تمتاز بشواطئها الفيروزية ورمالها الناعمة... ومجموعة من التضاريس المتنوعة
بطبيعتها الآسرة، وتاريخها الاجتماعي الذي كان حتى قبل 7 عقود نابضاً بالحركة والحياة، تطلّ جزيرة «جبل الصبايا» من جديد، بصفتها أحد أهم المعالم التاريخية والتراثية في السعودية، ووجهة ترفيهية وبحرية واعدة على ساحل البحر الأحمر.
الجزيرة التي تنطوي على حكاية اجتماعية فريدة، هجرها أهلها قبل نحو 70 عاماً؛ بسبب تبدل مجرى الحياة، حيث آثر سكانها الانتقال، بينما بقيت آثار تلك الحياة قائمةً بوصفها شواهد على ماضيها القديم. وبعد أن أعلنت شركة «كروز السعودية»، الإطلاق التجريبي لشاطئ «صبا» بجزيرة «جبل الصبايا»، التي تم تطويرها لتصبح وجهةً حصريةً لاستقبال السفن السياحية على البحر الأحمر، عادت الحياة إلى الجزيرة من جديد.
وتمتاز الجزيرة بشواطئها الفيروزية، ورمالها الناعمة، ومجموعة من التضاريس المتنوعة، وتشتهر بأرضها الخصبة وشاطئها النقي، الأمر الذي جعلها مقصداً سياحياً للسباحة والغطس والتقاط الصور التذكارية، بالإضافة إلى تجارب لاكتشاف الشعاب المرجانية المتنوعة.
تاريخ اجتماعي حافل
تقع جزيرة «جبل الصبايا» على مسافة 20 كيلومتراً من الضفة الشرقية للبحر الأحمر، جنوب محافظة القنفذة التابعة لمنطقة مكة المكرمة، ويبلغ طول الجزيرة 5 كيلومترات، بينما يبلغ عرضها نحو 3 كيلومترات، وتُقدَّر المساحة الإجمالية للجزيرة بـ13 كيلومتر مربع، وهي بيضاوية الشكل، وتجمع بين السهل والجبل والبحر، الأمر الذي جعلها واحدةً من أجمل وأكبر الجزر في منطقة البحر الأحمر.
يقول شايع الغبيشي، الذي سجَّل جزءاً من التاريخ الاجتماعي للجزيرة، من خلال لقاء اثنين ممَّن وُلدوا على الجزيرة، واحد منهم قضى عقداً كاملاً فيها قبل أن يرحل عنها، «إن الجزيرة كانت عامرةً بحياة أهلها، الذين كان نشاطهم اليومي ينقسم في الغالب بين العمل بالزراعة والصيد، خصوصاً أن الجزيرة تتمتع بأراضٍ زراعية خصبة، وفيها بئر ماء عذب سخية في العطاء، بالإضافة إلى أن الشواطئ جعلت صيد السمك متيسراً لكثير من سكان الجزيرة».
ومن جهته، ينقل علي بن جده ما رصده من بعض آثار الحياة التي كانت الجزيرة عامرةً بتفاصيلها، وقد اصطحب معه كاميرته الشخصية لتسجيل تجربة زيارته لها عام 2016، واحتفظ بصور لعدد من المقابر التي دُفن فيها سكان الجزيرة، وبقايا المباني الحجرية التي كانت تنتشر في أنحاء الجزيرة، والتي عُثر داخلها وفي محيطها على قطع من أوانٍ فخارية، بالإضافة إلى التقاط عدسته صوراً للبئر التي كان يرد منها سكان الجزيرة الماء العذب.
وأشار بن جده، الذي نشط في توثيق عدد من الجزر البحرية والمناطق الأثرية في مدينته (القنفذة)، إلى أنه تتبع خلال تجوله نتائج المسح الأثري الذي أجراه الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي رئيس جمعية الآثار بدول مجلس التعاون الخليجي، عن جزيرة «جبل الصبايا»، ودلائل الاستيطان التي كشف عنها، ومن ذلك «الحيّ السكنيّ، في جنوب شرقي الموقع، أي في الجزء المواجه لساحل الضفة الشرقية من البحر الأحمر، وهو عبارة عن تل أثريّ، توجد فيه بعض أساسات البيوت، وركام المنازل التي تتكوّن في الغالب من الحجر البحري الذي يُقْتَطع عادة من الشعاب المرجانية، ويُستخدَم على نطاق واسع في بناء منازل المدن السّاحليّة التهاميّة».
يشار إلى أنه ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2024، بدأت جزيرة «جبل الصبايا»، استقبال ركاب الرحلات البحرية التي تسيّرها شركة «كروز السعودية» على امتداد ساحل البحر الأحمر. وأصبحت الجزيرة التي كانت مأهولة بحياة مكتملة العناصر قديماً، مستعدةً لبدء رحلة جديدة مفعمة بالتجارب الحيّة، تتوفر فيها المرافق والخدمات، التي استثمرت في إمكاناتها الطبيعية، وأعادت حكاية هذه الجزيرة بسردية جديدة، تلتقي مع عبق تاريخها العريق.
نسخ الرابط :