كلمات في زمن الغربة
فهد.الباشا
غدًا ، يكون قد انقضى ستةٌوسبعون عامًا على تنفيذ الحكم بالاعدام ، اعدام انطون سعاده ، قل الحكم بالاغتيال نتيجةً لمحاكمةٍ شوهاء ما تزال في تاريخ العدالة وصمة عار وطعنة نجلاء . هذاك الاغتيال أراد منه مرتكبوه من " الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد "، وضعَ حدّ، ولو بأيّ ثمن ، لهذا الخارق الاَتي يبعث الحياة في أمّةٍ ، يريد لها أعداؤها اقامةً دائمةً في قبر التاريخ .
وكان الذي كان ممّا تتواصل اَثارُه وأسرارُه وأشرارُه تتكشّف ويتكشّفون ، ولاسيما مع ادلاءات نمر صيداني واوراق فريد شهاب وما توصّلت اليه ابحاث جان دايه وسليم مجاعص واحمد اصفهاني وبدري الحاج وسواهم ...
في الثامن من الجاري ، يكون قد انقضى ستّةٌ وسبعون تمّوزًا على ارتقاء انطون سعاده شهيدًا رسوليّاً التقت قامتُه سدرةَ الذين عرفوا الحقّ فقرّروا ان يشهدوا له حتّى بلوغ مُرتجاه أو الاستشهاد دونه معطين ، بذلك ، للتاريخ معناه ، فاتحين بقدوتهم طريق النهوض بالحياة أمام كلّ الذين توالوا ، من بعدُ، على ردّ الوديعة للأُمّة بأعلى درجات العطاء ...
ستّةٌ وسبعون عامًا والحدثُ التمّوزيّ لا يزال ، على الرغم من كثير العثرات والكبوات ، نسغًا باعثًا حيويّةً في ثقافة النهوض بالحياة . الثامن من تمّوز في وجدان المعنيين به هو النار التي مهما خبا منها اللهب فجمرها دائم الاتّقاد في أعماقهم وليس يعلوه رماد . انّه واحدة من المحطّات التي يلتقي فيها الاحرار ، لا لتطوافٍ حول ذكرى تمّحي من ذاكرة المطوّفين ما ان ينتهي احتفالٌ ويتفرّق المُطوّفون . هي محطّة للتأمّل بما كان يقارنه المتأمّلون مع حالهم الاَن حاسبين لغدرات الزمان ، بما تمليه عبر الماضي ومواجع الحاضر ، غيرَ حسابٍ، ألفَ حساب . ولمَ لا يفعلون ؟ لمَ لا يُعيدون النظر في كثير من وقائع الماضي ؟ لمَ لا يجري الحساب مع كلّ الذين أوصلوا الحزب الى هذا الخراب؟ علّمتنا التجارب انّ كلّ ذكرى تمرّ من دون عبرة تدفع بنا الى الامام هي عبورٌ طقسيّ مجّانيّ في الزمن. فأيُّ المحتفلين نحن ، اليوم ، أيُّ العابرين ؟
ستّةٌ وسبعون تمّوزًا مضت على اعلان سعاده ، ليلةَ الحكم عليه ، خجلَ هاتيك الليلة من حكم التاريخ . ولن يُمحى خجلٌ ولن يكون ثارٌ يُزيل العار الّا بانتصار العقيدة ، التي جاءت تُحرق وتُضيء ، نصرًا حاسمًا في نفوس معتنقيها شرطًا أساسيّا لانتصارها في المجتمع بتعاقب أجياله . من دون هذا ، لن تستعيد الأمّة حيويّتها الضائعة بين كيانيّاتٍ خانقة وطائفيّات حارقة ومفاسد في الداخل هي أشدّ خطرًا على الحزب والأمّة من ألدّ أعداء الحزب والأمّة .
كثيرون ، منّا ، سيقولون الكثير في الاحتفال . لكنّ الكثير هذا لن يكون فيه بديل عمّا يمكن لنا أن نستعيد قراءته ممّا قاله سعاده لمستقبليه يوم عودته من هجرة من بعاد ، في مطار بيرو ت 1947 . "عودوا الى الجهاد ." قال . فالجهاد هو العلامة الفارقة في الهويّة والانكفاء عنه مجلبة لكل ضروب البلاء . ولا يصحّ جهاد ، في نهضتنا ويؤتي نتائج مرجوّة الّا اذا كان على الجبهتين : جبهة الأعداء وجبهة الفساد داخل الحزب ، وداخل البلاد .اما عرّف النهضة باعثها بأنها "حرب على المفاسد "؟
ومن قبلُ ومن بعدُ، الخُلاصة التي يرتجى منها الخلاص تقضي بأنّ أيَّ احتفالٍ بسعاده وليدًا أو مؤسِّسًا أو شهيدًا لا يستوفي معناه ولا يُحقّق جدواه ما لم نقم به جماعة استعادت ، بعد محنة الانقسام ، وحدتها المنبثقة من وحدة المفاهيم المتولِّدة منها وحدةُالروح الهاتفة من أعماقها ومن كلّ أعمالها : تحيا ويحيا ...
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :