ماسك يسعى لتأسيس "حزب أمريكا"... مشروع سياسي جدي أم تهديد لترامب؟

ماسك يسعى لتأسيس

 

Telegram

 



"حزب أمريكا"... مشروع سياسي جديد يلوح الملياردير الأمريكي المثير للجدل إيلون ماسك بتأسيسه من أجل تقويض مشاريع الرئيس دونالد ترامب، وقد ابتعد ماسك عن أوساط مقربيه بعدما كان من أقرب مستشاريه. ولكن ألا يبالغ الملياردير في قدرته على إلحاق الضرر بالرئيس الأمريكي؟

 

أقر مجلس الشيوخ الأمريكي الثلاثاء مشروع قانون ترامب للموازنة والذي يتضمن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية. فهل أصبح هذا المشروع "الكبير والجميل" حجر عثرة في طريق طموحات الملياردير إيلون ماسك؟ إذ بات أغنى رجل في الولايات المتحدة المعارض الرئيسي لهذ القانون الذي يعتبر أحد أهم مشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

أثار هذا المشروع حنق وسخط ماسك ووصل به الأمر إلى التهديد بتأسيس حزب سياسي جديد لتقويض نهج الجمهوريين. وكان قد كتب الإثنين على صفحته على موقع "إكس" بأن حزبه الجديد، الذي يعتزم الملياردير تسميته "حزب أمريكا"، سيُنشَأ "في اليوم التالي" لاعتماد مشروع القانون "الكبير والجميل".

 

"صوت الشعب هو صوت الله"؟
إنها ليست أول مرة يهدد فيها إيلون ماسك بتأسيس حزب جديد منذ انتهاء صداقته بالرئيس الأمريكي، والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، في أوائل يونيو/حزيران. فبعد فترة وجيزة من تنحيه عن منصبه كمستشار غير رسمي لشؤون خفض الميزانية في إدارة ترامب، أطلق رئيس شركتي تيسلا وإكس وسبيس إكس استطلاع رأي على منصته المفضلة لمعرفة ما إذا كان مئات الملايين من أنصاره يؤيدون تأسيس حزب جديد يكون، على حد قوله، "في المنتصف تماما بين الديمقراطيين والجمهوريين".


لقد لاقى هذا الاقتراح رواجا كبيرا على منصة إكس، لدرجة أنه أعاد إصداره من جديد الثلاثاء، ورافقته العبارة اللاتينية المدوية "صوت الشعب هو صوت الله"، مشيرا إلى أنه سيتبع رأي الأغلبية. غير أن "صوت الشعب" على منصة التواصل الاجتماعي، وهي ملكه، لا يعكس بالضرورة موقف غالبية الأمريكيين.

وفي هذا الصدد، يرى ريتشارد جونسون، المتخصص في السياسة الأمريكية بجامعة كوين ماري بلندن، بأن ذلك "ليس اقتراحا جدّيا". لأن ثروة إيلون ماسك لن تكفي لتأسيس حركة سياسية جديدة في أمريكا.

ومن جانبه، يؤكد جيروم فيالا-غودفروى، وهو دكتور في الحضارة الأمريكية ومؤلف كتاب "كلمات ترامب"، أنه "من الممكن تأسيس حزب، وقد يُسهم المال في ذلك، لكن النظام موصد إلى حد ما".

وبدوره، يوضح ريتشارد جونسون أن "هناك عدة عوائق للحد من المبادرات غير الجدّية. ومن أهمها، ضرورة الحصول على آلاف التوقيعات في كل ولاية وضمان تواجد مكاتب للحزب على مستوى البلاد بأكملها. الأمر الذي يتطلب استثمارا هائلا من الوقت والمال والمتطوعين".

ويشكك جيروم فيالا غودفروى في قدرة إيلون ماسك على تعبئة جمهور كاف لجمع التوقيعات. ويتساءل الخبير عمّن سيتبع الملياردير في حملته السياسية الجديدة المحتملة، مع العلم أن "مرتبته في استطلاعات الرأي أدنى من دونالد ترامب، وقد أثار غضب الناخبين الديمقراطيين، ومواقفه لدى الناخبين المستقلين ليست شعبية".

"تهديد فارغ"
وبالنسبة لريتشارد جونسون فإن القاعدة السياسية لـ"حزب أمريكا" محتمل، سيواجه صعوبة في تعبئة ناخبين. كما أن ماسك "يدافع عن الأفكار الاقتصادية والاجتماعية نفسها التي يتبناها رواد الأعمال الأثرياء في وادي السيليكون، مضيفا إليها نزعة مناهضة للـ"ووكية" تميل بشدة لليمين".

وبعبارة أخرى، فإن مواقف ماسك الاقتصادية، على غرار دعم مصادر الطاقة الخضراء، المتوافقة مع سيارات تيسلا الكهربائية، أو الدفاع عن فئة معينة من المهاجرين ليصيروا يدا عاملة في شركات وادي السيليكون الناشئة، لا يفترض أن تؤثر على معسكر مؤيدي ترامب.

 

وعلى صعيد سياسي آخر، فإن تصريحاته وإيماءاته المثيرة للجدل، كرفع ذراعه في حركة تذكر بالتحية النازية، تُفقده أهليته في نظر الناخبين ذوي التوجه التقدمي. ويُشير ريتشارد جونسون إلى أن تلويح ماسك بشبح حزب جديد "هو تهديد فارغ". إذن، لماذا هذا الإصرار؟ هل أخطأ الملياردير بشأن مدى شعبيته الحقيقية لهذه الدرجة؟

وفقا لخبراء حاورتهم فرانس24، يمثل ذلك طريقة لتمرير رسالة مفادها أن ماسك مستعد لبذل كل ما في وسعه من أجل "إلحاق الضرر بنظام ترامب".

ويرى جيروم فيالا-غودفروى أن على المعسكر الرئاسي أن يكون حذرا أكثر من وعود ماسك "بإقصاء مرشحي ترامب" بفضل ثروته الشخصية في حال إقرار مشروع قانون الميزانية "الكبير والجميل".

وكانت قد سمحت صفة إيلون ماسك كأكبر مانح للحزب الجمهوري، أن يكون مفيدا جدا لدونالد ترامب خلال حملته الرئاسية للعام 2016. لذلك قد لا يرغب الرئيس الأمريكي في رؤية أغنى رجل في العالم يُنفق ملياراته ضد المرشحين "الترامبيين" في انتخابات التجديد النصفي للعام 2026، أو حتى خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

ويوضح جيروم فيالا غودفروى قائلا: "قد يكون لهذا بعض التأثير، لأن الأغلبية الرئاسية في الكونغرس ضئيلة جدا. وقد تنقلب الأمور إذا نجح إيلون ماسك في ترجيح الكفة لصالح مرشحي ترامب حتى إذا اقتصر الأمر بعدد قليل من الدوائر الانتخابية الرئيسية".

غبطة الديمقراطيين
عندما يأتي الدعم المالي من شخصية مثيرة للجدل كإيلون ماسك، قد لا يصب ذلك بصفة حتمية في صالح مرشح ديمقراطي. ويعتبر الخبراء الذين قابلتهم فرانس24 قائلين إن الطريقة الأكثر فعالية للملياردير هي التعهد بدعم جميع المرشحين الجمهوريين الذين سيتنافسون ضد المرشحين المؤيدين لدونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية اليمينية.

ولكن حتى هذا النهج ليس بالسلاح الأوثق. إذ يؤكد ريتشارد جونسون أن "المال بداية جيدة في السياسة الأمريكية، لكنه يبقى غير كاف".

فمع بداية ذيع صيته في العام 2004، تمكن باراك أوباما من الفوز على بعض أغنى رجال إلينوي، مثل تاجر الأسهم بلير هال، لينتخب لأول مرة في مجلس الشيوخ. ويذكر ريتشارد جونسون أنه في العام 2016، "لم يُنفق دونالد ترامب تقريبا ولا سنتيما واحدا على إعلاناته الإشهارية خلال الأشهر الأولى من حملته الانتخابية ضد هيلاري كلينتون".

وإذا كانت قدرة إيلون ماسك في إلحاق الضرر أقل وقعا مما يمكن تصوره، فإن سياسته المناهضة لترامب قد تساعد الحزب الديمقراطي. ويلخص جيروم فيالا-غودفروى قائلا: "نشهد ما يشبه حربا أهلية تلوح في الأفق داخل الحزب الجمهوري". فأي حلم أكبر للديمقراطيين غير المتمثل في سيناريو يبذل فيه دونالد ترامب قصارى جهده لإفشال المرشحين الجمهوريين المناهضين لمشروعه "الضخم والجميل"، فيما يفعل إيلون ماسك عكس ذلك تماما، بتمويله هؤلاء الجمهوريين "المنشقين".

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram