قالت المراسلة السياسية لصحيفة "معاريف الإسرائيلية" أنّا بارسكي: "منذ اندلاع الحر ب في غـ.ـزة، تمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخط متشدّد: لن يكون هناك وقف للحرب قبل القـ.ـضاء التام على حمـ.ـاس. كانت هذه هي الرسالة للناخبين، لشركائه في الائتلاف، ولحلفائه في واشنطن. إلا أن شيئًا ما بدأ يتغير في الأسابيع الأخيرة. ليس أهداف الحر ب أو حدود الجبهة، بل النبرة، التفاصيل الدقيقة، الموسيقى في الكلمات. الأسلوب يتغير، وربما أيضًا الاتجاه الاستراتيجي".
وتابعت بارسكي :"في الأسابيع الأخيرة، يتحدث نتنياهو علنًا عن إنهاء الحر ب. لا يذكر ذلك كوعود جوفاء أو كإعلان سياسي، بل كعنـ.ـصـــر مدمج داخل صفقة مطروحة حاليًا على طاولة الوسطاء في القاهرة والدوحة. هناك أمثلة كثيرة على ذلك - وبحث بسيط على الإنترنت كفيل بإظهار المزيد. قبل نحو أسبوعين، في لقاء مع عائلات الأسرى في واشنطن، قال نتنياهو صراحة: "إذا تم التوصل إلى الصفقة – فالمفاوضات بشأن نهاية الحر ب ستبدأ فورًا، وليس بعد انتهاء الستين يومًا. فورًا"". وأضاف: "الهـ.ـدف بعد الستين يومًا – هو إنهاء الحر ب".
وبحسب المراسلة، فإنّ: "هذه التصريحات لا تترك مجالًا للشك. حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتورط بعمق في جهود الوساطة، لم يتردد في القول: "سأكون صارمًا جدًا مع نتنياهو بشأن إنهاء الحر ب في غـ.ـزة. لكنه هو أيضًا يريد ذلك". ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف ترامب عن الحديث عن إنهاء الحر ب – ومن المعروف أن ترامب لا يقول شيئًا عبثًا. هذه التصريحات لم تُقال على هامش النقاش، بل في قلب المفاوضات، وهي تعكس تغييرًا في النبرة – نغمة يمكن للجمهور، للقاعدة السياسية، وللمجتمع الدولي أن يسمعها".
وأردفت بارسكي: "يجب فهم النية وراء ديناميكية التصريحات: نتنياهو لا يكتفي بالموافقة، بل يعمل على تطبيع الحديث عن إنهاء الحر ب كهـ.ـدف وطني، وليس كاحتمال نظري. هذه خطوة تتطلب وقتًا وعملًا دقيقًا، لتحضير وتهيئة وعي الجمهور – خاصة الشرائح التي سمعت منه طوال نحو عامين فقط عن "النـ.ـصـــر المطلق" – وكانت معه بنسبة 100%".
ولفتت بارسكي إلى أنه: "في الوضع المثالي، يرغب نتنياهو بكسب المزيد من الوقت وتحقيق صفقة جزئية تمكّنه من البقاء على الحياد: لا إنهاء للحرب بشكل كامل، لكن أيضًا إعادة نصف الأسرى الأحياء إلى الوطن. الهـ.ـدف: إعادة الأسرى من دون فقدان الائتلاف، من دون الدخول في صدام مع الرئيس الأميركي – ومن دون خسارة السلطة. هذه معضلة كلاسيكية لنتنياهو، لكن هذه المرة، حجم الضغوط من جميع الجهات غير مسبوق. التقدير السائد في "القدس"، والمدعوم بإشارات دقيقة من البيت الأبيض، هو أن هذه المرة – على عكس حالات وقف إطلاق النار السابقة – واشنطن لن تسمح بالعودة التلقائية إلى القتال بعد 60 يومًا. ترامب، المصمم على إنهاء الحر ب والخروج من هذا الحدث كـ"صانع سلام"، يبدو جادًا تمامًا في سعيه لنيل جائزة نوبل للسلام – والجائزة تُمنح لمن يُنهي الحروب، وليس لمن يحقق هدنة مؤقتة لـ60 يومًا"، وفقًا لقولها.
وقالت بارسكي: "المسار الذي يراه نتنياهو أمامه يشمل تهديدًا مزدوجًا: إذا وافق على الصفقة من دون أفق واضح لاستئناف القتال – فإنه يخاطر بفقدان الائتلاف. وإذا أصر على إبقاء هذا الخيار مفتوحًا – فقد يفقد دعم ترامب ويصطدم به مباشرة. التصادم بين السياسة الداخلية والضغط الدبلوماسي الخارجي يبدو حتميًا. نتنياهو يدرك جيدًا الخطر. هو يريد الصفقة – لا شك في ذلك. لا يتعلق الأمر بشعارات، بل برغبة حقيقية في إعادة الأسرى. لكنه في الوقت ذاته يشعر بالخوف. ماذا سيحدث في اليوم 61؟ ماذا لو لم تستسلم حمـ.ـاس؟ - ويبدو أنها لا تنوي ذلك- هل ستتمكن "إسرائيل" من استئناف القتال؟ هل سيكون هناك شرعية دولية لمثل هذه الخطوة؟ والأهم – هل سيؤدي ذلك إلى ثمن باهظ لا يمكن تحمله في العلاقة المستقبلية مع الرئيس ترامب؟".
وشدّدت المراسلة على أنّ: "المشكلة لا تقتصر فقط على البُعد الدبلوماسي، فالوزيران سموتريتش وبن غفير (وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير)، الشريكان الأساسيان في الائتلاف، أوضحا بالفعل أنهما لن يدعما إنهاء الحر ب طالما حمـ.ـاس لا تزال على قيد الحياة – لا كسلطة مدنية، وبالتأكيد ليس كتنظيم مسلـ.ـح. حتى لو طُرحت على الطاولة خطة لتسوية إقليمية واسعة – بما في ذلك اتفاقيات سلام جديدة – فإنهما يعتبران أن وجود حمـ.ـاس بحد ذاته يُلغي أي إنجاز سياسي. لذلك، يُفضّل نتنياهو صفقة جزئية. السيناريو المثالي بالنسبة إليه: إطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 جثة، مقابل وقف إطلاق نار محدود، ومن ثم – إذا لم تُبدِ حمـ.ـاس استعدادًا للاستسلام والعودة إلى القتال. ولكن ماذا لو لم يكن هناك إمكانية للعودة؟ ماذا لو اعتُبر الاتفاق بمثابة نهاية الحر ب أيضًا في نظر العالم؟" على حد تعبيرها.
وتابعت: "إذا تبين أن الصفقة تلزم "إسرائيل" بإنهاء الحر ب – فسيكون هذا هو الثمن الائتلافي الذي قد يدفعه نتنياهو. سيتعين عليه الاختيار بين رغبته في إعادة الأسرى وبين بقائه السياسي. المخاطرة: فقدان سموتريتش، فقدان بن غفير، فقدان الأغلبية في الكنيست. ثم – سيسقط أيضًا قانون التجنيد، وقد تبدو الإطاحة بإدلشتاين خطوة لا جدوى منها".
وأردفت: "نتنياهو سيحاول، كعادته، المناورة. لقد فعل ذلك مرات عديدة في الماضي – ونجح في كثير منها. إلا أن هذه المرة، هو يواجه حقل ألغام سياسي-أمني-دبلوماسي لا يسمح بكثير من المناورات. ترامب ليس لاعبًا ثانويًا. هو رئيس أميركي يسعى لجائزة نوبل – وفي رؤيته، غـ.ـزة ليست سوى محطة في طريق صفقة إقليمية كبرى".
وختمت بالقول:" "سحر" نتنياهو عمل حتى الآن – لكن من الصعب معرفة ما إذا كان سينجح مرة أخرى. كلما اقتربت لحظة الحسم اشتد الضغط وقلّت الخيارات. وفي نهاية المطاف، قد يُجبر رئيس الوزراء على اتخاذ القرار الحقيقي: بين غـ.ـزة والائتلاف، بين ترامب وسموتريتش. كل قرار سيكون مكلفًا – وليس له وحده".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :