لم ينتظر أعضاء مجلس البلديّة في بيروت الجُدد أن يُنهي المجلس السابق بعض مهماته قبل عمليّة التسلّم والتسليم بين الرئيس ابراهيم زيدان وسلفه عبدالله درويش، إذ أصرّ الأول على تسلّم مهماته من دون اجتماع بروتوكولي، وحتّى قبل إعداد قطع حساب السنة الماضية.
وعزا البعض هذا الاستعجال إلى حماسة «الريّس» للانكباب على الخطط والمشاريع التي يتهيأ لطرحها على المجلس… إلّا أن شيئاً من ذلك لم يظهر بعد.
مراجعة سريعة لأعمال المجلس تعكس أنّ نشاطه يبدو شبه معدوم، إلا من استقبالات زيدان ولقاءاته داخل مقر البلدية وخارجه، وصولاً إلى حضوره احتفالات مباريات كرة السلّة.
فعلى مدى شهرين، لم يعقد المجلس إلا جلسة واحدة قبل نحو شهر، تبيّن لاحقاً أنّها جاءت تحت ضغط «راعي البلدية» النائب فؤاد مخزومي الذي أراد – في إطار تحويل البلدية إلى منصّة للدعاية الانتخابيّة على أعتاب الاستحقاق النيابي – تمرير هبة غير مشروطة من «مؤسسة مخزومي».
غير أن اعتراض الأعضاء على عدم التدقيق في قانونية الهبة وتحديد ماهيتها أدى إلى عدم إقرارها.
ومنذ ذلك الحين، غاب المجلس «عن السّمع»، إلا من بعض المبادرات المحدودة التي لا ترقى إلى مستوى العمل البلدي المنتظر، كإنارة عدد من الشوارع بمبادرات بعض المؤسسات، أو رفع النفايات من بعض الأحياء بعد الأزمة التي ألمّت بالعاصمة، علماً أن شركة «رامكو» مكلفة بهذه المهمة.
ولا يجد الأعضاء، لدى سؤالهم زيدان عن أسباب عدم انعقاد الجلسات، جواباً سوى أن «الريس» منشغل بالتعرف إلى آليات عمل البلدية وموظفيها مع وعود بعقد جلسة «خلال يومين»، سرعان ما تتبخّر بذريعة «ضغط المواعيد».
وقد أدّى ذلك إلى استياء عدد من الأعضاء المتحمّسين لبدء العمل الفعلي، خصوصاً أن وضع البلدية الحالي يتطلب جهداً مضاعفاً ومراقبة حثيثة لضبط المخالفات.
ويعزو الأعضاء هذا التقاعس إلى «غياب الخطط والمشاريع والخبرة في العمل البلدي» والانشغال بالعلاقات العامة التي تفتح لها البلدية أبوابها يومياً.
كما تتبدّى الفوضى في سير أعمال اللجان، حيث «كل يغني على ليلاه» في ظل غياب توصيف واضح لمهمات هذه اللجان ودورها، ما أدى إلى تضارب في المهمات بينها وخلافات بين الأعضاء على الصلاحيات.
واللافت أن هذا الأداء الباهت لا يأتي في نهاية ولاية المجلس، بل في بدايتها، ما يثير تساؤلات إضافية عن مدى الجدية والجهوزيّة.
فبدلاً من أن تعكس الأسابيع الأولى من العهد حماسة مضاعفة واندفاعة لإثبات الوجود، جاء المشهد أقرب إلى ما نشهده عادةً في أواخر العهود حين يغلب التراخي، ما يطرح علامات استفهام حول الآتي.
بالمختصر، المجلس البلدي لا يعمل، ولا مؤشرات على العمل قريباً!