افتتاحية صحيفة الأخبار:
رجال برّاك وابن فرحان يفجّرون البلاد
حبست بيروت أنفاسها أمس، وغرقت على مدار النهار في دوامة من التكهّنات حول ما تخفيه جلسة الحكومة المترنّحة على شفير انقسام يهدّد بانفراطها.
وعلى مدى ساعات، كانت المشاورات الـ«ما فوق عادية» تسابق السيناريوات التي ستحطّ على الطاولة المفخّخة لمجلس الوزراء في جلسة قيل إنها مصيرية، وأُعلِن النفير السياسي في القصر الجمهوري والسراي الحكومي وعين التينة وحارة حريك، حتى ساعة متأخرة ليل أول من أمس، بعدما أدّى تدخّل من رئيس الحكومة نواف سلام إلى تخريب اتفاق مع الرئيس جوزيف عون.
وفي التفاصيل، التقى رئيس الجمهورية مسؤولين من حزب الله بعيداً عن الإعلام، وفُتح باب التنسيق مع الرئيس نبيه بري، وكانَ هناك تأكيد من عون على أن الجلسة لن تكون استفزازية لأيّ طرف، وأن الأولوية لاتخاذ قرار بالتوافق، من دون تحديد مهل زمنية حتى لو تطلّب الأمر عقد جلسات عدة، ولا سيما في ظل تغيّب عدد من الوزراء وعدم حضور قائد الجيش رودولف هيكل.
ودفعت هذه الإشارات الإيجابية حزب الله وحركة أمل إلى المشاركة في الجلسة والانفتاح على أي طرح يأخذ مصلحة لبنان في الاعتبار. وسارت الأمور على نحو جيد، إلى أن حطّ سلام في بعبدا ليل أول من أمس، وأبلغ عون أنه مصرّ على مناقشة ورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك والسير بها، ولا سيما وضع جدول زمني، وأبلغ سلام عون أنه عرضة لضغوط خارجية تهدّد لبنان.
في هذا الوقت، أرسل عون سائلاً الرئيس نبيه بري عمّا إذا كان بإمكانه الحضور ليلاً لمناقشة طرح رئيس الحكومة، إلا أن رئيس المجلس رفض الانضمام إلى الاجتماع، وقال إن «هناك اتفاقاً مع رئيس الجمهورية ولن نقبل بأي تعديلات تأخذ البلد إلى مشكل كبير».
بعد ذلك، زارَ المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والوزير السابق محمد فنيش عين التينة، وناقشا مع الرئيس بري الموقف وكيفية التعامل مع أي محاولات للتفجير داخل الحكومة عبر فرض جدول زمني لتسليم السلاح، فاقترح رئيس المجلس الامتناع عن التصويت على أيّ قرار من هذا النوع، إلا أن الحزب فضّل خيار الانسحاب من الجلسة، والتلويح بالخروج نهائياً من الحكومة، وجرى الاتفاق على خيار الانسحاب.
قبل ظهر أمس، كانت الاتصالات تشي بإمكانية التوصّل إلى حل وسط. لكن، مع انعقاد الجلسة، بدا التوتر واضحاً، فطلب الرئيس عون تأجيل مناقشة بند حصرية السلاح إلى آخر الجلسة. لكنّ التشنّج لم يغادر أجواء القصر، خصوصاً مع إصرار البعض على التهويل، ولا سيما وزراء «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب الذين وصلوا إلى حدّ تأليف روايات وتسريبها عبر الإعلام بالحديث عن أجواء متوتّرة وصدامات كلامية داخل الجلسة بين الوزراء ومع رئيس الجمهورية، وهو ما لم يكن دقيقاً. أما أصحاب المنطقة الرمادية، أي عون والوزراء المحسوبون على وليد جنبلاط، فكانوا يحاذرون جرّهم إلى التصويت لتقويض موقفهم الوسطي بغية تفادي تعريض الاستقرار اللبناني لاختبار هو الأقسى منذ عام 2005 ودفع الأمور في اتجاه انقسام يطيح بالحكومة أو يشلّها.
ومع بدء النقاش، برز فجأة، وبموقف واحد، فريق وزاري يقوده سلام مع «القوات» والكتائب، ما دفع بالبعض إلى القول إن «فريق يزيد بن فرحان» كان حاضراً بكل أسلحته، وخاض معركة الوصول إلى قرار بشأن ورقة برّاك، وتجاوز ما طرحه الرئيس عون في رسالة عيد الجيش.
وقالت مصادر وزارية إن «سلام ووزراء القوات مارسوا ضغوطاً كبيرة على عكس ما كان مُتّفقاً عليه، وحوّلوا الجلسة إلى مكيدة قد تجرّ البلد إلى أزمة كبيرة»، مشيرة إلى أن «رئيس الجمهورية أيضاً خضع لهذه الضغوطات، إذ كانَ بإمكانه رفع الجلسة وتأجيل النقاش في البند في جلسة الخميس، لكنه لم يفعل».
ولفتت المصادر إلى أن الجو كانَ متشنّجاً، إلا أن الجلسة لم تشهد اشتباكاً عالي السقف، وقدّم الوزيران ركان ناصر الدين وتمارا الزين مقاربة هادئة، مصرّيْن على عدم تحديد جدول زمني. وقبل النقاش في الأمر، بادر وزراء «القوات» إلى إبلاغ الحاضرين بأنه في حال الامتناع عن الالتزام الكامل، فسيعلّقون مشاركتهم في الحكومة ويخرجون من الجلسة، وهو ما استعمله سلام لتكريس الوجهة، ما دفع ناصر الدين والزين إلى الانسحاب، بينما بقي الوزير فادي مكي الذي طلب تسجيل تحفّظه على القرار.
ووصفت المصادر رئيس الحكومة بأنه «بدا محكوماً بالخروج بقرار يرضي واشنطن والرياض، إلى حدّ أنه لم يقبل داخل الجلسة سوى بمناقشة ورقة برّاك التي ترفض الحديث عن أي مطلب لبناني»، ما دفع ناصر الدين إلى سؤاله حول سبب هذه السرعة التي يُتخذ فيها قرار بهذه الخطوة في ساعتين، كما وجّه إليه سؤالاً فيه: «ماذا نناقش الآن، هل هو مشروع اتفاق، أو هناك موافقة إسرائيلية على هذه الورقة، وهل هناك قرار أميركي بضمان تنفيذها من الجانب الإسرائيلي؟
ومن هي الجهة التي ستتحمل الاعتداءات الإسرائيلية وانكشاف لبنان أمام العدو الإسرائيلي واحتلاله لأراضٍ لبنانية؟». وكان هناك استغراب من الاستعجال ما دامت هناك جلسة يوم الخميس، خصوصاً أن الوزراء تعرّضوا لمحاولات حصار داخل الجلسة وطُلب إليهم اتخاذ قرار، فيما أكّد ناصر الدين والزين أنهما «لم يطّلعا على الورقة قبل جلسة مجلس الوزراء ويجب دراستها ثم استكمال البحث فيها في جلسة أخرى».
حتى تلك اللحظة، كانت توجيهات عين التينة وحارة حريك إلى الوزيرين بعدم مغادرة الجلسة، لكن بعدما أصرّ سلام على إقرار البند، طُلب إليهما المغادرة، بعد خمس ساعات ونصف ساعة من انعقادها، علماً أن الرئيس عون لم يكن مؤيّداً للصيغة، وقال داخل الجلسة إن الجيش لا يستطيع أن يسحب السلاح قبل نهاية العام، وفق المصادر.
بعد الجلسة، تولّى سلام إذاعة القرار، وبدا مسروراً كمن يقول: «اشهدوا لي عند الأمير». وفيما روّج وزراء «القوات» والكتائب لانتصار كبير داخل الحكومة، انطلقت مشاورات بين عين التينة وحارة حريك لاتخاذ قرار بشأن جلسة الخميس من جهة، وكيفية الردّ على هذا القرار من جهة ثانية.
وفي السياق، قالت مصادر مطّلعة إن «الجانب السعودي بات الوكيل الحصري للملف اللبناني، وهو المتفرّد بإدارة الساحة اللبنانية، وسطَ معلومات وصلت إلى رئاسة الجمهورية بأن توم برّاك لن يعود إلى لبنان وأن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس في إجازة لمدة 3 أسابيع، وسيُكلّف فريق السفارة الأميركية في بيروت بمتابعة التنسيق مع الدولة اللبنانية تحت إشرافها، وهي لن تزور لبنان قبل انتهاء إجازتها، إلا في حال حصول طارئ يستدعي مجيئها».
******************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
الحكومة تسقط الطائف والقرار 1701 واتفاق وقف النار وتشرع البلد للعدوان
مهلة لنزع السلاح ولا مهلة لوقف الاعتداءات… والميثاقيّة والتوافقيّة للتعيينات فقط
قاسم: كل جدول زمني تحت نيران الاحتلال لا نقبله وكل ورقة باراك مرفوضة
السؤال الذي يسبق السؤال حول مصير قرار الحكومة بنزع سلاح المقاومة، هو ماذا تفترض الحكومة أنّها فاعلة إذا نجحت بنزع السلاح، وهي تعلم أن النتيجة الطبيعية هي جعل لبنان سورية ثانية، حيث السماء إسرائيلية والأراضي المحتلة تبقى محتلة وكل الجنوب منطقة أمنية، وكله يجب أن يصبح شرعياً بتوقيع الحكومة وينتهي بالتطبيع، ولعل الحكومة تؤمن أن هذا ثمن يجب دفعه لنيل الرضا الغربي والعربي وترجمة هذا الرضا مالياً تحت شعار «الاستقرار في ظل الاحتلال يجلب الازدهار»، كما كانت أوهام الذين روّجوا لاتفاق 17 أيار قبل أكثر من أربعين سنة، كما توهّم الذين روجوا لاتفاقات أوسلو في فلسطين قبل أكثر من ثلاثين سنة، ولا ظلم أبدأ بالقول إن قرار الحكومة يحمل في طياته نية التمهيد لما هو أسوأ من اتفاق 17 أيار المشؤوم.
عملياً أسقطت الحكومة اتفاق الطائف وتذرعت به، لأن جوهر اتفاق الطائف يقوم على اعتبار تحرير الأرض أولوية الأولويات، بينما هو عند الحكومة يذكر من باب رفع العتب، وإلا فما هي الخطة التي وضعتها الحكومة لاستعادة الأراضي المحتلة، وهل وعد توماس باراك بإصدار إدانة من مجلس الأمن الدولي اذا لم تنسحب «إسرائيل» هو الاستراتيجية الدفاعية عن لبنان التي وعدت بها الحكومة، وترجمها وزير الخارجية بالبكاء عند الأميركي كما وعد اللبنانيين؟
الدليل على أن اتفاق الطائف هو مجرد آلهة تمر عند الحكومة كما كانت آلهة التمر عند أهل الجاهلية يأكلونها متى جاعوا، وأن الحكومة تتحدّث عن الطائف وركيزته التوافق في الشؤون الميثاقية، والحكومة تعلم ورئيسها خير العارفين، بأن ملف السلاح يتصل بإجماع طائفة كبرى تمثل مكوّناً تأسيسياً في الدولة والكيان ولا تحل الأمور معه بالتصويت داخل الحكومة كأن المطروح هو تعيين مدير عام، وحتى في التعيينات مارس رئيس الحكومة منهج التوافق والميثاقية بعناية أكبر من الخفة التي تعامل بها مع هذا الشأن الوطني المصيري والميثاقي قبل كل ذلك.
الحكومة تنسف القرار 1701 الذي يربط توقيت ملف السلاح بإنهاء مرحلة وقف الأعمال العدائية، وينقله إلى الفقرة العاشرة في مرحلة يسميها الحل المستدام، حيث يربط مصير السلاح بإنهاء مصير الأراضي المتنازع عليها وغير محددة الهوية ومنها مزارع شبعا، التي يجب الانسحاب منها قبل ترسيم الحدود بين لبنان وسورية فيها وفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي كلفه القرار 1701 بوضع تقرير حولها.
الحكومة تنسف اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نص كما اتفاق الطائف كما القرار 1701، لكنه كما اتفاق الطائف والقرار 1701 لحظ تسلسلاً في الأولويات، لا يلغيها أن يقوم رئيس الحكومة بتلاوة تسميات المؤسسات التي ذكر أنها تحمل السلاح دون سواها، فذلك لاحق على وقف الأعمال العدائية، وقد نفذ لبنان ما عليه منها ووقف التنفيذ عند تمنع الاحتلال عن تنفيذ عليه، وتأتي الحكومة لتريح الاحتلال وتزيل الحافز الذي كان قد يدفعه للتفكير بالانسحاب ووقف الاعتداءات، عبر اشتراطها ربط البحث بمصير السلاح بإتمام مرحلة وقف الأعمال العدائية.
الحكومة مستعجلة على نزع السلاح فوضعت لذلك مهلة ومهلة ضمنها للجيش لوضع الخطة، لكن لا بأس بمجرد الحديث عن استعادة الأراضي المحتلة بكلمات جوفاء ولا حاجة لمهلة، ولا لمهلة ضمنها لخطة يقدّمها الجيش، ثم لماذا كيف يصبح الجيش معنياً بشأن يجب أن تحله السياسة مع حزب الله، ويصبح وزير الخارجية الذي قال إن لبنان لا يملك إلا البكاء مسؤولاً عن تحقيق انسحاب الاحتلال؟
قبل أن ينتهي مجلس الوزراء وتصدر القرارات التي أدّت إلى انسحاب وزيرين يمثلان ثنائي حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة، تحدّث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كاشفاً مضمون ورقة توماس باراك، التي تنص على تسليم نصف سلاح حزب الله الفردي والثقيل والمتوسط على أن ينسحب الاحتلال بعدها من ثلاث تلال، وإن لم تفعل «إسرائيل» يقول باراك إنه لا يضمن الانسحاب، لكنه يضمن صدور إدانة للاحتلال من مجلس الأمن الدولي، كأن «إسرائيل» تهتمّ وتأبه لقرارات مجلس الأمن وليس لإدانته فقط، وقال قاسم إن حزب الله يرفض ورقة باراك جملة وتفصيلاً، وإنه لن يقبل بمهل زمنية في ظل نيران الاحتلال.
قرّر مجلس الوزراء استكمال البحث في الورقة الأميركية خلال جلسة تعقد غداً وتكليف قيادة الجيش إعداد خطة تنفيذية لحصر السلاح، على أن تنجز الخطة قبل نهاية العام الحالي. وكان رئيس الحكومة نواف سلام، أكد بعد انتهاء الجلسة التزام الحكومة بما ورد في بيانها الوزاري لحكومة الإصلاح والإنقاذ، ولا سيّما ما يتعلق بأمن البلاد، ومسؤولية الدفاع عن حدودها، وتنفيذ القرار الدولي 1701 كاملاً ومن دون أي تجزئة. وأضاف سلام: «نؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء». وأوضح سلام أن المجلس اطلع على «ورقة المقترحات» التي قدّمتها الولايات المتحدة عبر الموفد توم باراك، بالإضافة إلى التعديلات التي أُدخلت عليها بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين.
وأوضح وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقرّرات مجلس الوزراء، أنّ الوزيرَين تمارا الزين وركان ناصر الدين انسحبا من الجلسة لعدم موافقتهما على القرار الذي تلاه لاحقًا رئيس الحكومة نواف سلام. وذكر أنّ مجلس الوزراء حدّد مهلةً حتى آخر السّنة لتوحيد السلاح بيدّ الدولة اللبنانيّة، مشيرًا إلى أنّ جلسة ستُعقد غداً «لاستكمال بحث ما بدأناه أمس، إذ لم نُقِرّ بعد الورقة». وقال: «الرئيس جوزاف عون جدّد التركيز على النواحي الإيجابية التي يتمتّع بها البلد وشدّد على أنّ وحدة اللبنانيين كفيلة بحلّ المشكلات وأشاد بإقرار مجلس النواب عدد من القوانين».
وبالتزامن مع الجلسة الوزارية المخصصة لبحث حصرية السلاح بيد الدولة، شدد الأمين العام لـحزب الله نعيم قاسم على أنّ تثبيت الاستقرار في لبنان يقتضي الالتزام بثلاث قواعد أساسية: الشراكة والتعاون بين القوى السياسية، وتحديد الأولويات الوطنية بوضوح، وعدم الخضوع لأيّ وصايةٍ أميركية أو عربية. واعتبر أن ما تعرّضت له سورية في السنوات الماضية انعكس مباشرةً على لبنان، مشيراً إلى أن ما قدّمه الموفد الأميركي آموس هوكستين في ما يعرف بـ»مذكرة براك» يصب بالكامل في مصلحة «إسرائيل». وأكّد أنّ حزب الله التزم التزاماً كاملاً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار ولم يسجّل عليه أي خرق، في حين انقلبت «إسرائيل» على الاتفاق وخرقته آلاف المرات. وأوضح أن «إسرائيل» «ندمت على الاتفاق لأنه حافظ على قوة حزب الله في لبنان، ولذلك لم تلتزم به». وأشار إلى أن الولايات المتحدة قدّمت عبر مبعوثها توم براك «إملاءات لنزع قوة لبنان والمقاومة والشعب بالكامل لمصلحة «إسرائيل»»، كاشفًا أنّ براك اشترط نزع السلاح خلال 30 يومًا، بما يشمل حتى القنابل اليدويّة وقذائف الهاون، وأن يتم تفكيك 50% من القدرة العسكرية خلال شهر، قائلًا: «لكنهم لا يعرفون مستوى قدراتنا حتى يحددوا نسبة الخمسين في المئة». كما لفت إلى أنّ المقترحات المطروحة تضمنت انسحاب «إسرائيل» من النقاط الخمس كمرحلة أولى، تليها مرحلة ثانية خلال 60 إلى 90 يومًا تبدأ بعدها عملية تسليم الأسرى، واصفًا هذا المسار بأنه «تجريد للبنان من قوته». وبيّن قاسم أنّ حزب الله «غير موافق على أي اتفاق جديد غير الاتفاق القائم بين الدولة اللبنانية والعدو الإسرائيلي»، مضيفًا: «من غير الممكن القبول بتخلي لبنان تدريجيًا عن قوته وبأن تبقى أوراق القوة كاملة بيد العدو… نحن لا نقبل أن نكون عبيدًا لأحد». وتساءل قاسم أمام الحكومة اللبنانية: هل التخلّي عن المقاومة، والاستسلام لـ»إسرائيل»، وتسليمها السلاح يُعَدّ تحصينًا للسيادة؟ وشدّد قاسم على أنّ أيّ نقاشٍ حول مستقبل لبنان الأمني يجب أن ينطلق من استراتيجية وطنية شاملة للأمن، لا من جداول زمنية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة، لافتًا إلى أنّ محاولة فرض حلول في هذا الملفّ بمعزلٍ عن التوافق الوطنيّ محكومة بالفشل. وقال: إنّ المقاومة ليست حالةً طارئة، بل جزءٌ أصيل من النسيج اللبنانيّ ومن ميثاق الطائف نفسه؛ وبالتالي لا يمكن التعامل معها كملفٍّ قابلٍ للتصويت أو الإلغاء بأكثريّة عددية، بل يجب أن تُناقَش بالتوافق الوطني احترامًا للثوابت الدستورية والميثاقية. وأضاف أنّ أيّ بحثٍ في الاستراتيجية الدفاعية يجب أن يتمّ ضمن هذا الإطار، معتبرًا أنّ تجاوز هذه الحقائق أو القفز فوقها تحت أيّ عنوان، سواء أكان دوليًا أم إقليميًا، يمسّ أسس الاستقرار في لبنان. وأكّد قاسم أنّ لا حلول في لبنان من دون توافق، ولا يمكن عزل المقاومة عن المعادلة الوطنية، مشدِّدًا على أنّ حماية لبنان تبدأ بصياغة رؤيةٍ دفاعيةٍ تحفظ سيادته وتمنع المساس بحقوقه.
كما دعا الأمين العام لـ»حزب الله» نعيم قاسم إلى الإسراع في إنجاز التحقيقات المتعلّقة بانفجار مرفأ بيروت، مطالبًا بإخراج هذا الملفّ من دائرة التسييس والطائفية والاتهامات المعلَّبة، ورفض الإملاءات الخارجية. وأكّد أنّ العدالة الحقيقية لا تتحقّق إلّا بالشفافية والابتعاد عن التأثيرات السياسية.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله أن الحزب لا يسعى إلى أي صدام داخلي، بل يتحرّك بوعي لضبط الشارع وتفادي الانزلاق نحو توترات تهدد الاستقرار الوطني. وتشير هذه المصادر إلى أن مواقف الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الأخيرة، وإن بدت تصعيدية في لهجتها، جاءت في إطار الرد على الورقة الأميركيّة المتشددة التي ترافقت مع ضغوط خارجية كثيفة على المسؤولين اللبنانيين، وليس كمقدّمة لمواجهة داخليّة. وترى المصادر أن الحزب يتعامل مع المرحلة الراهنة بحذر بالغ، ملتزمًا بضبط النفس من جهة، ورافضًا في الوقت نفسه أي محاولة لفرض شروط خارجيّة أو المساس بمعادلة المقاومة التي تشكل جوهر موقفه السياسيّ. ويعكس الخطاب الأخير للشيخ قاسم هذا التوازن الدقيق بين التمسك بالثوابت الوطنية والسيادية، والسعي إلى تجنّب الانفجار الداخليّ، في لحظة إقليميّة حرجة تتطلب إدارة دقيقة للتحديات.
هذا وشهدت الضاحية الجنوبيّة لبيروت، مسيرات دراجات نارية وُصِفت بأنّها دعمٌ لـسلاح حزب الله، وكانت مسيرة دراجات نارية انطلقت من الضاحية الجنوبيّة، باتّجاه كنيسة مار مخايل وقام الجيش اللبنانيّ بمنع مرور المسيرة على طريق صيدا القديمة وتمّ تحويلها إلى منطقة المشرفيّة – أوتوستراد السيد هادي.
إلى ذلك، استهدفت غارة من مسيّرة إسرائيلية، مساء أمس، سيارة من نوع «رانج»عند مفرق بريتال في البقاع، أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان، أن الغارة أدّت إلى سقوط شهيد..
وغداة زيارته الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، زار وفد من حزب الله برئاسة النائب علي فياض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في المقر العام للتيار في ميرنا الشالوحي. وبعد اللقاء، قال فياض «ناقشنا قضايا عدة مهمة راهنة ومستقبلية، لكن أبرز الموضوعات التي ناقشناها ما يتصل باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والمترتبات على هذا الموضوع في ظل ما يتعرّض له البلد من ضغوط خارجية». أضاف: «تشاركنا مع الوزير باسيل المخاطر القائمة أو المحتملة التي يتعرض لها البلد، وكما هو معروف فالبلد الآن هو عرضة لمخاطر سيادية استراتيجية كبرى وفي بعض الأحيان نخشى أن تكون مخاطر وجودية. أسوأ سيناريو الآن، الذي يجب أن نحتاط له جميعاً هو تحويل المشكلة من مشكلة لبنانية – إسرائيلية إلى مشكلة لبنانية – لبنانية، هذا ما لا نريده على الإطلاق، وهذا ما يتناقض مع رؤيتنا، لأنه برأينا، كلما يتماسك الموقف اللبناني على المستوى الداخلي كنا أقدر على وضع حد لهذه الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد». وتابع فياض: «تماسك الموقف الرسمي اللبناني ومن ثم تفهمه وتمسكه بالثوابت التي تقوم على أولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، هذا هو بمثابة مدخل لاستراتيجية الخروج من الوضع الصعب الذي يمر به البلد، أما ما عدا ذلك، فالجميع سيكون أمام مشكلة». وأردف فياض: «عندما نتحدّث عن مخاطر، وهذا ما ناقشناه، فالمخاطر لا تختصّ بمكوّن دون المكوّنات الأخرى، ولا تختص بمنطقة دون مناطق أخرى، نحن ندرك تماماً أن الظرف دقيق وصعب لكن على لبنان الا يفرط بمصالحه الكبرى. فلنلتقِ جميعاً عند هذه النقطة التي نكررها على الدوام، نحن نريد موقفاً لبنانياً رسمياً واحداً، نريد موقفاً وطنياً لبنانياً متماسكاً، وأن نتمسك جميعاً بأولوية الانسحاب الإسرائيليّ ووقف الأعمال العدائيّة وإطلاق الأسرى كمدخل لإطلاق مسار معالجة يتولى أمره اللبنانيون في ما بينهم وهذا هو الموضوع الذي عالجناه مع الوزير باسيل».
ولاحقاً زار باسيل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى في دار الطائفة في بيروت، على رأس وفد نواب كتلة «لبنان القوي» في الجبل. وقال باسيل: جئنا لكي نعبّر عن تضامننا مع بعضنا كلبنانيين ومكوّنات لبنانية، للوقوف جنب بعضنا البعض في أي لحظة يشعر فيها أي أحد منّا انه ليس فقط بخطر إنما بقلق ينتابه فيرى اللبنانيين إلى جانبه. وفي النهاية هذا البلد مؤلف من مكوّنات طائفية يجب أن لا يشعر أحدها أنه مهدد في أي لحظة بوجوده، والطائفة الدرزية هي طائفة مكوّنة ومؤسسة للكيان اللبناني، وهي قلب الجبل والركن الأساسي، التي تستطيع مع باقي المكوّنات أن تعطي الطمأنينة والاستقرار لوطننا». أضاف: «من دون شك، لسنا بمعزل ولا بمنأى عما يجري من حولنا ولا سيما في سورية تحديداً، وما حدث فمن المؤكد أن يدفعنا جميعاً لكي نقلق، وباحتمال أن تنتقل العدوى إلى عندنا، لأنه لا يوجد لما جرى مبرراته بأن تحصل مثل أحداث كهذه أبداً. لهذا، لدينا خلاصة واحدة، انه في أي وقت من الأوقات تضامننا السريع مع بعضنا هو الذي يبعد الشر والخطر عنا». ورداً على سؤال حول مدى التوافق بخصوص سلاح حزب الله، قال باسيل: «أظن متفقون مع شيخ العقل بهذا الخصوص».
في غضون ذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن الاستقرار في لبنان هو المدخل الأساسي للنهوض بالاقتصاد اللبناني من جديد، وأن العمل قائم على تثبيت هذا الاستقرار بالتزامن مع الإصلاحات التي تمّت حتى الآن وتلك التي ستنجز في المستقبل القريب من خلال مشاريع القوانين التي يقرّها مجلس النواب والقرارات التي تتخذها الحكومة. وأعرب الرئيس عون عن تفاؤله بالأيام الآتية، لافتاً إلى أن ما يشهده لبنان راهناً من انتعاش في الحركة السياحية وعودة المؤتمرات الدولية إلى عاصمته وحضور أبناء الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً لتمضية فصل الصيف فيه، دليل ثقة بأن لبنان بدأ يستعيد عافيته تدريجياً، وكذلك حضوره على الساحتين العربية والدولية. ونوّه رئيس الجمهورية بالجهود التي يبذلها، رجال الأعمال في لبنان ودول الانتشار من أجل دفع العجلة الاقتصادية نحو الأمام.
ووقّع الرئيس عون المرسوم الرقم 823 تاريخ 5 آب 2025، القاضي بإجراء تشكيلات ومناقلات قضائية. وحمل المرسوم تواقيع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء العدل والماليّة والدفاع الوطني عادل نصار، ياسين جابر، واللواء ميشال منسى.
إلى ذلك عقدت لجنة التحقيق النيابية المكلفة بالنظر في ملف وزارة الاتصالات اجتماعها الأول في المجلس النيابي، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وعضوية النائبين غادة أيوب وإبراهيم الموسوي، حيث وضعت آلية عملها.
**********************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
أخيراً القرار الحاسم بتكليف الجيش حصر السلاح… انسحاب "الثنائي" وتصعيد الحزب" في الذروة
مجلس الوزراء قرّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية الخميس المقبل وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي وعرضها على الحكومة قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها واقرارها
تحت وطأة رفع "حزب الله" استفزازته السياسية والإعلامية وتصعيد مواقفه حتى الذروة، واستدراجه التهويل بالشارع من خلال عراضات الدراجات في أحياء الضاحية الجنوبية، كما عبر عودته المستغربة إلى التهديد بقصف إسرائيل بالصواريخ، انعقدت "جلسة السلاح" الماراتونية لمجلس الوزراء على خلفية إصدار القرار المفصلي الجراحي الذي لا بد منه لحصر السلاح في يد الدولة
ولكن حصيلة الجلسة جاءت مفصلية فعلاً، وأعلنها رئيس الحكومة نواف سلام من قصر بعبدا بعد أكثر من خمس ساعات ونصف الساعة أفضت إلى تكليف الجيش وضع خطة تنفيذية لحصر السلاح قبل نهاية السنة الحالية، الأمر الذي قابله وزراء الثنائي الشيعي بالانسحاب من الجلسة تعبيراً عن اعتراضهم على القرار الجراحي الذي طال انتظاره داخلياً وخارجياً.
وأعلن الرئيس سلام الفقرة الخاصة ببند حصر السلاح التي أفضت إلى القرار بناءً على البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم لرئيس الجمهورية، وبناءً على إقرار لبنان بإجماع الحكومة السابقة على إعلان الترتيبات الخاصة لوقف الأعمال العدائية، وبعد أن إطّلع مجلس الوزراء على ورقة المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة عبر الموفد توم برّاك وعلى التعديلات التي أضافتها عليها بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين، وأعلن أن مجلس الوزراء قرّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم الخميس المقبل وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها واقرارها.
وأكد وزير الاعلام بول مرقص أن وزراء "الثنائي" انسحبوا لعدم موافقتهم على قرار مجلس الوزراء بشأن حصر السلاح. وأن الوزير فادي مكي حمل تحفظًا على البيان الذي صدر عن الحكومة وباقي الوزراء باستثناء وزراء الثنائيّ وافقوا على البيان، وتحفّظ على الشقّ المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل تقدم الجيش باقتراحه وقبل استكمال النقاش بحضور الجميع في الجلسة المقبلة.
وقبل الجلسة، عقد اجتماع بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. وتردّد ان رئيس مجلس النواب نبيه بري تعرّض لضغوط من "حزب الله" لسحب بند السلاح من جدول أعمال جلسة الحكومة، وبالتالي فإن ثنائي "أمل – حزب الله" حاول تأجيل بند السلاح. ولفتت معلومات إلى أن اتصالات جرت على أرفع المستويات لمحاولة التوصل إلى صيغة توافقية في ما يتعلق ببند سحب سلاح "حزب الله".
كما قرّر مجلس الوزراء تبديل اسم جادة حافظ الأسد على طريق المطار إلى جادة زياد الرحباني.
ومضى "حزب الله" في استباق الجلسة ومواكبتها بتعبئة تصاعدية لاجواء الرفض لبند حصرية السلاح في يد الدولة. وتدرجت تعبئته بدءاً بتاكيد النائب في كتلة "الوفاء للمقاومة" علي المقداد أن "الأَولى والأهم هو عقد جلسات مفصلية تبحث في قضايا مصيرية كالأراضي المحتلة، والأسرى، وإعادة الإعمار"، متسائلًا: "هل هذه الجلسة ضرورة للبنان، أم للعدو الإسرائيلي والأميركي"؟، منتقدًا في السياق "التماهي مع الخطاب الإسرائيلي والأميركي". وحول احتمال طرح التصويت على نزع سلاح "حزب الله"، قال المقداد: "لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة أو محو قسم كبير من اللبنانيين".
ثم كثّف الحزب مساعيه المباشرة لتعويم علاقته وتحالفه مع "التيار الوطني الحر". فغداة زيارة وفد منه إلى الرئيس السابق ميشال عون، زار وفد من الحزب برئاسة النائب علي فياض رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في المقر العام لـ "التيار" في ميرنا الشالوحي، وأعلن فياض أن "البلد الآن هو عرضة لمخاطر سيادية استراتيجية كبرى وفي بعض الاحيان نحشى أن تكون مخاطر وجودية. أسوأ سيناريو الآن، الذي يجب أن نحتاط له جميعا هو تحويل المشكلة من مشكلة لبنانية – إسرائيلية إلى مشكلة لبنانية- لبنانية، هذا ما لا نريده على الإطلاق، وهذا ما يتناقض مع رؤيتنا، لأنه برأينا، كلما يتماسك الموقف اللبناني على المستوى الداخلي، كلما كنا أقدر على وضع حد لهذه الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد". وقال إن "تماسك الموقف الرسمي اللبناني ومن ثم تفهمه وتمسّكه بالثوابت التي تقوم على أولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، هذا هو بمثابة مدخل لاستراتيجية الخروج من الوضع الصعب الذي يمر به البلد، أما ما عدا ذلك، الجميع سيكون أمام مشكلة".
كما أن الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم واكب الجلسة خلال انعقادها برفع سقف رفض الحزب لأي جدول زمني لتسليم الحزب سلاحه، فأعلن أن "ما أتى به الموفد الأميركي توم برّاك هو لمصلحة إسرائيل بالكامل، و"حزب الله" التزم التزاماً تاماً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار ولم يُذكر أي خرق تجاه العدو أو بالتعاون مع الدولة". واعتبر أن "مذكّرة برّاك تهدف إلى تجريد لبنان من قدرته العسكرية، وذلك بتجريد مقاومته وعدم السماح للجيش اللبناني بامتلاك سلاح إلّا بقدرة وطنية لا تؤثّر على إسرائيل من قريب أو بعيد، ولسنا موافقين على أيّ اتفاق جديد غير الاتفاق السابق بين الدولة اللبنانية وإسرائيل، وأي جدول زمني يُعرَض ليُنفّذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي لا يُمكن الموافقة عليه". وسأل الحكومة: "هل التخلي عن المقاومة والاستسلام لإسرائيل وتسليمها السلاح هو تحصين للسيادة؟". وقال إنه إذا طبّقت إسرائيل الاتفاق أولاً يمكننا التحدث عن أي شيء، وإذا أعادت إسرائيل شنّ حرب أوسع على لبنان فستسقط الصواريخ عليها وسيسقط أمنهم في ساعة واحدة ". واعتبر أن "المقاومة جزء من دستور الطائف ومنصوص عليها لحماية لبنان، والأمر الدستوري يتطلب توافقاً وتفاهم مقومات المجتمع كافة".
واقترنت التعبئة الحزبية بأخرى مذهبية، إذ وجّه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، رسالة إلى الحكومة اللبنانية والسلطة السياسية بدت أقرب إلى التحذير، وتضمّنت نبرة حادة تجاه رئيس الجمهورية والحكومة، ومشدداً على "أننا لن نسلّم رقابنا للسفاحين".
أما في الشارع، فاتخذ الجيش اللبناني تدابير ميدانية مشددة عند مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، لمنع خروج مسيرة لدراجات نارية باتجاه مناطق خارج الضاحية، في ظل أجواء توتر مرتبطة بملف سلاح "حزب الله" بعدما جابت مسيرات دراجات نارية لمناصرين من "حزب الله" شوارع الضاحية الجنوبية وطريق المطار، رافعين أعلام الحزب ومطلقين الهتافات، وفي المقابل اتخذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية عبر انتشار العناصر في المناطق التي تربط الضاحية في العاصمة بيروت. كما سيّرت مسيرات مماثلة للدراجات في النبطية
في سياق متصل، أصدرت أمس وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً جديداً لرعاياها، دعت فيه إلى تجنّب السفر إلى عدد من الدول التي تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة، من بينها لبنان، سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، السودان، الصومال وإيران.
ودعت الخارجية المواطنين الأميركيين الموجودين حالياً في هذه الدول إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، والتواصل مع السفارات الأميركية في حال الحاجة للمساعدة الطارئة.
*********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
الحكومة تتخذ نصف قرار بحصر السلاح... وعون يمسك العصا من منتصفها
استجاب مجلس الوزراء للورقة الأميركية هاملاً الردّ اللبناني عليها، وقرّر في ضوئها تكليف الجيش اللبناني وضع خطة لحصرية السلاح بيد الدولة، وأمهله حتى نهاية الشهر لإنجازها تمهيداً لمناقشتها وإقرارها، على أن تنفّذ في مهلة أقصاها نهاية السنة. وقد انسحب وزيرا «الثنائي الشيعي» من الجلسة التي غاب عنها بقية زملائهما بداعي السفر، فيما تحفّظ وزير ثالث عن القرار. وفيما تقرّر أن يجتمع مجلس الوزراء غداً لمناقشة الورقة الأميركية، سيدرس وزراء «الثنائي» ما حصل في جلسة الأمس ليبني عليه الموقف من هذه الجلسة حضوراً او غياباً. علماً انّ النقاش والسجال في الجلسة تركّزا بينهم وبين رئيس الحكومة نواف سلام، فيما أمسك رئيس الجمهورية العماد حوزاف عون العصا من منتصفها مانعاً انفجار الحكومة او تصدّعها.
إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء قال رئيس الحكومة نواف سلام، إنّه «بناءً على البيان الوزاري لحكومة الإصلاح والإنقاذ، والذي أكّد على أنّ الدولة اللبنانية تلتزم بأمن البلاد ومسؤولية الدفاع عن حدودها وتنفيذ القرار 1701 من دون اجتزاء، وبناءً على ما ورد في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، وبناءً على إقرار لبنان بإجماع الحكومة السابقة على إعلان الترتيبات الخاصة لوقف الأعمال العدائية، وبعد أن اطلع مجلس الوزراء على ورقة المقترحات التي تقدّمت بها الولايات المتحدة عبر الموفد توماس برّاك، وعلى التعديلات التي أضافتها عليها بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين، قرّر مجلس الوزراء استكمال النقاش في الورقة الأميركية يوم الخميس المقبل(غداً)، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها».
وعلمت «الجمهورية»، انّ الرئيس عون وبعد تأجيله بند حصرية السلاح إلى نهاية الجلسة، طلب توزيع ورقة برّاك الأخيرة على الوزراء، فطلبت وزيرة البيئة تمارا الزين تأجيل البحث فيها، وقالت «انّ ورقة خطيرة بهذا المستوى كيف يُطلب منا البتّ فيها قبل الإطلاع عليها، نحن حكومة تكنوقراط والقرارات السياسية تؤخذ على مستوى سياسي، ثم انّ وزيرين متغيبان، وقائد الجيش غير موجود ورأيه مهمّ جداً». فردّ سلام عليها قائلاً: «سنناقش المبادئ ولن ندخل في التفاصيل». واقترح ان تعلن الحكومة موافقة مبدئية على الأهداف العامة الـ11 الواردة في ورقة برّاك الأميركية. لكن الوزير راكان ناصر الدين ومعه الزين رفضا هذا الاقتراح رفضاً قاطعاً وتحدثا عن مخاطر القبول به. وعندها اقترح رئيس الجمهورية الوصول إلى صيغة تتيح موضوع التأجيل لمزيد من الدرس، فأصرّ سلام ومعه وزراء «القوات اللبنانية» على اتخاذ قرار.
وفي المقابل أصرّ وزراء «الثنائي» على تأجيل البحث، ودار نقاش استمر 4 ساعات، حاول في خلالها وزير الدفاع من موقعه ترحيل النقاش إلى حين حضور قائد الجيش الموجود خارج البلاد، فاقترحت تمارا الزين مجدداً التأجيل واتخاذ قرارات بسلة متكاملة غداً الخميس بعد العودة إلى المرجعيات السياسية. وأجمع عدد كبير من الوزراء من دون «القوات اللبنانية» على عدم تحديد مهل زمنية.
وأكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، انّ الجلسة كانت ممسوكة، ولكن كان من الواضح انّ ضغوطاً خارجية كبيرة مورست عليها وعلى الرئيس سلام للخروج بقرارات، وقد أخذ النقاش بين الوزراء منحى حوارياً مع أسئلة واقتراحات، فيما تعاطى وزراء «الثنائي» بإيجابية عالية. وعند إصرار سلام على تحديد جدول زمني لحصرية السلاح انسحب ناصرالدين والزين، وحاول الرئيس عون وبعض الوزراء ثنيهما عن الخطوة.
وخلال الجلسة وردت على هواتف الوزراء أخبار عاجلة عن مضمون خطاب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، حول انّ السلاح إذا نُزع سيُسلّم لإسرائيل. فعلّق سلام على ذلك قائلاً: «من قال إني سأسلم السلاح لإسرائيل. فعندما كنت في المحكمة الدولية أطلقوا عليّ اسم قاضي حزب الله».
محاكاة الضغوط الخارجية
في غضون ذلك، تساءلت أوساط سياسية عمّا اذا كانت قرارات مجلس الوزراء تندرج في إطار حل يحقق الاستقرار، أم انّها تأتي في سياق أخذ البلد إلى مشكلة جديدة سترتب تداعيات سلبية.
وقالت هذه الأوساط لـ»الجمهورية»، انّ اعلان مجلس الوزراء عن تحديد مهلة زمنية لحصر السلاح قبل نهاية السنة الحالية يحاكي بالدرجة الأولى الضغوط الخارجية على لبنان، لكن ليس معروفاً كيف يمكن للحكومة التقيّد بهذه المهلة ما دام الطرف الآخر المعني بها غير موافق عليها.
ولفتت الاوساط نفسها إلى انّ موقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي أكّد انّ مسألة المقاومة هي ميثاقية ولا تُحسم بالتصويت، استبق قرارات مجلس الوزراء، ومهّد لرفض التجاوب معها. وحذّرت من استدراج الجيش إلى مشكلة مع «حزب الله»، خصوصاً بعد تكليفه إنجاز خطة تطبيقية لحصر السلاح وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري، والتي سيليها على الأرجح تكليفه تنفيذها.
وأشارت الاوساط إلى انّ الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف بريتال عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء يشكّل تحدّياً وإحراجاً للحكومة التي قرّرت سحب السلاح، فيما هي عاجزة عن حماية لبنان وشعبه.
الجميع تهيّب الموقف
وفي السياق نفسه، أبدت مصادر مواكبة عبر «الجمهورية»، قلقها إزاء المسار الذي سيسلكه ملف سحب السلاح، بعد الذي جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس. فالجميع تهيّب الموقف خوفاً من وصول البلد إلى انشقاق سياسي كبير، أو ربما صدامات أهلية لا يستطيع أحد تحمّل عواقبها، خصوصاً في ظل الظروف الإقليمية البالغة التعقيد والسخونة، حيث هناك جبهات ملتهبة ومناطق متوترة على أسس سياسية أو مذهبية أو عرقية. ويمكن أن تكون أولى الضحايا منظومة الحكم التي يعوّل عليها لإنقاذ البلد، أي العهد والحكومة. وبعد ذاك، يغرق الجميع في هوة سحيقة من الخلافات والفوضى.
وقالت هذه المصادر، إنّ مجلس الوزراء أرجأ المشكلة، ولكن الاستحقاق باقٍ، ولا حل في الأفق بعدما برزت المواقف على حقيقتها وفي شكل واضح، وقد توّجها موقف «حزب الله» الذي عبّر عنه الشيخ نعيم قاسم. وستكون العقدة هي فقدان الأمل في الحوار الموعود، الذي أخذه رئيس الجمهورية جوزاف عون على عاتقه، فيما سيواجه الجميع مستوى عالياً جداً من الضغط الخارجي على لبنان، سواء من جانب الولايات المتحدة وحليفاتها أو من جانب إسرائيل.
رفض أي اتفاق جديد
أكّد رئيس الحكومة نواف سلام بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، انّ «البيان الوزاري للحكومة وما ورد في خطاب قَسَم الرئيس، أكّدا واجب الدولة في احتكار حمل السلاح».
وقال: «قرّر المجلس استكمال النقاش في الورقة الأميركية بجلسة حكومية في 7 آب، وتكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بحدود نهاية العام الجاري، وعرضها على مجلس الوزاء قبل 31 الشهر الجاري».
وفيما كانت الجلسة الحكومية منعقدة، قال الأمين العام لـ«حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تأبيني، «إنّ ما تعرّضت له سوريا خلال السنوات الماضية كانت له تداعيات مباشرة على لبنان»، مشيراً إلى «أنّ ما قدّمه الموفد الأميركي في ما يُعرف بـ«مذكرة برّاك»، يصبّ في مصلحة إسرائيل بشكل كامل». وأكّد «أنّ «حزب الله» التزم التزاماً كاملاً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، ولم يسجل أي خرق من جانبه تجاه العدو الإسرائيلي، بل تمّ الالتزام بالتنسيق الكامل مع الدولة اللبنانية». وقال إنّ «مذكرة برّاك» تهدف إلى تجريد لبنان من قدرته العسكرية، ومنع الجيش اللبناني من امتلاك سلاح فعّال، تحت ذريعة عدم التأثير على أمن إسرائيل».
ورفض قاسم بشكل قاطع «أي اتفاق جديد مع إسرائيل لا يندرج ضمن التفاهم السابق بين الدولة اللبنانية والعدو»، مشدّداً على «أنّ أي جدول زمني يُطرح لتنفيذه تحت سقف العدوان الإسرائيلي هو مرفوض».
وأكّد «أنّ إسرائيل ندمت على اتفاق وقف إطلاق النار، بعدما أدركت أنّه منح «حزب الله» مساحة للاستمرار كقوة ردع فاعلة داخل لبنان، ولذلك هي لم تلتزم به وتسعى لتعديله لمصلحتها».
وسأل قاسم الحكومة اللبنانية: «هل التخلّي عن المقاومة والاستسلام لإسرائيل وتسليمها السلاح هو تحصين السيادة؟». وشدّد على «أنّ أي نقاش حول مستقبل لبنان الأمني يجب أن ينطلق من استراتيجية وطنية شاملة للأمن، وليس من منطلق جداول زمنية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة». ولفت إلى «أنّ محاولة فرض حلول في هذا الملف بمعزل عن التوافق الوطني محكومة بالفشل».
وقال قاسم: «إنّ المقاومة ليست حالة طارئة بل جزء أصيل من النسيج اللبناني ومن ميثاق الطائف نفسه، وبالتالي لا يمكن التعامل معها كملف قابل للتصويت أو الإلغاء بأكثرية عددية، بل يجب أن تُناقش بالتوافق الوطني، احتراماً للثوابت الدستورية والميثاقية». وأكّد على أنّ «لا حلول في لبنان من دون توافق، ولا يمكن عزل المقاومة عن المعادلة الوطنية»، مشدّداً على أنّ حماية لبنان تبدأ من صياغة رؤية دفاعية تحمي سيادته وتمنع المساس بحقوقه». وشدّد على أنّ هذه المقاومة لم تولد من فراغ، بل جاءت نتيجة عقود من النضال والدفاع عن الأرض، وهي اليوم حامية لخيارات لبنان الحرّة في وجه كل من يحاول إخضاعه أو فرض شروط خارجية عليه». وختم «إنّ لبنان لن يكون تابعاً أو رهينة لأحد، ما دامت فيه إرادة المقاومة والتمسك بالسيادة الوطنية».
جادة زياد الرحباني
وكان وزير الإعلام بول مرقص أشار خلال تلاوته مقررات مجلس الوزراء، إلى انّ «الرئيس عون شدّد خلال الجلسة على أهمية الوحدة الداخلية لتجاوز الصعاب». وأوضح انّ «الوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين انسحبا من الجلسة لعدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء». وذكر انّ «مجلس الوزراء وضع مهلة حتى آخر العام لتوحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية». واشار إلى انّ «يوم الخميس ستُعقد جلسة لاستكمال بحث ما بدأناه اليوم ولم نقرّ بعد الورقة». ولفت إلى انّ «مجلس الوزراء قرّر تغيير اسم جادة حافظ الاسد من المطار إلى نفق سليم سلام إلى جادة زياد الرحباني».
الرعايا الأميركيون
وفي هذه الأثناء، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية أمس تحذيراً جديداً لرعاياها، دعت فيه إلى تجنّب السفر إلى عدد من الدول التي تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة، من بينها لبنان، سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، السودان، الصومال وإيران. ودعت المواطنين الأميركيين الموجودين حالياً في هذه الدول إلى «اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، والتواصل مع السفارات الأميركية في حال الحاجة للمساعدة الطارئة».
******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
قرار كبير لمجلس الوزراء: تكليف الجيش وضع خطة حصر السلاح قبل نهاية العام
سلام: استكمال البحث بالمقترحات الأميركية غداً.. ومشاورات حول مشاركة الثنائي في الجلسة
ثبت مجلس الوزراء على خياراته: لا تراجع عن حصرية السلاح بيد الدولة وحدها. وقرَّر تكليف الجيش اللبناني وضع خطة لحصر السلاح فقط بيد القوى المحلية من جيش وقوى امن داخلي وامن عام وشرطة بلدية فقط، وذلك قبل 31 من الشهر الجاري، ووضعها الى مجلس الوزراء لاقرارها في قرار كبير، هو الاول من نوعه، منذ اتفاق الطائف؟
وبعد الجلسة، انطلقت حركة مشاورات واسعة لشرح ما حصل، والموقف المتعين اتخاذه في جلسة مجلس الوزراء غداً، وعما اذا كان وزيرا «الثنائي الشيعي» سيشاركان في الجلسة ام لا.
وكانت الجلسة انعقدت عند الساعة الثالثة من بعد الظهر، وسبقها لقاء بين الرئيس عون والرئيس سلام تم خلاله البحث في المواضيع المدرجة على جدول الاعمال.
وبعد انتهاء الجلسة، تحدث الرئيس سلام الى الصحافيين فقال:
«في ما يتعلق بالبند الاول من جدول الاعمال والذي ينص على استكمال البحث في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، اتخذ القرار التالي:
أ- بناء على وثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في مدينة الطائف والتي انبثق منها الدستور اللبناني الحالي، خصوصاً لجهة «استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانیة المعترف بها دولیاً وبسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجياً على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواها الذاتية»، و»اتخـاذ كافـة الإجـراءات اللازمـة لتحریـر جمیـع الأراضـي اللبنانیـة مـن الاحـتلال الإسـرائیلي وبسـط سـیادة الدولـة علـى جمیع أراضیها ونشر الجیش اللبناني في منطقة الحـدود اللبنانیـة المعتـرف بهـا دولیـاً».
ب- بناء على البيان الوزاري لحكومة «الإصلاح والإنقاذ» الحالية التي نالت على أساسه في 26 شباط 2025 ثقة 95 نائباً من أعضاء المجلس النيابي والذي اكد على «ان الدولة اللبنانية تلتزم بالكامل مسؤولية امن البلاد والدفاع عن حدودها، وعلى تنفيذ قرار مجلس الامن 1701 كاملاً من دون اجتزاء ولا انتقاء، مع تأكيد ما جاء في القرار نفسه وفي القرارات ذات الصلة عن «سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً» حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في 23 آذار 1949، والتشديد على «حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة».
ج- بناء على ما ورد في خطاب القسم للسيد رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، والذي اكدت الحكومة الحالية التزامه في البيان الوزاري، تحديداً في ما خص تنفيذ «واجب الدولة في احتكار حمل السلاح».
د- بناء على إقرار لبنان باجماع الحكومة السابقة على اعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية كما اقرّ في 27 تشرين الثاني 2024، وهو الإعلان الذي دعا الى الالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي والتي تؤكد على «»نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان»، على ان تكون «القوات المسلحة اللبنانية، وقوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة، والجمارك اللبنانية، والشرطة البلدية، هي الحاملة الحصرية للسلاح في لبنان».
ه- وبعدما اطلع مجلس الوزراء على ورقة المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأميركية عبر السفير توم براك، من اجل «تمديد وتثبيت اعلان وقف الاعمال العدائية في شهر تشرين الثاني 2024، لتعزيز الوصول الى حل دائم وشامل» وعلى التعديلات التي اضافتها اليها بناء على طلب المسؤولين اللبنانيين، قرر مجلس الوزراء ما يلي:
1- استكمال النقاش في الورقة التي تقدم بها الجانب الأميركي يوم الخميس 7 من الشهر الجاري.
2- تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، في يد الجهات المحددة لاعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، وعرضها على مجلس الورزاء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها».
على ان البارز هو ان الموقف او القرار المتخذ لم يرقَ لوزيري الثنائي الشيعي: الدكتور ركان ناصر الدين والدكتوة تمارا الزين، فخرجا من مجلس الوزراء قبل اتخاذ القرار الذي تحفظ على بند فيه الوزير الشيعي الخامس فادي مكي. وقال وزير الاعلام بول مرقص ان الوزيرين ناصر الدين والزين انسحبا لعدم رضاهما عن القرار الصادر، وعلم ان تحفظ الوزير مكي هو على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل ان يتقدم البحث باقتراحه وقبل استكمال النقاش.
وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء خطا خطوة دستورية في ملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية او ما يعرف ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وذلك من خلال تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تسليم السلاح لكل المنظمات حتى نهاية العام الجاري على ان يقدم هذه الخطة في مهلة شهر من الان على الحكومة.
ولفتت المصادر الى ان هذه الجلسة شهدت نقاشات لم تخل من التصعيد بدليل مغادرة وزيري الثنائي الشيعي ركان نصر الدين وتمارا الزين اللذين حضرا كامل المجلس وانسحبا قبل نهاية الجلسة بعدما سجلا اعترضا على بت الموضوع من دون قيام صيغة جامعة وتسليم السلاح قبل الإنسحاب الأسرائيلي.
وأفادت هذه المصادر ان المجلس لجأ الى التصويت عندما احتدم النقاش في هذا الملف وقد علم ان الوزيرين نصرالدين والزين غادرا الجلسة عندما رفض غالبية الوزراء السير بطرح تقدما به.
وصار معلوما ان مجلس الوزراء سيستكمل البحث في ورقة الموفد الأميركي توماس باراك غدا الخميس.
ووصفت مصادر وزارية النقاش الذي حصل بالممتاز وانه للمرة الأولى كان النقاش سياسيا ويسير بمنحى جيد لولا اعتراض الوزيرين الزين وناصر الدين.
واعتبرت ان قرار مجلس الوزراء هو قرار دستوري مئة في المئة لأنه جرى تكليف الجيش من قبل الحكومة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة الى ان الحكومة نجحت وبالأستناد الى الدستور والقوانين في بت ملف تسليم السلاح على ان الجدول الزمني لتسليم السلاح حدد بنهاية العام الجاري.
وقالت ان تداعيات هذا القرار ستتظهر مع العلم ان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استبق القرار الحكومي بموقف عالي السقف أكد فيه ان حزب الله غير معني بما يصدر عن الحكومة.
وكما كان متوقعاً، اقرّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها بعد ظهر امس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، في يد الجهات المحددة لاعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، وعرضها على مجلس الورزاء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها. وسيستكمل المجلس درس مسألة حصرية السلاح، في جلسته المقبلة.
وتم خلال الجلسة ايضاً تعيين مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي، والتجديد للمدير العام للمؤسسة العامة للاسكان.
وشدد الرئيس عون خلال الجلسة على وجوب عدم المماطلة في ملف انفجار مرفأ بيروت بعد خمس سنوات على وقوع الحادث المشؤوم، والإسراع في الملف لتأخذ العدالة مجراها.
ودعا الرئيس عون المسؤولين الى «الكف عن تخويف الناس من بعضها وتوتير الوضع على أمور لا تستحق ذلك، وترك المجال امام الراغبين في الاستثمار وتمضية موسم الصيف، بدلاً من الكلام الباعث على الخوف والقلق، وتحديد مواعيد وهمية لضربات او لحرب».
من جهته، أوضح رئيس مجل سالوزراء القاضي نواف سلام على ان السلطة التنفيذية ستقدم للقضاء كل مايحتاج اليه للقيام بمهمته للبت في ملف انفجار مرفأ بيروت.
وكشف من جهة أخرى على ان اعداد مشروع الفجوة المالية سينتهي قبل نهاية شهر أيلول المقبل لعرضه على مجلس الوزراء.
واعترض وزراء على التأجيل واصروا على اقراره في الجلسة، وحصل نقاش بين «اصحاب الرأيين» وانتهى الامر الى تأجيل البت النهائي في البند، لا سيما لجهة البحث في تفاصيل الورقة الاميركية والتعديلات اللبنانية عليها.
وقال وزير الداخلية احمد الحجار: سننتظر خطة الجيش وحصر السلاح بيد الدولة سيكون قبل نهاية العام.
ووصف وزراء «القوات اللبنانية» قرار مجلس الوزراء بالتاريخي، وقد وضع جدول زمني لنزع السلاح هو نقطة جوهرية.
وجاء ذلك بعد نقاش لأكثر من ساعتين في هذا البند في الجلسة الت استمرت نحو خمس ساعات، وسط اجواء خلافية وتدخل رئيس الجمهورية على خط التهدئة أكثر من مرة، بعد مشادة كلامية خلال بحث بند «حصرية السلاح وانتهاء الجلسة بإنسحاب الوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين لعدم موافقتهماعلى قرار الحكومة. وبرغم ذلك استمرار الإتصالات حتى ظهر امس على أرفع المستويات للتوصل إلى صيغة توافقية في ما يتعلق ببند سحب السلاح. وفي السياق قالت مصادر الثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» ان «هناك العديد من المقترحات لا تزال قيد الدرس.
واوضح وزير الاعلام بول مرقص:ان الوزير فادي مكي حمل تحفظًا على البيان الذي صدر عن الحكومة وباقي الوزراء باستثناء وزراء الثنائيّ وافقوا على البيانو وتحفظ على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل تقدم الجيش باقتراحه وقبل استكمال النقاش بحضور الجميع في الجلسة المقلبة
وبعد نحوساعة من بدء الجلسة، أنهى مجلس الوزراء جدول الأعمال وبدأ في مناقشة بند السلاح.
وحسب المعلومات وزراء القوات اللبنانية ركزوا في الجلسة على بندي: ضرورة حل التنظيمات غير الشرعية اللبنانية والفلسطينية ، والمدة الزمنية واقصاها 31 كانون الاول لينفذ القرار ضمنها.لكن وزراء الثنائي الشيعي اعترضوا على المهلة الزمنية التي قررها المجلس فغادر الوزيران الزين وناصر الدين وتحفظ الوزير فادي مكي.
وسبق انعقاد الجلسة اجتماع ثنائي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، تم في خلاله التطرق إلى الأوضاع العامة والمستجدات في البلاد.
وقبل الجلسة ايضا، قال الوزير فادي مكي للصحافيين عن إمكان انسحاب وزراء «الثنائي» من جلسة الحكومة: أبداً. وقالت الوزيرة حنين السيد: سأصوّت مع بند سحب سلاح «حزب الله». وقالت الوزيرة لورا الخازن: سأصوّت حتماً مع سحب سلاح «حزب الله» فأنا مع حصرية السلاح بيد الدولة. في المقابل، الوزير ركان ناصر الدين وعن إمكان مقاطعتهم الحكومة، قال: يبنى على الشيء مقتضاه.
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة، اتخذ الجيش اللبناني تدابير ميدانية مشددة عند مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، لمنع خروج مسيرة لدراجات نارية باتجاه مناطق خارج الضاحية، في ظل أجواء توتر مرتبطة بملف السلاح.
وجابت مسيرات دراجات نارية لمناصرين من «حزب الله» شوارع الضاحية الجنوبية وطريق المطار، رافعين أعلام الحزب ومطلقين الهتافات، وفي المقابل اتخذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية عبر انتشار العناصر في المناطق التي تربط الضاحية في العاصمة بيروت.
ومساء قام مناصرو الحزب بتحرك جديد في منطقة الشياح، حيث جابوا الشوارع على دراجات نارية رافعين أعلام الحزب، وسط أناشيد وأغانٍ حزبية.
وقالت مصادر أمنية: إن «أي تجمع يعرض السلم والأمن الداخلي للخطر سنتعامل معه بالقانون».
تصعيد حزب الله
وفي وقت كانت فيه جلسة مجلس الوزراء تبحث في البند الاول المتعلق بحصرية السلاح، قال الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: لا يمكن لامر دستوري ان يقر بالتصويت، ولن يحصل اي حل من دون توافق، واضاف: قولوا لمن يضغط عليكم «روحوا راجعوا المقاومة»، ونحن نتولى امرهم.
وقال: قاسم في كلمة له لمناسبة اربعين الشهيد محمد سعيد ايزدي، اكد فيه «أن تثبيت الاستقرار في لبنان يتطلب الالتزام بثلاث قواعد أساسية: التشارك والتعاون بين القوى السياسية، تحديد الأولويات الوطنية بوضوح، وعدم الخضوع لأي وصاية أميركية أو عربية». مشيراً إلى أن ما قدّمه الموفد الأميركي في ما يُعرف بـ«مذكرة برّاك»، يصب في مصلحة إسرائيل بشكل كامل.
وقال: إن «مذكرة برّاك» تهدف إلى تجريد لبنان من قدرته العسكرية، ومنع الجيش اللبناني من امتلاك سلاح فعال، تحت ذريعة عدم التأثير على أمن إسرائيل.ورفض قاسم بشكل قاطع أي اتفاق جديد مع إسرائيل لا يندرج ضمن التفاهم السابق بين الدولة اللبنانية والعدو، مشدداً على أن أي جدول زمني يُطرح لتنفيذه تحت سقف العدوان الإسرائيلي هو مرفوض.
قاسم سأل الحكومة اللبنانية: هل التخلّي عن المقاومة والاستسلام لإسرائيل وتسليمها السلاح هو تحصين السيادة؟وشدّد على أن أي نقاش حول مستقبل لبنان الأمني يجب أن ينطلق من استراتيجية وطنية شاملة للأمن، وليس من منطلق جداول زمنية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة. ولفت إلى أن محاولة فرض حلول في هذا الملف بمعزل عن التوافق الوطني محكومة بالفشل.
وحذر قاسم بأن «مصلحة «إسرائيل» أن لا تذهب لعدوان واسع لأن المقاومة والجيش والشعب سيدافعون، وستسقط صواريخ في داخل الكيان وكل الأمن الذي بنوا عليه لمدة 8 أشهر يسقط في ساعة واحدة».
وغداة زيارته الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون امس، زار وفد من «حزب الله» برئاسة النائب علي فياض رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في المقر العام لـ «التيار» في ميرنا الشالوحي. وبعد اللقاء، قال فياض « ناقشنا قضايا عدة مهمة راهنة ومستقبلية، لكن أبرز الموضوعات التي ناقشناها ما يتصل باستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وعدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والمترتبات على هذا الموضوع في ظل ما يتعرض له البلد من ضغوط خارجية». أضاف:»تشاركنا مع الوزير باسيل المخاطر القائمة أو المحتملة التي يتعرض لها البلد، وكما هو معروف فالبلد الآن هو عرضة لمخاطر سيادية استراتيجية كبرى وفي بعض الاحيان نحشى أن تكون مخاطر وجودية. أسوأ سيناريو الآن، الذي يجب أن نحتاط له جميعا هو تحويل المشكلة من مشكلة لبنانية -إسرائيلية إلى مشكلة لبنانية- لبنانية، هذا ما لا نريده على الإطلاق، وهذا ما يتناقض مع رؤيتنا، لأنه برأينا، كلما يتماسك الموقف اللبناني على المستوى الداخلي كلما كنا أقدر على وضع حد لهذه الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد».
وتابع فياض: عندما نتحدث عن مخاطر، وهذا ما ناقشناه، فالمخاطر لا تختص بمكون دون المكونات الأخرى، ولا تختص بمنطقة دون مناطق اخرى، نحن ندرك تماما أن الظرف دقيق وصعب لكن على لبنان الا يفرط بمصالحه الكبرى. فلنلتقِ جميعا عند هذه النقطة التي نكررها على الدوام، نحن نريد موقفا لبنانيا رسميا واحدا، نريد موقفا وطنيا لبنانيا متماسكا، وأن نتمسك جميعا بأولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية وإطلاق الأسرى كمدخل لاطلاق مسار معالجة يتولى أمره اللبنانيون في ما بينهم وهذا هو الموضوع الذي عالجناه مع الوزير باسيل».
وقالت مصادر مقرّبة من حزب الله لسكاي نيوز عربية: «نتفق مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول مناقشة السلاح ضمن استراتيجية الدفاع الوطني».وأشارت المصادر الى أنّ موضوع السلاح لا يمكن مقاربته إلا بمنطق الحوار بعيدًا عن الصدام.
وثمنت حرص الرئيس عون على رفض الزج بالبلاد في أي قرار قد يؤدي إلى الفوضى، مؤكدة ألّا ضمانات أميركية أو بوادر موافقة إسرائيلية على الورقة اللبنانية، موضحة أنّ التعديلات التي طلبها لبنان على الورقة الأميركية لم يؤخذ بها.
وتابعت المصادر: «نتفق مع رئيس الجمهورية في أولويات وقف الاعتداءات، والانسحاب، وإطلاق الأسرى، ومناقشة السلاح ضمن استراتيجية الدفاع الوطني».
وإذ شدّدت على أنّ لبنان بحاجة لعناصر قوة في ضوء التغيرات الكبيرة التي فرضتها إسرائيل في المنطقة، ختمت قائلة: «سيتم تحديد الموقف من الموضوع الحكومي بناء على ما سينتج عن مناقشة بند حصرية السلاح.
قضائياً، وقَّع الرئيس عون اليوم المرسوم الرقم 823 تاريخ 5 آب 2025، القاضي باجراء تشكيلات ومناقلات قضائية. وحمل المرسوم تواقيع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء العدل والمالية والدفاع الوطني عادل نصار، ياسين جابر، واللواء ميشال منسى.
وليلاً، شنت مسيّرة معادية 3 غارات على مفرق بريتال مستهدفة سيارة، وادت الى سقوط شهيد.
وكانت الاعتداءات الاسرائيلية استمرت عند الحدود الجنوبية، وحسب معلومات مراسل «اللواء» ان درون اسرائيلية القت مناشير تحريضية ضد الشهيد علي ابو عباس اثناء تشييعه في مدينة الخيام.
ونهار أمس، القت محلقة اسرائيلية معادية قنبلة صوتية بالقرب من حفارة في «حي الكساير» كانت ترفع الردميات في بلدة ميس الجبل. ثم القت القت قنبلة صوتية ثانية في أجواء منطقة «كروم الشراقي» في البلدة.
وسقطت مسيّرة إسرائيلية في خراج كفرشوبا جنوب لبنان، حيث عمدت مسيّرة أخرى لاحقاً إلى تفجيرها لتعطيلها وتحطيمها.
كما ألقت محلقة اسرائيلية مناشير تحريضية فوق بلدة كفرشوبا تبرر استهداف آليات الحفرورفع الانقاض وتحذر الاهالي. كماالقت مسيرة منشورات في بلدة الخيام أثناء تشييع علي أبوعباس.
واجرت قوات العدو الإسرائيلي أعمال توسعة وتحصينات في محيط المركز المستحدث في الدواوير بين مركبا وحولا. وانشأت نقطة جديدة مقابل بلدتي مركبا والعديسة.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
عون وبري يمنعان انزلاق الحكومة إلى المواجهة
قاسم يُحذّر: العدوان هو المشكلة... لا السلاح
في لحظة سياسية دقيقة، وفي ظل تجاذبات داخلية متصاعدة واقليم مشتعل، انعقدت جلسة مجلس الوزراء، المدرج على جدول اعمالها بند «حصر السلاح بيد الدولة»، تحت الضغط الاميركي، في خطوة تعد بالغة الحساسية على المستويين السياسي والامني.
فالموضوع الذي يتجاوز الاطار النظري الى صلب التوازنات الوطنية، والاقليمية، يطرح اشكالية مركزية، خصوصا ان حزب الله كان قد تفاهم سابقاً على مسار الحوار مع رئيس الجمهورية للوصول إلى استراتيجية دفاعية من ضمن استراتيجية الأمن الوطني التي تحدث عنها عون في خطاب القسم، قبل ان ينقلب المشهد عشية تبلغ بيروت ورقة «الاملاءات الاميركية» الاخيرة، غير القابلة للنقاش او التعديل.
فالجلسة التي انعقدت وسط ترقب داخلي وخارجي، شكلت اختبارا جديدا لمدى قدرة الحكومة على مقاربة هذا الملف الشائك دون الانزلاق الى سجالات عقيمة او تازيم اضافي في المشهد السياسي المنهك، والذي ترجم ببقاء الامور بين حدي، تعهد جميع المكونات على عدم الخروج من الحكومة او شلها، من جهة، وضبط ايقاع الشارع، من جهة ثانية، حيث أدى كل من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري دورًا محوريًا في تجنيب الحكومة الانفجار السياسي، بعد أن كاد بند «حصر السلاح بيد الدولة» يفجّر جلسة مجلس الوزراء. فعبر اتصالات مكثّفة قادها بري مع مختلف الأطراف، وتدخّلات مباشرة من الرئيس عون لضبط مسار النقاش داخل الجلسة، تمكّن الطرفان من سحب فتيل التصعيد، وترحيل الخلاف إلى جلسة لاحقة، بما أتاح الحفاظ على الحد الأدنى من التفاهم والتماسك الحكومي تحت سقف المؤسسات والتوافق الوطني.
وفيما كانت جلسة الحكومة منعقدة، شدّد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، على أنّ المقاومة جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني اللبناني، ومكوّن ميثاقي منصوص عليه في اتفاق الطائف، رافضًا أي نقاش حول نزع السلاح خارج إطار استراتيجية وطنية شاملة تحفظ السيادة وتواجه التهديدات، في رد على الورقة الاميركية «المتشددة» وعلى الضغوط الخارجية التي يتعرض لها الرؤساء مؤخرا.
سلام
ومع رفع الجلسة، اعلن رئيس الحكومة نواف سلام بعد اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا، استكمال النقاش في الورقة الاميركية بجلسة حكومية في 7 اب، وتكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بحدود نهاية العام الحالي، وعرضها على مجلس الوزاء قبل 31 الشهر الجاري، لافتا، الى انه بناء على البيان الوزاري فإن الدولة اللبنانية تلتزم تنفيذ القرار الدولي 1701، مع تاكيد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال وجود أي اعتداء.
وكان سبق تصريح سلام، انسحاب وزيري أمل وحزب الله، ركان ناصرالدين وتمارا الزين، من الجلسة قبل انتهائها، اعتراضا على المقررات ، فيما بقي الوزير فادي مكي، مسجلا تحفظه.
ترحيل الخلاف
في كل الاحوال، كما كان متوقعا، فقد انتهت الجلسة الى اتفاق على ترحيل بند السلاح الى الجلسة المقبلة، على ان تستكمل الاتصالات والمشاورات داخليا وخارجيا للوصول الى صيغة ترضي جميع الاطراف، وسط اتجاه يبدي المصلحة الداخلية على اي اعتبارات خارجية على ما اكد احد الوزراء المعنيين، مع ترجيح مشاركة قائد الجيش، بعد عودته من الخارج، في الجلسة المقبلة، لتقديم دراسة واضحة حول ما حققه حتى الآن في جنوب الليطاني، والتصور الذي لديه لتطبيق ذلك في المناطق الأخرى لاحقاً عبر وضع آلية تنفيذية، ومدى قدرة الجيش على السير في اي من الخيارات المتاحة، بعد قرار تكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي.
مصادر مطلعة على اجواء المشاورات، كشفت عن اجواء «متشنجة» ونقاشات حادة جرت بين الوزراء، حتمت تدخل رئيس الجمهورية اكثر من مرة لاعادة ضبط مسار النقاش، وسقفه، مشيرة الى ان تصريح امين عام حزب الله حول رفض المقاومة أي جدول زمني لتسليم السلاح، وتاكيده ان المقاومة جزء من الدستور تحتاج الى توافق لا الى تصويت، وان الصواريخ ستسقط على اسرائيل ان شنت حربا، في اطار توجيهه الرسائل للخارج، والداخل ، ترك اثره في اجواء الجلسة.
ثلاث اقتراحات
وتابعت المصادر ان الاخراج الذي هندسه رئيس مجلس النواب، في جولة اتصالات قادها على اكثر من خط، الى جانب فريق رئيس الجمهورية الاستشاري، واستمرت حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت دخول الوزراء، بين المقرات الرسمية الثلاثة، كما بين القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة في المشهد الداخلي، فضلا عن الخطوط المفتوحة مع باريس وواشنطن، بغية الوصول إلى اتفاقٍ مبدئي وصيغة توافقية تقر بالاجماع، وتوفق بين مطلب القوات اللبنانية وحلفائها الذين يتحدثون عن «الجدول الزمني» وبين مطالب الثنائي الشيعي، الذي يطرح استعداده لمناقشة السياسة الوطنية للدفاع تحت سقف خطاب القسم والبيان الوزاري، توصل الى حصر الخيارات بثلاثة: ترحيل بند حصرية السلاح الى جلسة اخرى، تشكيل لجنة وزارية فرعية، صدور بيان رئاسي مشترك، ليرسو راي الغالبية على الخيار الاول.
الرد الاميركي
غير ان المصادر، ابدت خشيتها من اعتبار واشنطن ما حصل في اطار سياسة كسب الوقت، في ظل اقرار الجميع داخل لبنان وخارجه، بعدم قدرة السلطة اللبنانية على الوفاء بما قد تتعهد به، نتيجة عدم استعداد اسرائيل لتنفيذ الجزء المتعلق بها، خصوصا ان الورقة الاميركية تتحدث عن ان الخطوة الاولى يجب ان تكون لبنانية ( تحديد مراحل تسليم السلاح، اولا، الصواريخ والمسيرات، وثانيا، السلاح الخفيف، ترسيم الحدود بين لبنان وجيرانه، انسحاب اسرائيل ، اطلاق الاسرى، اعادة الاعمار)، رافضة الورقة اللبنانية التي عدد الرئيس عون نقاطها الثماني، وترتيبها.
استمرار الضغوط
واشارت المصادر الى أن واشنطن ستواصل ضغوطها على الحكومة باتجاه اتخاذ خطوات واضحة وملموسة في ملف السلاح، ولو اقتضى ذلك اعطاء الضوء الاخضر لموجة استهدافات إسرائيلية، عبر توسيع بيكار المناطق المستهدفة في الغارات الجوية، فضلًا عن تصعيد متزايد على الحدود، وصولا الى فرض منطقة عازلة على الارض عبر احتلال بعض النقاط الجديدة، وتنفيذ عمليات اغتيال.
عليه، تختم المصادر بان كل ما تقدم يبقى في باب الافتراض والحبر على الورق، ومزيدا من كسب الوقت، ذلك ان تطبيقه وفقا لاي جدول يحدد، يبقى امرا شبه مستحيل في ظل الاوضاع الاقليمية المشتعلة وخلط الاوراق الجاري من حول لبنان، وكذلك في ظل عدم حسم الملف الايراني، الذي يبدو انه وضع في الثلاجة، في ظل عدم الاستعجال الاميركي لبته راهنا بعد الضربات الاخيرة.
قاسم
وفي كلمة له خلال احتفال تكريمي أقامه حزب الله في ذكرى استشهاد القائد محمد سعيد إيزدي (الحاج رمضان)، لفت قاسم إلى أنّ أيّ جدول زمني لنزع السلاح تحت سقف العدوان الإسرائيلي مرفوض بالكامل، معتبرًا أنّ مصلحة لبنان تكمن في التحرير واستعادة السيادة، لا في الخضوع للإملاءات الأميركية أو الإسرائيلية أو العربية، على حد تعبيره.
واشار الى ان إسرائيل انقلبت على الاتفاق ولم تلتزم به، وما حصل في سوريا أثّر كثيراً في الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل حيث ندمت على صياغة الاتفاق، وأميركا أتت بإملاءات لنزع قوة وقدرة لبنان والمقاومة والشعب بالكامل وهو لمصلحة إسرائيل بالكامل.
وتابع «مصلحة إسرائيل إضعاف لبنان لتتحكّم بمساره، وأميركا لم تأت لطرح اتفاق جديد بل إملاءات بنزع قوة حزب الله ولبنان والمقاومة والشعب بالكامل». واوضح ان المذكرة الثالثة لتوم براك أسوأ من الأولى والثانية ومن جملة ما تتضمنه تفكيك 50% من البنية التحتية للحزب في غضون 30 يوماً، حتى القنبلة اليدوية وقذائف الهاون، أي الأسلـحة التي تُعدّ بسيطة.
واعتبر الشيخ قاسم بان ما طُرِح أن تنسحب إسرائيل من النقاط الخمس كبداية، للدخول إلى المرحلة الثانية من 60 إلى 90 يوماً، ليبدأ بعدها تسليم الأسرى، وهذا يسمّى تجريد لبنان من قوّته، وأميركا تتنصّل من كل ما له علاقة بالكيان الإسرائيلي والمطلوب من المذكّرة تجريد لبنان من قوّته.
وأضاف: «نرتّب وضعنا الداخلي بالتفاهم ولن يُفرض علينا حلّ من الخارج، الحل في لبنان لا يكون إلا بالتوافق الداخلي»، مشددًا على أن «المقاومة والجيش والشعب جاهزون لصدّ أي عدوان، وإن أوقفنا الحرب التي كانت ستمتدّ إلى بيروت، فإن المقاومة اليوم بخير، قوية، عزيزة، وتملك الإيمان والإرادة».
وأشار إلى أنّه «في معركة اليوم إمّا أنْ يفوز بها لبنان كل لبنان أو يخسر بها الجميع، وقناعتنا بأنّنا يمكننا أنْ ننتصر معًا»، داعيًا إلى الالتفات إلى محاولات دُعاة الفتنة والانهزاميين لاستغلال الوضع لمصلحة الأجنبي»، مجدّدًا تأكيده أنّ «العدوان هو المشكلة وليس السلاح»، مخاطبًا أركان الحكم في لبنان بالقول: «حُلّوا مشكلة العدوان وبعدها نناقش مسألة السلاح».
وانتقد الشيخ قاسم ما وصفه بـ»تقاعس الحكومة» في اتخاذ إجراءات تحصين السيادة، رغم ما ورد في البيان الوزاري، مؤكدًا أنّ الدولة مطالبة بوضع خطة وطنية للدفاع عن لبنان وتحمّل مسؤولية حماية حدوده الجنوبية والشرقية، بدل السعي لسحب سلاح المقاومة «كرمى لعيون إسرائيل وأميركا»، بحسب تعبيره.
وجدد «الحرص على التعاون مع الرؤساء الثلاثة»، ودعا إلى «مناقشة استراتيجية وطنية حقيقية للأمن، لا خطة لنزع سلاح المقاومة»، محذرًا من «دعاة الفتنة ومن يعملون لخدمة المشروع الإسرائيلي تحت عناوين داخلية». وختم مؤكدًا أن العلاقة مع حركة أمل «متل السمنة على العسل»، و «يلي مش عاجبو يدق راسو بالحيط»، وأن الربح والخسارة في لبنان هما على جميع اللبنانيين.
رسائل ليلية
وكانت شهدت منطقة الضاحية الجنوبية، تحركات لافتة لجمهور المقاومة، عشية الجلسة، حيث جابت مسيرات دراجة الشوارع الداخلية مرددة شعارات رافضة لتسليم السلاح، وسط اجراءات امنية مشددة للجيش اللبناني في محيط الضاحية لتفادي حصول احتكاكات.
علما انه تم الغاء جميع التحركات الشعبية التي كانت ستواكب انعقاد الجلسة الوزارية، من منطلق الحرص على الوضع الامني، وافساحا في المجال للاتصالات السياسية، في ظل الاجواء الايجابية التي حملتها المفاوضات مع ساعات الفجر الاولى.
تعزيز مواقع
في كل الاحوال الرد الاسرائيلي – الاميركي الرافض، تزامن مع حركة نشطة لجيش الاحتلال، تحديدا في النقاط السبع المحتلة حيث قام بتحصين تلك النقاط واقامة المزيد من السواتر الترابية في محيطها، وتجريف الاراضي، وربطها ببعضها بعضا عبر طرق مستحدثة، كما قام بتعزيز عديدها، ناشرا وحدات من القوات الخاصة، التي تقوم بتنفيذ عمليات ليلا داخل الاراضي اللبنانية، وبعمق يصل الى خمسة كيلومترات، فارضة منطقة عازلة بالنار، في مؤشر واضح الى عدم الرغبة من الانسحاب منها.
تحذير اميركي
هذا واصدرت وزارة الخارجية الاميركية تحذيرا من السفر الى كل من لبنان، اليمن، والعراق ودولا اخرى بسبب تزايد المخاطر الامنية، داعية المواطنين الاميركيين، في هذه الدول الى توخي اقصى درجات الحذر والتواصل مع السفارات عند الحاجة.
زيارات الحزب
وغداة زيارته الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون في الرابية، زار وفد من “حزب الله” برئاسة النائب علي فياض رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في المقر العام لـ “التيار” في ميرنا الشالوحي، في اطار مواجهة محاولات عزله داخليا، حيث رات مصادر مراقبة ان حارة حريك، بعد استعادتها لتوازنها العسكري، بادرت الى التحرك سياسيًا، لاعادة ترميم العلاقات مع اطراف محور الممانعة، واعادة التواصل مع الحلفاء لتشكيل جبهة سياسية مضادة تعيد جزءا من التوازن المفقود.
الاستقرار المدخل
في غضون ذلك، اكد رئيس الجمهورية جوزاف عون ان الاستقرار في لبنان هو المدخل الأساسي للنهوض بالاقتصاد اللبناني من جديد، وان العمل قائم على تثبيت هذا الاستقرار بالتزامن مع الإصلاحات التي تمت وتلك التي ستنجز، معربا، عن تفاؤله بالايام الاتية، لافتا الى ان ما يشهده لبنان راهنا من انتعاش في الحركة السياحية وعودة المؤتمرات الدولية الى عاصمته وحضور أبناء الدول العربية عموما ودول الخليج خصوصا لتمضية فصل الصيف فيه، دليل ثقة بأن لبنان بدأ يستعيد عافيته تدريجيا، وكذلك حضوره على الساحتين العربية والدولية.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
سلام: مجلس الوزراء قرر استكمال النقاش غداً وتكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام
وضع مجلس الوزراء في جلسته امس جدولا زمنيا لسحب سلاح حزب الله قبل نهاية العام من خلال قرار اتخذه كلف بموجبه الجيش وضع خطة لحضر السلاح بحدود نهاية العام الحالي، وعرضها على مجلس الوزاء قبل 31 الشهر الجاري.
وعلمت الشرق ان مناقشات مجلس الوزراء تأثرت سلبا بالخطاب الناري للشيخ نعيم قاسم ، وفي وقت كانت تتجه الامور الى تأجيل البت بموضوع السلاح، تحول الجو الى ضرورة اتخاذ قرار حاسم ووضع جدول زمني محدد . وسيعقد مجلس الوزارء جلسة ثانية غدا الخميس لبحث الورقة الاميركية التي قدمها السفير توماس براك .
يذكر ان القرار الحكومة حصل بالاجماع ولكن بعد مغادرة الوزيرين ركان ناصر الدين وتمارا الزين .
وتحدث رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا أنه بناء على البيان الوزاري لحكومة الاصلاح والانقاذ والذي أكد على أن الدولة اللبنانية تلتزم بأمن البلاد ومسؤولية الدفاع عن حدودها وتنفيذ القرار 1701 من دون اجتزاء، وبناء على ما ورد في خطاب القسم رئيس الجمهورية، وبناء على اقرار لبنان بإجماع الحكومة السابقة على اعلان الترتيبات الخاصة لوقف الاعمال العدائية وبعد ان اطلع مجلس الوزراء على ورقة المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة عبر الموفد توماس باراك وعلى التعديلات التي اضافتها عليها بناء على طلب المسؤولين اللبنانيين، قرر مجلس الوزراء استكمال النقاش بالورقة الاميركية يوم الخميس المقبل وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها واقرارها. ثم تلا وزير الاعلام بول مرقص مقررات الجلسة، قائلا: «الرئيس عون جدّد التركيز على النواحي الإيجابية التي يتمتّع بها البلد وشدّد على أنّ وحدة اللبنانيين كفيلة بحلّ المشكلات وأشاد بإقرار مجلس النواب عدد من القوانين. كما تقرر تبديل اسم جادة حافظ الاسد على طريق المطار إلى جادة زياد الرحباني، وتمت الموافقة على إجراء مباراة لتعيين 25 موظفاً في سلك الإطفاء في المديرية العامة للطيران المدني.
وكان مجلس الوزراء التأم في جلسته العادية عند الساعة الثالثة من بعد ظهر امس في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء، وغياب وزيري المالية ياسين جابر والعمل محمد حيدر.
وبحث المجلس في جدول أعمال مؤلف من عشرة بنود، أبرزها استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري للحكومة، وتحديدا في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصرا، ومناقشة الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية خلال شهر تشرين الثاني 2024.
كما يتضمن جدول الأعمال تعيينات مختلفة، إضافة إلى امور طارئة لاتخاذ قرارات مناسبة بشأنها. وفي بداية الجلسة، وقف مجلس الوزراء دقيقة صمت في ذكرى مرور خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت.وسبق انعقاد الجلسة اجتماع ثنائي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، تم في خلاله التطرق إلى الأوضاع العامة والمستجدات في البلاد. وقبل الجلسة ايضا، قال الوزير فادي مكي للصحافيين عن إمكان انسحاب وزراء «الثنائي» من جلسة الحكومة: أبداً. وقالت الوزيرة حنين السيد: سأصوّت مع بند سحب سلاح «حزب الله». وقالت الوزيرة لورا الخازن: سأصوّت حتماً مع سحب سلاح «حزب الله» فأنا مع حصرية السلاح بيد الدولة. في المقابل، الوزير ركان ناصر الدين وعن إمكان مقاطعتهم الحكومة، قال: يبنى على الشيء مقتضاه.
***********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
مجلس الوزراء ينتصر بالجدول الزمني و"حزب الله" ينقلب على الدستور
جلسة تاريخية لمجلس الوزراء بمقرّراتها، وموقف لرئيس الحكومة نواف سلام سيحسب له في سجل الذهب. الكباش ظهر واضحًا بين الدولة المتمسّكة بالدستور و"حزب اللّه" المنقلب على الدستور. بهذا المعنى، يمكن القول إن "حزب اللّه" نفَّذ انقلابًا على المؤسسات الدستورية، لكنّ مجلس الوزراء ردّ على الانقلاب بتثبيت الجدول الزمني لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
بدأ الكباش اعتبارًا من الثالثة من بعد الظهر، مجلس الوزراء يبدأ جلسته برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، عند الخامسة ألقى الأمين العام لـ "حزب اللّه" الشيخ نعيم قاسم "حممه" السياسية التي شكلت انقلابًا على الدستور وعلى مجلس الوزراء، فألغى دوره ومفاعيله.
يقول قاسم: "سأقولها بشكل واضح: المقاومة هي جزء من دستور الطائف، منصوص عليها هناك في الإجراءات التي يجب أن تُتخذ بكافة الأشكال لحماية لبنان، لا يمكن لأمر دستوري أن يُناقش بالتصويت، الأمر الدستوري يتطلّب توافقًا، ويتطلّب مشاركة مكوّنات المجتمع كافة لتتفاهم على القضايا المشتركة".
بهذا الكلام يكون الشيخ نعيم قاسم قد نسف الدستور اللبناني وانقلب عليه، لا يرد في الدستور ما يقوله الشيخ نعيم قاسم الذي لم يكتفِ بالتفسير، بل عمد إلى التزوير، فأين ترد في الدستور الجملة التي قالها الشيخ قاسم وهي: "لا يمكن لأمر دستوري أن يُناقش بالتصويت".
هجوم على توم برّاك وعلى "مسؤول عربي"
الشيخ قاسم لم يكتفِ بالرفض بل هاجم الموفد الأميركي توم برّاك وغمز من قناة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، من خلال قوله: "لا أحد مرتاح، لأن برّاك أتى إلينا ورمى الورقة الأولى والثانية والثالثة، أين أنتم واقفون؟ ما القصة؟ كلّما تكلّم أحد أو جاء مسؤول عربي إلى المسؤولين وقال لهم: "إفعلوا... وإلّا..."، ماذا تعني "وإلّا"؟ "وإلّا لا يوجد مال؟" (عمرها لا تكون الأموال)، من أنت لتشترينا بالمال؟".
قاسم "قولوا لهم: راجعوا المقاومة"
قاسم بلغ في معارضته حدًا دعا فيه السلطة إلى التنحي جانبًا ليتسلّم "حزب اللّه" زمام الأمور، فقال: "عندما يضغط أحد عليكم، قولوا لهم: راجعوا المقاومة، ونرى نحن وإياهم ما الذي سنفعله".
اللافت أنّ الشيخ نعيم قاسم قال كلمته في وقتٍ لم يكن مجلس الوزراء قد أنهى جلسته، ما يعني أنّ قرار "الحزب" بالتصعيد متخذ، بصرف النظر عن القرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء.
كيف ردّت الحكومة؟
في وقتٍ كان يلقي الشيخ قاسم كلمته، كان مجلس الوزراء منعقدًا. الجلسة التأمت برئاسة رئيس الجمهورية وغاب عنها وزير المال ووزير العمل الموجود في العراق. وبعد خمس ساعات ونصف الساعة، انتهت الجلسة مع انسحاب الوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين وخرج بعد ذلك رئيس الحكومة ليتلو القرار المتعلق بحصرية السلاح، ومما جاء في القرار: "قرّر مجلس الوزراء استكمال النقاش في الورقة الأميركية بجلسة حكومية في 7 آب، وتكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بحدود نهاية العام الحالي، وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 الشهر الجاري".
ماذا جرى في الجلسة عند نقاش بند السلاح؟
كان الرئيس سلام يتلقّى تباعًا ما يقوله الشيخ نعيم قاسم، وأكثر ما استفزّه كلام قاسم عن تسليم السلاح إلى الإسرائيلي، فكان ردّه بالسير بمناقشة البند حتى إقراره، حاول وزيرا "الثنائي" تأجيل النقاش، وكانا مزودين بهذا الاقتراح قبل دخولهما الجلسة، وتكشف معلومات لـ "نداء الوطن" أن الرئيس بري طلب مهلة أسبوع لكن طلبه لقي رفضًا إذ "مَن يضمن إمكان عقد جلسة بعد أسبوع؟" ثم تم تخفيض المهلة إلى يومين فرُفض الأمر أيضًا. إصرار الرئيس سلام على استكمال البند لقي دعمًا من رئيس الجمهورية ومن وزراء "القوات"، وحين اعترض الوزير فادي مكي على المهلة الزمنية حتى آخر السنة، قال له الوزير جو عيسى الخوري: "تحفَّظ".
وتضيف المعلومات أن الموقف الاشتراكي في الجلسة كان جيدًا.
كما علمت "نداء الوطن" أن الورقة الأميركية ستقرّ في مجلس الوزراء وذلك قبل أن تصل خطة الجيش إلى المجلس، وعندما توافق الحكومة على خطة الجيش يبدأ التنفيذ الفعلي على الأرض.
وأشارت المصادر إلى أنه بعد انسحاب الوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين بقي الوزير مكي كممثل عن الطائفة الشيعية ولم ينسحب، وبالتالي يعتبر قرار الحكومة ميثاقيًا مئة بالمئة رغم تحفظ مكي على المهلة الزمنية وسط موافقة جميع الوزراء على قرارات المجلس في ما خص حصرية السلاح وتكليف الجيش.
ووسط تأكيد "الثنائي" المشاركة في جلسة الخميس، أكدت المصادر أن القرار السياسي بات واضحًا للجيش والجيش ينفذ قرارات السلطة، ولا أحد قادر على منعه من بسط سلطته بما أنه يتمتع بهذا الغطاء.
وعن التهديد بتفحير الوضع الأمني، أشارت المصادر إلى أن لا أحد من القوى يتحمل ذلك، والجيش والقوى الأمنية سيحافظان على الأمن، ومهما ارتفعت التهديدات فإن هناك جهة مسؤولة عن قيادة البلد هي مجلس الوزراء وتمثل الجميع، وهناك أجهزة شرعية ستقوم بواجباتها من أجل الجميع.
" حزب الله" يحاول "تحصين" خطواته
"حزب الله"، في كل مرة يستعد للقيام بخطوة سياسية أو غير سياسية، يعمد إلى تحصين هذه الخطوة من خلال مروحة اتصالات ولقاءات مع مكوِّنات سياسية وحزبية لتوفر الغطاء له.
في هذا السياق، التقى وفد من "الحزب" رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. النائب علي فياض تحدث بعد اللقاء فاعتبر أن "لدى التيار الوطني الحر، قراءة ليست ببعيدة عن قراءاتنا، لقد استمعنا إلى الكلمات التي ألقيت في البرلمان، فهي مقاربة تعتبر أن الطريق إلى المعالجة هي الالتزام الإسرائيلي بالاتفاقيات وهناك دول ضامنة يجب أن تقف عند ضماناتها، وما عدا ذلك يجب أن يجري في إطار الاستراتيجية الوطنية التي تشكل الإطار لمقاربة موضوع السلاح وغيره، هذا هو موقف "التيار الوطني الحر" الذي يكرره عادة" . وعن تحالفات "حزب الله" النيابية، قال: "الوقت لا يزال باكرًا للتفكير في المسار الذي ستأخذه الانتخابات النيابية المبكرة ونحن أكدنا في نهاية الجلسة أهمية أن تجرى الانتخابات في وقتها المقرر من دون أي تأجيل مهما كانت الظروف".
يُذكَر أن الوفد نفسه كان زار الرئيس السابق العماد ميشال عون في الرابية.
تحركات الشارع "عفوية"!
تحركات الشارع التي قام بها "حزب الله"، أوجد لها تفسيرًا على أنها عفوية، وهذا ما عبّر عنه النائب علي المقداد الذي وصف التحركات بالعفوية التي تعبر عن نبض الشارع، نافيًا وجود قرار يشبه ما حصل عام 2008 وأدى إلى أحداث 7 أيار.
توقيع مرسوم التشكيلات القضائية
وأمس، وقع رئيس الجمهورية المرسوم 823 المتعلق بالتشكيلات والمناقلات القضائية. وحمل المرسوم تواقيع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء العدل والمالية والدفاع الوطني، عادل نصار، ياسين جابر، واللواء ميشال منسى.
جادة زياد الرحباني
وكانت لفتة بالغة الأهمية من رئيس الجمهورية حين طرح من خارج جدول الأعمال بند إلغاء تسمية جادة الرئيس حافظ الأسد واستبداله بجادة زياد الرحباني، فوافق مجلس الوزراء على هذه التسمية .
******************************************
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :