خاص "𝐢𝐜𝐨𝐧𝐧𝐞𝐰𝐬.𝐧𝐞𝐭"
بقلم سومر أمان الدين
في وطنٍ ينهار فيه ميزان العدالة، تصبح الذاكرة الوطنية سلعة تُباع في بازار الغفران الانتقائي. في وطنٍ يُذبح فيه الجندي ، ويُدفن الشهيد مرتين: مرّة تحت تراب الوطن، ومرّة تحت أقدام التسويات الرخيصة… يُعاد تدوير القَتَلة إلى فنّانين، ويُطلب منّا أن نصفّق.
فضل شاكر. الاسم الذي كان يومًا صوتًا للغرام، انقلب في لحظة على صورة الوطن. الرجل الذي اعتلى منابر الفتنة في عبرا، وصوّب صوته وسلاحه في وجه الجيش اللبناني، يعود اليوم ليطالب بـ”البراءة”، وكأنّ الدم الذي سال كان مشهدًا من كليب، أو غلطة صوتية في مقطع موسيقي.
هو نفسه الذي وصف شهداء الجيش بـ”الفطايس”، بينما كانت عائلاتهم تلملم أشلاء أولادها من طرقات عبرا. هو نفسه الذي احتضن أحمد الأسير، ورقص على أنغام خطاباته الإرهابية، وأمّن ظهر جماعته بالسلاح والكراهية. واليوم؟ يقول لنا إنّه بريء. بريء؟!
يا أهل الوفاء، يا أبناء الشهداء، يا من لم تنسَوا رائحة البارود في حزيران 2013، هل تذكرون أيّام عبرا؟ عندما حوصر الجنود في ثكناتهم وقُطّعوا أمام الكاميرات؟ عندما كان فضل شاكر يُرسل المقاتلين، ويغنّي للنهاية “السعيدة” التي رسمها بدمكم؟
الآن، يريد العفو. لأن في سوريا، داعش اختارت “أميرًا جديدًا”، اسمه أحمد الشرع، وصار بعضهم يزايد علينا بأن “فضل مش متل الدواعش”. لكن يا سادة، داعش لم تكن فقط في ادلب، بل كانت هنا، في عبرا، في صيدا، في لسان كل من حرّض على قتل العسكريين، وساوى بين شهيد ومعتدي، وكلّ من غطّى، أو موّل، أو صمت.
ما الفرق بين من فجّر جسده في الشام، ومن فجّر أمن لبنان من على منبر الأسير؟ ما الفرق بين من قطع رؤوس الجنود، ومن قطع طريق صيدا على الدولة؟ ما الفرق بين شبحٍ بلحيةٍ سوداء، وآخر بلحيةٍ مغنّاة؟
هل نسيتم أنّ أحمد الأسير كان يحلم بإقامة إمارة إسلامية في لبنان، وأنّ فضل شاكر كان وزير إعلامه غير المعلَن؟
هل نسيتم أصوات الرصاص من شرفة شاكر، وليس من خلف الكواليس؟
يا من تبكون على “صوت فضل الجميل”، تذكّروا أنّ هذا الصوت صرخ يومًا: “بدنا نقتل الجيش”.
تذكّروا أن الفن لا يُطهر الدم، وأن اللحن لا يبرئ من الخيانة.
لا للمساومة. لا للغفران المزوّر. لا لتحويل القاتل إلى ضحية.
دماء الشهداء أقوى من كل الأغاني.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :