تواطؤ فاضح بين حاكم المركزي وسليم صفير

تواطؤ فاضح بين حاكم المركزي وسليم صفير

 

Telegram

 

ما شهدته بيروت في الأيام القليلة الماضية يكشف بلا أي التباس حجم التواطؤ السافر بين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد ورئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، بعدما اجتمع الاثنان على تكريس واقع مأساوي جديد بحق المودعين عبر مسرحية متقنة الحبك، بدأت بتعميم صادر عن مصرف لبنان وانتهت ببيان من جمعية المصارف بدا وكأنه صدى مباشر له.

فما إن أصدر كريم سعيد التعميم رقم 169 الذي ألزم المصارف بالتقيّد بما أسماه «المساواة في تعاملها مع المودعين» وفق القرار الأساسي 13729، حتى سارعت جمعية المصارف إلى مباركة هذا القرار عبر بيان رحّبت فيه بحرارة، مدّعية أنه لا يصبّ في مصلحة المصارف بل يأتي «لحماية جميع المودعين دون تمييز»، واصفة إياه بأنه «خطوة عملية ملموسة لحفظ حقوقهم». غير أن أي قراءة موضوعية لهذا المشهد كافية لإظهار أن ما جرى لم يكن سوى صفقة جديدة بين مصرف لبنان وجمعية المصارف، هدفها إضفاء شرعية قانونية على حرمان اللبنانيين من حقوقهم المضمونة أساسًا في القوانين المرعية.

 

وما يضاعف وضوح هذه الصورة أن بيان الجمعية الموقع باسم سليم صفير بدا كأنه بيان مشترك غير معلن مع كريم سعيد، بل جاء ليزيّن ويبرّر إجراءً جوهره حماية المصارف من موجة الأحكام القضائية التي تلزمها بإعادة ودائع الناس نقدًا أو بتحويلها إلى الخارج. والأكثر فداحة أن هذا البيان صدر في اليوم نفسه الذي تم فيه توقيف مدير عام بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة، أحد أركان جمعية المصارف، على خلفية شبهات تهريب أموال وفساد. وبدلًا من أن تنشغل الجمعية بمساءلة أعضائها ومراجعة بيتها الداخلي، سارع صفير إلى الدفاع عن تعميم كريم سعيد مقدّمًا إياه على أنه دليل عدالة وشفافية.


ولا يتوقف هذا التواطؤ عند حدود البيانات الإعلامية. فالتعميم الذي أصدره كريم سعيد ضرب بوضوح أسس العلاقة التي يصونها القانون بين المودع والمصرف، إذ إن القانون اللبناني يمنح المودع حقًا صريحًا في المطالبة بأمواله نقدًا أو تحويلها إلى الخارج أو إلى أي مصرف آخر، وهو حق ثابت لا يمكن لأي تعميم إلغاؤه أو الالتفاف عليه. ومع ذلك، فإن التعميم الذي دافع عنه صفير جاء واضحًا في هدفه: تأمين الحماية للمصارف في مواجهة موجة الأحكام القضائية المتصاعدة التي بدأت بإعادة الحق لأصحابه بعد سنوات طويلة من مصادرة أموال المودعين وتهريب ثروات النافذين.

ويزيد الطين بلّة أن كريم سعيد وسليم صفير حاولا تبرير هذا التعميم بالقول إنه يمنع الاستنسابية في التعامل بين المودعين، فيما الواقع يفضح زيف هذا الادعاء، إذ إن مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة برئاسة الحاكم يعلمان تمامًا تفاصيل كل التحويلات التي جرت بقرارات استنسابية طيلة السنوات الماضية، دون أن يعيدا أيًا منها أو يلاحقا من هربها. واليوم، يطلّان بهذا التعميم ليشرّعا استمرار احتجاز أموال اللبنانيين ويطالباهم بالصبر على مصير مجهول.


وهكذا، وفي لحظة كان يُفترض أن تشهد محاسبة هذه المنظومة التي يتصدّرها صفير، اجتمع هؤلاء على إصدار وترويج تعميم يكشف بوضوح أنهم ما زالوا يتصرفون كشركاء متضامنين في حماية أرباح المصارف، حتى لو كان الثمن إذلال اللبنانيين على أبواب مصارفهم وتحويلهم إلى طوابير تستجدي ودائعها أو ترضى بفتات شهري لا يسدّ أدنى مقومات الحياة. وهذه الحقيقة وحدها كافية لفضح الشعارات الفارغة التي يرفعونها عن «العدالة والمساواة»، والتي لم تعد تنطلي على أحد.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram