رحلة القنّب الهندي في لبنان، من الزراعة المحظورة والمُلاحَقة إلى الإطار القانوني المنظّم، استُكملت أبرز فصولها مؤخّرًا، في خطوة إجرائيّة اتخذها مجلس الوزراء، في جلسته في السابع عشر من تموز الحالي، بتعيين رئيس وأعضاء الهيئة الناظمة لزراعة نبتة القنّب للاستخدام الطبي والصناعي. وهي خطوة طال انتظارها منذ إقرار مجلس النواب في نيسان 2020، قانونا يجيز زراعة القنّب الهندي للاستخدامات الطبيّة والصناعيّةّ، إلّا أنّ تطبيقه العملي بقي معلّقًا في انتظار إنشاء الهيئة الناظمة ومستلزمات التنظيم والتراخيص. هاني: سنستكمل تعيين الجهاز الإداريوزير الزراعة الدكتور نزار هاني الذي دفع باتجاه تشكيل الهيئة الناظمة، لفت في اتصال مع “لبنان 24” إلى أنّ القانون الذي أصدره مجلس النواب جيد،لجهة عدم حاجته إلى الكثير من المراسيم التطبيقيّة، بحيث شكّل تعيين الهيئة الناظمة أبرز مراسيمه التطبيقيّة، مكّونة من سبعة أعضاء بمن فيهم الرئيس، خمسة منهم يمثّلون وزارات الزراعة، الصناعة، العدل،الصحة (رئيس دائرة المخدرات(، الداخلية (رئيس مكتب مكافحة المخدرات)، واثنان من الاختصاصيين في موضوع النباتات الطبيّة والصناعات الصيدلانيّة والصناعات المتّصلة بنبتة القنّب، تمّ اختيارهم من خلال الآلية. لكنّ الفريق الإداري لم يستكمل بعد، إذ ينصّ القانون في المادة الخامسة منه على وجوب أن يتولّى إدارة الهيئة جهازان: مجلس الإدارة ويتولّى السلطة التقريريّة، وقد تمّ تعيينه من قبل مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح سلطة الوصاية. أمّا الخطوة التالية فتكون بتأليف فريق عمل من قبل الهيئة الناظمة، يوضح هاني، حيث يتمّ تعيين المدير العام بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، من ضمن الآلية، بناءً على اقتراح سلطة الوصاية من بين ثلاثة أسماء، يرفعها مجلس الإدارة إليها تبعًا لمعايير الكفاءة والتخصص والخبرة “وعندها يتشكّل فريق العمل، لتباشر الهيئة بعد ذلك عملها، وفق التنظيم المطلوب وفي إطار النظام الداخلي والقرارات التنظيميّة الخاصة بها، لجهة منح التراخيص والآليات، وتحديد النطاق الجغرافي والمناطق المسموح زراعة النبتة فيها، والعلاقة مع المصنّعين، وغيرها من المهام والقرارات التنظيميّة المنوطة بالهيئة. أضاف هاني أنّ العنوان العريض هو تقني وعلمي، يتعلّق بالمواصفات التي يجب اعتمادها في زراعة القنّب الهندي، لجهة اختيار نوع النبتة وفقًا لاستخداماتها وما تحتويه من مواد تخدير (THC)أو مواد طبيّة CBD))، والتي تحدّد ماهيّة المواد الني نريد صناعتها، ونوعيّة النبتة والمعايير والشروط الواجب مراعاتها، لتحقيق الغاية من زراعة القنّب”.
هاني تعهّد باستكمال دعمه للهيئة الناظمة للقطاع، لاستكمال جهازها الإداري في تعيين المدير العام وأعضاء الفريق، كي تتمكّن من مباشرة عملها، في أسرع وقت ممكن.
أمّا العنوان الأبعد والأهم، فيكمن في جعل القطاع الزراعي شريكًا في مسيرة النهوض الاقتصادي وفي التنمية المستدامة، وصلة وصل بين الريف والإنتاج، وبين الطبيعة والصناعة، وفق لمقاربة رسمها وزير الزراعة نزار هاني لخطتّه على رأس وزارة الزراعة، وعمل على ترجتمها على أرض الواقع، في إطار تطبيق رؤيته للقطاع “الزراعة نبض الأرض”. عائدات القنّب مليار دولار سنويًّا وأكثرعملية تشريع عملية زراعة القنّب الهندي لاغراض طبيّة وصناعيّة، تحقّق جملة منافع، لا تقتصر على تصويب صورة لبنان الذي عانى على مدى عقود من تبعات زراعة الحشيشة بطرق غير شرعية، كافحتها الحكومات المتعاقبة بتلف المزروعات، بل تتعداها إلى جدوى اقتصادية تعود بالمنافع على المزارعين وخزينة الدولة، من شأنها تحفيز الاقتصاد والمساهمة في تحقيق التنمية الريفيّة المستدامة، وخلق فرص في مجال الزراعة في الأرياف لاسيّما في البقاع، وفي مجالات التصنيع والتسويق وتطوير الصناعات الطبيّة، وجذب استثمارات خارجيّة في قطاع الصناعات الدوائيّة والتجميليّة، وزيادة حجم الصادرات الزراعيّة والصناعيّة. وكانت شركة “ماكنزي” قد لفتت إلى الأهمية الاقتصاديّة لزراعة القنّب في دراسة أعدّتها عام 2018، وقدّرت العائدات بنحو 1.5 مليار دولار سنويًّا. بنظر هاني يمكن أن نحقّق مردودًا أعلى من تقديرات ماكيزي، إذا عملنا بالطريقة التي اعتمدتها دول عدّة رائدة في هذه الزراعة. مزايا زراعة القنّبتُصنّف نبتة القنّب ضمن فئة الزراعات السهلة التي لا تحتاج إلى جهد كبير، وتتمتع بمزايا عديدة، أبرزها عدم حاجتها إلى كميات كبيرة من الري، حيث تنمو في العديد من المناخات باستخدام مياه الأمطار الطبيعيّة فقط، مما يقلّل الحاجة إلى أنظمة الري الاصطناعيّة، وذلك بفضل نظام النبتة التي تمتص رطوبة التربة، مما يسمح لها بالازدهار حتّى في الظروف الأكثر جفافًا. كما أنّها نبتة أقل عرضة للأمراض أو المشكلات الصحيّة، ومقاومة للحشرات التي قد تصيب المحاصيل التقليديّة. ما بعد تعيين الهيئةاستكمال الخطوات الإجرائيّة لتشريع نبتة القنّب الهندي، وتحويلها من اقتصاد أسود إلى شرعي وريعي ومنتج لأغراض طبيّة، من شأنه أن يمنح البلد فرصة لا يستهان بها لتعزيز إنتاجه المحلي، وتنمية زراعاته وصناعاته وتعزيز صادراته وتحفيز الاستثمارات. وما حصل في مجلس الوزراء يشكّل بداية في مسار طويل، يتطلّب الكثير من العمل والحوكمة والتعاون بين الوزارات المعنية، والهيئة الناظمة من جهة، والمزارعين وجمعية الصناعيين، ونقابة مصانع الأدوية، والخبراء من جهة ثانية، لتحقيق المبتغى من تشريع القنّب كما ورد في الأسباب الموجبة للقانون، في مواكبة النهج العالـمي في تنظيم زراعة القنّب وضبطه، بما يشكّل رافدًا اقتصاديًّا وماليًّا جديدًا للدولة، فضلًا عن الآفاق الجديدة التي سيقدّمها هذا القانون على الـمستويات الزراعيّة والصناعيّة والعلـميّة كافة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :