افتتاحية صحيفة الأخبار:
لبنان يصرّ على الضمانات: رأينا نموذج الشرع!
على وهج النار السورية، وصل إلى بيروت، أمس، الموفد الأميركي إلى لبنان وسوريا توماس برّاك، في زيارة هي الثالثة له منذ تكليفه بالمهمة خلفاً لمورغان أورتاغوس.
وجاء توقيت زيارته قبل ثلاثة أيام من موعد كان مقرّراً، وقد تبلّغت رئاسة الجمهورية أمس بأنّ برّاك قرّب موعد زيارته، وأنه سيبدأ لقاءاته اليوم مع الرؤساء الثلاثة ليستمع إلى الردّ اللبناني على الملاحظات الأميركية حول الردّ اللبناني الأول على ورقته.
وكما جرت العادة، استبقت وسائل الإعلام الزيارة بالترويج لها باعتبارها مفصلية وأنّ ما بعدها ربما لن يكون كما قبلها على صعيد مسار سلاح حزب الله ومصير لبنان، خصوصاً بعد كلام برّاك أكثر من مرة عن مطالبة الولايات المتحدة بإطار تنفيذي مع جدول زمني لسحب السلاح وتهديده تارة بالحرب الأهلية وأخرى بضم لبنان إلى سوريا، فضلاً عن التصعيد الإسرائيلي المتواصل.
توقيت الزيارة هذه المرة أحاطت به معطيات مختلفة، بعد أن وجد اللبنانيون، بمن فيهم المعادون لحزب الله، أنفسهم في عين عاصفة السويداء، ما خلق شعوراً غير مسبوق بالخوف من المشهد الذي حصل. وفي رأي أوساط مطّلعة أنّ أحداث السويداء شكّلت عاملاً جديداً للمسؤولين اللبنانيين للتمسّك بـ «الضمانات» التي كان لبنان يطالب بها، على الصعيد الرسمي.
أمّا شعبياً، فإنّ برّاك، وفقَ ما يقول المطّلعون، سيلمس تغييراً في المزاج العام تجاه سلاح حزب الله، خصوصاً أنّ طوائف أخرى باتت تعتبر أنّ السلاح ضمانة لها، سواء كان في يد الحزب أو في يدها.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ «رئيس الجمهورية جوزاف عون، حين تبلّغ بموعد زيارة برّاك، بدا أكثر ارتياحاً بعد التطورات في سوريا لجهة دعم الموقف اللبناني»، مشيرة إلى أنّ «عون سيصرّ هذه المرة على حق لبنان في الحصول على ضمانات دولية»، خصوصاً أنّ إسرائيل لم تلتزم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ولم تنجح الضمانات الخارجية في دفعها إلى الالتزام به.
كذلك يتسلح عون بمشهد العدوان الإسرائيلي على سوريا. وهذه نقطة ستثار مع برّاك الذي دعا اللبنانيين سابقاً، هو وغيره من المسؤولين الأميركيين، إلى الاقتداء بنموذج الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع الذي لم تحمِه كل تصريحاته المطمئنّة لإسرائيل، ولا مفاوضاته المباشرة معها، من العدوان الإسرائيلي، ولا من برنامج العدو المنخرط في المعركة الدائرة لتكريس احتلاله للجنوب السوري، الأمر الذي سيشكّل في ذاته عامل ضغط أكبر على لبنان.
وفيما لم يتّضح بعد سبب تقديم برّاك موعد زيارته للبنان، باستثناء ارتباط رئيس الجمهورية بزيارة إلى دولة البحرين غداً، إلا أنّ الثابت لدى الأوساط السياسية أنها «مرتبطة بالجواب الذي يريد أن تسمعه الولايات المتحدة من الدولة اللبنانية، لا سيّما في ما يتعلّق بمهمة الحكومة اتخاذ قرار بالإجماع حول حصرية السلاح وتقديم التزامات بمهل زمنية تريدها واشنطن»، بينما «سيصرّ لبنان على أنّ تسليم السلاح لا يمكن أن يتحقّق إلا بعد تنفيذ إسرائيل انسحابها من النقاط التي احتلّتها، ووقف الاعتداءات وتسليم الأسرى، ثم يبدأ الحوار الداخلي حول إستراتيجية دفاعية تحمي لبنان، مع تأكيده على الالتزام بالقرار 1701».
وبحسب المعلومات، فإنّ جدول أعمال برّاك سيكون مطوّلاً هذه المرة، وهو سيلتقي عدداً من الوزراء في عشاء تقيمه السفارة الأميركية مساء اليوم، على أن يلتقي شخصيات سياسية في عشاء يقيمه النائب فؤاد مخزومي غداً، على أن يلتقي شخصيات سياسية أخرى.
إلى ذلك، تواصلت المساعي لمنع تأثّر لبنان مباشرة بأحداث السويداء التي اتخذت طابعاً مذهبياً خطيراً ، وعُقِد اجتماع أمني في قصر بعبدا تناول تداعيات هذه الأحداث واحتمالات تسلّل الفوضى، إلى جانب ملف الموقوفين السوريين الذين تطالب دمشق بتسليمهم.
فيما شهدت الساحة السياسية مجموعة مبادرات بينها زيارة رؤساء الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي لرئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، بالتوازي مع اتصالات تلقّاها شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، أبرزها من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لتخفيف الاحتقان.
كما عُقد اجتماع بين وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ترأّسه النائب تيمور جنبلاط ومشايخ راشيا مع وفد من العشائر العربية في لبنان، في دار إفتاء البقاع، تحدّث فيه النائب وائل أبو فاعور الذي قال إنه «لا يمكن القبول بنشر الفتنة الداخلية بين العشائر العربية وبني معروف، وموقفنا يمكن أن يؤثّر إيجاباً على الوضع في سوريا، وكمال جنبلاط كان أول من طالب بإنصاف العشائر العربية، وهذا عهدنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا».
******************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
المجاعة بدأت تحصد الأرواح في غزة… وحملات التبرّع والاحتجاج ردّ الشعوب
السويداء: وقف النار الأميركيّ الهش بين الحضور الإسرائيلي وحشد النظام للعشائر
براك في لبنان يواجه أسئلة سورية عن مصداقية ضمانات واشنطن بوجه «إسرائيل»
دخلت المجاعة في غزة حيّز التنفيذ وبدأ الناس يموتون جوعاً، وقد بلغ عدد الأطفال الذين فارقوا الحياة بسبب سوء التغذية قرابة مئة طفل، لكن السقوط أرضاً ومفارقة الحياة بسبب الجوع بدأ يصبح مشهداً متكرراً، فالإعياء يسيطر على مئات الوجوه المتعبة، الأطباء يعجزون عن الوقوف على أقدامهم والصحافيون يكملون رسائلهم على الهواء بصعوبة، وسعر كلغ الطحين وصل إلى 75 دولاراً، وحسم السماسرة على المبالغ المحوّلة وصل إلى 48%، لكن الذين يؤمنون بغزة وشعبها ومقاومتها وصمودها لم ييأسوا ولن يستسلموا، وعمّت الاحتجاجات شوارع العالم مثلها مثل التبرعات، وتنادى الفقراء يجمعون قروشهم ودولاراتهم عشرة فوق عشرة لتصبح مئة، ومئة مع مئة ليقوموا بتحويل ثمن كيلوغرامات من الطحين تكفي لعدة أرغفة من الخبز يتقاسمها الجياع، بينما الذين يملكون المليارات يفعلون شيئاً مشابهاً فيضعونها فوق بعضها لتصبح تريليونات ويهدونها لدونالد ترامب، لمساعدة أميركا كي تعود عظيمة.
في سورية تترنّح الهدنة التي صنعها المبعوث الأميركي توماس براك، بعدما فشل تبادل المحتجزين، واستمر إطلاق النار وتساقطت القذائف، وبدا أن النظام يعيد حشد العشائر كما فعل خلال الأيام الماضية ويتحدّث عن عجز عن ضبط غضب العشائر وسلاحها، دون أن يجيب كيف يكون هناك سلاح خارج الدولة شرعيّاً ومقابله سلاح خارج الدولة غير شرعيّ، بينما يبدو أن الاحتلال لم يصل بعد إلى ما يريد ويعرف أن الكلام الأميركي الانتقادي لحكومة الكيان شيكات بلا رصيد، ومجرد فرقعة إعلامية بلا قيمة سياسية، وفي ختام كل تصريح أميركي يذكر اسم صاحبه، فكيف إن كان مصدره بلا اسم، تذكير بالتمسك بحق إسرائيل بالدفاع عن النفس وكل إطلاق نار إسرائيلي ولو كان في أقصى الدنيا هو بنظر واشنطن مجرد دفاع عن النفس.
في لبنان ينظر توماس براك الذي يبدأ لقاءاته اليوم، بعيون من زجاج منكراً المشهد السوري، ويتحدّث بثقة عن مثال سورية التي التقطت الفرصة والتحقت بالتغيير الذي تشهده المنطقة وعلى لبنان أن يلحقها، وكأن سورية ليست في قلب أتون حرب أهلية بسبب تصديق الضمانات الأميركية بوضع حد لـ»إسرائيل» وتجاوزها على سيادة الدول العربية، ولبنان لا يريد أن يلحق بالذهاب الى الحرب الأهلية التي يصدر براك اتفاقات وقف النار في حلقاتها المجنونة، ولا يحتاج لأن يدخل في مغامرة عنوانها تصديق الضمانات الأميركية لتنفيذ «إسرائيل» تعهداتها مجدداً، فقد صدق مرة ولن يعيدها قبل أن تنفذ واشنطن ضماناتها وتنفذ «إسرائيل» التزاماتها.
وصل المبعوث الأميركي توم برّاك إلى مطار بيروت الدولي أمس، ويستقبله رئيس الحكومة نواف سلام عند الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم في السرايا. وبعد ذلك يستقبله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، حيث تمّ تقديم موعد اللقاء إلى اليوم بدلاً من يوم غد.
وستشمل جولة برّاك قيادات سياسيّة وروحيّة ووجوهاً نيابيّةً، فيما سيكتفي بتصريح من السّراي الحكومي بعد لقائه رئيس الوزراء نواف سلام.
وكانت اللّجنة الرّئاسيّة الثّلاثيّة اجتمعت في قصر بعبدا مساء أمس، لوضع اللّمسات النّهائيّة على الملاحظات اللّبنانيّة قبل تسليمها لبرّاك، والأخير سيتسلّم الرّدّ من رئيس الجمهوريّة.
في السّياق، اعتبرت مصادر متابعة، أنّه «لا يجب تحميل زيارة برّاك أيّ تبعات، ومن السّابق لأوانه الحديث عن أجواء تفاؤليّة أو تشاؤميّة قبل بدء لقاءاته»، مؤكّدةً أنّ «الرّدّ الأميركي ليس اتفاقاً جديداً بين لبنان و«إسرائيل»، وهو آليّة تنفيذيّة للاتفاق الموقَّع في تشرين الثّاني 2024، ويتضمّن مراحل متتالية ومتزامنة لتسليم السّلاح تزامناً مع الانسحاب الإسرائيلي».
تحمل زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت دلالات مزدوجة، فهي من جهة استمرار للزخم الدبلوماسي الأميركي المرتبط بتنفيذ بنود الاتفاق اللبناني الإسرائيلي الموقّع في تشرين الثاني 2024، ومن جهة أخرى اختبار جديد لقدرة الأطراف اللبنانيّة على ترجمة مواقفها إلى التزامات قابلة للتنفيذ، في ظل انقسام داخلي حادّ وتوازنات إقليمية دقيقة.
لقاء برّاك المرتقب مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، والذي جرى تقديمه إلى اليوم بدلاً من الغد، يكتسب بحسب مصادر سياسية أهمية رمزيّة وعملانيّة معاً، لا سيما أنّه سيتسلّم الرّد اللبناني الرسمي على الورقة الأميركية التنفيذية. هذا الردّ الذي صيغ بعد نقاشات معمّقة داخل اللجنة الرئاسية الثلاثية في قصر بعبدا، يُفترض أن يعبّر عن إجماع الحدّ الأدنى بين القوى اللبنانية المعنية، وإنْ بدا واضحاً أنّه لا يعكس توافقاً سياسياً كاملاً.
وفيما حرصت مصادر متابعة على التقليل من «تضخيم الرهانات» المرتبطة بهذه الزيارة، إلا أنّ طبيعة الجولة التي سيقوم بها برّاك والتي ستشمل قيادات روحيّة ونيابيّة وسياسيّة، توحي بأنّ واشنطن تريد اختبار النبض الداخلي قبل المضيّ قدُماً في المرحلة التالية من الاتفاق، التي تتعلّق بتسليم السلاح اللبناني الثقيل في مناطق التماس، بالتزامن مع ترتيبات الانسحاب الإسرائيلي.
المفارقة تكمن في الصمت النسبي الذي يحيط بجوهر المقترحات الأميركية. فعدم صدور أيّ بيان مفصّل عن فحوى الآليّة، وامتناع برّاك عن أيّ تصريحات إعلاميّة خارج السرايا الحكومي، يعزّز الانطباع بأنّ واشنطن تعتمد سياسة «جسّ النبض الصامت»، ما يعكس حرصاً على تجنّب التصعيد أو تفجير الألغام السياسيّة الكامنة في الداخل اللبناني.
باختصار، لا تحمل زيارة برّاك حلولاً سحريّة، لكنها تشكّل علامة فارقة على طريق طويل، محفوف بالتعقيدات والتنازلات المتبادلة. أما النجاح في تحويل الاتفاق التنفيذيّ إلى واقع ملموس، فسيبقى رهن إرادة الفرقاء اللبنانيّين، وقدرتهم على تخطّي الحسابات الضيّقة لملاقاة فرصة نادرة لتثبيت الاستقرار الهشّ.
في سياق آخر تلقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان اتصالاً من قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى بأن البحث تناول الشؤون اللبنانية والدور الذي يقوم به الجيش في حفظ أمن وسلامة لبنان واللبنانيين، وثمّن دريان أداء الجيش في القيام بواجبه الوطني ومعالجة أي طارئ أمني في شتى أنحاء الوطن. وشدّد مفتي الجمهورية على أن «وحدة اللبنانيين ستبقى عصيّة في أي أزمة تستجدّ ومحصنة بتماسكهم وتلاحمهم وستبقى هي الأساس لتفشيل وإسقاط كل مَن يحاول نشر الفتنة بشتى الطرق في لبنان»، ودعا إلى «المزيد من التضامن الوطني لمواجهة هذه النوايا الخبيثة في إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية». ودعا «لإبعاد لبنان عما يحدث في سورية الشقيقة… ونؤكد وحدة سورية أرضاً وشعباً ومؤسسات، ولا ينبغي أن نتدخّل في شؤون غيرنا ولا أن يتدخل أحد في شؤوننا اللبنانية». وختم: «دار الفتوى لن تسمح بجرّ لبنان إلى أتون الفتن الطائفية والمذهبية البغيضة والمحرّمة شرعاً، وتحرص دائماً على الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل على درء الفتنة بالتعاون والتضامن مع البطريركية المارونية والأرثوذكسية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة العقل وبقية المراجع الدينية والسياسية لمنع حدوث أيّ خلل ليس بالحسبان». ويتابع دريان الأوضاع العامة في لبنان مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام والوزير والنائب السابق وليد جنبلاط ورؤساء الطوائف.
وأكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التمسك بالبيان الذي صدر خلال الاجتماع الاستثنائي في دار طائفة الموحدين الدروز يوم الجمعة الفائت، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار في السويداء للشروع بالمراحل التالية. وشدّد على أنَّ «الحلّ السياسيّ الشامل هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيبة الدولة السورية وتلبية المطالب المشروعة لأبناء جبل العرب، وعلى ضرورة إطلاق حوار بين جميع المكوّنات الدينية والسياسية والطائفية برعاية الدولة». واستنكر «أي تصريح يدعو إلى حماية دولية أو إسرائيلية»، ورأى أنّ «هذه الطروحات تشكّل مسّاً بسيادة سورية وتاريخ السويداء الوطني والعربي»، داعياً إلى «وقف التصعيد ورفع الحصار عن المناطق المتضررة، والعمل الجاد لتفادي الانزلاق إلى مزيد من التوتر». ولفت إلى أن «دروز سورية جزء أصيل من النسيج العربي والوطني السوري، ولا يجوز إخراجهم من عروبتهم أو التعامل معهم كجسم منفصل عن محيطهم الطبيعي».
وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي: نشهد خلافاً حول المادة 112 من قانون الانتخابات التي عُلِّقت في الانتخابات السابقة لعدم صحّتها واستحداثُ 6 دوائر للمغتربين مخالف للمساواة التي هي مبدأ يكفله الدستور، كما أن حصر المغتربين بـ6 مقاعد يتعارض مع حقّهم في التواصل مع وطنهم وما نشهده هو عملية إقصاء للمغتربين، الذين يتطلّعون إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة بكل حرية، ولا بدّ من إلغاء المادة 112 لأجل حماية الحرية.
********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
برّاك يتسلّم الردّ على الردّ اليوم بين تفاؤل وتشاؤم ولبنان لتنفيذ الاتفاق قبل تجاوزه
مع عودة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى لبنان أمس، تنوعت التوقعات وتناقضت حول نتائج زيارته الثالثة لبيروت، وسط انطباعات تراوح بين التفاؤل والتشاؤم، واعتراف المعنيين بصعوبة التوصل إلى اتفاق قريب، خصوصاً إذا لم يقدّم الرجل باسم حكومته ضمانات جدّية وعملية للمسؤولين اللبنانيين، تشجع على معالجة موضوع حصرية السلاح وترضي الأطراف المعنية به. وقد أنجزت اللجنة الثلاثية الرئاسية التي اجتمعت في قصر بعبدا مساء أمس، صيغة الردّ اللبناني على الملاحظات الأميركية حيال الورقة اللبنانية الأخيرة، والذي سيسلّمه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى الموفد الأميركي عندما سيلتقيه اليوم، بعدما كان مقرراً ان يكون هذا اللقاء غداً، ثم يلتقيه رئيسا المجلس النيابي والحكومة.
يبدأ الموفد الأميركي توم برّاك اليوم محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين الذين سيبلغون اليه الردّ الرسمي على الردّ الأميركي على الموقف اللبناني حيال الورقة الأميركية التي كان برّاك قد سلّمها إلى بيروت.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، إنّ لقاءات برّاك مع المسؤولين ستتمّ على إيقاع صدى تصريحاته الأخيرة حول احتمال إعادة ضمّ لبنان إلى بلاد الشام ما لم يتحرّك سريعاً لمعالجة ملف سلاح «حزب الله».
واستبعدت المصادر أن تكون زيارة برّاك الثالثة هي الحاسمة، لافتة إلى انّ هامش الأخذ والردّ بين الجانبين لم يُستنفد بعد، وإن كان يضيق عقب كل زيارة لبرّاك.
وأشارت المصادر إلى أنّ لبنان يعتبر انّ المطلوب أولاً تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية على أساس القرار 1701، إذ لا يجوز أن يتمّ تجاوز القرار الدولي والانتقال إلى تطبيق ترتيبات أخرى قبل تنفيذه. وشدّدت المصادر على أنّ تطبيق تل أبيب للاتفاق والقرار 1701 يسهّل البحث في حصرية السلاح، مبديةً خشيتها من حصول تصعيد إسرائيلي بعد مغادرة برّاك، في إطار محاولة زيادة الضغوط على لبنان لدفعه إلى التعجيل في سحب سلاح «حزب الله».
لحظة الحسم
وفي السياق نفسه، قالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية»، انّه مع وصول برّاك إلى بيروت، يمكن القول إنّ لحظة الحسم الذي يطلبه الأميركيون من لبنان قد حلّت، وباتت الحكومة اللبنانية مضطرة إلى إعلان موقفها الواضح في موضوع نزع السلاح ضمن مهلة الأربعة أشهر التي حدّدتها الورقة الأميركية والإصلاحات الأخرى المطلوبة. وقد جاء تقريب موعد الاجتماع بين الرئيس عون وبرّاك من الغد إلى اليوم لإمرار رسالة مفادها أنّ الموفد الأميركي يريد اختصار الطريق والاستماع مباشرة إلى الردّ اللبناني الموعود، والذي عملت اللجنة الثلاثية، الممثلة لعون ورئيسي المجلس والحكومة على إعداده.
وإذ لم تتضح معالم هذا الردّ بوضوح، فإنّ مصادر مواكبة للملف قالت لـ«الجمهورية»، إنّ جواً من الإرباك ساد المناقشات طوال الفترة الماضية، وسط رغبة في مراعاة موقف «حزب الله» الرافض في المطلق أي محاولة لتسليم السلاح، تحت أي ذريعة كانت، انطلاقاً من قراءته للتطورات الأخيرة الجارية في لبنان وسوريا، حيث ارتفعت درجة المخاطر والحاجة إلى السلاح كضامن للحماية، وفق تقديره.
ورجحت المصادر أن يحافظ لبنان الرسمي على روحية ردّه السابق على برّاك، والقائمة على مبدأ التزامن بين الخطوات اللبنانية والإسرائيلية.
الوضع السوري
وكان برّاك بصفته المبعوث الأميركي إلى سوريا، أعلن في تصريح له أنّه «لا يمكن احتواء الأعمال العدائيّة المتصاعدة في السويداء إلّا من خلال اتفاق على وقف العنف، حماية الأبرياء، السّماح بوصول المساعدات الإنسانيّة، والابتعاد عن الخطر». وأشار في تصريح، إلى أنّ «اعتبارًا من السّاعة 17:00 بتوقيت دمشق (أمس)، توصّلت جميع الجهات إلى هدنة ووقف للأعمال القتاليّة»، مشدّدًا على أنّ «حجر الأساس التّالي على الطّريق نحو الشّموليّة وخفض التّصعيد الدّائم، هو التّبادل الكامل للرهائن والمعتقلين، والّذي يجري العمل على لوجستيّاته الآن».
أكثر من 1000 قتيل
وفيما أعلنت منظمة الأمم المتحدة أنّ «عدد النازحين جراء أعمال العنف في جنوب سوريا بلغ أكثر من 128 ألفاً»، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ «عدد القتلى جراء أعمال العنف التي استمرت أسبوعاً في جنوب سوريا تجاوز 1000 قتيل». وأحصى مقتل 336 مقاتلاً درزياً و298 مدنياً من الدروز، بينهم 194 «أُعدموا ميدانياً برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية». وفي المقابل، قُتل 342 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية، ثلاثة منهم مدنيون «أعدموا ميدانياً على يد المسلحين الدروز». كذلك أفاد المرصد أنّ الغارات التي شنّتها إسرائيل خلال التصعيد، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية.
جنبلاط والحل الشامل
في غضون ذلك، وفي سياق الحراك اللبناني لمنع انعكاس أحداث الجنوب السوري على لبنان، أكّد الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط التمسك بالبيان الذي صدر خلال الاجتماع الاستثنائي في دار طائفة الموحدين الدروز، مشدّداً على ضرورة وقف إطلاق النار في السويداء للشروع بالمراحل التالية. وشدّد على أنَّ «الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيبة الدولة السورية وتلبية المطالب المشروعة لأبناء جبل العرب، وعلى ضرورة إطلاق حوار بين جميع المكونات الدينية والسياسية والطائفية برعاية الدولة».
واستنكر جنبلاط «أي تصريح يدعو إلى حماية دولية أو إسرائيلية»، وقال إنّ «هذه الطروحات تشكّل مسّاً بسيادة سوريا وتاريخ السويداء الوطني والعربي»، داعياً إلى «وقف التصعيد ورفع الحصار عن المناطق المتضررة، والعمل الجاد لتفادي الانزلاق إلى مزيد من التوتر». ولافتاً إلى أنّ «دروز سوريا جزء أصيل من النسيج العربي والوطني السوري، ولا يجوز إخراجهم من عروبتهم أو التعامل معهم كجسم منفصل عن محيطهم الطبيعي».
ومن جهته الحزب «التقدميّ الاشتراكيّ» دعا في بيان له، «الدولة السورية وأبناء السويداء والعشائر العربية، للعمل على تثبيت وقف إطلاق النار الذي هو أهم من أي اعتبارات أخرى وخصوصًا الثأر، من أجل أمن واستقرار ووحدة سوريا. وطالب الدولة السورية بالعمل جدّيًا على السيطرة على الوضع المضطرب وغير المستقر في محافظة السويداء، ووضع حدّ للهجمات التي تُشن على القرى الدرزية في جبل العرب، لقطع الطريق أمام مطالب الحمايات الدولية أو التدخّلات الإسرائيلية».
وقال إنّ «تثبيت وقف إطلاق النار هو الباب للدخول إلى المرحلة الثانية أي الحوار السياسيّ، من أجل اندماج محافظة السويداء بالدولة السورية وأجهزتها الرسمية».
مفتي الجمهورية
وبدوره مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان تتّبع الأوضاع العامة في لبنان مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام وجنبلاط ورؤساء الطوائف اللبنانية. وتلقّى اتصالاً من قائد الجيش العماد رودولف هيكل. وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى أنّ البحث «تناول الشؤون اللبنانية والدور الذي يقوم به الجيش في حفظ أمن وسلامة لبنان واللبنانيين»، وثمّن دريان «أداء الجيش في القيام بواجبه الوطني ومعالجة أي طارئ أمني في شتى أنحاء الوطن».
وشدّد مفتي الجمهورية على أنّ «وحدة اللبنانيين ستبقى عصية في أي أزمة تستجد ومحصنة بتماسكهم وتلاحمهم، وستبقى هي الأساس لتفشيل وإسقاط كل من يحاول نشر الفتنة بشتى الطرق في لبنان»، ودعا إلى «مزيد من التضامن الوطني لمواجهة هذه النوايا الخبيثة في إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية». وقال: «لا بديل عن الدولة وهيبتها وفرض سيطرتها وأحكامها على كامل أراضيها، فهي مظلة الجميع والضامن الوحيد للنظام وسلطة القانون والحقوق والحرّيات والمواطنة المتساوية والعدالة بين جميع المواطنين». ودعا إلى «إبعاد لبنان عمّا يحدث في سوريا الشقيقة»، وقال: «لديهم دولة قادرة على معالجة الوضع الأمني فيها وقيادة حكيمة ورشيدة، ونؤكّد وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات، ولا ينبغي أن نتدخّل في شؤون غيرنا ولا أن يتدخّل أحد في شؤوننا اللبنانية». وختم: «دار الفتوى لن تسمح بجرّ لبنان إلى أتون الفتن الطائفية والمذهبية البغيضة والمحرّمة شرعاً، وتحرص دائماً على الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل على درء الفتنة بالتعاون والتضامن مع البطريركية المارونية والأرثوذكسية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة العقل وبقية المراجع الدينية والسياسية، لمنع حدوث أي خلل ليس بالحسبان».
في عنايا
من جهة ثانية، حضر أمس الرئيس عون وعقيلته وحشد من الشخصيات، القداس الإلهي لمناسبة عيد القديس شربل في دير مار مارون - عنايا، الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي قال في عظته بالمناسبة: «نصلّي مع رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى بشفاعة القديس شربل كي يُسدّد خطاكم ويزيدكم حكمة في قيادة لبنان الذي يمرُّ بظروفٍ صعبة، وحضوركم اليوم فعل إيمانٍ بأنّ لبنان لا يزال قائمًا على ركيزتين هما الله وقدّيسيه».
وقال الراعي متوجّهًا لرئيس الجمهورية: «زيارتكم اليوم بارقة رجاء، لأنّ لبنان بحاجة إلى قادة على مثال القديس شربل ومار الياس يتكلمون قليلاً ويعملون بصمت، في زمنٍ يعيش فيه لبنان ارتجاجاتٍ سياسية. يقول القديس شربل لكل مسؤول: «ارجعوا إلى القرار الواضح والصريح وإلى العمل للخير العام، في ظلّ ما نشهده من حولنا».
وختم الراعي: «نشهد خلافًا حول المادة 112 من قانون الانتخابات التي عُلِّقت في الانتخابات السابقة لعدم صحّتها، واستحداثُ 6 دوائر للمغتربين مخالف للمساواة التي هي مبدأ يكفله الدستور، كما أنّ حصر المغتربين بـ6 مقاعد يتعارض مع حقّهم في التواصل مع وطنهم. وما نشهده هو عملية إقصاء للمغتربين، الذين يتطلّعون إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة بكل حرّية، ولا بدّ من أجل حماية الحرّية من إلغاء المادة 112».
*******************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
تباين الدولة و"الحزب" في جولة برّاك الثالثة… بري "ينفرد" بردّه إلى جانب الردّ الرئاسي!
بحسب معلومات "النهار" أعدّ فريق المستشارين للرؤساء الثلاثة الصيغة النهائية للردّ الرئاسي الثلاثي الموحد على الردّ الذي كان أرسله برّاك إلى الرؤساء عبر السفارة الأميركية الأسبوع الماضي.
إذا كان الوصول المبكر للموفد الأميركي توم برّاك ظهر أمس إلى بيروت أوحى لكثيرين أن تمضيته لنصف إجازة الأحد في أرض مسقطه الأصلي، ستساهم في تسهيل مهمته وتساعد لبنان تالياً على تجاوز مطبات دقيقة وخطيرة في التفاوض معه، فإن ذلك لم يحجب الدقة المتناهية للزيارة الثالثة التي يقوم بها برّاك للبنان ضمن مهمته المكوكية التي تتمثل أبرز أهدافها ببرمجة زمنية واضحة لنزع سلاح "حزب الله". وصل برّاك ظهر الأحد إلى مطار رفيق الحريري الدولي ولم تكن على أجندته أي مواعيد لأي لقاءات رسمية أمس، على أن يجري لقاءاته اليوم مع الرؤساء الثلاثة، بدءاً برئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي سيسافر غداً إلى البحرين في إطار زياراته الرسمية على الدول العربية والخليجية، ثم يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعده رئيس الحكومة نواف سلام.
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ"النهار" فإن فريق المستشارين للرؤساء الثلاثة أعدّ الصيغة النهائية للردّ الرئاسي الثلاثي الموحد على الردّ الذي كان أرسله برّاك إلى الرؤساء عبر السفارة الأميركية الأسبوع الماضي، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها لجنة المستشارين، كما الاجتماعات الثنائية التي جمعت الرؤساء، وسيتسلم برّاك اليوم الردّ اللبناني على الردّ الأميركي من الرئيس جوزف عون، مع ترجيح أن يكون تلقى نواة حصيلتها قبل وصوله إلى بيروت على غرار الزيارة السابقة. وتؤكد معطيات لجنة الصياغة أنه تم التوصل إلى أجوبة على كل ما أوردته ورقة برّاك وهي لا شك تحمل اسئلة صعبة، لا سيما بعد كلام الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي اختصر موقف الحزب بعدم استعداده لتسليم السلاح مع تكراره ثوابت الانسحاب من الجنوب ومنع الخروقات الإسرائيلية ووقف الاغتيالات. وقد اعتبر كلام قاسم الأخير بمثابة استباق خطير للردّ اللبناني بل تفخيخ لهذا الرد بما يوفر لإسرائيل والإدارة الأميركية ذرائع إضافية كبيرة للضغط ومحاصرة لبنان عشية وصول برّاك، وبما زاد التعقيدات التي تشوب المفاوضات التي سيجريها الرؤساء الثلاثة اليوم مع الموفد الأميركي.
وإذ لم يعرف بعد ما إذا كان الرؤساء الثلاثة قرروا إظهار التمايز والتباين النافر بين موقف لبنان الرسمي وموقف "حزب الله" من برمجة نزع السلاح، قالت المصادر القريبة من الجانب الرسمي أن الردّ اللبناني جاء بموافقة الرؤساء الثلاثة وأن لا تباينات في ما بينهم مع التشديد على انسحاب إسرائيل من كل النقاط والمساحات المحتلة، والتأكيد أيضاً على جملة من الضمانات تركز على إعمار الجنوب مع الاستعداد لترسيم الحدود مع سوريا من دون حسم ملكية مزارع شبعا المحتلة. ولن يغيب الردّ اللبناني في معرض ترتيب العلاقة مع سوريا بالعمل على وضع برنامج لعودة نازحيها إلى ديارهم. وفي موازاة الجواب الرسمي على برّاك، بدا لافتاً أن الرئيس بري كشف أنه سيكون له ردّ خاص على الموفد الأميركي من دون أن يكشف عما سيبلغه إياه. ولا تهدف هذه الخطوة إلى القفز فوق ما سيسمعه من الرئيسين عون ونواف سلام. ويتضمن الرد أيضاً استعداد الحكومة لتطبيق سلسلة من الإصلاحات المالية والاقتصادية.
وثمة مخاوف من رفع السقف الأميركي تجاه لبنان، إذ أن من المحتمل أن يعلن برّاك مواقف تحرج لبنان أمام التحديات التي يواجهها، إذ تتوقع مصادر ديبلوماسية أن تحمل مواقف برّاك هذه المرة، اشتراطات أميركية جديدة، قد تضع لبنان على مفترق طرق أمام ما تخطط له إسرائيل المدعومة أميركياً، وأيضاً أمام ما تطمح له السلطات السورية حول مسألة الحدود، وما يتعلق أيضاً بسلاح "حزب الله". وتشير المعطيات إلى أن عقدة ضمانات متبادلة ستبرز أكثر فأكثر وتتمثل في أن لبنان يطلب ضمانات أميركية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس ووقف الانتهاكات الإسرائيلية لوقف النار، فيما تشكّل الشروط الأميركية مطلباً حاسماً بضمانات من الدولة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله" ضمن مهلة محددة لا تراجع عنها هي نهاية السنة ولو على مراحل.
وفي انتظار ما ستتكشف عنه لقاءات برّاك في الساعات المقبلة، بدا من غير المستبعد أن تثار التطورات الأخيرة في سوريا ضمن هذه اللقاءات، نظراً إلى تاثيرها على الواقع اللبناني، علماً أن برّاك مكلّف بالملفين وسبق أن تحدث عن ترابطهما. واستمر الحدث السوري شاغلاً لجانب كبير من المشهد الداخلي أمس، حيث برز موقف لافت لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان خلال تلقيه اتصالاً من قائد الجيش العماد رودولف هيكل. وقد ثمّن دريان أداء الجيش في القيام بواجبه الوطني ومعالجة أي طارئ أمني في شتى أنحاء الوطن، وشدّد على أن "وحدة اللبنانيين ستبقى عصية في أي أزمة تستجد ومحصّنة بتماسكهم وتلاحمهم وستبقى هي الأساس لتفشيل وإسقاط كل من يحاول نشر الفتنة بشتى الطرق في لبنان". وأعلن أن "دار الفتوى لن تسمح بجر لبنان إلى أتون الفتن الطائفية والمذهبية البغيضة والمحرّمة شرعاً، وتحرص دائماً على الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل على درء الفتنة بالتعاون والتضامن مع البطريركية المارونية والأرثوذكسية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة العقل وبقية المراجع الدينية والسياسية لمنع حدوث أي خلل ليس في الحسبان".
كما أن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط شدّد على "التمسك بالبيان الذي صدر خلال الاجتماع الاستثنائي في دار طائفة الموحدين الدروز، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار في السويداء للشروع بالمراحل التالية".
وفي سياق سياسي آخر، برزت أمس إثارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لمطلب الغاء المادة 112 من قانون الانتخاب بما يسمح بانتخاب المغتربين لجميع النواب، وذلك في القداس الاحتفالي بعيد القديس شربل في دير مار مارون- عنايا في حضور رئيس الجمهورية جوزف عون . وقال الراعي: "إن استحداث ست دوائر انتخابية للبنانيين غير المقيمين مخالف لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المقيمين والمنتشرين، وهو مبدأ يضمنه الدستور والنظام الديموقراطي عندنا. إن حصر المنتشرين في ستة مقاعد نيابية يتعارض مع مبدأ ربطهم بوطنهم وأرضهم وأهلهم ومشاركتهم في الحياة السياسية اللبنانيّة. ما نشهده في المادة 112 هو عملية إقصاء يلغي حقّ المنتشرين الطبيعي بالتصويت في كلّ الدوائر الإنتخابية المئة وثماني وعشرين على مساحة الوطن. إن اللبنانيين في الانتشار يتطلعون إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بكلّ حريّة في دوائرهم الانتخابية حيث مكان قيدهم في لبنان. فلا بدّ من أجل حماية الوحدة الداخليّة من إلغاء المادّة 112 من قانون الانتخاب الحاليّ".
********************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
برّاك يتسلم اليوم ردًّا لبنانيًا موحدًا منسّقًا مع حزب الله
لبنان ينجح في منع تسلل سيناريو السويداء اليه «لكن الوضع مقلق»
السويداء: الهجري يوافق على دخول المساعدات لا الوفد الحكومي
قدَّم المبعوث الاميركي توم برّاك موعد زيارته الى بيروت لضمان اجتماعه برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي يزور مملكة البحرين يومي الاثنين والثلاثاء. فبعدما كان من المرتقب ان يصل الى لبنان مطلع الاسبوع الحالي وصل يوم أمس الأحد على ان يلتقي المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم عون اليوم ويتسلم منه رد لبنان الرسمي على الملاحظات التي كان قد وضعها برّاك على الرد اللبناني على الورقة الاميركية، وهي ملاحظات تناولت بشكل اساسي طلب وضع مهل زمنية وتواريخ محددة لانجاز عملية تسليم سلاح حزب الله شمالي الليطاني.
ماذا تضمن الرد اللبناني؟
وبحسب معلومات «الديار»، فان الرد اللبناني الجديد سيشدد على الربط بين انطلاق عملية التسليم وبين تنفيذ اسرائيل تعهداتها في اتفاق وقف النار الذي تم اقراره في تشرين الثاني الماضي، اي الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها، وقف الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية وتسليم الأسرى اللبنانيين والسماح بعودة السكان إلى بلداتهم الحدودية وبدء عملية اعادة الاعمار. ولم يلحظ الرد اللبناني تواريخ محددة، الا انه يبدو منفتحا على وضع واشنطن مطلع العام المقبل خطا فاصلا لحشر ودفع كل الاطراف لتنفيذ التزاماتها.
ويصر لبنان الرسمي على التأكيد ان الورقة الاميركية ليست اتفاقا جديدا بين لبنان واسرائيل، انما عبارة عن آلية تنفيذية لاتفاق وقف النار الذي لم تنفذه اسرائيل.
وتؤكد مصادر معنية بالمفاوضات الحاصلة انه «وبعكس ما يروّج، فان حزب الله لا يغرد وحده، انما هو على تنسيق دائم ولحظة بلحظة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لا يزال موكلًا من قبله بالتفاوض باسمه»، لافتة في حديث لـ»الديار» الى ان «رفع امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم السقف في اطلالته الاخيرة، واعتباره من قبل كثيرين تصعيدا بموقفه، هدفه تقوية موقف الدولة اللبنانية في المفاوضات لا الاطاحة بها». وتضيف المصادر:»لا يزال الحزب مصرا على التفاوض من موقع قوة لا ضعف، وبالتالي يجد مصلحة للبنان الرسمي ان يخرج الشيخ قاسم ليذكر واشنطن وتل أبيب بأن التفاوض يحصل من موقع قوة لا ضعف».
اسرائيل لن تلتزم
ولا يبدو الحزب مقتنعا بأن واشنطن قادرة على إلزام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ التزاماته، سواء سلّم الحزب كامل سلاحه ام لم يفعل. وتعتقد المصادر ان «نتنياهو ليس بصدد الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة واسقاط خطته للمنطقة العازلة التي يقيمها راهنا بقوة النار، ايا كان المقابل، لذلك فان عملية التفاوض الحاصلة دقيقة جدا ويفترض ان تؤدي الى كشف النيات الاسرائيلية الحقيقية قبل الاذعان الى شروط او مطالب تُفقد لبنان آخر اوراق قوته».
ويوم أمس أعلنت قيادة الجيش اللبناني ان آليات هندسية وعسكرية مختلفة تابعة للعدو الإسرائيلي، اجتازت السياج التقني وعزمت على تنفيذ أعمال تجريف في خراج بلدة رميش - بنت جبيل، في انتهاك فاضح للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار.
وأعلنت القيادة أنه، على أثر ذلك، عزز الجيش انتشاره في المنطقة في مواجهة العدو، وحضرت دورية من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل لتوثيق الخروقات، ما أجبر القوات المعادية على العودة إلى الداخل المحتل.
الوضع الامني
وينشغل الجيش اللبناني راهنًا بمواكبة التطورات في سورية، وبخاصة في السويداء، بعد تسجيل بعض حالات انتقال شبان لبنانيين للقتال مع العشائر كما مع الدروز هناك. الا ان مصادر مطلعة تؤكد لـ»الديار» ان اعداد هؤلاء لا تزال محدودة. وتشير المصادر الى انه «صحيح ان لبنان نجح في تجنب تمدد القتال الطائفي المقيت اليه، لكن في حال استمر الوضع هناك على حاله وقتا طويلا ولم يتم تثبيت اتفاق وقف النار، فان الخشية من تسلل سيناريو السويداء الينا ستكبُر حينئذ». وتضيف:»الزعامات السياسية والدينية في لبنان قاربت هذه الازمة بكثير من التعقل والوعي، سواء من خلال المواقف العلنية التي اتخذتها او بقراراتها على الارض، كما ان التدابير المشددة التي اتخذتها الأجهزة الامنية اللبنانية فعلت فعلها وادت الى ضبط الوضع تماما... لكن ذلك لا يعني ان الوضع ليس مقلقا وانه يفترض وضع أيدينا في مياه باردة».
تطورات السويداء
في هذا الوقت، تشهد محافظة السويداء هدوءا حذرا جدا، بحيث انه صحيح ان وقف النار والقتال بين الدروز والعشائر شبه متوقف منذ 24 ساعة، لكن الخشية من شرارة تعيد اشعال الوضع لا تزال قائمة، بحيث ان كل المعالجات هشة ولا تعتمد على اسس واضحة. اضف ان الدخول الاسرائيلي المباشر على الخط لتغذية النزعة الانفصالية لدى قسم من الدروز هناك، يجعل التفاؤل بطي هذه الصفحة الدموية قريبا امرًا مبالغًا فيه.
ويوم أمس وبالرغم من أن اتفاق وقف النار، أفيد بأن طائرة إسرائيلية استهدفت موقعا لتجمع لمقاتلين من فصائل العشائر قرب قرية عريقة في ريف محافظة السويداء، في وقت كانت قوات العشائر البدوية قد بدأت باقتحام القرية لتحرير الأسرى البدو من يد المجموعات المسلحة الدرزية.
ورفضت الرئاسة الروحية في السويداء، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري يوم امس دخول وفد حكومي يضم وزير الصحة ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير الكوارث والطوارئ ومحافظ السويداء، ومنظمة الهلال الأحمر السوري، الى المحافظة. واتهم وزير الصحة السوري، الشيخ حكمت الهجري، بمنع دخول المساعدات، وبعد مفاوضات وجهود حثيثة تم إدخال القافلة برفقة منظمة الهلال الأحمر فقط.
وأصدرت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز أمس بيانا طالبت فيه بالوقف الفوري لكافة الهجمات العـسكرية وسحب جميع القوات التابعة لحكومة دمشق، من جيش وأجهزة أمنية وميليشيات، من محيط الجبل وكافة بلداته وقراه وتوفير خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل عاجل، لضمان تواصل الأهالي للتمهيد للتبادل والإفراج الفوري عن الموقوفين وضمان نجاح العملية بضمانه الدول الراعيه للاتفاق.
ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي قوله، إن القصف الإسرائيلي الأخير على سورية كان «عملًا جنونيًا»، بتوجيهات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأضاف المسؤول، الذي لم يسمه الموقع الإخباري، أن القصف الإسرائيلي قد يقوض ما يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترمب فعله بشأن الوضع بالشرق الأوسط.
وكشف المسؤول الأميركي أن هناك «شعورا متزايدا داخل إدارة ترمب بأن نتنياهو يتصرف أحيانا كطفل لا يحسن التصرف».
كما نسب «أكسيوس» إلى 6 مسؤولين أميركيين قولهم إن البيت الأبيض «أصبح أكثر قلقا بشأن نتنياهو وسياساته الإقليمية».
******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
برّاك في بيروت بعد دمشق: اعتراض على عدم تحديد مهل الخطوات المتلازمة
سلام يؤيِّد مطلب الراعي إلغاء الدوائر الـ6.. وتوسُّع الاتصالات مع جنبلاط وأبوالمنى لمنع تسرُّب الفتنة
سرّعت الأحداث الدامية، في الجنوب السوري، لا سيّما في السويداء بين فصائل درزية مسلحة وأخرى من البدو المسلحين أيضاً، عودة سفير الولايات المتحدة الاميركية في أنقرة طوم براك والمكلف بإجراء ترتيبات للوضع في سوريا ولبنان.
واشارت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» الى ان المبعوث الأميركي يتسلم اليوم الملاحظات اللبنانية على الرد الأميركي بشأن ما قدمه لبنان في المرة السابقة رداً على الورقة الأميركية، وأكدت ان هذه الزيارة تؤشر الى الإهتمام الأميركي المباشر بالملف اللبناني اذ إنها تأتي بعد اسبوعين على زيارته الأخيرة لبنان.
وقالت المصادر ان هذه الملاحظات ستدرس مع العلم انها منبثقة عن تأكيدات سابقة بشأن حصر السلاح بيد الدولة وهي ثوابت تمت الأشارة اليها منذ البداية مع تأكيد أهمية الانسحاب الأسرائيلي من النقاط التي لا يزال يحتلها، وعلم ان تشاورا لبنانيا رسميا قام بشأنها، في حين انها خالية من موقف حزب الله.
ويزور براك الرئيس جوزف عون في بعبدا عند الساعة التاسعة من صباح اليوم قبل سفر رئيس الجمهورية إلى مملكة البحرين، ثم يزور براك السراي الكبير عند الساعة العاشرة والنصف من قبل الظهر، حيث سيستقبله الرئيس سلام مع الوفد المرافق له، على أن يلتقي الرئيس بري غداً الثلاثاء ، كما يعقد برّاك لقاءات مع قيادات سياسية وروحية ومع عدد من النواب إلى عشاء في دارة النائب فؤاد مخزومي.
ويسعى برّاك لتسلم الردّ اللبناني على ردّه على ورقة المقترحات، ذات الصلة بتنفيذ القرار 1701، بدءاً من وقف العمليات العدائية التي تحدث عنها قرار وقف اطلاق النار في 27ت2 2024، والذي التزم لبنان به التزاماً كاملاً، باعتراف الدولتين الضامنتين وهما واشنطن وباريس، وقوات الامم المتحدة (اليونيفيل) العاملة في الجنوب.
وعشية الجولة المتوقعة اليوم للدبلوماسي الاميركي اجتمعت اللجنة الرئاسية الثلاثية في بعبدا مساء أمس لإجراء قراءة أخيرة لمسودة الملاحظات اللبنانية، قبل مهرها رسمياً وتسليمها خطياً للموفد الاميركي.
وعلمت «اللواء» أن ورقة الرد الرئاسية اللبنانية باتت جاهزة وقد بحث الرئيسان عون وبري في لقاء بينهما مؤخراً بعض الملاحظات التي وضعتها اللجنة الرئاسية على الرد الاميركي، ووضعت اللمسات الاخيرة عليها بين الرؤساء بري وعون ونواف سلام، خلال اليومين الماضيين وبما يراعي مطالب وهواجس الدولة اللبنانية وملاحظات حزب الله لتسليمها الى برّاك اليوم.
وحسب المعلومات طلب برّاك ايضاحات واجوبة طرحها حول الرد اللبناني، بعدما قدم اجوبة ردودا وايضاحات على اسئلة طرحها الجانب اللبناني في رده. وان الرد اللبناني لم يتضمن تحديد المهل التي يقتضيها تنفيذ كل مرحلة من مراحل تنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة، لكن لم يتضمن مواعيد محددة لبدء وانتهاء هذه المراحل.
وذكرت المصادر أن الرد اللبناني ليس اتفاقاً جديداً بين لبنان وكيان الاحتلال بل آلية تنفيذية لإتفاق وقف اطلاق النار بحيث يتزامن سحب السلاح مع تنفيذ الاحتلال المطلوب منه ايضاً وفق المراحل المقترحة، ويؤكد على ضرورة انسحاب إسرائيل من مناطق الجنوب، ويشدد على مسألة تحرير الأسرى وإعادة إعمار الجنوب، كما يؤكد على الاستعداد لتنظيم العلاقات مع سوريا وترسيم الحدود كما على وضع برنامج لعودة النازحين السوريين.
واشارت المصادر الى ان «الرد لا يعترض على البحث في مسألة سلاح حزب الله ويشترط ضمانات أميركية بعدم استمرار خروقات إسرائيل». واكدت ان لبنان تعهد في رده على الوثيقة الأميركية بإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية.
ودعت مصادر أمنية إلى عدم تحميل مجيء بّراك أي تفسيرات خارج السياق.
فالدبلوماسي الاميركي الذي كان يشرف شخصيًا على ترتيبات إنهاء القتال في السويداء، وبعد التأكد من ضمان اتفاق وقف اطلاق النار، انتقل الى لبنان بعدما كان قد حذر سوريا أنها تقف عند منعطف حاسم ويجب أن يسود السلام والحوار، مشيرة الى أنه من السابق لاوانه الحديث عن أجواء تفاؤلية أو تشاؤمية قبل بدء لقاءاته.
وكشفت المصادر الى أن الرد الاميركي ليس اتفاقًا جديدًا بين لبنان واسرائيل، بل هو عبارة عن آلية تنفيذية للاتفاق الذي وقّع في تشرين الاول وهو يتضمن مراحل متتالية ومتزامنة لتسليم السلاح، بالتزامن مع الانسحاب الاسرائيلي.
وأشارت المصادر تعليقًا على رفض حزب الله إعطاء أي رد على الورقة الاميركية بأنه ليس المطلوب أن يعلن حزب الله موافقته فهو أصلا كان قد وافق على البيان الوزاري للحكومة الذي ينص على بند حصرية السلاح، وللمفارقة أن نواب الحزب جددوا الثقة بهذه الحكومة في الجلسة النيابية الاخيرة، وأضافت أن مخاوف حزب الله يتم أخذها بعين الاعتبار إلا أن الاكيد أن أي اتفاق سيضمن انسحابًا اسرائيليًا تامًا من كل الاراضي اللبنانية.
يذكر أن برّاك طلب إيضاحات على الرد اللبناني وأجوبة على أسئلة طرحها،وتوقفت المصادر عند الرد اللبناني الذي تضمن تحديد المهل التي تقتضيها كل مرحلة من مراحل إنهاء ملف السلاح إلا أن الرد اللبناني لم يتضمن مواعيد بدء أو نهاية هذه المراحل، وهو ما طلب توضيحًا من وزارة الخارجية الاميركية التي هي من قامت بدرس الرد وليس برّاك وحده.
وتتحدث مصادر قريبة من «الثنائي» أن لبنان مصر على موقفه لناحية أن هناك اتفاقاً لوقف اطلاق النار، واسرائيل لم تلتزم به، ولا يمكن البدء إلاّ من هذه النقطة، كالانسحاب من النقاط الخمس واطلاق الاسرى لديه، ووقف الاعتداءات، وعدم التعرض للمواطنين الذين يسعون لاعادة إعمار منازلهم.
الراعي يعارض 6 نواب للمغتربين
انتخابياً، طالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، لمناسبة عيد مار شربل، على مسمع الرئيس عون بإلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات، معتبراً أن استحداث 6 دوائر للمغتربين مخالف للمساواة التي هي مبدأ يكفله الدستور، وما نشهده هو عملية إقصاء للمغتربين، الذين يتطلعون إلى المشاركة في الانتخابات بكل حرية.
ومن الديمان، بعد لقاء مع البطريك الراعي دعا الرئيس سلام إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب الحالي من أجل حماية الوحدة الداخلية، معتبراً أن هذه المادة هي أشبه بعملية إقصاء يلغي حق المنتشرين الطبيعي بالتصويت في كل الدوائر الانتخابية المئة وثماني وعشرين على مساحة الوطن. مشيراً إلى أنها كانت موضع خلاف وانقسام بين السياسيين. وعلقت هذه المادة بانتخابات 2018 و 2022 لعدم صحتها.
ونوَّه الرئيس سلام بأهمية الدور الذي تضطلع به بكركي في ترسيخ الثوابت الوطنية وتعزيز الشراكة بين اللبنانيين.
توسع الاتصالات لدرء الفتنة
والى ذلك، استمر انشغال لبنان بتطورات الوضع السوري ومنع انعكاسه الخطير على لبنان برغم وقف اطلاق النار في السويداء، وتلقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان امس، اتصالا من قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى بأن البحث تناول الشؤون اللبنانية والدور الذي يقوم به الجيش في حفظ أمن وسلامة لبنان واللبنانيين، وثمن دريان أداء الجيش في القيام بواجبه الوطني ومعالجة أي طارئ امني في شتى أنحاء الوطن.
وشدد مفتي الجمهورية على أن «وحدة اللبنانيين ستبقى عصية في أي أزمة تستجد ومحصنة بتماسكهم وتلاحمهم وستبقى هي الأساس لتفشيل وإسقاط كل من يحاول نشر الفتنة بشتى الطرق في لبنان»، ودعا إلى «المزيد من التضامن الوطني لمواجهة هذه النوايا الخبيثة في إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية».
وقال: لا بديل عن الدولة وهيبتها وفرض سيطرتها وأحكامها على كامل أراضيها، فهي مظلة الجميع والضامن الوحيد للنظام وسلطة القانون والحقوق والحريات والمواطنة المتساوية والعدالة بين جميع المواطنين.
أضاف: ندعو لإبعاد لبنان عما يحدث في سوريا الشقيقة، فلديهم دولة قادرة على معالجة الوضع الأمني فيها وقيادة حكيمة ورشيدة ، ونؤكد وحدة سوريا أرضاً وشعبا ومؤسسات، ولا ينبغي أن نتدخل في شؤون غيرنا ولا أن يتدخل أحد في شؤوننا اللبنانية.
وختم: ان دار الفتوى لن تسمح بجر لبنان إلى أتون الفتن الطائفية والمذهبية البغيضة والمحرمة شرعا، وتحرص دائما على الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل على درء الفتنة بالتعاون والتضامن مع البطريركية المارونية والأرثوذكسية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة العقل وبقية المراجع الدينية والسياسية لمنع حدوث أي خلل ليس بالحسبان.
وتابع دريان الأوضاع العامة في لبنان مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام والوزير والنائب السابق وليد جنبلاط ورؤساء الطوائف اللبنانية.
وكان الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قد استقبل عصر السبت في كليمنصو رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، في حضور رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط واعضاء الكتلة النواب مروان حمادة، هادي أبو الحسن وائل أبو فاعور اكرم شهيب والدكتور بلال عبد الله وفيصل الصايغ.
بعد اللقاء، قال جنبلاط «حتى الآن نتمسك بالبيان الذي صدر أمس ونُصرّ عليه بوقف إطلاق النار في السويداء، وبعد ذلك ننطلق إلى المراحل التالية».
من جهته، قال الرئيس فؤاد السنيورة: جئنا هنا لنعبر عن تضامننا الكامل ودعمنا للمواقف الوطنية التي يتخذها الأستاذ وليد جنبلاط واللقاء الديمقراطي. وبالتالي، ندعو إلى رص الصفوف للوقوف في وجه الفتنة، سواء في سوريا أو لمنع امتدادها إلى لبنان. ونحن على ثقة كاملة بأن الشعب اللبناني قادر على مواجهة هذه الفتنة، ومن يحاول استيرادها إلى لبنان، كما أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية ستكون لها بالمرصاد.
كما قال الرئيس تمام سلام: أتينا إلى هذا البيت الكريم، الذي تعوّدنا دائماً أن يتصدى لكل ما يمسّ مصلحتنا الوطنية ولبناننا العريق. بوركت مواقف وليد بك، وهذا البيت العريق.
وتوسعت حركة الاتصالات مع القيادات الدرزية لدرء الفتنة، واتصل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى بكل من النائبين السابقين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، متبادلاً واياهم التعازي بالشهداء الذين قتلوا في السويداء، كما تلقى إتصالاً هاتفياً من الرئيس بري مؤكداً «تضامنه مع أبناء الطائفة حول ما جرى من أحداث في مدينة السويداء، وتنويهه بمواقف سماحته ومواقف الاستاذ وليد جنبلاط لدرء الفتنة في لبنان». كذلك تلقى الشيخ ابي المنى إتصالاً تضامنيا ومنوّها بمواقفه من الرئيس العماد ميشال سليمان، وكذلك اتصالاً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، واتصالا ايضا من رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور، الذي أعرب له عن «تضامنه الكامل مع أبناء الطائفة في لبنان وسوريا»، وأمله في «إنتهاء المحنة العصيبة التي يمر بها أبناء الوطن السوري، وبأن يسود الاستقرار والأمان في ربوعه».
وتواصلت قيادة الجيش اللبناني مع كل من المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي ابو المنى، للتأكيد على متابعة الموقف الرافض لتسرب الفتنة عبر الحدود.
وفد العشائر عند أبو المنى
وفي إطار السعي لاحتواء أي محاولت للاتيان بالفتنة إلى لبنان ومنعها، التقى شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي أبو المنى. وفدا من عشائر «الزريقات» العربية في الشويفات وخلدة والسعديات وعين دارة وبحمدون برئاسة شيخ العشيرة «ابو ديب» كامل الضاهر.
ورحب شيخ العقل خلال اللقاء بالوفد، داعيا الى «وأد الفتنة وحقن الدماء، وقال: «نشد على يد العقلاء لوقف هذه المأساة في جبل العرب جبل سلطان باشا الاطرش، والتاريخ ناصع. لكن ثمة أشياء غريبة تحصل، غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، فلماذا ندق النفير العام ضد السويداء؟ لماذا لا يكون من اجل غزة؟ نحن نحاول تهدأة شبابنا والفزعات، كي لا تنزلق الأمور إلى مواجهة عبثية في لبنان لا سمح الله، وتسبب بضرب العيش المشترك».
وباسم وفد العشائر تحدث الشيخ الضاهر فقال : «معا كنا منذ الف عام وسنبقى، ونشكر رئيس الجمهورية والقوى الامنية والحزب التقدمي الاشتراكي ، واننا كعشائر عربية التاريخ يكتب العلاقة بيننا وسنكمل بنفس النهج مسار الطريق، نعم ثمة فجوات كما يحصل في جبل العرب جبل الكرامة والشهامة لكن علينا ان نكون واعين وقدوة بعباءة الله ووليد بك جنبلاط، الذي يغلّب لغة العقل، وكي «لا يفلت الملق». نحن كعرب عشيرة الزريقات نفس واحدة، وعلينا استخدام ذلك لوأد الفتنة بوجه من يرمي الكلام والمال لتأجيجها، واننا نقوى ببعضنا البعض كي نرد الفتنة. وعلى الدولة السورية برئاسة الشرع توقيف نزيف الدم ومعالجة الأمر وإقامة مصالحة كما هي عاداتنا».
وأعلنت بلدية عاليه وجمعية تجار المدينة عن الإقفال التام غداً الثلاثاء حداداً على ضحايا أهالي السويداء.
أمن الجنوب شهداء وتفجيرات
في اطار اعتدءاته المتواصلة يومياعلى قرى الجنوب واهله، شن الطيران المسير الاسرائيلي يوم السبت غارة على منطقة مطل الجبل في مدينة الخيام تسببت بإرتقاء شهيد. وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، «أن الجيش أغار في وقت سابق اليوم السبت، وقضى على أحد عناصر قوة الرضوان في حزب الله والذي كان ضالعًا في محاولة إعادة اعمار بنى تحتية في منطقة الخيام جنوب لبنان».
كما افيد بعد ظهر السبت بسقوط بإرتقاء شهيد في غارة معادية استهدفت دراجة نارية في حي الشرابيك في بلدة يحمر الشقيف في قضاء النبطية.وتوجهت فرق الإسعاف إلى مكان الغارة.
كما ألقت درون اسرائيلية قنبلة على الحي الشرقي لبلدة الضهيرة الحدودية في قضاء صور من دون وقوع اصابات.
وبعد الظهر توغلت دبابة «ميركافا» معادية من الموقع المستحدث في جل الدير خراج بلدتي عيترون - مارون الراس لحوالي كيلومتر متر داخل الاراضي اللبنانية قبل ان تعود باتجاه نقطة تمركزها.
وامس الاحد، شن العدو الصهيوني غارة من مسيّرة استهدفت منطقة المحافر في أطراف عيترون في قضاء بنت جبيل.
والقت محلقة معادية فجر الأحد، قنابل تفجيرية على معمل للحجارة بين بلدتي يارون ومارون الراس
كما ألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، مناشير ورقية تحريضية فوق بلدة يارون الجنوبية، تتضمن «تحذيرات لسكان البلدة من التعاون مع حزب الله أو السماح باستخدام ممتلكاتهم ومنازلهم لأغراض عسكرية»، على حد تعبير المنشور.
وحملت المناشير التي ألقيت تهديدًا واضحًا، حيث كُتب عليها: «هذا المكان يعمل لصالح ومصلحة حزب الله. المنطقة ستبقى هدفاً للتدمير»، كما دعت السكان إلى متابعة إذاعة معينة (106 FM) لمزيد من التفاصيل.
وسجل تحيلق مُسيّرات معادية على علو متوسط فوق قرى بنت جبيل وقرى منطقة النبطية.
***********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
قاسم يفاوض برّاك «على طريقته» طلباً لضمانات أميركية بانسحاب إسرائيل
اضطر لرفع السقف لأسباب لبنانية تبديداً لقلق «حزب الله»
لا يخفي أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، بكلامه عن «تهديد الوجود الشيعي» في لبنان، قلقه حيال ما يمكن أن تحمله المرحلة السياسية المقبلة، في حال توصّل المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك إلى تفاهم مع الرؤساء الثلاثة، لوضع آلية لتطبيق وقف النار، كان افتقدها الاتفاق السابق الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، والتزم به لبنان بخلاف إسرائيل التي تمردت على تطبيقه.
وقدّم برّاك موعد لقاءاته من الثلاثاء للاثنين ووصل الأحد إلى بيروت، بسبب اضطرار الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى السفر لمملكة البحرين ضمن جولته على الدول العربية.
طمأنة الحاضنة
بحسب مصادر سياسية مواكبة للاتصالات داخل الثنائي الشيعي، ويرعاها مباشرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، اضطر قاسم مع عودة برّاك إلى بيروت، لرفع السقف السياسي للحصول على ضمانات مطلوبة لطمأنة حاضنته الشعبية حول المستقبل السياسي للحزب ضمن التركيبة التي يعاد تشكيلها.
وتؤكد المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» أن قاسم توخى رفع سقفه السياسي بالتفاوض مع برّاك على طريقته، ومباشرة على الهواء لتدعيم الموقف التفاوضي للرؤساء الثلاثة، من دون أن يأخذ على عاتقه تعطيل الاتفاق في حال توصلوا إلى اتفاق آخر مقروناً بضمانات أميركية ملزمة لإسرائيل مقابل التزام لبنان بحصر السلاح بيد الدولة بموافقة «حزب الله».
وترى المصادر أن قاسم برفعه السقف، لا يسعى للالتفاف على موقف حليفه بري الذي يشاوره في كل التفاصيل حول أفكار تطبيق الاتفاق الذي يجري الإعداد له، وأن مزايدته الشعبوية على الرؤساء ليست واردة، بل هو يتوافق معهم على توفير الضمانات التي تتصدر لقاءاتهم مع برّاك.
دوافع لبنانية داخلية
تلفت المصادر إلى أنها تتفهم الأسباب الكامنة وراء اضطرار قاسم لـ«تكبير الحجر»، بالمفهوم السياسي للكلمة، وذلك لمحاكاة حاضنته وإخراجها من الإرباك الذي يتملّكها، مشيرة إلى أنه يبالغ بالتحذير من عودة «داعش» إلى لبنان، أو بإعادة الأخير إلى بلاد الشام، مؤكدة أن القلق الذي ينتاب الحزب يعود أولاً وأخيراً إلى حاجته للحصول على ضمانات تبرر تخلّيه عن السلاح أمام حاضنته واللحاق بركب التحولات التي تجري في المنطقة ولبنان.
وتقول المصادر إن تمسك قاسم بتطبيق الاتفاق الأول الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، ورفضه الدخول في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بديل، يعود إلى مطلب الضمانات التي يمكن الركون إليها ومدى استعداد واشنطن لإلزام إسرائيل بالتقيُّد بها. ويأتي تهديده بالرد على الخروقات الإسرائيلية في سياق الضغط ليس أكثر لإنتاج اتفاق قابل للتنفيذ يتيح له امتصاص الإرباك المسيطر على حاضنته والذي يزداد مع امتناعه عن الرد.
وتؤكد المصادر أن لا خلفية إقليمية وراء اضطراره لرفع السقف، وأن أسبابها لبنانية بامتياز، برغم أنه يدرك بأن تحذيره من تهديد الوجود الشيعي، ما هو إلا تحريض لرفع الاستنفار السياسي، وهو يعلم سلفاً بأنه لن يصرف خارج جمهوره؛ نظراً لأن القوى السياسية ليست في هذا الوارد، وتتعامل مع الشيعة على أنهم أحد أبرز مكونات الحفاظ على وحدة البلد، وعدم تعريض الشراكة لاهتزاز لا يتحمله أحد حتى من يشكل رأس حربة في معارضته للحزب.
تنفيس «فائض القوة»
تلفت المصادر السياسية إلى أن قاسم يستخدم ما تبقى لدى الحزب من فائض قوة للرد على حملات التحريض التي تستهدفه من قبل خصومه اللبنانيين، الذين لم يُظهروا أي تجاوب مع استعداده لوضع برنامج للتحرك باتجاه القوى السياسية وعلى رأسها خصومه، في محاولة للتوصل إلى تحقيق فك اشتباك سياسي من موقع تنظيم الاختلاف.
وتقول المصادر إنه لم يكن من خيار أمام قاسم سوى الهجوم على من يخالفه، من باب الدفاع عن النفس ضد من يراهن على استضعاف الحزب والتعامل معه على أنه خرج مهزوماً في مواجهة لإسرائيل، نظراً لأنه أساء تقدير رد الفعل بإسناده لغزة، ولم يجد من يقف معه حتى حلفاءه بعد أن تفرّد بقرار السلم والحرب الذي أوقعه في حصار عربي ودولي غير مسبوق.
التكيف مع التحولات
تضيف المصادر أن الخلاف على الحزب لا يعود إلى حضوره في المعادلة السياسية، وإنما لأنه يدير للتحولات في المنطقة ولا يأخذ العبر منها ويتمادى في فرض سطوته على البلد، من دون أن يلتفت إلى النصائح التي أسديت له لإعادة النظر في حساباته والتكيف مع التحولات، وافتقاده لتوازن الردع وقواعد الاشتباك مع إسرائيل التي كانت تتحكم بالمسار العام للمواجهة في الجنوب قبل أن يُقحم نفسه والبلد في مغامرة غير محسوبة بإسناده لغزة وما ترتب عنها من تكلفة بشرية ومادية باهظة.
وترى المصادر أنه لا قدرة للحزب على إعادة ترتيب أوضاعه للدخول مجدداً في مواجهة مع إسرائيل بذريعة الرد على خروقها، وهو الآن في حاجة لتوفير الضمانات لانسحابها تمهيداً لتطبيق القرار 1701، وإطلاق من لديها من أسرى لبنانيين، وهذا يبقى الشغل الشاغل للرؤساء الثلاثة بإصرارهم، في مفاوضات اللحظة الأخيرة مع برّاك، على إلزام إسرائيل بها، وبالتالي ليسوا في وارد التفريط بكل ما يعيد الاستقرار للبنان.
سلاح الموقف
تلاحظ المصادر أنه لم يعد لدى الحزب سوى سلاح الموقف للخروج التدريجي من الحصار الداخلي المفروض عليه من خصومه، وتحديداً الذين يتعاملون معه على أنه هُزم في حربه مع إسرائيل، ويطلبون منه تقديم تنازلات أبرزها تلك المتعلقة بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب لخفض تمثيله النيابي في الانتخابات المقررة في ربيع 2026.
وفي المقابل، مفهوم جداً استياؤه من عدم اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بوضع مشروع لإعادة إعمار البلدات المدمرة، برغم انقضاء أكثر من أربعة أشهر على تشكيلها، وهذا ما يستدعي القلق لأنه يضع الحزب أمام ضغوط تطالبه بالإيفاء بتعهداته، في ظل تراجع قدراته المالية جرّاء الحصار المفروض عليه محلياً وخارجياً.
لكن المصادر تتوقف أمام قول قاسم إنه لن يسلم سلاحه لإسرائيل، وتتعامل معه على أنه يفتح الباب أمام تسليمه للجيش التزاماً منه بحصرية السلاح بيد الدولة، وإلا لما استثنى بموقفه هذا المؤسسة العسكرية التي تعاون معها بخروج مقاتليه من جنوب الليطاني، وموافقته على التخلص من بنيته وإنشاءاته العسكرية فيها التزاماً منه بتطبيق القرار 1701 على قاعدة بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها.
وعليه، فإن القلق لا يزال يسيطر على الحزب مهما كابر قاسم وتنكّر لواقع الحال في البلد، ولم يعد له من خيار سوى وقوفه خلف رؤساء الجمهورية جوزيف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام دعماً للخطوط الحمر التي رسموها لأنفسهم في مفاوضاتهم مع برّاك التي أوشكت على نهايتها، وقاعدتها التمسك بالضمانات لإلزام إسرائيل القيام بخطوات مماثلة وصولاً لانسحابها الكامل من الجنوب.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
براك في بيروت ولبنان يشدّد على تلازم مساري الانسحاب وتسليم السلاح
بين حبس اللبنانيين انفاسهم مع عودة المبعوث الاميركي توم برّاك الى بيروت ، وتنفّسهم الصعداء بعد التوصل الى اتفاق لوقف النار في السويداء وقد كان لهيبه يتهدد السلمَ الاهلي في الداخل، تنقّلت الاهتمامات المحلية اليوم.
عودة برّاك
فقد بدا برّاك زيارته الثالثة الى لبنان امس حيث من المتوقع ان يجول مجددا على الرؤساء الثلاثة وأوّلهم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون عشية سفر الاخير الى البحرين. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة فإن الاتصالات شغالة في العلن وبعيدا من الاضواء بين بعبدا وعين التينة والسراي، وايضا الضاحية الجنوبية، لوضع اللمسات الاخيرة على الورقة الجديدة التي سيسلّمها اركان الحكم الى الضيف الاميركي. واذ يتمسك لبنان الرسمي بتلازم المسارين أي مسار حصر السلاح بيد الدولة ومسار الانسحاب الاسرائيلي من القرى المحتلة جنوبا، تشير المصادر الى ان عدم قبول واشنطن بهذا الربط، وعدم قيام حزب الله باصدار موقف علني يؤكد فيه انه سيسلّم سلاحه – وهو ما ورد في الملاحظات الاميركية التي تسلّمها لبنان الاثنين الماضي – قد تكون له تداعيات خطيرة على الامن اللبناني، تداعيات لم ينفها رئيس الحكومة نواف سلام في حديثه التلفزيوني مساء امس، حيث لم ينكر احتمال ان تقوم تل ابيب بالتصعيد عسكريا ضد الحزب وبفتح حرب جديدة عليه وربما على “الدولة اللبنانية”.
وظائف جديدة
وما يفاقم القلق من هذا السيناريو، وفق المصادر، هو انه، ورغم اشاعة لبنان الرسمي أجواء ايجابية حول تعاون حزب الله مع ملف تسليم السلاح لكن بعد الانسحاب الاسرائيلي وبعد الحصول على ضمانات اميركية في هذا الخصوص، يعلن الحزب بوضوح انه لن يسلّم سلاحه، وقد بات أكثر تمسكا به، حيث يرى بقاءه ضروريا في ظل التطورات في المنطقة ولمواجهة “الخطر الوجودي الذي يتهدد “الشيعة” و”التهديد الداعشي” الذي استفاق في المحيط، وقد أعلن ذلك مساء امس، بكل حزم وصراحة، الامينُ العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أي أنه وجد للسلاح وظائف جديدة.
البَطل يقنع الدولة!
في انتظار معرفة ما اذا كانت الولايات المتحدة ومعها اسرائيل، ستمنحان لبنان الرسمي فرصةً جديدة ومهلةً زمنية اضافية، عبر مواصلة سياسة التفاوض وتبادل الاوراق، تفاعلت مواقف قاسم في الداخل
واذ اعتبر قاسم ان تسليم السلاح هو تسليم للاسرائيلي، كتب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم عبر منصة “إكس” : نحن بدورنا ندعوك يا شيخ نعيم قاسم لتسليم سلاحك للدولة اللبنانية، فهذه هي الضمانة الوحيدة لنا جميعاً كلبنانيين، أمّا تمسّكك بسلاحك فيُبقي لبنان بكل فئاته تحت المخاطر. تخلّ عن مشروع السلاح الفئوي الذي يُدمّر ويُضعف المنطقة باكملها بكافة فئاتها، الا اسرائيل”.
رفض الفتنة
في بيروت، واستكمالا لمساعي وأد الفتنة ومنع تمدد لهيب المواجهات “السنية – الدرزية” الى لبنان، اجتمع وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ومشايخ راشيا مع وفد العشائر العربية في لبنان في دار إفتاء البقاع . وقال عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور خلال اللقاء “لا يمكن القبول بنشر الفتنة الداخلية بين العشائر العربية وبني معروف، وموقفنا يمكن أن يؤثر إيجاباً على الوضع في سوريا وكمال جنبلاط كان أول من طالب بإنصاف العشائر العربية وهذا عهدنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا”. بدوره، أشار المفتي علي الغزاوي إلى أنّ “لبنان لا ينبغي أن يكون ممراً لفتنة في سوريا وجماعتنا ستغلق أبواب الفتنة من أي كان”. أمّا رئيس اتحاد العشائر العربية في لبنان، قال “نثني على المواقف المشرفة للزعيم الوطني وليد جنبلاط”. واتّفق المجتمعون على رفض الفتنة والعمل المشترك لمنع أي توترات.
ابي المنى
والتقى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى في دارته في شانيه قائد الجيش العماد رودلف هيكل، يرافقه رئيس الأركان اللواء الركن حسان عودة ورئيس مكتب القائد العميد الركن منصور زغيب، وتناول اللقاء الاحداث الحاصلة في سوريا، وتداعياتها على الساحة اللبنانية، والسعي المشترك والتعاون للحفاظ على الاستقرار الأمني الداخلي.
كما اتصل ابي المنى بكل من الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب السابق طلال أرسلان، متبادلاً واياهم التعازي بالشهداء الذين قتلوا في السويداء، كما تلقى إتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤكداً “تضامنه مع أبناء الطائفة حول ما جرى من أحداث في مدينة السويداء، وتنويهه بمواقف سماحته ومواقف الاستاذ وليد جنبلاط لدرء الفتنة في لبنان”. كذلك تلقى الشيخ ابي المنى إتصالاً تضامنيا ومنوّها بمواقفه من الرئيس العماد ميشال سليمان، وكذلك اتصالاً من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، واتصالا ايضا من رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور، الذي أعرب له عن “تضامنه الكامل مع أبناء الطائفة في لبنان وسوريا”، وأمله في “إنتهاء المحنة العصيبة التي يمر بها أبناء الوطن السوري، وبأن يسود الاستقرار والأمان في ربوعه”.
جعجع
الى ذلك، أجرى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اتصالاً مطولا بالشيخ أبي المنى، كما اتصل برئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” النائب تيمور جنبلاط، و”تركّز الحديث على الأزمة في السويداء، وضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان، والتأكيد ان الدولة اللبنانية تشكل وحدها مصدر الحماية لجميع اللبنانيين”، وفق بيان صادر عن جعجع.
*******************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
«حزب الله» يفخِّخ ردّ لبنان على ورقة «برَّاك»
الكنيسة المارونية "ترمي الحُرم" على حصر المنتشرين بستة نواب
استبق الدخان الأسود الذي ارتفع من حارة حريك، الدخان الأبيض الذي كان يمكن أن يرتفع من قصر بعبدا أو عين التينة أو السراي الحكومي. فـ «حزب الله» فخَّخ الزيارة الثالثة للموفد الأميركي توم براك، بإعلان رفضه الورقة التي يحملها والتي سبقته إلى بيروت.
كان لافتًا الإعلان عن تقديم زيارة براك للبنان، إذ وصل أمس وتبدأ لقاءاته اليوم بدلًا من يوم غد. يأتي هذا التسارع في ظل تطورات سورية خطيرة، ما يزيد من تعقيدات الوضع الإقليمي.
وأوضح مصدر دبلوماسي لـ «نداء الوطن» أن هذه الزيارة الثالثة لبراك، وقد تكون الأخيرة، إذ إنّ الحلول الأميركية المطروحة إما أن تُقبل أو أن تُرفض، ما قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات.
«حزب الله» متوجِّس من برّي
وفي هذا السياق، كشفت أوساط سياسية لـ «نداء الوطن» عن توجّس «حزب الله» من توجهات رئيس مجلس النواب نبيه بري، وذكَّرت بموافقة الأخير في تشرين الثاني الماضي على «اتفاق وقف الأعمال العدائية» رغم اعتراض «الحزب».
وتأتي المخاوف من أنّ بري قد يُقدِم على خطوة مماثلة بشأن خطة حصر السلاح وتسليمه إلى الدولة، عبر قرار يصدر عن مجلس الوزراء، رغم اعتراض «حزب الله» على هذه الخطوة، في ظل تصاعد التوترات بين «الحزب» وحلفائه، قبل خصومه، في أعقاب جلسة مناقشة الحكومة في مجلس النواب.
وعلمت «نداء الوطن» أن براك سيتسلم اليوم صباحًا ورقة الرد اللبنانية من الرئيس عون والتي تتضمن اشتراط الضمانات في الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار مقابل الاستعداد للبحث بتسليم السلاح والتركيز على نظرية خطوة مقابل خطوة من أجل البدء بجدول تدريجي لسحب السلاح.
وأشارت مصادر متابعة لـ «نداء الوطن» إلى أن محاولات الرئيس بري لتليين موقف «حزب الله» نجحت في الشكل لكنه في المضمون بقي متشددًا، ما انعكس عدم تجاوب كلي من قبل الدولة اللبنانية في التجاوب مع المطالب الأميركية، وهذا يرفع منسوب المخاوف من ردّ الفعل الإسرائيلي بعد الجواب اللبناني.
البطريرك الماروني يرفض حصر المنتشرين بستة مقاعد
في ظل الكباش الحاصل في مجلس النواب، في موضوع قانون الانتخابات النيابية، فجَّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قنبلة سياسية، في شأن القانون، وأهمية ما قاله أنه جاء في حضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي كان يشارك في قداس عيد ما رشربل في عنايا.
البطريرك الراعي تطرق إلى «المادة 112 من قانون الانتخابات النيابية الحالي» ، وذكَّر بأنها عُلقت «وبحق» في انتخابات 2018 و2022 لعدم صحّتها؛ وقال: «استحداث ست دوائر انتخابية للبنانيين غير المقيمين مخالف لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المقيمين والمنتشرين، وهو مبدأ يضمنه الدستور والنظام الديمقراطي عندنا. إن حصر المنتشرين في ستة مقاعد نيابية يتعارض مع مبدأ ربطهم بوطنهم وأرضهم وأهلهم ومشاركتهم في الحياة السياسية اللبنانيّة. ما نشهده في المادة 112 هو عملية إقصاء يلغي حقّ المنتشرين الطبيعي بالتصويت في كلّ الدوائر الانتخابية المئة وثماني وعشرين على مساحة الوطن. إن اللبنانيين في الانتشار يتطلعون إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بكلّ حريّة في دوائرهم الانتخابية حيث مكان قيدهم في لبنان. فلا بدّ من أجل حماية الوحدة الداخليّة من إلغاء المادّة 112 من قانون الانتخاب الحاليّ».
ملف السجناء بين لبنان وسوريا وُضِع على السكة
الملف المتفجِّر بين لبنان وسوريا، والمتعلق بالموقوفين، ولا سيما السوريين في السجون اللبنانية، يبدو أنه بدأ يسلك طريقه إلى المعالجة، وهذا ما بدأ يلوح من استعداد الحكومة اللبنانية لاتخاذ مبادرة من خلال إحياء التواصل مع الجانب السوري لإبرام اتفاق تبادل السجناء المحكومين. وزير العدل عادل نصار كُلِف الاتصال بوزير العدل السوري لإنضاج هذا الاتفاق الذي يقضي بنقل المحكومين من كلا البلدين إلى السجون في لبنان وسوريا، وهذا من شأنه أن يخفف من الاختناق في السجون اللبنانية، مع وجود أكثر من الفي سجين سوري بينهم 389 صادرة بحقهم أحكام.
جاءت هذه الخطوة إثر الاجتماع الذي رأسه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وشارك فيه وزراء الدفاع والداخلية والعدل، بالإضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والمسؤولين في القضاء. وجرى التفاهم في الاجتماع على الخطوات المنوي اتخاذها لتفكيك الألغام في هذا الملف، لِما له من ارتدادات على البلدين، لبنان وسوريا.
«القرض الحسن» تُصعِّد في وجه حاكم مصرف لبنان
بعد أيام على قرار تعميم حاكم مصرف لبنان حظر التعامل مع جمعية «القرض الحسن»، ردَّت إدارة الجمعية ببيان تصعيدي اللهجة أوضحت فيه أنها لا «تخضع لسلطة مصرف لبنان» وأنها «مستمرة في أداء مهامها الاجتماعية والمالية بوتيرة متصاعدة وبفعالية أكبر، على الرغم من الضغوط والإجراءات الأخيرة». الجمعية اعتبرت أنَّ «التعميم الصادر عن مصرف لبنان، والمتعلق بطريقة تعاطي المصارف والمؤسسات المالية معها، يندرج في إطار حملة سياسية ممنهجة، تقودها جهات داخلية وخارجية مرتبطة بأجندات أميركية، هدفها محاصرة البيئة الحاضنة لخيار المقاومة ومحاولة خنق المؤسسات التي تدور في فلكها اقتصاديًا».
جاء موقف جمعية «القرض الحسن» بعد أيام على موقف «كتلة الوفاء للمقاومة» الذي اعتبر أن «قرار مصرف لبنان استهداف مباشر لمصالح مجتمعنا اللبناني بما يتجاوز الدستور والقوانين، واستخدام للمصرف المركزي كأداة لتنفيذ سياسات وإملاءات خارجية ضد مصالح مواطنين لبنانيين، وأن «هذه الإجراءات غير المبررة تشكل إمعانًا خطيرًا في ضرب الاستقرار الاجتماعي» بحسب بيان الكتلة.
الجيش ينتشر في رميش
على أثر قيام آليات هندسية وعسكرية مختلفة تابعة للجيش الإسرائيلي، باجتياز السياج التقني ومحاولة تنفيذ أعمال تجريف في خراج بلدة رميش – بنت جبيل، بحسب بيان لقيادة الجيش، «في انتهاك فاضح للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، عزز الجيش انتشاره في المنطقة، وحضرت دورية من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، «اليونيفيل» لتوثيق الخروقات، ما أجبر القوات المعادية على العودة إلى الداخل المحتل».
نسخ الرابط :