدّ مجدّداً صوابية موقف المقاومة بوجوب إلزام العدوّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أولاً، وأن تعمل الحكومة على تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة كأولوية وإعادة الإعمار، بدلاً من تقديم التنازلات المجانيّة للأميركي والعدو الصهيوني.
واستهدف الاحتلال بلدة دير سريان في الجنوب، وأشارت معلومات إلى سقوط إصابات جراء غارات إسرائيلية استهدفت مرأباً للآليات والجرافات يقع في جوار منازل مأهولة. كما استهدف أنصار والزرارية والمحمودية في الجنوب وإقليم التفاح.
أمنياً أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أن «غارة العدو الإسرائيلي على بلدة تولين قضاء مرجعيون أدّت إلى سقوط شهيد وإصابة شخص آخر بجروح».
في المواقف، شدّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، على أنّ قرار مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة بشأن «حصرية السلاح في يد الدولة» كان «صادماً في الانقلاب على الموقف الوطني الجامع»، متسائلاً: «هل السيادة تأتي من نزع أوراق القوة التي يمتلكها لبنان؟».
وفي كلمة ألقاها من مقرّ المجلس، توجّه الشيخ الخطيب للوزراء الذين اتخذوا القرار بالقول: «لقد سلكتم طريقاً خطيراً»، موضحاً أنّ «قرار مجلس الوزراء رضوخ للعدو المستمر في احتلال الأرض والقتل»، كما توجّه لرئيس الحكومة نواف سلام بالقول: «أنت تحاصر بيئة المقاومة».
وأكّد الشيخ الخطيب أنّ «المقاومة وبيئتها ستبقيان الأحرص على سلامة الوطن»، مضيفاً: «لن نترك أرضنا محتلة وأهلنا لقمة سائغة للعدو، وننصح بعدم السير في قرار مجلس الوزراء. وفي جلسة الغد تراجعوا عن الخطأ». ودعا مجلس الوزراء إلى «الرجوع للموقف الوطني الجامع الذي يحافظ على الميثاقية.. فلا شرعية لأي موقف يخالف ميثاقية العيش المشترك».
في المقابل أجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان اتصالاً برئيس مجلس الوزراء نواف سلام مثنياً على قرار الحكومة الأخير لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وتمنّى للحكومة المزيد من الإنجازات وتحقيق الوعود التي جاء بها البيان الوزاري.
على صعيد ملف المرفأ، وفيما تتمادى بعض القوى السياسية وبعض أهالي الضحايا في تسييس الملف وسط تساؤلات حول تأخر المحقق العدلي طارق البيطار بإصدار القرار الظني، كشف النائب غازي زعيتر، جملة معطيات تتعلق بالظروف التي سبقت الانفجار، موجهاً الاتهام الى العدو الإسرائيلي بالمسؤولية عن الانفجار.
وشدّد زعيتر على أنّ «كلّ الاتهامات التي طالته في قضية انفجار المرفأ هي سياسية وإعلامية وليست قضائية. وفي حديث تلفزيوني، كشف زعيتر عن الوثائق التي وصلته عندما كان وزيراً للأشغال، من ضمنها «كتاب من السفارة الروسية عن الوضع السيّئ للبحارة الروس الموجودين على متن الباخرة، بالإضافة الى كتاب آخر من السفارة الأوكرانية يسأل عن سبب عدم تنفيذ القرار القضائي الصادر عن القاضي جاد معلوف بتعويم الباخرة الروسية، وفي الحالتين اتخذت الإجراءات المطلوبة».
وإذ رفض زعيتر تحميل أحد المسؤولية، احتراماً لدماء شهداء المرفأ ولدموع الأهالي، قال: «إنّ مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الجيش اللبناني»، شارحاً انّ «دخول النيترات او ايّ مواد خطرة بحاجة الى إذن من مخابرات الجيش»، مضيفاً: «حتى وزير الأشغال بحاجة إلى اذن من مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية لزيارة المرفأ وتفقده».
وأشار الى أنّ «»إسرائيل» هي التي فجرت المرفأ، معلّلا ذلك بأنّ بعض الناس رأوا الطيران الإسرائيلي، كما أنّ الدمار جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة يشبه أضرار انفجار المرفأ». وسأل: «ما هي الفرضيات التي اعتمدها بيطار حول تفجير المرفأ من أصل الفرضيات السبع عشرة التي رفعها القاضي عويدات؟».
*****************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
مجلس الوزراء يجتمع اليوم مكتملاً تحت مظلة المصالح العليا والإستقرار
برّي حريص على العلاقات الرئاسية.. وحزام ناري إسرائيلي ليلاً حول أودية الجنوب
يعود مجلس الوزراء للانعقاد بعد ظهر اليوم، في إطار استكمال البحث في الورقة الاميركية ذات الصلة بالخطوات المتوازية بين تسليم سلاح حزب الله والانسحاب الاسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة عند الحدود الأمامية، ووقف عمليات الإغتيال، وإطلاق الاسرى، وعدم التعرُّض للذين يرغبون بإعادة إعمار منازلهم.
يشارك وزراء الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله في الجلسة من زاوية إبداء الرأي بالنقاط المدرجة في ورقة توم باراك، وسط ملامح «أزمة فاترة» على المستوى الرئاسي لا سيما في ضوء ما يتردد عن عتب الرئيس بري وحزب الله وغيرهما على الرئيس جوزف عون، بحيث سارت المناقشات والقرارات باتجاه غير متفق عليه، وفقاً للمصادر الشيعية المقربة.
وعلى الرغم من الانقسام السياسي وغير السياسي الحادّ في البلاد، فإن النقطة المتفق عليها أن جميع اللبنانيين لديهم الحرص نفسه على الاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي، والاحتكام إلى مؤسسات الدولة ووحدتها.
وعشية الجلسة المقرَّرة اليوم لمواصلة البحث في البند المتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة، بدأت تظهر ارتدادات قرار مجلس الوزراء في جلسته امس الاول حول قرار تكليف الجيش وضع خطة خلال هذا الشهر لجمع السلاح تنفذ خلال الاشهر الاربعة المقبلة حتى نهاية العام، ما اثار سجالات غير مباشرة بين مكونات الحكومة عبرت عن حجم الخلاف والانقسام بينها، حيث افيد ان القرار فاجأ ثنائي امل وحزب الله لأنه حسب اوساط مقربة منهما خالف الاتفاق الرئاسي بعدم صدور اي قرار قبل التوافق على صيغته بين كل مكونات الحكومة، وتم عرض القرار والموافقة عليه بطريقة غير محسوبة اعتبرت بمثابة «خروج على التفاهمات المسبقة» عدا عن مخاوف من فرض قرارات اخرى على الحكومة اكثر خطورة من القرار الذي صدر الثلاثاء، فأصدر الثنائي موقفين سلبيَّين من خطوة الحكومة، بينما صدرت مواقف مؤيدة القرار من القوات اللبنانية وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي وقيادات روحية سنية ومارونية، بينما رفضه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب.
وحسب المعلومات وصل الخلاف الى حد الاستياء من موقف رئيس الجمهورية والعتب عليه لأنه لم يلتزم بما اتفق عليه مع الرئيس نبيه بري، وعدم تلبية بري لدعوة الرئيس عون للإجتماع به امس ومع ذلك، استمرت الاتصالات امس وستتواصل اليوم في محاولة للتوصل الى توافق جديد داخل الحكومة، وسط معلومات تفيد ان وزراء الثنائي سيطرحون اعادة النظر بالقرار المتخذ الثلاثاء، وترك تحديد المهلة الزمنية لجمع السلاح الى تقدير قيادة الجيش وليس للحكومة وفق الخطة التي تم تكليفه بوضعها.
ووزعت الامانة العامة لرئاسة الحكومة دعوة للوزراء لعقد جلسة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس في القصر الجمهوري، لاستكمال النقاش في البند الأول من جلسة الثلاثاء. (المتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة)، واعلنت وزيرة البيئة تمارا الزين: سأحضر جلسة الخميس بما أن البند الوحيد على جدول الأعمال هو استكمال البحث بالبند وبورقة المبعوث الاميركي توم باراك».
تأييد القرار
وأجرى المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان اتصالاً بالرئيس نواف سلام، وأثنى على قرار الحكومة لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وتمنى للحكومة المزيد من الإنجازات وتحقيق الوعود التي جاء بها البيان الوزاري.
وعبرت بكركي عن دعمها للخطوة، ففي ختام اجتماع المطارنة الموارنة الشهري برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أعلن الآباء أنهم «تلقوا باهتمام كبير مقررات الحكومة اللبنانية، وخصوصا قرار حصرية السلاح بيد الدولة، ورأوا فيه استكمالا لبناء الدولة المنتظمة والقوية المولجة ببسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، لا استقواء من فريق على آخر. وهذه الدولة القوية هي المرجعية لجميع اللبنانيين بدون استثناء، وهي التي تحمي الجميع وتوفر لهم الإنماء المتوازن.
واعتبرت القوات اللبنانية أن جلسة مجلس الوزراء في 5 آب وضعت لبنان على سكة العودة إلى دولة فعليّة وطبيعيّة، والمدخل لهذه العودة هو الالتزام بالنصوص المرجعية، وهذا تحديدًا ما فعله رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».
ونوَّه المكتب السياسي الكتائبي في بيان «بتصويت الحكومة على البند المتعلق بالسلاح غير الشرعي مقروناً بتكليف الجيش وضع خطة للتنفيذ وتحديد المهل»، واعتبره «قراراً تاريخياً يضع لبنان على سكة استعادة السيادة، والدولة على طريق استعادة قرارها الحر«مجددا» ثقته بالحكومة في استكمال النقاش حول بند حصر السلاح وصولًا إلى خواتيمه».
وقال أمين سر اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن: أن «هناك حكمة في تكليف الجيش اللبناني لوضع خطة لغاية آخر الشهر الجاري، حول تطبيق مبدأ حصرية السلاح، وبحد أقصى هو 31 كانون الأول 2025».
وحث أبو الحسن على الاستفادة من هذا المدة الزمنية، «والضغط بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية المتاحة لإلزام العدو الإسرائيلي الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلها، وتحرير الأسرى، ووقف الاعتداءات والانتهاكات اليومية، وتوفير الضمانات تمهيدًا لإعادة الإعمار، وصولًا إلى تثبيت وقف إطلاق النار والعودة إلى اتفاقية الهدنة» .ورأى أبو الحسن أن هذا «التوازن ضروري جدًا ويطمئن المقاومة وبيئة الثنائي، وأيضًأ اللبنانيين ككل، لأن لدينا أرضاً محتلة وأسرى وثمة اعتداءات يومية، دون المساومة على مبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية».
غضب شيعي وعتب لا يصل إلى القطعية
بالمقابل وعشية الجلسة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس في القصر الجمهوري لاستكمال النقاش في البند الاول من جلسة الثلاثاء، استبق الرئيس بري الجلسة، بإيضاح رداً على ما أوردته بعض وسائل الاعلام بأن العلاقة بينه وبين الرئيس عون أكبر بكثير من جلسة أو جلسات.
ولكن حزب الله، يكشف على مستوى قيادييه، أنه مع حركة أمل بدأ بإعادة تقييم العلاقة مع رئاسة الحكومة وكذلك مع الرئاسة الاولى التي اختارت الوقوف في المنطقة الرمادية، وانجرت إلى الاملاءات الخارجية على حساب الحفاظ على الوحدة الوطنية.. وحذرت الجهات والجيش من محاولة خلق شرخ بين المقاومة، وعليه، فإن التعامل المقبل مع الحكومة لن يعود كما كان قبل جلسة الثلاثاء، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة: من التلويح بالخروج من الحكومة إلى مقاطعة جلساتها، أو أن تعود الحكومة إلى رشدها السياسي وتعيد النظر في قرارها وتلغيه، لا سيما أنه لا يمت بصلة إلى خطاب القسم والبيان الوزاري الذي أعطينا الحكومة الثقة على اساسه.
وفي المواقف، قال نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب أن الوزراء بقرارهم هذا سلكوا طريقاً خطيراً يهدد مصير الوطن، وهم يعيدون التجارب الفاشلة نفسها، مشيراً إلى أن تحرير الارض وحماية السيادة لا يكون بالمواقف، ولا بالغرف المبردة، بل في ساحات المواجهة وتقديم التضحيات وتحمل المسؤوليات.
واعتبرت حركة «أمل « أن جلسة الثلاثاء الحكومية شكلت استعجالاً لتقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الصهيوني وأعربت عن أملها في بيان صدر عن مكتب الاعلام المركزي أن تكون جلسة اليوم فرصة للتصحيح وعودة التضامن اللبناني، كما كان.
وبموقف عالي السقف رأى حزب الله أن قرار الحكومة الامس كأنه لم يكن، وأن قرارها بتجريد لبنان من سلاح مقاومة العدو الاسرائيلي، وإضعاف الموقف أمام العدوان الاسرائيلي هو خطيئة كبرى، وانقلاب على خطاب القسم، وعلى البيان الوزاري للحكومة نفسها، وهو جزء من استراتيجية الاستسلام بدل استراتيجية الامن الوطني التي أبدى حزب الله استعداده لمناقشتها ولكن ليس على وقع العدوان.
وأورد وزير التنمية الادارية فادي مكي انه سجّل تحفظه «ضمن الأطر المؤسساتية على طاولة مجلس الوزراء تحديدا على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل أن يتقدم الجيش باقتراحه، وقبل استكمال النقاش في حضور جميع الوزراء في الجلسة المقبلة». وأضاف عبر «إكس»: ينطلق موقفي من قناعة راسخة بأن هذه النقاشات يجب أن تستكمل بروية ومسؤولية، بما يضمن مصلحة جميع اللبنانيين ويحمي هواجسهم المشروعة، وبما ينسجم في الوقت نفسه مع البيان الوزاري الذي التزمناه ، لجهة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد قواها الشرعية، وتأكيد أولوية تأمين الانسحاب الإسرائيلي من كل النقاط التي لا تزال تحتلها إسرائيل، وقف الأعمال العدائية بحرًا وبرًا وجوًا ووقف الاغتيالات وإعادة الأسرى».
هيكل في لندن
وفي خطوة تحمل أكثر من دلالة زار قائد الجيش العماد رودولف هيكل المملكة المتحدة بدعوة رسمية من نظيره البريطاني الأدميرال Tony Radakin، وشارك في الاجتماع السنوي التاسع لمجموعة Dragon Group، بحضور عدد من قادة جيوش دول الخليج والشرق الأوسط، وهي المرة الأولى التي يُعقد فيها الاجتماع بمشاركة قائد الجيش اللبناني. وقد جرى التداول في التحديات الأمنية الإقليمية والدولية. كما عُقد اجتماع بين العماد هيكل والأدميرال Radakin، وتناول البحث سبل تعزيز التعاون وسط الظروف الاستثنائية الراهنة.
استهداف طفل وغارات ليلاً
وعلى الارض ارتكب الاحتلال الاسرائيلي امس جريمة جديدة بحق اهالي الجنوب، حين شن غارة من مسيّرة معادية استهدفت دراجة نارية في بلدة تولين، مما ادى الى استشهاد الطفل عباس مرعي عواله، والذي يبلغ من العمر 11 عاماً، وإصابة والده بجروح بليغة جراء الغارة التي استهدفت باحة منزلهما.
وقصفت مدفعية العدو اطراف بلدة شبعا ب 15 قذيفة. والقت طائرة «درون» معادية قنبلتين صوتيتين على بلدة الخيام. و4 قنابل فوق نهر الوزاني ، وقنبلة صوتية على بلدة يارون.
وواصل الاحتلال القاء المناشير التحريضية على المقاومة، حيث ألقى مناشير تحريضية من طائراته المسيّرة فوق ساحة بركة بلدة ميس الجبل في قضاء مرجعيون، في خطوة تهدف إلى بث الفتنة بين مواطني البلدة والتأثير على البيئة الحاضنة للمقاومة.
وليلاً شنت قوات الاحتلال سلسلة غارات ، استهدفت عدداً من الوديان في الجنوب.
وقالت إذاعة الجيش الاسرائيلي نهدف إلى منع حزب الله من إعادة بناء مواقع له.
وتركزت الغارات على جبل الريحان، ويحمر وزبقين ودير سريان.
أكثر من 10 غارات، واستهدفت مرآباً للجرافات والآليات بجوار منازل في دير سريان، حيث هرعت إلى هناك سيارات الاسعاف.
***************************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
جلسة بلا ثنائي؟ علامات استفهام تسبق اجتماع الحكومة
لبنان مقبل على تطورات ميدانية خطيرة يصعب تجاهلها
تحركات شعبية مرشّحة للتصاعد... وحرص على تفادي الصدام بين الجيش والمتظاهرين
سقطت الثوابت. الاجواء المشحونة داخليا والضغوط تتزايد على حزب الله سواء من قوى لبنانية او خارجية. لبنان دخل في مسار سياسي جديد لا يشبه المسار في المرحلة السابقة او حتى في الماضي القريب. واشنطن و»تل ابيب» تضغطان دوما ضد حزب الله وترسانته العسكرية الا ان ديبلوماسيا عربيا كشف ان الضغط الذي مارسته جهة عربية فاق الضغط الاميركي و«الاسرائيلي» بعدما كانت المعلومات قد ذكرت ان الاتصالات التي اجرتها تلك الجهة هي التي كانت وراء البلبلة في تصريحات المبعوث الاميركي توم باراك، والتي انتهت بورقة تجاهلت كليا المحادثات التي أجراها مع الرئيس نبيه بري والتي حفلت بافكار يمكن ان تنتهي بمعالجة سلاح حزب الله على نيران هادئة، لا كما يحدث حاليا. اما اليوم يتداخل قرار مجلس الوزراء مع التصعيد السياسي والاعلامي الذي بدا جليا امس والذي قد يؤدي الى تداعيات خطيرة في حال حصلت اي محاولة لنزع سلاح حزب الله تحت النيران وبالقوة.
وفي سياق متصل، سلط احد الوزراء الضوء على جلسة مجلس الوزراء يوم الثلثاء الماضي بأن اجهزة الهاتف لدى بعض المشاركين في الجلسة بقيت شغالة بصورة لافتة ولمدة طويلة. ويبدو ان كان هنالك اشخاص من الخارج يضغطون لعدم ارجاء الجلسة، او لاتخاذ قرار حمال اوجه، في حين كانت التعليمات «التي ظهرت في المواقف الصادمة والمفاجئة، التي طرحت باصرار واكدت على ان ينص القرار على وضع خطة او للمباشرة العملانية في التنفيذ في مسألة نزع سلاح حزب الله».
بموازاة ذلك، ترجح مصادر عسكرية في حديثها لـ«الديار» ان الجيش «الاسرائيلي» لن ينسحب من المواقع اللبنانية التي احتلها مؤخرا اضافة الى 18 نقطة المتنازع عليها بين لبنان والكيان العبري. وتابع ان كل الوعود خالية من اي ضمانات.
وهنا تكمن العقدة في هذه المعادلة المطروحة اليوم خاصة بعد كلام سموتريتش عن عدم انسحاب من لبنان، وسيستمر الاحتلال لفترة كبيرة من الزمن لا يمكن تحديدها في حين ان الجميع يصوبون نحو سلاح المقاومة بينما هذا السلاح لا يشكل العائق امام بناء دولة ومؤسسات. فمن هي القوى التي تستطيع مقاومة الاحتلال الاسرائيلي؟ واذا كان الاحتلال الاسرائيلي يمنع عودة المواطنين اللبنانيين الى بيوتهم، فبأي منطق تطرح مسألة تسليم حزب الله سلاحه؟
المواجهة الميدانية الخيار الاكثر احتمالا في حال.....
وامام هذه الوقائع، فان المعركة المقبلة اتية لا محالة رغم عدم وضوح ملامحها حتى اللحظة والمؤشرات تدل على أن لبنان مقبل على تطورات ميدانية خطيرة يصعب تجاهلها. ذلك ان المعطيات تشير إلى أن احتمال اندلاع مواجهة ميدانية يظل الخيار الأكثر ترجيحاً إذا وصلت الأمور إلى محاولة نزع سلاح حزب الله بالقوة.
ويقول مصدر عسكري لـ«الديار» ان هناك مجموعات موجودة في الداخل اللبناني مستعدة للتحرك عسكريا عندما يحين الوقت بوجه حزب الله وما التوقيفات التي نفذتها الاجهزة الامنية اللبنانية الا خير دليل على استعداد خلايا ارهابية الى تفجير الشارع اللبناني. وتبين ان التنظيمات الأصولية تنشط في مناطق التماس، لا سيما في شمال البقاع، عكار، ومناطق أخرى.
هذا الواقع بطبيعة الحال يثير القلق في نفوس اللبنانيين الذين خبروا مرارة الحرب الأهلية وتحويل وطنهم إلى ساحة صراع وصندوق بريد لتصفية حسابات إقليمية ودولية..
أما بشأن بعض القوى اللبنانية التي تعوّل على دعم الولايات المتحدة وتظن أن واشنطن لن تسمح بانزلاق لبنان إلى الفوضى، فيؤكد مصدر دبلوماسي أن هذه الرهانات في غير محلها. فالإدارة الأميركية الحالية، بحسب المصدر، لا تضع لبنان ضمن أولوياتها، ولا تُبدي اهتماماً كبيراً إذا ما غرق هذا البلد في أحداث دموية أو شهد انهياراً أمنياً شاملاً..
مهلة أب: اخر محاولة لتجنب شرب «الكأس المر»
في هذا السياق، رأى دبلوماسي عربي أن المهلة الممنوحة للجيش اللبناني لوضع خطة لنزع سلاح حزب الله، والتي تنتهي مع نهاية شهر آب الجاري، ليست سوى محاولة لشراء الوقت، لتفادي مواجهة حتمية وصعبة. وشبّه الأمر بما قاله السيد المسيح: «يا رب، أبعد عني هذه الكأس»، في إشارة إلى مرارة الخيارات المطروحة.
لكن الدبلوماسي نفسه أبدى تشاؤمه، مشيراً إلى أن لبنان بات فعلياً ساحة صراع، وأن اللبنانيين، للأسف، لن يتمكنوا من تفادي تجرّع «الكأس المرّة» التي تلوح في الأفق. وأضاف أن «إسرائيل» تعمل على تحييد نفسها عن هذا النزاع، وتسعى لترك المهمة للولايات المتحدة، لتقوم بالدور وتحرّك الأوراق بالنيابة عنها. وفي النهاية، تطمح تل أبيب إلى قطف ثمار هذا التصعيد، دون أن تتورّط مباشرة في ميدانه.
اما من جهة حزب الله، لا يزال يتمتع بقوة سياسية وشعبية لافتة، مدعوماً بقاعدة شيعية راسخة، تقف بثبات في وجه الحصار والضغوط المتزايدة. ورغم التحديات، لم تهتزّ هذه القاعدة، بل استمرت في التعبير عن ولائها ودعمها لحزبها وحلفائه.
لكن ما يميّز حزب الله، إلى جانب قوته الميدانية، هو نضجه السياسي الواضح، إذ يدرك أن الانزلاق إلى مواجهة داخلية سيكون بمثابة مغامرة خاسرة للجميع. لذلك، لن يزجّ بجمهوره في معركة داخلية سيدفع فيها اللبنانيون، دون استثناء، أثماناً باهظة، في وقت يحتاج فيه البلد إلى التماسك لا الانقسام، وإلى الحوار لا التصادم.
دمشق جاهزة لاي عملية عسكرية في لبنان
في تطور لافت، تشير المعطيات إلى أن الجهات نفسها التي دفعت سابقًا نحو إشعال صراع داخلي في لبنان وفشلت آنذاك، تعود اليوم بزخمٍ أكبر، بعدما أصبحت سوريا تحت نفوذها، ما يضع دمشق في موقع الجاهزية لتنفيذ أي عملية عسكرية على الأراضي اللبنانية إذا استدعى الأمر.
وبات المشهد الإقليمي والمحلي مهيئًا إما لحصار خانق أو لمواجهة مباشرة، قد تصل إلى حدود الدفع نحو إخراج الوزراء الشيعة من الحكومة، تكرارًا لما حدث إبان حكومة فؤاد السنيورة، التي استمرت رغم انسحاب الوزراء الشيعة منها، وأحالت حينها ملف المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى مجلس الأمن.
يُذكر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف تلك الحكومة في حينه بـ»الحكومة البتراء»، في إشارة إلى فقدانها التمثيل الطائفي المتوازن، ما شكّل سابقة سياسية في تاريخ الحكومات اللبنانية.
الجيش اللبناني يظهر قوته
والامر اللافت الذي يستحق التوقف عنده هو قيام الجيش اللبناني باستخدام مسيرة له وقصف مطلوبين متورطين في تجارة المخدرات ما ادى الى مقتل عنصرين من آل زعيتر. وهذا الامر يؤكد ان الجيش لديه مسيرات وقادر على توظيفها في عمليات عسكرية له في لبنان وهنا اراد الجيش توجيه رسالة لجميع القوى اللبنانية على حد سواء بأنه ليس جيشا ضعيفا بل لديه تكنولوجيا متطورة اضافة الى انه سيرد ولن يبقى مكتوف الايدي اذا تعرض لاعتداء. اما الاهم في استهداف الجيش شخصين من عشيرة آل زعيتر هي ان طريقة حل الامور مع المخربين تبدلت ولم تعد عبر تسوية او بالتراضي بين الجيش والعشائر بل سيعتمد الجيش المواجهة العسكرية مع من يكون خارج عن القانون ولن يرضى بانصاف الحلول.
خطة جاهزة للتنفيذ
لم يعد خفيا ان اجواء الثنائي الشيعي المشحونة شعبيا وسياسيا، تتوجس من اي مفاجأة قد تحدث سواء عبر الحدود او داخل الحدود بعدما وردت معلومات لا تزال ضبابية حتى اللحظة وهي تتحدث عن خطة متكاملة وضعت بين قوى خارجية وقوى محلية، وهي جاهزة للتنفيذ وان كان ثابتا ان رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يرفض كليا اللجوء الى العنف ليبقى الخوف من ان تتجاوز الخطة السلطة اللبنانية وتنفذ في اكثر من شارع ، بخاصة في المناطق الحساسة من البلاد والتي يمكن ان تؤثر سواء على وضع حزب الله او على البيئة الحاضنة للمقاومة.
ومن جهتها، قالت اوساط مقربة من الثنائي انه حتى الان لا يوجد قرار بخروج وزراء الثنائي الشيعي من حكومة الرئيس نواف سلام. ولكن الاقدام على هذه الخطوة يتسارع ساعة بعد ساعة خصوصا بعد اعتبار حزب الله الذي اشارت وحدة المعلومات فيه، الى ان حكومة سلام ارتكبت «خطيئة كبرى» في اتخاذ قرار يجرد لبنان من سلاح مقاومة لبنان للعدو الاسرائيلي. ولكن الاتصالات التي حصلت امس حدت من هذا الاتجاه بانتظار جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم.
سلام قاد الصقور
في غضون ذلك، تبين من التصريحات التي صدرت امس ان رئيس الحكومة نواف سلام هو من قاد فريق الصقور خلال جلسة الثلثاء الماضي. في المقابل، صرح وزير الصحة ركان ناصر الدين بـ»اننا حاولنا في جلسة الثلثاء الخروج بصيغة جامعة لتجنب المشكل ولكن الامر لم يحصل بعدما اصر سلام على الصيغة التي طرحها لحصر السلاح.» ولفت ناصر الدين الى «ان رئيس الجمهورية حاول لعب دور الميزان بين الرأيين على طاولة مجلس الوزراء، لكي نصل الى جلسة ايجابية اليوم (الخميس)».
واشارت معلومات الى ان اتصالات هامة جرت بين قصر بعبدا وعين التينة، ليصدر بيان عن حركة امل لحظت فيه «ان الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب قسم رئيس الجمهورية، ومخالفة لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة الغد (اليوم ) فرصة للتصحيح وعودة التضامن اللبناني كما كان».
وهنا يجدر التساؤل ما اذا كانت جلسة مجلس الوزراء اليوم ستدخل تعديلا على صيغة قرار جلسة الثلثاء الماضي وما اذا كان الرئيس سلام سيوافق على ذلك بعدما لاحظ وجود تداعيات خطيرة يمكن ان تحدث على امن ووجود البلاد اذا ما ظل متمسكا بالقرار الذي وصف بـ»القرار التفجيري» حتى ان بعض الوزراء المناهضين لحزب الله يتخوفون من انعكاسات هذا القرار الخطير على الارض.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
لبنان ينزع «الشرعية» عن سلاح «حزب الله»
الحزب «الغاضب» من الحكومة سيتعامل مع القرار «كأنه لم يكن»
نزع لبنان «الشرعية» عن سلاح «حزب الله»، في القرار الذي اتخذته الحكومة بتكليف الجيش اللبناني وضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، فيما يستكمل مجلس الوزراء، اليوم (الخميس)، النقاش في ورقة الموفد الأميركي توماس براك.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «يعني نزع الشرعية من السلاح بعدما كان محمياً بالشرعية المحلية»، في إشارة إلى البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 1989 التي نصت على حق لبنان في مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض. وأشارت المصادر إلى أن الأمر «لا يقتصر على حيازة السلاح فقط، بل يشمل أي عمل عسكري ضد إسرائيل والذي كان قبل هذه الحكومة، الفعل المسلح الوحيد الحائز شرعية رسمية».
ورد «حزب الله» الغاضب من قرار الحكومة عليه، ببيان شديد اللهجة، أعلن فيه أنه سيتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود، واصفاً إياه بـ«الخطيئة الكُبرى». وقال في بيانه إن القرار الحكومي «يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرته وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي - الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها»، واصفاً إياه بـ«المخالفة الميثاقية الواضحة».
من جهتها، اتهمت «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، الحكومة بالعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وفي البيان الوزاري، عادّة جلسة الحكومة المقررة اليوم (الخميس) «فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني».
وقالت وزيرة البيئة، تمارا الزين، المحسوبة على «أمل» لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ستشارك في جلسة الحكومة اليوم»، فيما أشارت معلومات إلى أن وزير الصحة المحسوب على «الحزب» راكان ناصر الدين سيشارك أيضاً.
**************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
اعتراض «الثنائي » على قرار حصرية السلاح يثير البلبلة
وضعت الحكومة البلادَ على سكة “قيام الدولة الفعلية” بقرارها التاريخي اول امس حصر السلاح بيدها قبل نهاية العام الجاري، ووضعتها في الوقت ذاته، في منأى عن أي تصعيد اسرائيلي عسكري او عزلة اقتصادية دولية، كان لبنان مهددا بهما اذا لم يتّخذ القرارَ السيادي الكبير. لكن الموقف هذا، أعطى لبنان فترة سماح جديدة، لا اكثر، إذ ان الاهمّ، كان ولا يزال، في نظر المجتمع الدولي واللبنانيين، تنفيذ هذه القرارات وتحويلها أمرا واقعا على الارض. والتحدي يبدو أكبر أمام لبنان الرسمي مع اعتبار حزب الله في بيان صادر عنه اليوم انه سيتعامل مع القرار وكأنه غير موجود.
خطيئة كبرى
وبينما يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس، في القصر الجمهوري لاستكمال النقاش في البند الأول من جلسة ٢٠٢٥/٨/٥، أي بند حصر السلاح، حظي موقف الحكومة بترحيب داخلي شعبي وسياسي و”روحي” عارم، ولم يُزعج الا الثنائي الشيعي. وفي أول تعليق عليه، صعّد حزب الله في وجهه الى اقصى الحدود، مهاجما اياه والحكومة. فقد أصدرت العلاقات الاعلامية في الحزب بيانا قالت فيه “ارتكبت حكومة الرئيس نواف سلام خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرة لبنان وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها على لبنان، حيث واجهناها بمعركة أولي البأس التي أدّت إلى اتفاق يُلزم إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب من لبنان”. وتابع البيان “هذا القرار فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة. وأردف “جاء هذا القرار نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي براك، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان الرئيس سلام أنَّ مجلس الوزراء “قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس المقبل، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي”. هذا القرار يُحقق مصلحة إسرائيل بالكامل، ويجعل لبنان مكشوفًا أمام العدو الإسرائيلي من دون أي ردع.” ضربت الحكومة بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني. وهذا القرار يُسقط سيادة لبنان، ويُطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنَّه غير موجود. وفي الوقت نفسه نحن منفتحون على الحوار، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وتحرير أرضه والإفراج عن الأسرى، والعمل لبناء الدولة، وإعمار ما تهدَّم بفعل العدوان الغاشم، ومستعدون لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني ولكن ليس على وقع العدوان”.
عكس القسم
من جانبه، قال المكتب الاعلامي المركزي في حركة أمل “كان حريا بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الاسرائيلي باتفاقات جديدة أن تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية”. اضاف: “الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري وبالتالي جلسة الغد فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان”.
لا انسحاب
غير ان انزعاج الثنائي لا يبدو سيتحوّل حتى اللحظة، بحسب ما تقول مصادر سياسية، الى انسحاب من الحكومة، وقد أعلنت الوزيرة تمارا الزين امس “انني سأحضر جلسة الخميس بما أن البند الوحيد على جدول الأعمال هو استكمال البحث بالبند الاول وبورقة المبعوث الاميركي توم برّاك”.
قناعة راسخة
اما وزير التنمية الادارية فادي مكي فأعلن انه سجّل تحفظه “ضمن الأطر المؤسساتية على طاولة مجلس الوزراء تحديدا على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل أن يتقدم الجيش باقتراحه، وقبل استكمال النقاش في حضور جميع الوزراء في الجلسة المقبلة”. وأضاف عبر “إكس”: ينطلق موقفي من قناعة راسخة بأن هذه النقاشات يجب أن تستكمل بروية ومسؤولية، بما يضمن مصلحة جميع اللبنانيين ويحمي هواجسهم المشروعة، وبما ينسجم في الوقت نفسه مع البيان الوزاري الذي التزمناه ، لجهة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد قواها الشرعية، وتأكيد أولوية تأمين الانسحاب الإسرائيلي من كل النقاط التي لا تزال تحتلها إسرائيل، وقف الأعمال العدائية بحرًا وبرًا وجوًا ووقف الاغتيالات وإعادة الأسرى”.
الحزب عند كرامي
ليس بعيدا من موقف حزب الله، الذي يحاول ايجاد دعم داخلي لمواقفه بعد ان فقد معظم حلفائه في خيار “السلاح والمقاومة”، فقد زار وفد من “حزب الله” ضمّ النائبين علي عمار ورائد برو، رئيس “تيار الكرامة” النائب فيصل كرامي في منزله.
وبعد اللقاء، اشار النائب عمار على أنّ “قيادة حزب الله بصدد تقييم ما جرى أمس، وعلى ضوء هذا التقييم يُتخذ القرار المناسب “.
منذ 35 عاما
من جانبه أعلن حزب “القوات اللبنانية”، في بيان ان “القرار التاريخي الذي اتّخذه مجلس الوزراء، أمس، وَجب اتّخاذه منذ 35 عامًا لولا الانقلاب على “وثيقة الوفاق الوطني” التي نصّت حرفيًّا على “بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية”.
ثقة بالحكومة
بدوره، نوه المكتب السياسي الكتائبي في بيان “بتصويت الحكومة على البند المتعلق بالسلاح غير الشرعي مقروناً بتكليف الجيش وضع خطة للتنفيذ وتحديد المهل”، واعتبره “قراراً تاريخياً يضع لبنان على سكة استعادة السيادة، والدولة على طريق استعادة قرارها الحر”، مجددا “ثقته بالحكومة في استكمال النقاش حول بند حصر السلاح وصولًا إلى خواتيمه”.
*********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
"حزب الله" يسحب اعترافه بالدولة: "سنتعامل مع القرار كأنه غير موجود"
بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على قرار مجلس الوزراء، وقبل أقل من أربع وعشرين ساعة على الجلسة الثانية لمجلس الوزراء التي على جدول أعمالها بند واحد هو استكمال بند حصرية السلاح، صعَّد «حزب الله» خطابه ليس ضد الحكومة فحسب بل ضد السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، وإنْ حاول أن «يفتِّش» عن تباين بين الرئيس عون والرئيس سلام.
ففي ما يشبه الانقلاب على الدولة وعدم الاعتراف بمقرراتها، أعلن «حزب الله» في بيان رسمي» سنتعامل مع القرار كأنَّه غير موجود». ولم يكتفِ بذلك بل وسم الحكومة بأنها «ارتكبت خطيئةً كُبرى في اتخاذ قرار يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي»، واصفًا القرار بأن «فيه مخالفة ميثاقية واضحة، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة»، وبأنه جاء «نتيجة إملاءات المبعوث الأميركي»، وهو ما ذُكر في أسباب طرحه في مجلس الوزراء ومبررات إقراره، بإعلان الرئيس سلام أنَّ مجلس الوزراء «قرَّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس».
وحاول «حزب الله» دق إسفين بين رئيسي الجمهورية والحكومة من خلال قوله في البيان: «ضربت الحكومة بعرض الحائط التزام رئيس الجمهورية في خطاب القسم بنقاش استراتيجية الأمن الوطني».
كما حاول «حزب الله» تخفيف وقع القرار على بيئته فخاطب «أهله» بالقول: «غيمة صيف وتمر إن شاء الله، وقد تعودنا أن نصبر ونفوز».
لكن إحدى نقاط ضعف هذا البيان محاولة «الحزب» التعمية على أن جلسة مجلس الوزراء كانت برئاسة رئيس الجمهورية.
«أمل»: جلسة الخميس فرصة للتصحيح
بدورها، انتقدت حركة «أمل» القرار لكن بوتيرة أقل فقالت في بيان الانتقاد: «كان حري بالحكومة التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو «الإسرائيلي» باتفاقات جديدة، أن تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولًا ووضع حد لآلة القتل «الإسرائيلية» التي حصدت المئات من اللبنانيين بين شهيد وجريح».
اللافت أيضًا أن حركة «أمل» حاولت دق إسفين بين الحكومة ورئيس الجمهورية وحتى بينها وبين بيانها الوزاري، فاعتبرت أن الحكومة تكون بذلك «تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم وخلافًا لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة الخميس فرصة للتصحيح وعودة للتضامن كما كان».
«أجواء تهدئة»
وبعد البيان، علمت «نداء الوطن» أن اتصالًا جرى بين الرئيسين عون وبري، تناول آخر التطورات في ما خص موضوع السلاح والجلسة الحكومية، وأكد بري للرئيس عون استمراره بالعمل على التهدئة وتمرير الأمور بسلاسة وعدم تفجير مجلس الوزراء أو استخدام الشارع، فالمرحلة تحتاج للهدوء، كما قال.
عون يستقبل فضل الله
وفي توقيت لافت، استقبل رئيس الجمهورية العلامة السيد علي فضل الله مع وفد ضم المفتي الشيخ أحمد طالب، المدير العام لجمعية المبرات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله، مدير مكتب العلامة فضل الله السيد هاني عبد الله، مدير مؤسسة السيد فضل الله السيد عباس فضل الله والسيد علي أحمد طالب.
صحيح أن المناسبة اجتماعية، لكن الزيارة مهمة في توقيتها في ظل التجييش ضد موقع الرئاسة.
«القوات اللبنانية»: القرار تاريخي
في المواقف، وصفت «القوات اللبنانية» قرار مجلس الوزراء بالتاريخي، ووجب «اتّخاذه منذ 35 عامًا لولا الانقلاب على «وثيقة الوفاق الوطني» التي نصّت حرفيًّا على «بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي بواسطة قواتها الذاتية». واعتبرت أن «جلسة 5 آب وضعت لبنان على سكة العودة إلى دولة فعليّة وطبيعيّة، والمدخل لهذه العودة هو الالتزام بالنصوص المرجعية، وهذا تحديدًا ما فعله رئيسا الجمهورية والحكومة».
«القوات» أشارت إلى أنه «كان الحري بالفريق الانقلابي الاعتذار من اللبنانيين على ما ارتكبه بحقهم وحقّ لبنان على مدى 35 عامًا، ولكنه بدلًا من أن يعتذر خرج مهاجمًا بوقاحة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وكأن رئيس الجمهورية هو من تسبّب بحرب تموز 2006، أو هو من اتّخذ قرار حرب 7 أيار 2008، أو هو مَن اتخذ قرار الحرب ضدّ الشعب السوري، أو هو مَن تسبّب في «حرب الإسناد» وتداعياتها الكارثية على لبنان؛ وكأن أيضًا رئيس الحكومة هو مَن تسبّب في تعطيل الحياة السياسيّة، وهو مَن أخّر تشكيل الحكومات، وهو مَن قاد البلد إلى الانهيار المالي والاقتصادي بسبب حروبه وتحالفه مع أفسد الفاسدين».
مجلس المطارنة الموارنة يرحّب
تأييد قرارات الحكومة جاء أيضًا من مجلس المطارنة الموارنة الذي رأى في القرار استكمالًا لبناء الدولة المنتظمة والقوية المولجة ببسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، لا استقواء من فريق على آخر. وهذه الدولة القوية هي المرجعية لجميع اللبنانيين من دون استثناء، وهي التي تحمي الجميع وتوفر لهم الإنماء المتوازن».
من السجال العنيف في جلسة الثلثاء
بالعودة إلى جلسة الثلثاء، استحصلت «نداء الوطن» على أبرز ما ورد في مداولاتها، ومنها قول وزير الصحة مخاطبًا الرئيسين عون وسلام: «أنا ما بفهم بالسياسة، ومش شغلتي، عم تحطوني بوجه جماعتي، ما إنتو يا فخامة الرئيس ويا دولة الرئيس عم تحكوا مع بري والحزب، كملوا احكوا معهن، وما تحرجوني مع بيئتي».
ليجيبه سلام بإصرار: «لأ، بدنا ناخد القرار هلّأ»، هنا علا صوت ناصر الدين بوجه سلام قائلاً: «قوم إنت شوف المسيّرات فوق راسنا، قوم طلاع عالجنوب شوف الشهداء!» ليرد سلام: «قوم إنتَ!» ما تزايد عليي، ما أنا سموني قاضي «حزب الله» لما حكمت نتنياهو!».
وعلى وقع الصراخ، قال ناصر الدين: «في الشارع كمان!» ليرد سلام بانفعال: «ما حدا يحكيني بالشارع، في شارع مقابل شارع كمان!».
موقف إيراني
وبرز في الساعات الاخيرة موقف إيراني من القرار الحكومي جاء على لسان وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي الذي قال إن خطة نزع سلاح حزب الله والتي أقرتها الحكومة اللبنانية ستفشل وسلاح حزب الله أثبت «فعاليته» في ساحة المعركة.
تجدد الغارات
وليلاً، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على جنوب لبنان فيما بقي الطيران الحربي المسير يحلق في الأجواء من الجنوب وصولا إلى البقاع.
مقتل «أبو سلة» و «السلطان»
وأمس وجَّه الجيش ضربة موجِعَة إلى عصابات تجار المخدرات، وقال في بيان له إنه « أثناء ملاحقة سيارة في داخلها المطلوبون (ع.م.ز.) الملقب بـ«أبو سلة» و(ع.ع.ز) الملقب بـ«السلطان» و(ف.ز) في الشراونة - بعلبك، وقع اشتباك بينهم وبين عناصر الجيش، ما أدى إلى مقتلهم، وهُم من أبرز تجار المخدرات وأخطرهم، كما أنهم مطلوبون لقتلهم عسكريين وارتكابهم جرائم الخطف وإطلاق النار على مراكز ودوريات للجيش، والسرقة والسلب بقوة السلاح».
يُشار إلى أنه لا صحة للمعلومات حول استهداف منازل أو أفراد من عائلات المطلوبين أو سكان المنطقة، أو وقوع اشتباكات بين الأهالي وبين الجيش.
الجدير ذكره أن مكافحة المخدرات وتجارها تأتي من ضمن المذكرة الأميركية في الفصل الثالث تحت عنوان «العمل المشترك ضد الإتجار بالمخدرات».
ولاحقًا وُزِّعت تسجيلات صوتية لشقيق «أبو سلَّة» يتوعد ويهدد بالقتل والثأر والانتقام.
العملية تمت في وقت كان قائد الجيش العماد رودلف هيكل موجود في المملكة المتحدة بدعوة رسمية من نظيره البريطاني الأدميرال Tony Radakin، وشارك في الاجتماع السنوي التاسع لمجموعة Dragon Group، بحضور عدد من قادة جيوش دول الخليج والشرق الأوسط، وهي المرة الأولى التي يُعقد فيها الاجتماع بمشاركة قائد الجيش اللبناني. وقد جرى التداول في التحديات الأمنية، الإقليمية والدولية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :