باراك يقدّم العصا على الجزرة وعلامات استفهام حول تهديد وجود لبنان
خرقت تصريحات الموفد الاميركي توم باراك الصادمة والخطرة امس جدار الصوت في الاجواء اللبنانية، مولدة علامات استفهام كبيرة حول اسباب وخلفيات بعض ما ادلى به لا سيما حول تهديد وجود لبنان، والمخاوف من «اعادته الى بلاد الشام».
وساهمت هذه العبارات التي استخدمها في حديثه لصحيفة «ذا ناشونال» الاماراتية في زيادة منسوب القلق مجددا بعد ان كانت تصريحاته خلال زيارته لبيروت واعلانه عن رضاه الكبيرعلى الرد اللبناني قد تركت ارتياحا نسبيا لدى المسؤولين اللبنانيين.
كما طرحت تساؤلات عديدة حول الجواب الاميركي المرتقب على الرد اللبناني الذي يفترض ان يعود به الى بيروت في زيارته الثالثة المرتقبة في 23 او 24 الجاري.
وجاء كلام باراك امس في بعض جوانبه مناقضا للاجواء التي تميزت بها تصريحاته في بيروت، الامر الذي استحضر تفسيرات عديدة مرتبطة بكلامه عن اسلوب العصا والجزرة.
تدقيق لبناني وبعض العبارات تستدعي الاستيضاح
وعلمت «الديار» من مصادر مطلعة ان حديث باراك خضع لتدقيق من قبل المسؤولين اللبنانيين بالنسخة الانكليزية والترجمة العربية، خصوصا ان بعض المفردات التي استخدمها في تحذيراته او الاعراب عن مخاوفه كان مستغربًا ان تصدر عن ديبلوماسي محنك يقوم بمهمة دقيقة وحساسة بحجم المهمة المكلف بها.
واضافت المصادر ان حديث باراك يستدعي استيضاحه حول اسباب وخلفيات التطرق الى مواقف وتحذيرات تتعلق بوجود لبنان وسيادته وكيانه.
واشارت الى ان المسؤولين اللبنانيين تعاملوا مع هذه التصريحات بمسؤولية وحذر شديدين، وان اتصالات جرت على غير صعيد في هذا الاطار.
ماذا قال الموفد الاميركي؟
في حديثه لصحيفة «ذا ناشونال» الاماراتية حذر باراك من «ان لبنان يواجه خطر الوقوع في قبضة القوى الاقليمية ما لم تتصرف بيروت لمعالجة اسلحة حزب الله».
واضاف «ان لبنان بحاجة الى حل هذه القضية والا فقد يواجه تهديدا وجوديا».
وقال الموفد الاميركي «لديك اسرائيل على جانب واحد، ولديك ايران على الجانب الاخر، والان لديك سورية تتجلى عن نفسها بسرعة كبيرة لدرجة اذا لم يتحرك لبنان سيكون بلاد الشام مرة اخرى».
وتابع « يقول السوريون ان لبنان هو منتجعنا الشاطىء. لذلك نحن بحاجة الى التحرك، وانا اعلم مدى احباط الشعب اللبناني، انه يحبطني».
وعند سؤاله عما اذا كانت الادارة الاميركية تنظر في شطب حزب الله من قوائم الارهاب اذا تخلى عن سلاحه قال باراك «هذا سؤال مهم، لست اتهرب من الاجابة لكن لا يمكنني الاجابة عنه».
واشار الى انه «رغم تصنيف واشنطن لحزب الله كجماعة ارهابية، فان جناحه السياسي فاز بمقاعد نيابية ويمثل شريحة كبيرة من الشيعة في لبنان الى جانب حركة امل».
واضاف: «ان لحزب الله جزأين: فصيل مسلح مدعوم من ايران ويصنف كيانا ارهابيا، وجناح سياسي يعمل ضمن النظام البرلماني اللبناني».
وشدد على ان عملية نزع السلاح يجب ان تكون من الحكومة اللبنانية وبموافقة كاملة من حزب الله نفسه.
وقال ان عملية نزع السلاح تتطلب تدخل الجيش اللبناني الذي يحظى باحترام واسع وبدعم اميركي ودولي، وعليكم تمكين الجيش اللبناني ان يقول لحزب الله هذه هي الية اعادة السلاح، وهنا نحن لا نتحدث عن حرب اهلية.
مصدر لـ«الديار»: تصريحات باراك لا تعكس اجواء زيارة بيروت
وقال مصدر لبناني مطلع لـ«الديار» امس: «ان تصريحات الموفد الاميركي في حديثه الى صحيفة ذا ناشونال الاماراتية لا يعكس ولا يتلاءم بعضها مع اجوائه ومواقفه خلال زيارته للبنان ولقاءاته مع الرؤساء الثلاثة»، متسائلا عن الاسباب التي جعلته يتحدث عن الخطر الوجودي على لبنان، وكلامه على العودة الى بلاد الشام.
واوضح ان الانطباع الذي ساد بعد لقاءات باراك في لبنان والتصريحات التي ادلى بها خلال الزيارة تختلف عن اجواء حديثه امس، خصوصا انه حرص على ابداء رضاه الكبير وتفهمه للموقف اللبناني من الورقة الاميركية.
وحرص المصدر على عدم التعليق حول ما صدر عن باراك امس، ملاحظا ان في بعض الفِقرات التي وردت في حديثه شيئا من الاساءة في التعبير او اجتهادات في غير محلها.
مصدر نيابي لـ«الديار»: باراك يهوّل
وعلق مصدر نيابي لـ«الديار» على كلام باراك ايضا معتبرا انه «يتضمن تهويلا واضحا، ويندرج في اطار سياسة العصا والجزرة التي كان تحدث عنها مؤخرا».
واضاف « ان بعض العبارات التي استخدمها مستغربة لان اي ديبلوماسي في موقعه لا يجب ان يجتهد او يتحدث عن دولة ذات سيادة وهي عضو مؤسس للامم المتحدة بهذ الشكل من الخفة والاستهتار».
حزب الله
وفي المواقف السياسية قال عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي في حديث لمحطة الـ«otv»: «ان ما قلناه في ردنا انه لا بحث في اي امر جديد ما لم ينفذ اتفاق وقف اطلاق النار، وقبل ذلك لسنا مستعدين للتعاطي باي بند جديد».
واوضح ردا على سؤال «ان هناك خلطا بين حصرية السلاح التي تشمل الامن الداخلي، ولا علاقة لسلاح المقاومة بهذا المعنى. اما سلاح المقاومة فهو يندرج في اطار الدفاع عن لبنان، وهو يبحث على طاولة الحوار مع الرئيس عون بشأن الاستراتيجية الدفاعية».
3 انواع من السجناء السوريين وتواصل لبناني سوري
من جهة اخرى اوضح مصدر مطلع لـ«الديار» امس حول الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السوري الى لبنان ان الجهات الرسمية هي في اجواء هذه الزيارة، لكنها لم تتبلغ حتى الامس من الخارجية السورية عن موعدها.
في هذا الوقت بقيت مطالبة دمشق بالافراج عن السجناء والموقوفين السوريين في لبنان تتفاعل، لا سيما بعد تسريب التهديد بخطوات سورية تصعيدية عبر تلفزيون سورية ثم نفيها من قبل مصادر وزارة الاعلام السورية.
وفي هذا المجال قال المصدر المطلع لـ«الديار» : «ان اثارة هذا الموضوع بالشكل الذي اثير ويثار ليس له اي مبرر، خصوصا انه جرى تناوله بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين على ارفع مستوى وباجواء من الايجابية والموضوعية».
واوضح ان هناك 3 انواع من السجناء والموقوفين السوريين في لبنان:
1 - سجناء صدرت بهم احكام ويقضون مدة احكامهم في السجون اللبنانية. وهناك الية يمكن اعتمادها من خلال الاتفاق بين البلدين للتعامل مع هؤلاء السجناء.
2 - هناك نوع من الموقوفين المتهمين بجرائم عادية، ويمكن التعامل مع هذا النوع ايضا من خلال التفاهم بين السلطات المعنية في البلدين الشقيقين.
3 - النوع الاخر من الموقوفين هم المتهمون بارتكاب جرائم ارهابية واغتيال جنود لبنانيين او خطف اخرين، وهؤلاء يجب استكمال التحقيقات معهم ومحاكمتهم في المحاكم اللبنانية لاتخاذ الاحكام الملائمة حيالهم.
واوضح المصدر ان موضوع السجناء والموقوفين السوريين هو موضوع قانوني وليس سياسيا، وان بحثه ومعالجته يتم عبر القنوات المعنية بين البلدين الشقيقين بكل ايجابية وليس عبر التسريبات ووسائل الاعلام.
وذكرت مصادر مطلعة امس ان هناك تواصلا بين لبنان وسورية لمعالجة ملف السجناء والموقوفين السوريين في لبنان. وان من بين الصيغ المطروحة توقيع اتفاقية قضائية بين البلدين تتضمن نقاطا عديدة، منها اكمال محكومية عدد من السجناء في السجون السورية، باستثناء المحكومين بجرائم ارهابية او باغتيال افراد من الجيش والقوى الامنية اواعمال اغتصاب.
جلسة مناقشة الحكومة: جردة حساب اولى وسجالات نيابية
على صعيد آخر، يشهد مجلس النواب بعد غد الثلاثاء جلسة مناقشة عامة للحكومة هي الاولى من نوعها منذ فترة طويلة بسبب تعذر عقد مثلها خلال العدوان الاسرائيلي وقبله التطورات المتصلة بالمواجهات معه، عدا استقالة الحكومة السابقة واستمرار تصريف الاعمال لفترة طويلة.
والمعلوم ان مثل هذا النوع من الجلسات التي تندرج في اطار دور المجلس الرقابي على الحكومة تعقد بعد كل ثلاث جلسات تشريعية، وقد اثار بعض النواب في الجلسة العامة الاخيرة هذا الامر، فاكد الرئيس بري احقية ذلك وعلى الدعوة الى جلسة مناقشة عامة.
ومن المنتظر في مثل هذه الجلسات المتلفزة والمباشرة ان يكثر عدد النواب طالبي الكلام لادلاء بدلوهم ليس في شأن مناقشة الحكومة فحسب، بل ايضا باثارة مواضيع سياسية وغيرها من وجهة نظر كل نائب او كتلة نيابية.
وعلمت «الديار» ان عدد النواب طالبي الكلام بلغ حتى بعد ظهر امس اكثر من ثلاثين نائبا، وان هذا الرقم مرشح ان يزداد في الثماني والاربعين ساعة المقبلة لدى الامين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر.
وقالت مصادر مجلسية لـ«الديار» ان هناك ضوابط معينة يتوقع ان تعتمد لعدم الاسترسال في المداخلات النيابية واطالة الجلسة قدر الامكان مع المحافظة في الوقت نفسه على حقوق النواب واهداف مثل هذه الجلسات.
واشارت الى انه سبق واعتمدت مثل هذه الضوابط او القواعد في جلسات سابقة مماثلة، ان كان لجهة تحديد وقت مداخلة النائب او عدد المتكلمين من كل كتلة.
وهناك احتمال بان يعطى النائب من خمس الى عشر دقائق، وان يتكلم نائب واحد عن الكتلة المؤلفة من اربعة نواب، ونائبان عن المؤلفة من 8 نواب، وهكذا صعودا للكتل الكبرى وفق هذه النسبة المعتمدة.
هذا في الشكل، اما في المضمون فان جلسة بعد الغد ستشهد جردة الحساب النيابية الاولى مع حكومة الرئيس نواف سلام التي تذهب الى المجلس للدفاع عن سياستها وادائها في شتى المجالات مستعينة بانجازات وخطوات تعتبرها قياسية، حسب مصدر وزاري لـ «الديار»، خلال الفترة القصيرة من عمرها حتى الان.
واضاف المصدر «ان من بين هذه الانجازات اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية بنجاح، واجراء سلسلة تعيينات امنية وعسكرية وقضائية وادارية ومالية في اطار الخطة الاصلاحية التي تعتمدها الحكومة، اقرار بعض القوانين الاصلاحية، ابرزها رفع السرية المصرفية بتعديلاته الاضافية وارسال مشروع هيكلة المصارف الى المجلس، بالاضافة الى اعادة تنشيط عمل الدولة ومؤسساتها».
لكن الحكومة تواجه تحديات وانتقادات نيابية بسبب تباطؤ خطواتها الاصلاحية وتأخر انجاز واقرار قانون الفجوة المالية لترجمة حماية اموال المودعين بخطوات جدية وجادة.
كما تواجه انتقادات نيابية بسبب عجزها حتى الان عن تحريك فاعل لملف اعادة الاعمار والعمل من اجل وقف الاعتداءات الاسرائيلية.
وقالت مصادر نيابية لـ«الديار» ان جلسة بعد الغد ستعكس الاجواء السياسية الملبدة في البلاد. فهناك المداخلات والانتقادات التي توجه الى الحكومة حتى من قبل بعض الوزراء فيها لا سيما وزراء القوات اللبنانية على خلفية موضوع الرد اللبناني على الورقة الاميركية.
وهناك الانتقادات التي يتوقع ان يوجهها نواب المعارضة للحكومة، لا سيما نواب التيار الوطني الحر الذين وزعوا فيما بينهم المواضيع التي سيثيرونها، ومنها تعاطي الحكومة مع ملف النازحين السوريين، والتعيينات التي صدرت وتعاملها مع الملف الاصلاحي.
واضافت المصادر انه كما كان يحصل سابقا في مثل هذه الجلسات، يتوقع ان تشهد جلسة بعد الغد سجالات سياسية بين الاطراف والكتل النيابية فيما بينها حول العديد من القضايا والملفات، مثل موضوع سلاح المقاومة وحزب الله، والتهديدات التي تحدث عنها الموفد الاميركي من اسرائيل ومن سورية ايضا، عدا قانون الانتخابات ومشاركة المغتربين.
ولم تستبعد المصادر ان تشهد جلسة الثلاثاء سجالات سياسية حامية تتجاوز اطار المناقشة العادية للحكومة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي